مجلة وفاء wafaamagazine
-تضارب في المعلومات بشأن رفع أسعار الزجاج والألومنيوم: الرقابة هي الحل
-دعوات للأقل تضرراً لعدم الضغط على قطاع تركيب الزجاج والألومنيوم
مرحلة الترميم انطلقت، على الأقل في الدوائر البعيدة عن مركز الانفجار. الطلب على الزجاج والألومنيوم كبير جداً، لكن أهل القطاع يؤكدون أن هذا الطلب لا يصل إلى ١٠ في المئة من المخزون المتوفر في لبنان. لذلك، لا خوف من فقدان أي من المادتين، لكن الخوف من استغلال الوضع لرفع سعرها، بحجة الضغط الكبير على الشركات والتجار. حتى اليوم الأسعار لا تزال مضبوطة، لكن ثمة من يؤكد أن الرقابة مطلوبة سريعاً كي لا تفلت الأسعار
مرت ثلاثة أيام. لا تُسمع في المنطقة المنكوبة ومحيطها سوى أصوات كنس الزجاج ورفع الانقاض. في الدائرة الأولى للانفجار، أي في الجميزة ومار مخايل والكرنتينا والمرفأ والبلد المشهد نفسه يتكرر. أكوام من الزجاج رُميت إما في مكبات استحدثت على جوانب الطرقات أو في مكبّات النفايات الموجودة والتي تحولت إلى مكبات عملاقة بسبب عدم رفع النفايات منها منذ أيام، وبسبب إضافة الزجاج إليها. تلك المناطق مدمرة بشكل شبه تام، إنجاز ورشة الإصلاح والترميم فيها يحتاج لأشهر، خصوصاً أن بعض الأبنية لا تزال مهددة بالسقوط.
في الدائرة الأبعد حيث كان الضرر أقل، انتهت مرحلة رفع الأضرار، وفي معظمها محصورة بتكسير الزجاج وتخلّع الأبواب، وبدأت ورشة الاصلاح سريعاً. آلاف الطلبات يتلقاها العاملون في تركيب الزجاج والألومنيوم، يلبّونها استنسابياً أو بالنظر إلى حجم الأضرار. البعض بدأ باستغلال حاجة الناس لإقفال بيوتهم المكشوفة، فرفع الأسعار. فيما آخرون يصرّون على العمل بالأسعار السابقة، التي كانت باهظة أصلاً ربطاً بالارتفاع الكبير لسعر صرف الدولار. سعر متر الزجاج يختلف باختلاف نوعه ومواصفاته، لكنه يتراوح بين ١٥ دولاراً و٢٠٠ دولار. وهذا يعني أن من كُسر لديه نافذة أو باب فقط، سيكون عليه دفع نحو مليوني ليرة، فيما الأزمة الاقتصادية سبق أن أصابت القدرات الشرائية للأسر بمقتل.
من حيث المبدأ، أقر مجلس الوزراء آلية للكشف على الأضرار والتعويض على أصحابها، كما أقر دعم استيراد مادتي الزجاج والالومنيوم، وتردّد أن مصرف لبنان سيفتح اعتمادات للمستوردين على سعر ٣٩٠٠ ليرة. مع ذلك، فإن المتضررين لن ينتظروا البدء بتنفيذ تلك الإجراءات. أولويتهم إعادة تأهيل منازلهم. وهم لذلك، يسارعون إلى التواصل مع التجار وعمال التركيب، لإنجاز أعمالهم بسرعة. لكن بحسب ما أعلن رئيس الهيئة العليا للإغاثة محمد خير، فإن التعويض سيشمل جميع المتضررين، حتى الذين سارعوا إلى إصلاح الأضرار لديهم، داعياً إياهم إلى الاحتفاظ بالفواتير.
الهاجس الفعلي هو فقدان الزجاج والالومنيوم من الأسواق، فهل فعلاً لا يكفي المخزون المتوفر في لبنان لتلبية حاجة كل المتضررين؟
لا إحصاء دقيقاً بعد للحاجة الفعلية من هذه المواد، وحتى تقدير الهيئة العليا للإغاثة لعدد الأبنية المتضررة بثمانية آلاف مبنى لا يكفي لإعطاء صورة تقديرية عن الحاجة. لكن عاملين في القطاع يجزمون بأن المخزون المتوفر كاف ويزيد بأضعاف عن الحاجة المتوقعة. صاحب شركة حجازي للزجاج عرفات حجازي يؤكد أن ما تحتاجه بيروت حالياً، بالمقارنة مع حرب تموز، لا يصل إلى ٥ في المئة. يقول إنه في العام ٢٠٠٦، كان الضرر على مساحة الوطن مع تركّز الأضرار في الجنوب والضاحية، ومع ذلك لم يسجل فقدان الزجاج من السوق، رغم أن المرفأ كان مقفلاً وظل كذلك لأكثر من شهر بعد انتهاء الحرب بسبب الحصار.
وعليه، فهو إذ يتوقع أن لا تتخطى الحاجة الراهنة للزجاج ١٠ آلاف متر، يشير إلى أن الشركات العاملة في القطاع تملك مئات آلاف الامتار. والسبب يعود إلى أن لبنان يُعتبر مركزاً لإعادة تصدير الزجاج، لا سيما إلى الدول الإفريقية والعراق.
لا بد من الإشارة هنا إلى أن لبنان لا يُصنّع الزجاج أبداً. منذ أن أقفلت معامل الزجاج في أيام الحرب، لم يتم إنشاء أي معمل جديد. لذلك، فإن كل الزجاج الموجود في السوق يتم استيراده بصناديق حجم ٣٢١ سم * ٢٥٠ سم، تحتوي على ٢٠ لوحاً في الأغلب. وهناك ثلاث شركات كبرى لاستيراد الزجاج في لبنان، فيما يوجد ما يزيد عن ١٠٠ شركة تعمد إلى تصنيع هذه الألواح بحسب حاجة السوق. وهي تتوزع على ثلاث فئات. الفئة الأولى وتضم نحو ٢٠ شركة ( Tempering / Securite)، والفئة الثانية تضم نحو ١٠٠ شركة (double glazing)، فيما تضم الفئة الثالثة آلاف الشركات العاملة في مجال التركيب.
ورغم أنه يتوقع أن يكون المخزون كافياً، إلا أن محمد شمعون، صاجب احدى الشركات الثلاث المستوردة، يؤكد لـ«الأخبار» أنه بسبب عدم وجود تقديرات دقيقة لحجم الدمار الذي نتج عن انفجار مرفأ بيروت، فقد أجريت اتصالات مع الشركات المصنّعة للزجاج ومع شركات الشحن، إضافة إلى إدارة مرفأ طرابلس، بهدف تأمين احتياطي كاف من الزجاج، تحسباً لاحتمال أن لا تكفي الكمية المتوفرة في السوق.
على الهامش، يقول شمعون أيضاً إنه، إضافة إلى المخزون المتوفّر في الأسواق، يوجد في المرفأ عدد من مستوعبات الزجاج، التي تبين أنها لم تتضرر من جراء الانفجار، نظراً لبعدها عن مركزه، وبسبب صلابة الزجاج عندما يكون مرصوصاً داخل الصناديق.
النسبة الأكبر من الأضرار في المنازل الواقعة في الدائرة الثانية والثالثة طالت الزجاج. لكن من بعد الزجاج، فإن الأكثر تضرراً هو إطارات الألمنيوم الخاصة بالنوافذ والأبواب. هذه المادة أيضاً متوفرة في السوق بكثرة. وهي بخلاف الزجاج يتم تصنيعها في لبنان (أربعة أنواع من الألمنيوم تصنّع في لبنان، وهي تلبّي ما يزيد عن ٩٠ في المئة من حاجة السوق). إذ يوجد خمسة مصانع متخصصة في «تسحيب» الألمنيوم، مقابل نحو ٥٠٠ تاجر يعملون في القطاع. وتعتمد هذه الصناعة على مصدرين، أنابيب الخام المستوردة وكسر الألمنيوم الذي يعاد تصنيعه.
المشكلة حالياً بالنسبة لحجازي هي في الطلب الكبير على تركيب الزجاج والالمنيوم. وهو ما لا طاقة للعاملين في القطاع على تلبيته دفعة واحدة، لذلك يدعو الأقل تضرراً إلى عدم الضغط على العاملين في هذه الفترة ليتمكنوا من تأمين الطلبات الأكثر إلحاحاً، متوقعاً أن يتم تأمين كل الطلبات خلال أسابيع قليلة.
يتفاوت الرأي بالنسبة للأسعار. يؤكد أصحاب الشركات أنهم لم يرفعوا الأسعار أبداً. يقول شمعون إن الأسعار ثابتة بشكل عام، مع احتمال ارتفاعها بمقدار ٥ في المئة على أصناف قليلة، ربطاً بارتفاع سعرها لدى المصدر. ويقول ربما ترتفع الأسعار على المستهلك النهائي بسبب الطلب الكثيف. فالعامل الذي كان يستلم ورشة كل يوم على سبيل المثال، صار يعرض عليه ١٠ ورش يومياً. ونظراً لعدم قدرته على تلبيتها جميعها يعمل على رفع الأسعار قليلاً.
لا ينكر أحد العاملين في التركيب هذا الاحتمال، لكنه في المقابل يؤكد أن التجار رفعوا أسعارهم أيضاً. يقول إن إحدى الشركات الكبرى رفعت سعر المتر من ١٥ إلى ١٨ دولاراً، مؤكداً في الوقت نفسه أن الشركة رفضت قبض الأموال إلا بالدولار بداية، ثم على سعر ٩٠٠٠ ليرة رغم أن سعر الصرف كان ٨٢٠٠ ليرة.
من جهتها، تؤكد سيدة تعرّض منزلها في منطقة بشارة الخوري لتكسير في الشرفات المواجهة للمرفأ أنها حصلت على عرضي أسعار، وتبين أن أحدهما قيمته مضاعفة. لذلك تشدد على ضرورة عدم البدء بأعمال الترميم قبل الحصول على أكثر من عرض، محذرة من سعي البعض إلى استغلال حاجة الناس لإزالة الأضرار.
الحل بالنسبة لحجازي هو في الرقابة. صحيح أنه يشير إلى أن الأسعار، بشكل عام، لم ترتفع، لكنه يشير إلى أن الشركات تنتظر بعضها البعض لتقوم احداها بالخطوة الأولى. ولذلك، يقترح تكليف الأمن العام بمراقبة التسليم لدى التجار، أسوة يحصل مع مادة المازوت، للتأكد من أن البضاعة تباع من دون زيادة في الأسعار. أما بالنسبة لوزارة الاقتصاد، فتؤكد مصادرها أن لا صلاحية لها لمراقبة عملية بيع وتسليم الزجاج والألومنيوم، لكنها تدعو كل من يشعر أن الأسعار مرتفعة للتقدم بشكوى إلى الوزارة، التي ستقوم بسرعة بالتأكد من الأمر، وتسطير ضبط بالمخالفين.
لا ينكر أحد العاملين في التركيب هذا الاحتمال، لكنه في المقابل يؤكد أن التجار رفعوا أسعارهم أيضاً. يقول إن إحدى الشركات الكبرى رفعت سعر المتر من ١٥ إلى ١٨ دولاراً، مؤكداً في الوقت نفسه أن الشركة رفضت قبض الأموال إلا بالدولار بداية، ثم على سعر ٩٠٠٠ ليرة رغم أن سعر الصرف كان ٨٢٠٠ ليرة.
من جهتها، تؤكد سيدة تعرّض منزلها في منطقة بشارة الخوري لتكسير في الشرفات المواجهة للمرفأ أنها حصلت على عرضي أسعار، وتبين أن أحدهما قيمته مضاعفة. لذلك تشدد على ضرورة عدم البدء بأعمال الترميم قبل الحصول على أكثر من عرض، محذرة من سعي البعض إلى استغلال حاجة الناس لإزالة الأضرار.
الحل بالنسبة لحجازي هو في الرقابة. صحيح أنه يشير إلى أن الأسعار، بشكل عام، لم ترتفع، لكنه يشير إلى أن الشركات تنتظر بعضها البعض لتقوم احداها بالخطوة الأولى. ولذلك، يقترح تكليف الأمن العام بمراقبة التسليم لدى التجار، أسوة يحصل مع مادة المازوت، للتأكد من أن البضاعة تباع من دون زيادة في الأسعار. أما بالنسبة لوزارة الاقتصاد، فتؤكد مصادرها أن لا صلاحية لها لمراقبة عملية بيع وتسليم الزجاج والألومنيوم، لكنها تدعو كل من يشعر أن الأسعار مرتفعة للتقدم بشكوى إلى الوزارة، التي ستقوم بسرعة بالتأكد من الأمر، وتسطير ضبط بالمخالفين.
الأخبار