مجلة وفاء wafaamagazine
أكد النائب فؤاد مخزومي في تصريح، “ضرورة تشكيل لجنة تحقيق دولية تكشف المسؤولين عن وضع هذه المواد في المرفأ وإهمالها”، مشككا بوجود “قطبة مخفية في مسألة الباخرة الموجودة في المرفأ”.
وشدد على ان “الحكومة فقدت الثقة”، ومعتبرا أنها “أثبتت أنها عاجزة عن فتح أي ملف من ملفات الفساد ومحاسبة المتورطين فيه”.
ورأى “أننا اليوم أمام منظومة تحاول تهشيل صندوق النقد الدولي الذي هو بارقة الأمل الأخيرة لنا ولوطننا”، مشيرا الى ان “الحكومة أساءت إلى علاقات لبنان مع دول عربية وأجنبية ومؤسسات مالية دولية”.
وقال: “إن ما جرى في بيروت هو جريمة موصوفة بحق أبنائها والمواطنين ويستوجب تشكيل لجنة تحقيق دولية تكشف المسؤولين عن وضع هذه المواد في المرفأ وإهمالها إلى أن وصلنا للكارثة. وبرأيي هنالك قطبة مخفية في مسألة الباخرة الموجودة في المرفأ منذ حوالى سبعة أعوام، وهنالك أسئلة مشروعة عن أسباب وصولها إلى لبنان وكيفية حصول ذلك. والمسؤولية الكبرى تقع على عاتق إدارة المرفأ ومديرية الجمارك، إضافة إلى وزارتي الأشغال والمالية. كذلك تقع المسؤولية على كل مسؤول سياسي موجود في الحكم منذ العام 2014 وحتى اليوم، علم بوجود هذه الباخرة ولم يحرك ساكنا. وقد توجهت بكتاب إلى مجلس النواب للمطالبة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية تستعين بخبرات لجنة تحقيق دولية وبالخبرات الدولية والتقنيات الضرورية لكشف المتورطين بهذه الكارثة، ومن أجل عدم لفلفلة القضية كما حصل في ملفات أخرى كملف التدقيق المالي وملف الفيول، وسواها من الملفات التي ما تلبث أن تنسى. لقد فقدنا الثقة بالحكومة لا سيما بعدما ثبت أنها عاجزة عن فتح أي ملف من ملفات الفساد ومحاسبة المتورطين فيه”.
أضاف: “ان استقالة الوزير ناصيف حتي هي خطوة في الاتجاه الصحيح. وتعني في ما تعني أن الحكومة فشلت رغم مرور 6 أشهر على عملها، ولم تستطع أن تسجل أي إنجاز بل نلحظ أن الأوضاع في تدهور على الصعيدين المالي والاقتصادي بخلاف وعودها. والأسوأ انها أساءت إلى علاقات لبنان مع دول عربية وأجنبية ومؤسسات مالية دولية. والدليل ما حصل مع وزير الخارجية الفرنسي لودريان الذي لم يطلب سوى تنفيذ الإصلاحات فووجه بتصريحات عدائية تنم عن قلة وفاء لدولة هذا الرجل، التي قدمت الكثير للبنان وزارنا في زمن لم يعد هنالك من يثق بلبنان بسبب سياسات سياسييه السابقين والحاليين”.
أما في ما يتعلق بالتدقيق الجنائي، فأعتقد أنه “على الرغم من أن الحكومة اعتمدت مؤخرا شركة غير متخصصة للتدقيق الجنائي في المصارف المركزية، إلا أن هذه الشركة مؤهلة للقيام بمهامها في حال كان دفتر الشروط واضحا. لكن الخوف كل الخوف من عرقلة عملها من خلال وضع شروط تعفي الطبقة السياسية التي حكمتنا لعقود من مسؤولياتها في ما وصل إليه البلد من تدهور اقتصادي ومالي. إذن، أعتقد أن من غير المقبول حصر عمل الشركة بالتدقيق بحسابات البنك المركزي، بل من الضروري التحقيق أيضا للوصول إلى كشف كل فاسد في الطبقة السياسية ممن كان له يد في الممارسات التي قام بها مصرف لبنان على مدى سنوات طويلة. كما من الضروري الاشتراط أن يكون التدقيق شفافا وعلنيا ليطلع عليه جميع المواطنين. فنحن اليوم أمام منظومة تحاول تهشيل صندوق النقد الدولي، عبر الاتفاق على الاختلاف بشأنه. ولا أظن أن مركب الحكومة اليوم قادر على مواجهة التحديات الاقتصادية وتداعياتها الاجتماعية وهنا تكمن خطورة الأوضاع. والسبب يعود إلى أن هذه الحكومة برأيي لا تختلف عن سابقاتها، إذ تعيد السيناريو نفسه لتثبيت بقائها في الحكم. لاحظي هل كشفت عن حالة فساد؟ وفي التعيينات محاصصة واحدة؟ والهدف طبعا عرقلة عمل صندوق النقد ودفعه للتخلي عن مساعدة البلد”.
وعن التعيينات الادارية والقضائية والديبلوماسية وحصرها بجهة واحدة، قال مخزومي: “لقد اعتدنا كما اعتاد اللبنانيون على السجالات والنقاشات الحادة والعقيمة بين العديد من الأطراف عند كل استحقاق يتعلق بالتعيينات التي تتم وفق مبدأ المحاصصات السياسية والطائفية. ومختلف التعيينات التي تمت منذ نيل هذه الحكومة الثقة أبرزت جليا كيف أن هذه الحكومة تقارب الأمور من باب المحاصصة، تماما كما كانت تفعل الحكومة السابقة وسابقاتها من الحكومات المتعاقبة، ودائما من داخل المنظومة الفاسدة إياها وليس بعيدا منها. ونحن كنا أبدينا رفضنا لما حصل في ملف التعيينات القضائية التي تمت على جري العادة وفق مبدأ المحاصصات السياسية والطائفية، وبالتأكيد لا يجب أن تتدخل السياسة والسياسيين في التشكيلات القضائية فهذه من شأن مجلس القضاء الاعلى فحسب. وكنا نأمل أن تقوم الحكومة بمبادرة لفك الارتباط بين السياسيين والقضاء وهذا ما لم نلحظه في هذا الملف”.
وعن مصير الخطة الاقتصادية للحكومة والمفاوضات مع البنك الدولي، لفت مخزومي الى انه “بات واضحا غياب الجدية في التعاطي مع الصندوق، وسعي القوى الحاكمة إلى إفشال الصندوق. والدليل هو ما يحصل لجهة عدم توحيد الأرقام، فبعد أن أوردت الحكومة في خطتها أن حجم الخسائر بلغ 241 ألف مليار، عمدت القوى السياسية إلى تشكيل لجنة لتقصي الحقائق والتي خفضت هذا الرقم إلى 80 ألف مليار، وذلك من خلال إلغاء إعادة هيكلة الدين على سندات الخزينة بالليرة، وتخفيض تقديرات قيمة التسليفات المتعثرة من 140 ألف مليار إلى 14 الف مليار. هذا ولم تحسب القروض التي ستستحق عام 2027 من ضمن الخسائر. والسؤال هنا: إذا كان صندوق النقد موافقا على أرقام الخسائر الواردة في خطة الحكومة، فلماذا الحديث عن أرقام جديدة؟ ولماذا المحاولات الحثيثة لعرقلة هذا الملف؟ والواضح أيضا هو السعي لإفشال خطة الحكومة الإقتصادية التي لا تختلف عن خطة الحكومة السابقة وخطط الحكومات المتعاقبة منذ ثلاثين عاما، وفي التعيينات لم تختلف أيضا عن ممارسات الحكومات السابقة في محاصصات مكشوفة وعلنية ومن غير خجل أو وجل. برأيي ان السياسيين قد اتفقوا على الاختلاف في كل الملفات التي من شأنها أن تكشف الغطاء عن الفساد والمفسدين والممارسات الخاطئة التي ارتكبتها المنظومة التي حكمتنا لعقود. ولا أعتقد أن هنالك حلولا أو خيارات أخرى في الوقت الراهن سوى بذل الجهود لإنجاح المفاوضات مع صندوق النقد الدولي فهو بارقة الأمل الأخيرة لنا ولوطننا. فصحيح أن المجتمع الدولي حريص على استقرار لبنان ودعمه لكن لا يمكن لأحد أن يساعدنا إذا لم نساعد أنفسنا وإذا لم نقم بالإصلاحات المطلوبة لاسترجاع الثقة بلبنان”.
وعن عودة الاحتجاجات الشعبية، قال: “لقد توقعنا منذ فترة أن ثورة 17 تشرين ستعود بزخم أقوى، وإن الاحتجاجات الشعبية لن تتوقف، وذلك بالنظر إلى تداعيات الحجر الصحي الاقتصادية وإفلاس العديد من الشركات وصرف الموظفين وارتفاع نسبة الفقر الذي يتوقع وصوله إلى 60% بحسب البنك الدولي، والبطالة التي من المتوقع أن تطاول أكثر من مليون لبناني لا سيما من فئة الشباب. لقد كنا منذ البداية من الداعمين للمطالب المحقة لثورة 17 تشرين وسنبقى كذلك رغم ما شهدناه في فترات سابقة من محاولات لتشويهها وحرفها عن مسارها الحقيقي الذي تمحورت عناوينه حول مكافحة الفساد واسترداد الأموال المنهوبة ومحاسبة المتورطين أيا كانوا، وتحسين الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والاجتماعية. واليوم بات من الواضح جدا أن هذه الثورة لن تجهض وأن الناس لن تتراجع عن مطالبها، خصوصا أن الثورة فضحت التوافق المستمر بين أفرقاء الطبقة السياسية الحاكمة لتمرير المحاصصات وتقاسم المغانم على حساب الشعب اللبناني. هذه الثورة الشعبية العارمة ستستمر في صعودها ضد هذه المنظومة الفاسدة لتصل إلى حقوقها كاملة غير منقوصة”.
وعن العلاقة مع الأحزاب والتيارات الاخرى، قال: “بالنسبة لي أي موقف من الأحزاب أو التيارات يتوقف على ما يقدمونه من مشاريع، فباختصار أعمل على القطعة فليس عندي موافقة عالعمياني أو نقد لمجرد الانتقاد، ما أجده ملائما للبلد ومصالح الناس أؤيده فحسب. وعندما دخلت الندوة البرلمانية أدركت أن الأمور في البلد تحتاج إلى الوحدة وتكاتف الجهود من أجل جمع أكبر عدد من النواب المستقلين أو المتواجدين في كتل لا تلبي طموحاتهم، من أجل العمل في المجلس لتفعيل مواقفنا من داخله وتثبيتها عمليا أمام الرأي العام اللبناني، وصولا إلى تحقيق مطالب الناس التي هي مطالب ثورة 17 تشرين، وعلى الرغم من عدم وجود خطة متكاملة حتى اليوم إلا أننا نعمل على خطط ومشاريع متوافق عليها وتخدم تطلعات الشعب اللبناني”.
وعن الانتخابات الرئاسية، أعرب مخزومي عن اعتقاده انه “من المبكر الحديث عن هذا الموضوع السابق لأوانه، على الرغم من أن البعض قد بدأ بالفعل معركة الرئاسة. من جانبي أجد أن المطلوب رئيس يلبي طموحات الناس التي انتفضت، وليس على طريقة ما حصل منذ عقود إذ يأتي الرئيس بحسابات سياسية محلية وخارجية، فعلا نريد الرئيس القوي بدعم قضايا الناس وليس بقوة قوى سياسية متناحرة مع قوى أخرى ومتحاصصة لخيرات البلد ومقدراته.ويجب أن لا ننسى ابدا أن ثورة 17 تشرين قائمة ومستمرة ولها كلمتها”.
وردا على سؤال حول الازمة المعيشية ورفع الدعم عن المواد الأساسية، لفت مخزومي الى “ان مصرف لبنان خول نفسه دعم المواد الأساسية من فيول وطحين ودواء وعاملات المنازل، ونحن لا نعلم إذا كان ذلك من صلاحياته أصلا. بصرف النظر عن ذلك، ونحن نعرف أن كلامنا سيثير حفيظة البعض، لكن أعتقد أن هنالك غيابا للعدالة الاجتماعية في هذا الملف، فلماذا يتم مساواة الشرائح الغنية التي تعد المستفيد الأول من هذا الدعم بالفئات المتوسطة والفقيرة؟ إذا، برأيي الاستغناء عن الدعم أفضل من الإبقاء عليه واستنزاف الدولار، وتهريب قسم كبير من المواد المدعومة عبر المعابر غير الشرعية، خصوصا أن الجميع يعرف أن فارق السعر بين لبنان وسوريا لبعض المواد مثل المازوت والقمح وسواها من المواد المدعومة بالدولار المفقود في لبنان، يشجع المهربين على التمادي في التهريب، فيما تمتد اليد إلى ودائع المواطنين. فالمطلوب توفير هذه الأموال بالعملة الصعبة، وتأمين دعم مباشر للفئات المحتاجة والأكثر فقرا، دونما تمييز بين اللبنانيين”.
الوكالة الوطنية للاعلام