الرئيسية / سياسة / واشنطن تدخل على خط قبرشمون.. والحريري يزورها قريباً

واشنطن تدخل على خط قبرشمون.. والحريري يزورها قريباً

الخميس 08 آب 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

فيما بلغ التصعيد المتبادل ذروته بين الأفرقاء المعنيين بحادثة قبرشمون، دخلت الولايات المتحدة الاميركية على خط الأزمة عبر بيان لسفارتها في بيروت، مؤكّدة دعمها “المراجعة القضائية العادلة والشفافة من دون اي تدخّل سياسي” لتلك الحادثة، داعية الى رفض “اي محاولة لاستغلال الحدث المأسوي بهدف تعزيز اهداف سياسية”. ولاقى هذا الموقف الاميركي تفسيرات وتأويلات متعددة، راوحت بين قائلة بأنّ واشنطن تتهيّب من أن تؤدي مضاعفات الحادثة الى فتنة تهدّد الاستقرار اللبناني الحريصة عليه، واخرى قائلة بأنّ هذا الموقف الاميركي يدعم فريقاً ضد آخر في المعركة الدائرة حول نوع المعالجة المطوبة سياسياً وقضائياً.

خطف الاضواء أمس في غمرة المواقف التصعيدية المتلاحقة على جبهة قضية قبرشمون، بيان مفاجئ اصدرته السفارة الاميركية في لبنان أمس حول هذه القضية تضمن الآتي:

“تدعم الولايات المتحدة المراجعة القضائية العادلة والشفافة دون أي تدخّل سياسي. إنّ أي محاولة لاستغلال الحدث المأسوي الذي وقع في قبرشمون في 30 حزيران الماضي بهدف تعزيز أهداف سياسية، يجب أن يتمّ رفضه. لقد عبَّرت الولايات المتحدة بعبارات واضحة إلى السلطات اللبنانية عن توقّعها أن تتعامل مع هذا الأمر بطريقة تحقّق العدالة دون تأجيج نعرات طائفية ومناطقية بخلفيات سياسية”.

بيان بعد مراجعات
وقالت مصادر مطلعة لـ”الجمهورية”، انّ هذا البيان صدر بعد مراجعات اميركية عدة مع مسؤولين وديبلوماسيين وعسكريين، بدأت منذ حادثة قبرشمون وحتى اليوم. فلاحظت السفارة، انّ الاتصالات لم تؤدِ الى تهدئة الوضع ولا الى ايجاد حل قضائي وسياسي للحادث منعاً للتداعيات. وقد التقت السفيرة الاميركية رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة سعد الحريري ومسؤولين آخرين بعيداً من الاضواء، وطلبت منهم احتواء الموضوع وعدم تسييسه، لأنّ لدى الأميركيين معلومات عن وجود نية لوضع هذا الحادث في اطار تعطيل العمل الحكومي اللبناني والمس بالقوى السيادية، في هذه المرحلة التي تشهد نزاعاً اميركياً ـ ايرانياً في المنطقة، وقد بلغت ارتداداته الساحة اللبنانية”.

وأضافت المصادر نفسها، “انّ السفارة الاميركية عندما وجدت انّ كل مراجعاتها لم تؤدِ الى نتائج إيجابية اضطرت إلى اصدار هذا البيان الذي يحمل في طياته رسائل تحذيرية أمنية واقتصادية قبل الرسائل السياسية”. ولفتت في هذا الاطار، الى انّ قدرة واشنطن على التأثير على الدول المانحة المشاركة في مؤتمر “سيدر” كبيرة جداً، كما انها تتجّه الى توسيع رقعة العقوبات”. 

وقالت المصادر: “ليست قيمة البيان بسطوره القليلة، وإنما بالإجراءات التي في إمكان اميركا ان تتخذها في حال لم يتجاوب المسؤولون مع هذا البيان، خصوصاً انّ البيان شدّد على الناحية القضائية من دون الدخول في التفاصيل. وأبرز ما قد تقوم به اميركا في حال عدم تجاوب لبنان: 

ـ اولاً، توسيع رقعة العقوبات لتطاول مسؤولين في الدولة اللبنانية. وسبق لمسؤولين اميركيين ان لمّحوا سابقاً اكثر من مرة إلى ذلك.
ـ ثانياً، التأثير على مؤسسات التصنيف الدولية.
ـ ثالثاً، التأثير على صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وهما مرجعيتان معنيتان بتوفير القروض الاستثمارية للبنان.
ـ رابعاً، فرض بعض القيود على تأشيرات اللبنانيين، علماً انّ السفيرة الاميركية اعلنت باكورة هذا الموقف منذ 48 ساعة، عندما اصدرت بيان السفارة، مطالبة بخفض قيمة تأشيرات الدخول للرعايا الاميركيين استناداً الى مبدأ التعامل بالمثل.
ـ خامساً، إعادة النظر في نوعية التعامل مع عدد من المؤسسات اللبنانية بما فيها المؤسسات الامنية”.

وعلمت “الجمهورية”، أنّ هناك إتصالات تجري بين سفراء دول الإتحاد الاوروبي لإصدار بيان مماثل لبيان السفارة الاميركية، وسيشهد يوم غد سلسلة لقاءات بين هؤلاء السفراء لتقييم مدى ضرورة إصدار هذا البيان، لأنّ بعض سفراء الدول الاوروبية يعتبر انّ صدور بيان مماثل قد يُفسّر على أنه التحاق بالموقف الاميركي”.

وأضافت المصادر: “اللافت، انّ حادثة قبرشمون حصلت منذ 5 اسابيع، في حين انّ البيان الاميركي لم يصدر إلاّ أمس، أي بعد ان توافرت لدى واشنطن معلومات عن رغبة اطراف معينة وفي طليعتها “حزب الله” في تسييس الموضوع. وهذا الامر من شأنه ان يعطي جرعة دعم لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ومختلف القوى السيادية. كما انّ البيان صدر في بيروت ولكنه وُضع في واشنطن وتحديداً وزارة الخارجية الأميركية، وقد أُعلن عنه ليس مبادرة من السفارة فقط، وأنما هو موقف اميركي مركزي، وتكمن اهميته في انه ليس بياناً عن قبرشمون والحادث انما ببعده السياسي. ويُنتظر ان يردّ عليه الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله يوم الجمعة المقبل”.

لامبالاة اوروبية
وفي السياق نفسه، دعت مصادر ديبلوماسية غربية عبر “الجمهورية” الى قراءة هذا البيان الأميركي “بكثير من الجدّية والتأني وما بين سطوره”. وقالت: “إنّ واشنطن التي تراقب التطورات اللبنانية بأدق تفاصيلها احتفظت حتى الآن بطاقمها الديبلوماسي كاملاً في بيروت التي غادرها معظم الطاقم الديبلوماسي الأوروبي والغربي، في اجواء توحي باللامبالاة تجاه ما يجري في لبنان، على رغم من حجم الملفات الأمنية والسياسية والاقتصادية المفتوحة على شتى الإحتمالات السلبية”.

صولات وجولات الحقائق
ولم يطرأ اي جديد بارز على صعيد المعالجات المطلوبة لحادثة قبرشمون سياسياً وقضائياً، حيث ظل التصعيد المتبادل على غاربه.
وعلمت “الجمهورية”، انّ هذه المعالجات لا تزال بعيدة المنال، وان رئيس الجمهورية دعا القضاء العسكري الى ان يأخذ مداه ومجراه في معالجة الحادثة، في اعتبار انه صاحب الصلاحية الاول في هذا الموضوع، ما يعني انه ستكون هناك صولات وجولات ميدانياً وفي المحكمة العسكرية بحثاً عن الحقائق ومعاقبة المرتكبين.

ودعت اوساط قصر بعبدا عبر “الجمهورية” الى “انتظار القرارات في شأن الملفات التي دخلت الى المؤسسات القضائية” واعتبرت “انّ الحديث عن تدخّلات من هنا أو هنالك هدفه بث الأجواء السلبية التي لا تتحمّلها البلاد في هذه الظروف الدقيقة التي تمرّ بها”.

مجلس الوزراء
ومع عودة رئيس الحكومة سعد الحريري الى بيروت، بدأ الاهتمام ينّصب على الخطوات التي يمكن اتخاذها لإنقاذ حكومته من الشلل الذي أصابها منذ ما يقارب الشهر والعشرة أيام. وقالت مصادر تعمل على خط معالجة الأزمة لـ”الجمهورية”، إنّ “السيناريو الأقرب الى الواقع حالياً هو دعوة مجلس الوزراء الى الإنعقاد بعد عيد الأضحى مباشرة، بحيث يجتمع في القصر الجمهوري بجدول اعمال يُتفق مسبقاً على ان يلي الانتهاء منه البحث في الملف السياسي المتعلق بحادثة قبرشمون، فإذا احتدم النقاش تُرفع الجلسة، وفي هذه الحال يكون قد تمّ انهاء تعطيل مجلس الوزراء، وهو الهدف الاساس لغالبية القوى السياسية. اما قضية قبرشمون، وبعد ما استنفدت كل المساعي ووصلت الى اقصى حدود المواقف والرسائل، فتعود الى حجمها الطبيعي كأي ملف سياسي خلافي كبير ينتهي على الطريقة اللبنانية”.

الحريري الى واشنطن 
في غضون ذلك، كشفت مصادر ديبلوماسية واسعة الإطلاع لـ “الجمهورية”، انّ الحريري سيتوجّه نهاية الأسبوع الجاري الى واشنطن في زيارة وُصفت بأنّها مهمة، يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين الأميركيين. واكّدت مصادر “بيت الوسط” لـ “الجمهورية” انّ “هناك ترتيبات خاصة تُتخذ لهذه الزيارة”. ولكنها لم تكشف مستوى اللقاءات وهوية المسؤولين الذين سيلتقيهم الحريري في انتظار انتهاء الترتيبات اللوجستية وتحديد المواعيد الدقيقة، ما يوحي أنّ الزيارة استثنائية وتمّ ترتيبها على عجل. ولفتت هذه المصادر الى انّ الحريري مستاء جداً مما آلت اليه الأمور، وهو بقي طوال الأيام القليلة الماضية على اتصال بالمسؤولين ولاسيما منهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، الذي كان يراهن على مبادرته الأخيرة قبل اطفاء المحركات.

وأضافت “انّ الحريري سعى وما زال يسعى لجمع مجلس الوزراء في أجواء هادئة. فما يجب مقاربته من الملفات الكبرى التي عليه التصدّي لها بعد إقرار الموازنة، يحتاج الى اجواء هادئة ووقف الحروب الداخلية وحماية الحد الأدنى من التضامن المتوافر في حكومة الوفاق الوطني”. ولفتت الى “انّ الإحتكام الى الصلاحيات المعطاة لكل مؤسسة شرط مهم ووجيه، وانّ السعي الى تجاوز حدود الصلاحيات لا يفيد أحداً، بل يضرّ بالبلد وبشكل خاص التعاون بين المؤسسات ومضمونه”.

التصنيف في موعده
من جهة ثانية، علمت “الجمهورية” أنّ وكالة “ستاندر اند بورز”، استعاضت عن ارسال وفد الى لبنان لمعاينة الاوضاع تمهيداً لإصدار تقريرها حول التصنيف الائتماني للبنان، باتصال هاتفي اجراه مندوبوها مع وزارة المال وحاكمية مصرف لبنان المركزي. 

وفي المعلومات، انّ الوكالة طرحت خلال هذا الاتصال اكثر من 50 سؤالاً على المسؤولين في الوزارة و”المركزي”، وأن الأجوبة عن هذه الأسئلة سيتم اعتمادها في التقرير الذي سيصدر مبدئياً في 23 آب الجاري. 

وافادت المعلومات، أنّ الجزء الأكبر من الاسئلة التي طُرحت على وزارة المال، يتعلق بالوضع السياسي. وقد تراوحت المواضيع التي طرحتها الوكالة بين: الوضع الحكومي، الاستقرار، طريقة اصدار المراسيم التطبيقية، الوضع السوري وتأثيره على لبنان، النزوح، العقوبات، وكيف سيتم التعاطي مع المتغيرات في المنطقة…

وعليه، وبناءً على هذا الاتصال الهاتفي، استنتجت مصادر مراقبة انّ ذلك يعني انّ جهود الحكومة اللبنانية لإقناع وكالة التصنيف بتأجيل إصدار تقريرها لمدة 6 أشهر قد باءت بالفشل، وأنّ التصنيف الجديد سيصدر في موعده المقرر في 23 آب الجاري.

لكن مصادر وزارة المال خففت من حال القلق السائدة، مؤكّدة انّه “حتى لو تمّ خفض تصنيف لبنان، فإنّ ذلك ليس دراماتيكياً، خصوصا أنّ التركيز في التصنيف هو على الوضع السياسي، وبالتالي، أي حلحلة في الوضع السياسي ستدفع الوكالة الى إعادة النظر في تقريرها.

المصدر: الجمهورية