مجلة وفاء wafaamagazine
عقد المجلس الشرعي الإسلامي الأعلى جلسته العادية، برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، في حضور العضو الطبيعي في المجلس الرئيس فؤاد السنيورة. وبحث في الشؤون الإسلامية والوطنية.
وأصدر المجلس بيانا تلاه عضو المجلس الشيخ فايز سيف، ونص على ما يلي:
“توقف المجلس أمام الأزمة السياسية والاقتصادية والمعيشية والصحية التي يعانيها اللبنانيون، مؤكدا أن تشكيل الحكومة من صلاحيات الرئيس المكلف بالتشاور مع رئيس الجمهورية كما نص عليه الدستور. فالعقبات والعراقيل والعوائق التي نشهدها تذكرنا بما كان يحصل للحكومات السابقة، الأمر الذي يجب تجاوزه والتزام النظام العام الذي ارتضاه اللبنانيون جميعا، ولا ينبغي أن نكون مختلفين ومتشددين في المطالب بل ميسرين ومتعاونين، لأنه كفانا مناكفات وتصلبا في المواقف.
ورأى إن من المراهقة السياسية ومن الخطورة بمكان افتعال مواقف وظروف، تعلوها علامات استفهام كبيرة، لتبرير مطالب خارج الزمان والمكان بإعادة النظر في الأسس التي توافق عليها اللبنانيون جميعا وبعد جهود كبيرة وبمساعدات عربية ودولية مشكورة.
يهيب المجلس بكل القوى الوطنية تجاوز الصراعات الضيقة والمصالح الآنية العابرة، والارتفاع إلى مستوى التحديات المصيرية التي يواجهها لبنان في أمنه، وفي موت أبنائه، والتي قد تهدد وحدته ومصيره.
وشدد المجلس على ان لبنان في حالة شديدة الخطورة ولا يستطيع الانتظار اكثر مما انتظر، علينا أن نعمل ما بوسعنا كي نساعد الرئيس المكلف لتسهيل مهمته لا بتقاذف التهم وبالاجتهادات المتعارضة بخلفيات سياسية، وقد تكون المبادرة الفرنسية الفرصة الأخيرة لنا التي يجب التمسك بها والعمل على إنجاحها، فالشعب اللبناني يئن من ثقل الأزمة التي بدأت تأخذ منحا طائفيا تحت ذرائع أو مصالح فئوية سياسية وطائفية لأنها تستهدف لبنان وعيشه المشترك وهذا ما لم نكن نرضى به لا من قبل ولا من بعد. ويستنكر المجلس بشدة ظاهرة تحويل الاختلافات السياسية والحزبية والشخصية، إلى صراعات طائفية وخلافات مذهبية.
لقد استقبل اللبنانيون مبادرة الرئيس الفرنسي ماكرون بكثير من الشكر والأمل. ولكن نخشى الآن أن تضيع هذه المبادرة الودية، وأن يتبخر الأمل بالخروج من المأزق ولا يبقى سوى الشكر لكل من حاول مساعدتنا بكل جهده، وفشلناه بكل جهود المتربعين على عرش السلطة.
وناشد المجلس كل القيادات الدينية والقوى السياسية للتعاون والتضامن وتوحيد الصف لإيجاد المخارج الوطنية لولادة الحكومة، فكل وزارة مهمة ولها رمزيتها والأهم هو المرونة والتسهيل واحترام ما نص عليه اتفاق الطائف والعمل معا من اجل لبنان الذي نحب أن يكون كما كان على امن وازدهار ونمو ليبقى نموذجا في عيشه المشترك الإسلامي المسيحي.
ودعا المجلس الشرعي الى الالتزام بوثيقة الوفاق الوطني التي أقرت في الطائف وتطبيق بنودها كاملة، نصا وروحا، لا الخروج عنها أو تفسيرها بما يتعارض مع نصوصها الواضحة والصريحة أو البحث عن الحلول خارج الدستور، بما يؤدي إلى خلافات ونزاعات تضرب الاستقرار في البلاد، وتألب الناس بعضهم على بعض، المطلوب الاحتكام إلى الدستور وكل عبث به ومحاولات الالتفاف عليه والتذاكي بتفسيره، هو قفز نحو المجهول وضياع الدولة.
يهيب المجلس بضمائر أهل السلطة وأصحاب القرار أن يتحملوا مسؤولياتهم الوطنية والأخلاقية، أمام الله وأمام الناس. فلبنان ليس كرة تتقاذفها أرجل اللاعبين والمتلاعبين. ولكنه دولة ذات رسالة ارتضيناها وطنا نهائيا لنا جميعا.
ودعا المجلس الشرعي السادة النواب الى إقرار قانون العفو العام الشامل في السجون المكتظة بالموقوفين والمحتجزين والمحكومين وغير المحكومين اليوم قبل الغد دون أي استنسابية في اتخاذ القرار كي لا يشعر احد بالغبن والظلم والإهمال تحت حجج واهية، علما ان وباء كورونا بدأ يفتك باللبنانيين، والمساجين هم اكثر عرضة للوباء بسبب الاكتظاظ وضعف العناية الصحية، فالحكمة والرأفة والرحمة والحرص على السلامة العامة كل ذلك يقتضي حلا سريعا بإصدار قانون العفو العام الشامل كي لا نقع في المحظور.
وتوقف المجلس مليا وبحسرة أمام الوضع المعيشي والاجتماعي والمالي المتردي الذي ينذر بثورة الجياع الذين سينفد صبرهم بعد ان أكلت مدخراتهم ولم يعد لعملتهم الوطنية أي قوة شرائية تستطيع ان تؤمن لهم اقل حاجاتهم الأساسية، وهنا تقع المسؤولية على الجميع للتسريع في تأليف حكومة متخصصين ومستقلين لإنقاذ ما تبقى من هيكل الدولة التي ينبغي ان تستمر بجهود المخلصين من رجالاتها وأبنائها وتخليص اللبنانيين من رحلات وقوارب الموت في البحار.
ويرى المجلس أن أسوأ أو أخطر ما في هذا التدهور الخطير، هو أن لبنان الغارق حتى أذنيه في المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والمالية المتداخلة والمعقدة، والذي لا يزال يكافح من أجل رفع ركام الكارثة الرهيبة التي نزلت بعاصمته بيروت، وبأهلها في الرابع من الشهر الماضي، يواجه خطر التعرض للإفلاس”.
لبنان 24