مجلة وفاء wafaamagazine
قرابة الساعة الثالثة والنصف، من بعد ظهر اليوم، أعلن جيش العدو الإسرائيلي عن «حدث أمني في منطقة جبل الشيخ»، في المثلّث الحدودي بين لبنان وسوريا وفلسطين المحتلة. الخبر الأوّلي الذي تداولته وسائل إعلام العدو، هو أنّ المنطقة تشهد «اشتباكات بين عناصر من حزب الله وجنود الجيش الإسرائيلي»، وبالفعل فقد سُمعت في المنطقة الحدودية أصوات إطلاق القذائف، كما شوهد تصاعد الدخان في أماكن سقوط القذائف الإسرائيلية في محيط مزارع شبعا المحتلّة، وفي خراج بلدة الهبارية الحدودية.
في ذلك الوقت، كان رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو يعقد اجتماعاً مع كتلة «الليكود»، وفي بداية الاجتماع كان قد توجّه بتهديد إلى «لبنان وحزب الله»، وأكّد أنّهما «سيكونان مسؤولَين عن أيّ هجوم يخرج من لبنان ضدّنا»، وبأنّ «الجيش الإسرائيلي مُستعد لأي سيناريو». أما وزير الأمن الإسرائيلي، بيني غانتس، فقد كان بدوره في اجتماع مع كتلة «كحول لافان». بعد وقت قصير، خرج نتنياهو من اجتماعه الحزبي، وصرّح بأنّ الحدث الأمني في الشمال «ليس عادياً»، كما غادر غانتس اجتماعه وتوجّه نحو «الكرياه» (يضم المركز الحكومي لمنطقة تل أبيب وقاعدة قوات الدفاع الإسرائيلية الرئيسية) لمتابعة تطورات الجبهة الشمالية، بحسب الإعلام العبري.
في البداية قالت القناة الـ13 العبرية إنّ «حدثاً أمنياً خطيراً جداً يجري على الحدود (…) حتى اللحظة غير معروف ماهية الحدث». وقالت وسائل إعلام عبرية أخرى إنّ «الحديث يدور عن إطلاق صاروخ مضاد للدروع تجاه قوة من الجيش الإسرائيلي». المراسل العسكري للقناة الـ10، أور هيلر، أخبر بأنّ الجيش الإسرائيلي «رصد مجموعة من حزب الله واستهدفها»، مشيراً إلى «مقتل 3 إلى 4 من عناصرها»، ثمّ ما لبث أن أكّد أنّ «المجموعة تمّت تصفيتها». بدوره، أكّد المحلل العسكري الإسرائيلي للقناة الـ13، ألون بن ديفيد، أنّ «المجموعة تسلّلت إلى داخل الحدود… ثم فرّت». أما صحيفة «معاريف» الإسرائيلية، فوصفت الحادثة بأنّها «محاولة تسلّل، وعملية إطلاق صاروخ كورنيت، ويبدو أنّ حزب الله أراد الردّ بعملية مزدوجة».
يديعوت أحرونوت: إذا كان صحيحاً ما قاله الجيش الإسرائيلي، فلينشر فيديوات
لم يطل الأمر حتّى أعلن جيش العدو في بيان رسمي أنّه «أحبط عملية في منطقة جبل روس، حيث تمكّنت القوات من تشويش عملية خطّطت لها خلية من حزب الله مكوّنة من 3 إلى 4 عناصر، تسلّلت أمتاراً معدودة داخل الخط الأزرق، ودخلت الى منطقة سيادية إسرائيلية، وتمّ فتح النيران نحوهم وتشويش مخططتهم، ولا نعرف وضعهم الصحّي، ولم تقع إصابات في صفوف قواتنا». بعد وقت قصير، أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال أفيخاي أدرعي «انتهاء الحدث»، مؤكّداً «إعادة فتح الطرقات المدنية في منطقة الشمال، وإعادة الحياة إلى الروتين».
تراجع العدو عن روايته الأولى بخصوص «تصفية مجموعة من حزب الله»، ومن هذه النقطة بدأ يظهر التخبّط العالي الذي عاشته وسائل إعلامه، مُستنداً إلى تخبّط موجود أصلاً لدى جيش العدو. فقد اعتبرت قناة «كان» العبرية أنّ «توتراً في الجيش الإسرائيلي قد يكون أدّى إلى إطلاق نار متبادل بين الجنود، ولم تحصل أيّ عملية من قبل ح ز ب ال ل ه»! وبدورها شكّكت القناة الـ12 بكلّ الرواية الأمنية لجيش العدو، وتساءلت: «ما هذه الرواية؟». كذلك، نشرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أنّه «إذا كان صحيحاً ما قاله الجيش الإسرائيلي، فلينشر فيديوات، وإلا ما أعلنه سيكون عملية احتيالية»، بينما ربط معلّق الشؤون الأمنية في «هآرتس»، يوسي ميلمَن، الحدث بأداء جيش العدو في الأيام الماضية، إضافة الى أداء وسائل الإعلام الإسرائيلية، واعتبر أنّ «أداء الجيش الاسرائيلي مُقلق. هو يخفّف من (وجوده في) المواقع، ويقفل الطرقات، ويضع قوات كبيرة في حالة تأهب، خوفاً من ردّ حزب الله عند الحدود اللبنانية على القتل غير المقصود لـ(عنصر من حزب الله) في سوريا. ليس هكذا يتصرّف الجيش القوي في الشرق الأوسط. من المهمّ منع وقوع إصابات في صفوف الجنود، لكنّ الجيش الإسرائيلي بثّ الهلع بدعم من وسائل الإعلام. حزب الله ربح بالضغط على الوعي». وفي ختام الحدث، نقلت قناة «كان» العبرية عن رئيس حكومة العدو بنيامين نتنياهو، قوله إنّ «الحدث على الحدود لم ينتهِ بعد (…) وأطلبُ من وزارء الحكومة عدم الإدلاء بأيّ تصريح حول الحادث».
على الجهة المقابِلة، كان الصمت سيد الموقف. لم تعلّق المفاومة رسمياً على ما يجري، وتركت وسائل إعلام العدو ومسؤوليه يُسهبون في التحليل والتخيّل. وبعدما هدأت أصوات القذائف، وانجلى غبار المعركة «المُفترضة»، أصدرت المقاومة بياناً فنّدت فيه مزاعم العدو. في نهاية هذا اليوم الطويل من التخبّط، يبدو الأكثر تعبيراً ما قاله وزير حرب العدو الأسبق، أفيغدور ليبرمان: «لقد أثبت (الأمين العام لحزب الله السيّد حسن) نصر الله، مع الأسف، أنّ الكلمة عنده كلمة، والعين بالعين، والسنّ بالسنّ. قُتل عنصر واحد من حزب الله في دمشق، والآن الشمال كلّه مشلول».