الرئيسية / سياسة / علي الخطيب حمل الشعب والحكام مسؤولية الوضع: لحكومة تسحب المشكلة من الشارع وتعطي الفرصة لتطوير النظام على أساس تطبيق اتفاق الطائف

علي الخطيب حمل الشعب والحكام مسؤولية الوضع: لحكومة تسحب المشكلة من الشارع وتعطي الفرصة لتطوير النظام على أساس تطبيق اتفاق الطائف

مجلة وفاء wafaamagazine

أحيا المجلس الاسلامي الشيعي الاعلى مراسم عاشوراء لهذا العام في مقر المجلس وعبر صفحته على فايسبوك، برعاية رئيسه الامام الشيخ عبد الامير قبلان، والقى نائب الرئيس العلامة الشيخ علي الخطيب كلمة في الليلة التاسعة، جاء فيها: “قال تعالى الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا. فلقد أعطى الله سبحانه وتعالى نعمة الحياة للإنسان وزوده بالقدرات العقلية والجسدية التي تمكنه من التصرف والفعل وكل ما يحتاج إليه ويؤهله لتحمل المسؤولية. وأنت حينما يكون لديك شركة وتريد أن تسند مسؤولية القيام بها لولد من أولادك، لا يمكن أن تسلمها له وهو غير مؤهل للقيام بما يحفظها وينميها ويحقق النتيجة التي تطمح لتحقيقها. فأول أمر تقوم به هو أن تؤهله وتعلمه وتدربه على كيفية العمل الذي تقتضيه مصلحة هذه الشركة ثم تدفعه إلى ساحة العمل وتبقيه تحت المراقبة لترى كيف يتصرف. هل يتصرف بمسؤولية أم لا. فإن تصرف بمسؤولية أبقيته على رأس عمله وإن لم يتصرف بمسؤولية وأخل بها وأساء إلى المصلحة، استحق منك العقوبة والجزاء. والمسؤوليات على درجات وكل مسؤولية تحتاج إلى مؤهلات على قدرها. فليست مسؤولية الإنسان الفرد في الحياة الخاصة كمن يتحمل مسؤولية أسرة وكمن يتحمل مسؤولية أمة ومجتمع. والوصول إلى القدرة على تحمل المسؤوليات الكبرى لا يحصل، ويحتاج إلى الكثير من التجارب والمعاناة ، وفي الأثناء قد ينجح هنا ويتعثر هناك حتى يستطيع أن يحصل على الخبرات اللازمة التي تؤهله تحمل المسؤولية المناسبة لهذه الخبرة التي اكتسبها من خلال هذه التجارب وهذه المعاناة. وخلال هذه التجارب إحتاج إلى من يلفت نظره إلى الأخطاء التي وقع فيها وكيف له ان يتجاوزها وأحيانا التعرض للتنبيه والعقوبة لأن الإنسان في بعض الأحيان يتراخى ويتساهل. وهذه المراحل التي قطعها كانت ضرورية للتكامل والحصول على مزيد من المعرفة والخبرة.
والله سبحانه وتعالى كما أوجد الإنسان، طبق سنن التكامل التدريجي في الخلق (نطفة فعلقة فمضغة فعظاما فكسونا العظام لحما)، كذلك في التكامل الإنساني وتحصيل القدرات الذاتية بعد أن جعل فيه الإستعدادات المتنوعة لهذا الكمال. فهو يمر بمراحل متعددة تتطور فيها إمكاناته ومعارفه وإنسانيته. فكان بحاجة إلى الموجه والمؤهل وإلى التجربة لذلك إحتاج إلى التعرف على مسؤولياته في هذه الحياة وأن هناك واجبات عليه أن يقوم بها. وهذه مسؤوليات متعددة، مسؤوليات شخصية ومسؤوليات إجتماعية، ما يجوز له ان يتصرف فيه وما لا يجوز له أن يتصرف فيه. وهذه التكاليف هي الأمور التي ابتلانا الله تعالى بها وجعلنا مسؤولين أمامه فيها. ونحن علينا أن نكون على قدر هذه المسؤولية وأن نعرف أن الله سبحانه وتعالى قد كرمنا بذلك حينما قدر لنا أن نتحمل هذه المسؤولية. ولأننا قد نتساهل ونتهاون أو يدفعنا جهلنا ونقصنا إلى التقصير في أداء هذه المسؤولية كنا بحاجة إلى التنبيه إلى هذه الأخطاء وإصلاحها، وقد قرن الله سبحانه وتعالى هذا التنبيه بالتكليف منذ البداية وأن المعصية والمخالفة ستؤدي إلى نوع من العقوبة. فالمرض أو الخسارة أو خيبة الأمل، هذه عقوبات شخصية معجلة في الحياة. والأخطاء التي لها آثار كبرى لا تختص بشخص وإنما تتعداه إلى المجتمع، إلى الأمة، إلى الدين، إلى العقيدة في القضايا التي يكون لها أثر في مسار الأمة كممارسة الخيانة والظلم الإجتماعي الذي يمارس من قبل شخص أو من جماعة الحاكمين. وهذه الأنواع من الجرائم، آثارها تكون أشمل وأعظم. وهذا النوع من الجرائم تكون عقوبته أشد. يقول تعالى: ما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير، فالتراخي في الدفاع عن مصالح الأمة وكرامتها وعن مواجهة الأعداء أو المخالفة لأوامر القيادة وخذلانها عند المعركة مع العدو عندما يتطلب الأمر أن تستنفر طاقاتها وتهيئ الإمكانيات المادية والإعلامية وما تحتاجه المعركة، ينتج لا محالة هزيمة الأمة كما حدث مرات عديدة في التاريخ.
وهناك نوع آخر من البلاء وهو البلاء التربوي. الغاية منه تربية الناس، أفرادا وجماعات، ليجعلهم أكثر شكيمة وأقوى عزيمة على مواجهة مشاكل الحياة. يعرضهم للمرض، يعرضهم للخسارة، يعرضهم للجوع والحاجة والفقر حتى يكونوا مؤهلين للقيام بالمطلوب منهم في مسيرة الحياة، يقول تعالى: ” أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى? يقول الرسول والذين آمنوا معه متى? نصر الله ، ألا إن نصر الله قريب” فالسراء والضراء والأحداث المزلزلة التي يتعرض لها المؤمنون ليست عقوبة لهم من الله تعالى وإنما هي وسائل تؤدي إلى تصليب المؤمنين ليستطيعوا الوقوف أمام ما يواجههم من مشاكل وتحديات كبيرة في عملية بناء المجتمع الصالح والأمة الصالحة.
فالمجتمع الذي يتمتع أفراده بحياة الرفاهية ورغد العيش يسقط عند أول مواجهة لأن المواجهة تحتاج إلى التحمل والصبر على المكاره والتضحية بالنفس والمال، والحياة الهانئة، فهناك الطامعون في التاريخ والأرض والثروات والحاسدون والمعادون الذين يرون في وجودنا خطرا على وجودهم وفي عقيدتنا وحريتنا خطرا على مصالحهم، فنحن بمقدار ما نكون قد هيأنا أسباب الإنتصار، يتحقق النصر.
أيها الأخوة والأخوات، نحن الآن كمجتمع لبناني نعيش نتائج ما صنعته أيدينا على كل المستويات فمن يزرع الشوك لا يحصد به عنبا. حينما تخلينا عن القيام بمسؤولياتنا الوطنية، كانت النتائج من الانهيار الاقتصادي إلى أصغر أزمة نعاني منها، هي عقوبات مستحقة استحقها اللبنانيون نتيجة تخلفهم عن مسؤولياتهم فليست الطبقة المستأثرة بالمال والسياسة والإدارة هي المسؤولة وحدها، والشعب ليس بريئا من دم هذا القتيل، والمسؤولية مشتركة حينما يتحول اللبنانيون إلى مجموعات طائفية ومجموعات مذهبية تنتصر لهذا الزعيم الطائفي أو ذاك حتى في وقت الإنهيار، حتى في وقت الجوع وبعد كل ما جرى في البلد. حينما تكون العصبيات الطائفية هي المسيطرة حتى الأحزاب سرعان ما تتحول إلى أحزاب طائفية والغرائز الطائفية هي التي تحرك الناس فإن هذه الكوارث تكون نتيجة طبيعية.
ليس الحل أيها اللبنانيون بأن نتحول إلى جماعات، كل جماعة تحمل الجماعة الأخرى أسباب الفشل والانهيار ولكن الحل بالتخلي عن هذه العصبيات الطائفية وأن نعود إلى رحاب الوطن الذي يتسع للجميع وأن يكون إحترامنا للإنسان. هذا الإنسان الذي تظلمه هذه الطائفية. فالوطن هو الذي يجمع والطائفية هي التي تفرق ليس منا من دعا إلى عصبية وليس من العصبية أن تحب أخاك ولكن العصبية أن ترى شرار قومك خير من خيار قوم آخرين. إن الفرصة ما زالت مؤاتية للخروج من هذا المأزق بتأليف حكومة تسحب المشكلة من الشارع وتمنع انزلاق البلاد إلى محرقة تأتي على ما تبقى، وتعطي الفرصة لتطوير النظام على أساس تطبيق اتفاق الطائف.
أعظم الله أجورنا وأجوركم بمصاب ابي عبدالله الحسين وتقبل الله أعمالكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته”.

وتلا الخطيب الحسيني السيد جعفر الموسوي المشعشعي مجلس العزاء الحسيني، والقارئ أنور مهدي آيات من الذكر الحكيم ، وعرف بالمناسبة يحيى كركي. وتلا موسى الغول زيارة الامام الحسين.

هذا، ويعتذر المجلس عن عدم استقبال “محبي أبي عبد الله الحسن، نظرا للظروف الصحية الصعبة جراء تفشي جائحة كورونا”.

عن Z H