مجلة وفاء wafaamagazine
يتكشّف يوماً بعد يوم انّ لبنان يعوم على مخزون من البضائع المستوردة والمكدّسة، على أن يتم الافراج عنها تباعاً ما ان يَتم شملها بالسلة المدعومة. فهل من يراقب الاحتكار ويكسر الكارتيلات؟
في خضمّ الأزمة المالية التي نمر بها، ولا سيما أزمة الاستيراد، عمد بعض القطاعات الى إخفاء منتجاتهم وتخزينها الى حين ضَمّها الى الدولار المدعوم، فإذا كانت وزارة الاقتصاد تحاول فعلاً توفير المنتجات بأسعار مدعومة من اللبنانيين سيبقى عملها ناقصاً اذا لم تراقب الاحتكارات وتكسر حلقة الكارتيلات، لأنها الجهة الوحيدة التي استفادت من الدعم، ويكفي النظر الى ارقام الجمارك اللبنانية لتكشف احتكارات بعض القطاعات.
فقد فرح اللبنانيون اليوم بتراجع سعر اللحوم التي تختلف باختلاف نوعها وتبدأ من 17 ألف ليرة وصولاً الى 37 ألفاً، علماً انّ السعر قبل الدعم وصل الى 65 ألف ليرة، لكن بالنظر الى واردات اللحوم منذ مطلع العام حتى تاريخه يتبيّن انّ مستوردات لبنان من اللحوم لم تتغير كثيراً مقارنة مع العام الماضي. لكن مع ارتفاع الدولار ارتفع سعر اللحوم مقابل تراجع الطلب على هذا المنتج، فسارَعت نقابة القصّابين الى التهديد بإدخال اللحوم من ضمن السلة الغذائية، فكان لهم ما طلبوه، علماً انّ البضاعة مكدسة منذ مطلع العام وما تراجَع سعره هو اللحوم المبَردة لأنّ مدة صلاحيتها اقتربت من النهاية، وهي باتت عبئاً على أصحابها خصوصاً مع تفاقم أزمة الكهرباء والنقص في مادة المازوت لزوم تأمين التبريد.
هذا المثل ينطبق على كل المستوردات التي لم يتراجع حجم استيرادها منذ مطلع العام، او توقّف استيرادها كليّاً ولا تزال تتوفّر في السوق. لكن وفق بعض الخبراء والمراقبين لأوضاع السوق، فإنّ الحديث عن الاستيراد يبقى ناقصاً ما لم يتم التطرّق الى مستوردات العام 2018 التي شكّلت علامة فارقة من حيث الحجم والكمية، فكل ما استورده التجّار عام 2018 تخطى بأشواط ما يتم استيراده عادة، وذلك بالمقارنة مع السنوات التي سبقته والتي تَلته في كل الأصناف وعلى كل الأصعدة.
وانطلاقاً من ذلك، علامات استفهام عدة تُطرح عن الأسباب او الدوافع لذلك. ورغم انّ الاحتمالات متعددة، يبقى الاحتمال الأكثر ترجيحاً انّ التجار عمدوا في هذا العام الى مضاعفة مستورداتهم استباقاً لفَرض رسم 2% على المواد المستوردة او فَرض رسوم حماية المنتجات الوطنية بنسبة تتراوح بين 5 و20 في المئة على نحو 20 سلعة مستوردة من الخارج.
وهذا الاحتمال يقود بدوره الى مجموعة أسئلة منها: أين صرفت مستوردات العام 2018؟ هل استوعبتها السوق المحلية؟ ام استورد لبنان حاجة بلدَين والمقصود هنا اننا استوردنا سلعاً وحوّلناها الى سوريا؟ وإذا صَحّت هذه النظرية أين ذهبت الأموال العائدة من هذه المبيعات؟ أما إذا كانت هذه المستوردات كلها للبنان فهذا يعني انّ المستودعات اللبنانية بدأت تتخزّن وتتكدّس منذ العام 2018، ما يعني انّ لدينا مخزوناً كبيراً من السلع تمّ شراؤها على سعر الصرف الرسمي 1515 ليرة، أما عن مستوردات العام 2019 فعادت الى طبيعتها مقارنتها مع الأعوام 2016 و2017، ما يعني انّ مستوردات العام 2018 لم تنعكس تراجعاً لافتاً في مستوردات العام 2019.
الجمهورية