مجلة وفاء wafaamagazine
إنه يؤذي حيوانات الجيران، يوقع شقيقه، يكسر لعبة شقيقته، يصرخ ولا يهدأ. إنه، باختصار ولد دائم الغضب، ما العمل؟
قد نجد في كل بيت ولداً مشاغباً وليس بالضرورة مؤذياً. لكن عندما يتحوّل الشغب الى أذى، فالمشكلة تصبح أكبر من هذا الولد المخرّب او العدائي برأي الدكتور انطوان بطرس قمير اختصاصي في الصحة النفسية والعصبية.
من هذا المنطلق، تحدث الدكتور انطوان قمير لـ«الجمهورية» قائلاً، إنّ «الولد الذي يتعدّى على حقوق الغير، العدائي الذي يتهرّب من القيام بواجباته، قد يسرق ويدمّر ممتلكات الغير، وقد يخرق قوانين والديه ومدرسته ومحيطه الذي ينتمي اليه».
وتابع الدكتور قمير: «النظريات العلمية تشير الى طبيعة قلقة ومتوترة عند الولد، فيكون الجنوح طريقة لإخراجها الى العلن، يُضاف اليها شعور بالذنب إزاء تصرّف مشين قام به الولد فتأتي العدائية تغطية لهذا العمل».
هل من علاج؟
ومشاكل الاولاد يردّها العلم الى البيئة العائلية، مثل خلافات الوالدين المتكرّرة، والتضارب التربوي بين الأم والأب والعنف المنزلي المتكرّر، بالاضافة الى مشاهدة العنف على الشاشات التلفزيونية. كل ذلك يولّد لدى الولد دافعاً للتعدّي على الغير، فهل من علاج؟
إنّه صعب للغاية، يقول الدكتور قمير، لأنّ الولد المخرّب شخص فقد ثقته بالراشدين، نظراً الى تجاربه القاسية معهم، موضحاً أنّ العلاج النفسي الفردي غير فعّال ويحتاج الى كثير من الوقت ونتائجه غير ملموسة. ولكل هذه الاسباب يكون معرّضاً لعدم المتابعة.
ويضيف: «التدخّلات يجب ان تكون على مستويين: الأول هو العلاج البسيكو – اجتماعي، يعلّم الولد كيفية تطوير مهاراته الاجتماعية، يضع عقداً على الورق بين الولد من جهة والطبيب المعالج والأهل من جهة ثانية. هذا العلاج يتزامن مع دور مهمّ للأسرة، ففي حال وجد والد عنيف مثلاً، علينا علاج الوالد، كما يكون متزامناً مع دور المدرسة والمعلمات، ليأخذ كل شخص دوره في العلاج».
أما المستوى الثاني، فهو العلاج بالأدوية، فاعليته غير مضمونة بعد. وشرح قمير: «نستخدم الدواء لتخفيف حدّة العدائية عند الولد، مع التشديد على ضرورة معالجة الأسرة، خصوصاً إذا كانت تصطبغ بالعدائية، لأنّ علاج الولد بشكل فردي لن يجدي نفعاً، لأن قيَم العائلة بأكملها قائمة على التعدّي على حقوق الغير».
هل سيصبح مجرماً؟
هل سيكون لدينا نواة مجرم إذا لم يتمّ التدخّل في الوقت المناسب؟
يجيب الدكتور قمير: «دون أي تدخّل على المستوى العائلي والمدرسي سيكون لدينا 8 في المئة من الصبيان و2 في المئة من الفتيات، مدمنين على المخدرات أو الكحول، ما سيؤدّي بهم الى الاصلاحيات». لافتاً الى بعض الحالات المستعصية التي يلجأ معها الطبيب الى اصطحاب الولد في زيارة الى السجون ورؤية الأولاد المساجين، لا لتخويفه بل للإضاءة على نتائج العدائية.
دور الأهل
وعن دور الأهل في العلاج قال الدكتور قمير: «عليهم ضبط النفس إزاء التصرفات العدائية الصادرة عن الولد، الابتعاد تماماً عن الضرب، اعتماد الوقت الانفرادي للولد في غرفته وتشجيعه على التعبير عن غضبه بالكتابة، وأخيراً، يمكنهم الاعتماد على رجل أمن من الاقارب، ذلك ليس للتخويف بل لإعطائه مثالاً أعلى في الانضباط والحفاظ على حقوق الآخرين، وهذا ما نسمّيه Big Brother program