مجلة وفاء wafaamagazine
علي عواد
يبدو العالم في سباق لإنتاج لقاح ضدّ فيروس «كورونا»، الذي تقوم 25 شركة عالمية اليوم بتجربة لقاحات على البشر لمواجهته. القصة، هنا، لم تعد من أجل حماية الناس من المرض والموت فقط، بل وأيضاً مصير دول واقتصادات كبرى باتت في خطر جدي. الولايات المتحدة على سبيل المثال، شهد الناتج المحلي الإجمالي لديها هبوطاً تاريخياً بنسبة 32.9% بالمعدل السنوي، وهو المقياس المفضّل في الولايات المتحدة، أي إذا بقي الاقتصاد عند المستوى نفسه حتى نهاية العام. هذا الخوف من انهيارات اقتصادية، يدفع الدول إلى تذليل العقبات أمام الشركات الطبية، وحمايتها من أي دعاوى قانونية في حال أضرّ اللقاح المصنوع ضد «كورونا» بالناس.
في تقرير نشرته وكالة «رويترز»، يقول رود دوبر، وهو عضو الفريق التنفيذي الأول في الشركة البريطانية «أسترازينيكا»، والتي قامت بالإعلان عن نجاح لقاحها خلال المرحلة الثانية من التجارب السريرية، إن شركته لن تتحمل أي مسؤولية قانونية في حال أظهر لقاح الشركة أي عوارض جانبية خلال أربع سنوات بعد عملية التلقيح به، ويضيف دوبر أنه في العقود التي تجريها الشركة مع الدول التي تطلب اللقاح منها، تضمن تلك الدول تحمّل المسؤولية عن العوارض الجانبية للقاح، لأن ذلك في «مصلحتهم الوطنية». بمعنى أن الدول هنا، من أجل الهرب من شبح الانهيارات الاقتصادية، ومن أجل ضمان حصولها على اللقاح، تخضع لشروط الشركة وتتحمل المسؤولية عن كل ما يمكن أن يصيب المواطنين من عوارض جانبية نتيجة أخذهم اللقاح.
في المقلب الآخر، نشرت هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» تقريراً أفادت فيه بأن روسيا ستبدأ حملة تلقيح كبيرة في البلاد خلال شهر أيلول/سبتمبر، وستشمل الحملة بدايةً تلقيح الفرق الطبية والأساتذة، علماً بأن اللقاح الذي ينتجه مركز «غاماليا» للأبحاث والتابع لوزارة الصحة الروسية، ستتم الموافقة عليه خلال الأيام القليلة المقبلة. وعلى الرغم مما صدر عن الشركة البريطانية «أسترازينيكا»، شكك الخبير في الأمراض المعدية أنطوني فاوتشي، عضو خلية مكافحة فيروس «كورونا» في الولايات المتحدة، الجمعة، في سلامة اللقاحات التي يجري تطويرها حالياً في روسيا والصين، علماً بأن اللقاحات الثلاثة يعمل بعضها بشكل مشابه للبعض الآخر. ورأى فاوتشي أن الولايات المتحدة لن تضطر إلى الاعتماد على لقاحات تطورها دول أخرى. وتجدر الإشارة إلى أنه في الولايات المتحدة، يوجد قانون يحمي شركات الأدوية من مطالبة المتضررين من المنتجات التي تساعد على احتواء حالات الطوارئ الطبية؛ ما يعرف بقانون «PREP»، أي إن اللقاحات التي تُصنع في الولايات المتحدة الأميركية خلال فترة طوارئ صحية مثل حالة وباء «كورونا» اليوم، وعلى شاكلة ما يحصل مع «أسترازينيكا»، لن يستطيع المواطنون مطالبة الشركة بأي تعويضات في حال عانوا من عوارض جانبية من اللقاح.
اللافت في موضوع تمويل الحكومات لشركات صناعية الأدوية أن الأخيرة، وبسبب الحاجة الملحة إلى الحصول على لقاح، تعيش اليوم فترتها الذهبية. شركة «أسترازينيكا» على سبيل المثال، أبلغت للتو عن أرباح هائلة بلغت 12.6 مليار دولار في الأشهر الستة الماضية وحدها! علماً بأن الشركات ستحصل على أموال الحكومات مقابل اللقاح سواء وصل إلى مرحلته التجريبية الأخيرة أم لم يصل.
الاخبار