الاثنين 15 تموز 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
بعد سلسلة طويلة من المُؤتمرات المُتعدّدة الرامية إلى إيجاد حل سياسي في سوريا، وأبرزها المُحادثات التي عُقدت في جنيف، إنتقلت مُحاولات التوصّل إلى تسوية إنهاء الحرب، إلى العاصمة الكازاخستانيّة، حيث عُقدت 12 جولة من المُفاوضات، علمًا أنّ نهاية تمّوز الجاري ستشهد إستضافة الجولة رقم 13 التي جرى توجيه الدَعوة رسميًا إلى لبنان للمُشاركة فيها. فهل سيُلبّي لبنان هذه الدَعوة، وهل من حسنات أو سيئات لهذه المُشاركة، وما هي التوقّعات بالنسبة إلى مُؤتمر آستانة (1) ككل؟.
بداية، لا بُد من الإشارة إلى أنّ لبنان سيُلبّي الدعوة التي كان قد وجّهها له ألكسندر لافرنتيف، المبعوث الخاص للرئيس الروسي بوريس بوتين، على الرغم من وُجود رأي لبعض المسؤولين الرسميّين بأنّه من الأفضل عدم تورّط لبنان بأي نوع من صراعات المحاور الإقليميّة والدَوليّة، لكن في المُقابل، يُوجد رأي لمسؤولين رسميّين آخرين يُحبّذ المُشاركة ليكون لبنان على بيّنة ممّا يُحاك من تسويات لسوريا والمنطقة، حتى لا تأتي هذه الحُلول المُنتظرة على حساب المصلحة اللبنانيّة. وبالتالي، من المُتوقّع أن يحضر لبنان المُؤتمر الخاص بالحلّ السياسي النهائي للأزمة في سوريا، لكن حتى الساعة، لم يتمّ حسم مُستوى التمثيل الدبلوماسي اللبناني في المُؤتمر، مع العلم أنّ لبنان مدعو للمُشاركة في المحادثات المُقبلة بصفة مُراقب، شأنه في ذلك شأن العراق، وكلاهما يُعتبر من دول الجوار التي تأثّرت بالأزمة السوريّة، والتي ستتأثّر حُكمًا بأي تسوية–عند حُصولها.
إشارة إلى أنّ المُشاركة بصفة مُراقب يعني أنّ الوفد اللبناني لن يكون بمقدوره التصويت سلبًا أم إيجابًا على القرارات، لكن سيكون بمقدوره إبداء الرأي خلال المُناقشات، وطلب إدخال أيّ تعديل، وحتى الإعتراض على أيّ بند أو إقتراح. ولا شكّ أنّ لبنان الرسمي الذي لا يُريد الدُخول في المحاور الإقليميّة المُتنافسة، والذي يحرص قدر المُستطاع على الحفاظ على سياسة “النأي بالنفس” بالنسبة إلى القضايا الإقليميّة الشائكة، سيحصر إهتماماته في العاصمة الكازاخستانيّة بملفّ النازحين السُوريّين المُنتشرين في أراضيه. وهو سيُطالب بالتالي بضرورة الإسراع في إيجاد الحلول المناسبة لهذه القضيّة الشائكة، لما تُمثّله من صُعوبات ومن مآس إنسانيّة وإجتماعيّة وحياتيّة للنازحين السُوريّين، ومن ضُغوط ديمغرافيّة وإقتصاديّة وسياسيّة وحتى أمنيّة على الداخل اللبناني. ومن المُتوقّع أن يستغلّ لبنان مُشاركته في المُؤتمر المُرتقب لطرح وجهة نظره بالنسبة إلى أفضل الحُلول المُمكنة لمُعالجة أزمة النازحين، بشكل مُنظّم وخلال فترة زمنيّة قصيرة نسبيًا.
بالنسبة إلى التوقّعات الخاصة بما سيخرج عن الجولة 13 من “مُؤتمر آستانة” الذي تُشكّل كل من روسيا وإيران وتركيا “عموده الفقري”، فإنّ لا رهانات كبرى على إنهاء الأزمة السوريّة التي كانت بدأت في العام 2011، لكن يُفترض التوصّل إلى تشكيل اللجنة الدُستوريّة السُوريّة وتحديد أسماء أعضائها(2)، علمًا أنّ تشكيل هذه اللجنة–في حال حُصوله، يُشكّل خطوة أساسيّة نحو الحلّ النهائي، كونها ستتولّى كتابة دُستور جديد لسوريا، يُحدّد طبيعة كل من الإنتخابات النيابية والرئاسيّة، وسُلطات مسؤولي الدولة وفترات حُكمهم، إلخ. ومن الضروري الإشارة إلى أنّ هذا المُؤتمر أخذ إعتبارًا من جولته الأخيرة رقم 12 التي كانت قد عُقدت في نيسان الماضي، أهميّة مُتزايدة، بعد أن شارك مبعوث الأمم المُتحدة إلى سوريا، غير بيدرسون، في أعماله، في خُطوة مُميّزة، باعتبار أنّ سلفه ستيفان دي ميستورا كان يمتنع عن المُشاركة في جلسات التفاوض السابقة، بحجّة أن لا جدوى عمليّة من هذه الإجتماعات التي لا تُمثّل كل الأطراف السياسيّة المُتنازعة.
في الخُلاصة، لبنان سيُشارك بجولة المُحادثات المُقبلة بشأن الأزمة في سوريا، وهو لن ينجرّ إلى أي محور سياسي قائم، ومطلبه الأوحد سينحصر بضرورة إيجاد الحُلول السريعة والناجحة لملفّ النازحين السوريّين، بمُساعدة من مُختلف الدُول المعنيّة، حتى لا تصل الأمور في المُستقبل إلى نهايات غير مرغوبة، ومنها إتخاذ السُلطات اللبنانيّة خُطوات أحاديّة مُتشدّدة ضُدّ النازحين، من شأنها التسبّب باحتكاكات مع النازحين، ناهيك عن الخلافات السياسيّة الداخليّة!