مجلة وفاء wafaamagazine
ودعت مدينة زحلة ابنها الدكتور أنيس مسلم بمأتم مهيب، وترأس الصلاة لراحة نفسه في كنيسة دير مار الياس الطوق، رئيس اساقفة الفرزل وزحلة والبقاع للروم الملكيين الكاثوليك المطران عصام يوحنا درويش بمشاركة الأساقفة جوزف معوض، انطونيوس الصوري ونيفن صيقلي ولفيف الإكليروس، بحضور النائب سليم عون، الوزير السابق سليم وردة، النائب السابق طوني ابو خاطر، الصحافي جورج بشير ممثلا نقيب الصحافة اللبنانية عوني الكعكي، رئيس مجلس قضاء زحلة الثقافي مارون مخول وأسرة الفقيد والأصدقاء.
ورثا درويش الراحل قائلا: “في اليوم الذي يرتفع فيه الصليب المقدس، يرتفع معه عن هذا العالم أنيس مسلم، وبارتفاعه تودع سيدة النجاة أيقونة من أيقوناتها الحية، زينت أبرشيتنا وزينت معها مدينة زحلة. تعرفت على أنيس مسلم منذ الثمانينات، ومنذ ذلك الوقت لم أر فيه إلا أيقونة رسمها لنا الروح القدس. وانا وعائلته كما كل الذين عرفوه، فخورون لأننا اقتنينا بيننا لسنوات طويلة هذه الأيقونة. لا ننسى أبدا أن من يكتب أو يرسم الأيقونة هو الله وليست أيدي البشر، لأننا كلنا صورة مجده. الله يرسمنا على صورته ومثاله وعلينا نحن المؤمنين أن نحافظ على نقاء صورتنا وإيماننا، وهذا يتطلب منا جهادا روحيا مستمرا وصلاة دائمة لا تنقطع”.
أضاف: “كان للمرحوم أنيس صورة أرضية واليوم تحرر من كل أبعاد الأرض، تحرر من كل ما هو مادي وتحول لصورة كلها نقاء وطهارة وبهاء، ويمكننا القول إنه بموته لبس المسيح، كما رنموا لنا يوم معموديتنا ويوم ولادتنا الروحية: “أنتم الذين بالمسيح اعتمدتم، المسيح قد لبستم”.
وتابع: “الدكتور أنيس مسلم من مواليد تربل ومن عائلة كريمة، مؤمنة وملتزمة بالمبادىء والقيم الإنسانية، تعلم من والديه محبة كنيسته والمواظبة على صلاته اليومية. تلقى دروسه في الكلية الشرقية. وفي الجامعة حاز أولا على دبلوم في الصحافة من معهد الصحافة في القاهرة، ثم إجازة في الحقوق من الجامعة اللبنانية، وأنهى دراسات عليا في العلوم الإعلامية والسياسية ثم دكتوراه دولة في العلوم السياسية من باريس. أسس جريدة البلاد التي كانت تصدر في زحلة وتنشر أخبار المدينة والمنطقة، كما كان رئيس تحرير مجلة حضانة الطفل من سنة 1956 حتى 1970، وكان عميدا لكلية الإعلام والتوثيق من عام 1977 حتى 1993. له الفضل الكبير في تأسيس فروع الجامعة البنانية في البقاع كافة، وهو يعتبر عميد هذه الكليات”.
وقال: “لا ننسى أبدا أنه كان أحد مؤسسي الرابطة الفكرية ونادي أنيبال وحلقة الدراسات التوجيهية ونادي زحلة وأصدقاء الموسيقى الكلاسيكية في زحلة ومجلس قضاء زحلة الثقافي، كما شغل منصب أمين عام الاتحاد العالمي للصحافة الكاثوليكية في لبنان. له مؤلفات كثيرة في الأدب والإعلام والصحافة والفلسفة والشعر وآخر مؤلفاته كان “على أوتار الحنين”، كتاب عبر من خلاله عن نبل حبه لزوجته الراحلة وحنينه اليها فجاء الكتاب أطروحة صوفية رجائية وقيامية وخلص بقوله بأن كل شيء من الله ولمجد الله”.
أضاف: “المرحوم أنيس ليس كاتبا أو شاعرا أو فيلسوفا أو أديبا فقط إنما هو كاهن علماني. الالتزام بالحياة المسيحية هو بحد ذاته كهنوت مقدس وكل مسيحي هو كاهن يقدم ذبيحة وجوده لمجد الله. والمسيحيون يشكلون معا حجارة حية يبنون سوية جماعة كهنوتية مقدسة. المرحوم أنيس كان هذا الكاهن الزاهد المتنسك الملتزم، أما مسلكه الحكيم والمتواضع والوديع واللين والرقيق والثابت في المحبة، فكان كمسلك رسول يتكامل مع كهنوت المسيح. كتب الفيلسوف موريس بلوندل: “لقد فهمت أن هناك أمرا واحدا فقط هو صالح بشكل مطلق.. هو إرادة الله ومشروعه لحياة كل شخص..” المرحوم أنيس مسلم حقق هذه الإرادة بالكمال، وهذا هو الخير بالذات”.
وختم: “سيدة النجاة، الأبرشية، الكهنة، المؤمنون والمؤمنات، الأصدقاء والأحباء، كلنا سنفتقد أنيس مسلم، ستذكر الكاتدرائية أن صلاته فيها كانت لنا سندا وقوة وعزاء، لذلك نعلن لكم أن المطرانية ستخلد اسمه مع آخرين ساهموا في تألقها، في مشروع جديد سيعلن عنه قريبا. باسم أخوتي أصحاب السيادة والأخوة الكهنة وهذا الجمهور الكريم نتقدم بتعزيتنا الحارة من الدكتور وليد والدكتور فؤاد وعائلتيهما ومن ابنتيه ريتا ومها ومن عائلات شقيقيه المرحومين ألبير وميشال ومن شقيقته نهى وعائلات شقيقاته أوجيني وتريز ومرغريت”.
وفي نهاية المأتم، كانت كلمة رثاء من الشاعر جوزف الصايغ، عدد فيها مزايا “رفيق الطفولة والصبا”، بعدها ووري الجثمان في مدافن العائلة.