الرئيسية / مقالات / زيارة ماكرون إلى لبنان بين خيبة المعارضة وقوة العهد

زيارة ماكرون إلى لبنان بين خيبة المعارضة وقوة العهد

مجلة وفاء wafaamagazine

حسين عز الدين


ثمة من يرى ان مبادرة الرئيس الفرنسي عكست بما لا يدع للشك بتاتا خيبة سيطرت على مروحة كبيرة من فريق الرابع عشر من اذار وخاصة عند ما بات يعرف بمجموعة الصقور او الرديكال المتطرف . والتي تتمترس خلف شعارات مستوردة ومستلهمة من خارطة طريق الادارة الامريكية في المنطقة.

وترى المصادر المواكبة ان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون غادر لبنان، بعدما جَدْوَلَ زيارة ثالثة له في كانون الأول المقبل، في إطار تقييم مسار المبادرة التي أطلقها من بيروت، والتي يبدو أنّها ستستمرّ في تصدّر المشهد خلال المرحلة المقبلة، سواء شُكّلت الحكومة سريعاً أم لا.

لا شكّ في أنّ ماكرون حاول إحاطة نفسه بجانبٍ عاطفيّ، ركّز عليه بتكراره مقولة “بحبّك يا لبنان” في أكثر من مناسبة، وترجمه بلقاءاتٍ “وجدانيّة”، سواء مع المتضرّرين من انفجار المرفأ في زيارته الأولى، أو مع السيدة فيروز في الزيارة الثانية.

لكنّ ذلك لم يَحُل دون “انتقاداتٍ”، أو ربما “تحفّظاتٍ”، بدأت تخرج إلى العَلَن في الساعات الأخيرة، خصوصاً من جانب قوى المعارضة، وبالموازاة تلك المحسوبة على حراك الشارع المؤدلج رفضاً لما اعتبرته “تعويماً” للسلطة وقع فيه ماكرون، عن قصد أو من دونه.

تقول المصادر:
صحيحٌ أنّ ماكرون جمع قوى الموالاة والمعارضة على طاولةٍ واحدةٍ، سواء في الغداء التكريمي الذي أقيم على شرفه في قصر بعبدا، أو في اللقاء الحواريّ الذي “رعاه” في قصر الصنوبر، إلا أنّ بعض الأطراف المحسوبة على المعارضة لم تَبدُ مرتاحة بالمُطلَق للجانب “السياسيّ” من النقاشات.

وقد تكون طريقة تعاطي ماكرون مع “حزب الله”، والتي اعتبرها البعض بمثابة “تعويمٍ” له في مواجهة الضغوط التي يتعرّض لها، أكثر ما “أغاظ” المعارضين، الذين كانوا ينتظرون من الرئيس الفرنسيّ موقفاً أكثر “حدّة” من “الحزب”.

ومع أنّ المطّلعين ينفون مثل هذه “الفرضية”، متحدّثين عن “واقعية” يتعامل فيها ماكرون مع “حزب الله” بوصفه مكوّناً من المجتمع اللبناني، فإنّ الممتعضين يلفتون إلى أنّ ماكرون لم يكتفِ بالاجتماع برئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد علناً، ولكنّه ذهب بعيداً في “الدفاع” عنه، وهو ما أشار إليه صراحةً المحضر المُسرّب عن اللقاء، حين توجّه إليه قائلاً: “أدافع عنكم وأنتم ساكتون”.

لكن، أبعد من الموقف من “حزب الله”، يقول البعض إنّ ما “استفزّ” المعارضة في لقاء قصر الصنوبر، وتحديداً حزبي “الكتائب” و”القوات”، يكمن في “سلّم الأولويات” الذي رسمه ماكرون، وأزال من قائمته الانتخابات النيابية المبكرة، التي يعتبرها الحزبان المعارضان “أولوية الأولويات”. ويذهب بعض المتحمّسين لهذه الانتخابات أبعد من ذلك، بالقول إنّ ماكرون “تبنّى” نظرية الأكثرية النيابية حول وجوب “احترام” نتائج الانتخابات، من دون أن يأخذ في الاعتبار المتغيّرات الهائلة التي طرأت على المشهد.

وتتابع المصادر
لعلّ هذا “الامتعاض” يشكّل قاسماً مشتركاً بين قوى المعارضة ومجموعات الحراك المدني المُنتفضة على السلطة، بكامل وجوهها وأركانها، والتي تعتبر الانتخابات المبكرة وسيلة لتحقيق التغيير المنشود، ولو أنّها لا تزال مختلفة حول طبيعة القانون الانتخابي الذي يفترض أن تُجرى على أساسه، خصوصاً أنّ فئاتٍ واسعة تعتبر القانون الحالي “مفصَّلاً” على قياس السلطة.

لكن، أبعد من هذه الانتخابات، يعتبر بعض الناشطين على خطّ ما يسمى “الثورة”، أنّ “الخطيئة” التي ارتكبها الرئيس الفرنسيّ تمثّلت في “المبادرة” التي أطلقها عملياً، والتي إن انطوت على شيء، فعلى “تعويم” السلطة بالكامل، تحت عنوان “الفرصة الأخيرة”، على رغم أنّها نالت من الفرص أكثر بكثير ممّا تستحقّ، من دون أن تُظهِر أيّ تغييرٍ في المقاربات، أو بالحدّ الأدنى تراجع عن نظام المحاصصة والفساد، وها هي “تتنفّس الصعداء” بعد زيارة ماكرون، الذي أعاد لها “الانتعاش” الذي كادت تفقده في الآونة الأخيرة.

فهل شكل التسديد الفرنسي في مرمى المعارضة هدف انكفاء هذه الاطراف من وهم المشروع الامريكي الى واقعية بناء الدولة.
تختم المصادر.