مجلة وفاء wafaamagazine
أحيا المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى، برعاية رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان مراسم عاشوراء لهذا العام في مقر المجلس وعبر صفحته على فايسبوك، والقى نائب رئيس المجلس العلامة الشيخ علي الخطيب كلمة في الليلة الرابعة، قال فيها:
“أيها الإخوة الحسينيون والأخوات الزينبيات، السلام عليكم ايها الموالون القائمون على احياء هذه المجالس تنتصرون فيها للحق الذي انتصر له ابو عبد الله الحسين، في هذه الليلة الرابعة من شهر محرم الحرام سأتناول موضوعا في غاية الاهمية من الموضوعات المتعددة المتعلقة بهذه المناسبة، وهي بيان الدور الذي انيط بالإمام الحسين عليه السلام وبالهدف الاساس التي أدت و تؤديه هذه الثورة والحركة الحسينية الشريفة، ان من الامور البديهية الفطرية التي يدركها كل انسان طبيعي وهادف اخضاع اي نشاط يصدر عنه لقواعد معينة متعارفة ومقبولة لانه يحتاج لذلك لأمرين مهمين: الامر الاول لإقناع نفسه به حتى يكون لديه الدافع للإقدام على فعله من مصلحة معينة يبتغي تحقيقها خاصة كانت او ذات طبيعة عامة تؤثر بالمجرى العام بحياة الجماعة التي ينتمي اليها،الامر الثاني، لإيجاد المبرر الذي يعطي هذا الفعل المقبولية لدى الاخر فردا كان او جماعة حتى لو لم يكن هذا السلوك يمس مصالح الاخرين، وهو ما يطلق عليه مصطلح العقلائية بمعنى ان يكون الفعل مطلوبا لدى العقلاء، وكل عمل لا يأخذ هذين الامرين بالاعتبار يخرج عن كونه عملا عقلائيا او اخلاقيا يستحق فاعله اللوم على الاقل ويسقط فاعله عن الاعتبار لدى العرف والجماعة متى كان سلوكه مستداما.ان هذه المحاكمة التي يقوم بها العقلاء افرادا وجماعات حينما يواجهون سلوكا بشريا معينا هي امر فطري طبيعي، وهو ما يدفع الجماعة البشرية الى القيام بعملية تصفية اخلاقية لنفسها ومحاسبة ذاتية تلفظ فيها ما يتنافى مع فطرتها التي تدفعها نحو تصحيح ذاتها باستمرار، طالما بقية سليمة لم تعطلها عوامل الفساد الشيطاني، وهي تلتقي مع الطبيعة التي ابدع الله تعالى خلقها واتم صنعها بما جعل فيها عوامل تكفل لها القيام بدورها في صنع الحياة وحفظها ودوام بقائها واستمرارها. ولكن ذلك لا يعني ان الجماعة البشرية تقوم دائما بهذه الوظيفة التي املتها هذه الفطرة فهي ليست عملية ميكانكية كما هي وظيفة الرئتين بل هي تشبه الى حد كبير احدى الوظيفتين اللتين يقوم بهما القلب، فالقلب يقوم بوظيفتين للانسان احدهما وظيفة ميكانيكية، وهي عملية القبض والبسط التي تنشأ عنها الحركة الدموية في الجسم والاخرى تؤثر في افعاله وسلوكياته حيث انه مجمع للمشاعر التي قد تكون انسانية منسجمة مع الفطرة واخرى غريزية حيوانية شريرة كالحقد وحب الانتقام والعدوان والانانية حينما يتلوث هذا العضو ويفسد بفعل ما يقوم به الانسان من تجاوزات يناقض ما تقتضيه الفطرة . قال الله تعالى مشيرا الى هذه النقطة “بل ران على قلوبهم ما كانوا يعملون” ان القلب هو اول المتأثرين بفساد الفطرة، والفطرة هي مركز مواجهة الفساد كما انها بمثابة المصفاة التي تقوم بعملية الفرز بينما هو صحيح وبينما ما هو فاسد، فاذا تعطلت عن القيام بهذه الوظيفة تعطل النظام واختلت الموازين، وكان اول المتأثرين بالفساد هو القلب، اذا هذه الفطرة هي في معرض الافساد والتعطيل، والفساد الذي ينتج عن هذا التعطيل يؤدي حتما الى التأثير على هذه العملية العقلية في التحليل والاستنتاج والاكتشاف لان هذه العملية تحتاج الى الاولويات التي توفرها هذه الفطرة قال سبحانه وتعالى ” فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ” ، فالانسان فردا كان او جماعة بمقتضى هذه الاية، هو في حصن من الفساد طالما اهتدى بالفطرة التي فطره الله تعالى عليها، ولن يستقيم الاجتماع الانساني ما لم يستند الى هذه القاعدة.
ان الفطرة هي البصيرة والهادي ومن دونها يصبح المجتمع البشري كراكب البحر ينتابه الموج من كل مكان قال سبحانه وتعالى “أو كظلمات فى بحر لجى يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب ، ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور”.
ان من عطل فطرته فقد بصيرته، ومن فقد بصيرته عمي عن الحق وفقد طريق السلامة والخلاص، وتعطل النظام العام وسادت الفوضى واصبح الاجتماع البشري والانساني في معرض الهلاك والابادة، وهل هناك فساد اخطر من هذا الفساد؟ وهذا ما تكرر حدوثه في تاريخ البشرية مرات متعددة، وما حدثنا الله تعالى عنه في كتابه وما سجله الذين ارخوا لماضي الامم وكتبوا وقائعها واحداثها كقوم عاد وهود ولوط، لقد وجد دائما من ينبه هذه الفطرة ويبعث فيها الحياة، وهم الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم، لقد قرن الله سبحانه وتعالى سلامة الاجتماع الانساني بسلامة الفطرة البشرية وقرن بقاء المجتمع البشري بوجود الأنبياء، وهذه نقطة جديرة بالانتباه ولان الامامة هي استمرار لوظيفة النبوة ،وهو ما تشير اليه زيارة وارث من انه وارث خط الانبياء كسائر ائمة اهل البيت عليهم السلام التي تعني وراثة دور الاصلاح ومواجهة الفساد كان قيام الامام الحسين في هذه الثورة على هذه القاعدة، حينما افسد بنو امية امر الامة واماتوا ضميرها وقتلوا صلحاءها واخيارها، واخفوا الحق واظهروا الباطل والفساد فكان لا بد للامام الحسين من القيامة والثورة كضرورة لحياة الامة ، واعادتها الى دورها الناشط في الحياة.
ان احياء هذه المناسبة في كل عام، انما هو احياء لامر اهل البيت بأمر منهم الذين ارادوا ان تبقى هذه الذكرى خالدة تؤدي نفس الدور من احياء الفطرة الانسانية لمواجهة الباطل والفساد بشتى اشكاله في كل زمان ومكان، ونحن اليوم نقوم بهذه المهمة ترعانا عين صاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف الذي يكمل المسيرة من دون ان تراه عيوننا وهو المعين للصالحين في القيام بهذه المهمة العظيمة، مهمة الاصلاح في الارض فالدور الناشط في الارض يحتاج الى الضمير الناشط والحي، والضمير الميت لا يمكن ان يكون ناشطا.
ايها الاخوة المؤمنون ان بلدنا اليوم بحاجة الى هذا الضمير الناشط الذي يدفع الى تحميل المسؤوليات والمحاسبة للمرتكبين الذين افسدوا العباد والبلاد. ان الفساد اتسعت رقعته ولم يبق الا على النذر القليل ويهدد بالمزيد من الخراب، لقد ادى الفساد الى تعطيل الادارات عن القيام بمسؤولياتها والى هذه الكارثة الفاجعة الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت والى هذا الخراب الاقتصادي حتى وجد هذا الشعب نفسه في واقع مذر لا يجد معه ما يسد به رمقه، ولا من محاسب ولا من رقيب، حتى هذه الحكومة التي كان يمكن مطالبتها بان تقوم بما يمكن ومحاسبتها على ذلك على هذا الصعيد، لم يبقوا عليها لا ليأتوا بأفضل منها وانما لتبقى البلاد في هذا الفراغ، والا فلماذا لا يبادرون الى الاتفاق على الحكومة ويستجيبون لدعوة مجلس رئيس النواب حتى تبدأ الاستشارات النيابية. ان البلاد على شفير الهاوية وهي بحاجة للخروج من هذا الفراغ على مستوى السلطة السياسية بأقرب وقت ممكن والعمل على ايجاد حكومة تقوم بواجباتها تجاه الشعب اللبناني الذي يعاني من الغلاء الفاحش وجشع التجار ولا رقيب او محاسب واخراج البلاد من الفوضى وانقاذ الوضع الاقتصادي فالفرصة باتت قليلة ونحن على حد السيف والبلد على شفا حفرة من النار.
أسأل الله سبحانه وتعالى ان يلطف بلبنان وشعبه وان يقيض لهم ما يخرجهم من هذا الاتون ويخلصهم من انياب هذه الوحوش الكاسرة ويحقق لهم الامان”.
وتلا الخطيب الحسيني السيد جعفر الموسوي المشعشعي مجلس العزاء الحسيني بعد تلاوة أي من الذكر الحكيم للقارئ أنور مهدي، وفي الختام تلا الشيخ موسى الغول زيارة الامام الحسين.
اعتذار
وأعلن المجلس اعتذاره عن عدم استقبال محبي ابي عبد الله الحسين نظرا للظروف الصحية الصعبة جراء تفشي جائحة الكورونا.
صفحة المجلس على الفايسبوك:
https://www.facebook.com/shiitecouncillebanon/