الأحد 11 آب 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
ألقى السيد الدكتور جعفر فضل الله خطبة عيد الأضحى من على منبر مسجد الإمامين الحسنين في حارة حريك، بعدما أم حشود المصلين، ومما جاء في خطبته السياسية: “الأمة الإسلامية التي تلبس ثياب إحرامها وتفيض من مزدلفة في اتجاه المشاعر في منى، أرادها الله تعالى أن تكون على صورة واحدة، لا في الشكل فحسب، وإنما في المضمون الذي تحمله: الإسلام الذي تضحي بكل ما يخالفه عندما ترجم الشياطين، أو عندما تقدم الأضحية، أو عندما تحلق رأسها أو تقصره”.
وأضاف: “العزة التي تكتسبها الأمة من إسلامها هي عزة ثابتة، فلا المال يعزها، ولا الجاه والسلطة تعزها، ولا التحالفات التي تقوم على أساس المنافع الآنية، وطبعا لا يمكن أن تكسب عزتها من خلال الارتماء في أحضان الشياطين والمستكبرين الكبار والصغار، ممن استكبروا فكانوا شياطين الإنسان والسياسة ممن أفسدوا عباد الله وبلاده”.
وتابع: “الروح الإيمانية يجب أن تكون أساسا لوحدة المسار والمصير، فلا يعقل أن يحج الناس وتبقى الدول الإسلامية تحارب بعضها بعضا، ويعين بعضها الظالمين والمحتلين على شعوبنا، كما لا ينسجم مع معنى الإيمان أن يصبح الصهاينة الغزاة والمجرمون والمحتلون أقرب إلينا من أبناء أمتنا وحضارتنا وممن أسلم لله واتبع محمدا بن عبد الله، وحمل القرآن كتابا وجعل الكعبة قبلة.. ليدخلوا في حلف هنا وهناك”.
وأضاف: “لا ينسجم الطواف في محاور الظالمين مع طوافنا حول البيت الذي وضعت أساساته على قاعدة التوحيد، ولا يصح أن نسعى بين خطة استكبارية هنا وخطة مفسدة هناك، لنهلك البلاد وندمر مستقبل الأمة، ثم ندعو الله أن يتقبل منا سعينا بين الصفا والمروة. فتلك كلها حجارة تعبدنا الله بالحركة حولها لأجل أن نعيش معنى العبودية له، فإذا عشنا العبودية لله خلعنا من أنفسنا ربق العبودية لكل ما سواه، من سياسات الاستكبار، وخطط الاستعمار، ومشاريع الاحتلال، وخطوط التخلف الحضاري المفروض على أمتنا”.
ولفت إلى “أن الله لا ينظر لمسمياتنا، ولا إلى ألقابنا، ولا إلى لباسنا، ولا حتى إلى صلاتنا وصومنا وطوافنا وسعينا وهدينا، إذا لم يكن لدينا ورع يحجزنا عن الحاق الضرر بمجتمعنا العربي والإسلامي، وقلب مفاهيم الإيمان والوحدة والتواصل لحساب مفاهيم التبعية والانقسام وتبرير الصراعات الداخلية”.
ودعا الدول الإسلامية “التي تجتمع اليوم في الأرض التي احتضنت تاريخ الإسلام، إلى العودة إلى قرآننا الواحد، في كل أوامره بالوحدة، وأن لا يمزق بعضنا بعضا بالفرقة والبغضاء، وأن لا نركن إلى الظالمين وأن لا نسير سير المفسدين، بل يتواضع كل منا للحق، ويحتكم إلى العدل، ويتحرك في سبل الخير، فذلك هو ما يفرضه التوحيد الحقيقي؛ لأن التوحيد ليس أن تلبي وتقول لبيك لا شريك لك باللسان فحسب، وإنما ينطلق ذلك من الإيمان بالقلب، لتخلع من نفسك الهيبة عن كل الذين يتألهون، ويريدون أن يفرضوا العبودية على شعوبنا ومجتمعاتنا، لتكون ألعوبة لسياساتهم، ووقود لحضارتهم، ومالا يحرك مصانعهم، لتحقيق أحلام السيطرة لديهم على مواقع الأرض، ومقدرات الشعوب والأمم، ودفع أمتنا إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني ليكون الأقوى وسط دول عربية وإسلامية مشرذمة ومنقسمة”.
وختم: “إن الحج فرصة لنا لننتقل إلى معنى الإسلام الإبراهيمي، الذي ذبح كل ذاتياته لأجل الله، وأعطى كل ما يملك لنيل رضاه، وكسر كل أصنام الأرض لإعلاه راية التوحيد.. ولننشر السلام في جنبات بلاد المسلمين، فقد آن الأوان لصحوة العقل والتعقل، والخروج من المكابرات والأنانيات والصراعات الداخلية التي لم نجنِ منها سوى الويلات، والمزيد من الدماء، وهتك الحرمات”.
وطنية