الرئيسية / سياسة / إستعداد لمرحلة الإيفاء بالوعود بعد المصالحة.. والـحريري يلتقي بيلينغسلي

إستعداد لمرحلة الإيفاء بالوعود بعد المصالحة.. والـحريري يلتقي بيلينغسلي

الأربعاء 14 آب 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

على وقع مصالحة بعبدا ومناخ التهدئة السياسية الذي فرضته بعد اربعين يوماً من المد والجزر الهجوميّين حول حادثة قبرشمون، مرّت عطلة عيد الاضحى، التي شكلّت بدورها استراحة محارب استعداداً للدخول في مرحلة الإيفاء بالوعود التي رافقت المصالحة، وأقلّها ترتيب البيت السياسي وإزالة المتاريس التي نُصبت على جبهات البلد منذ مطلع تموز الماضي، وكذلك حقن الحكومة بالمنشطات السياسية لمقاربة الملفات التي تراكمت طيلة فترة التعطيل، الى جانب غيرها من الملفات التي كانت معطلة وعالقة اصلاً في دائرة الخلاف حولها.

في هذه الاجواء، حطّ رئيس الحكومة سعد الحريري في الولايات المتحدة الاميركية، في زيارة حملت الشقين؛ العائلي بما اعلن عن مرافقة الحريري لابنته لدخول احدى الجامعات الاميركية، وكذلك السياسي في لقاء الحريري المرتقب غداً الخميس مع وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو. وبعده سيلتقي المشرف على ملف مفاوضات الترسيم للحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل دايفيد شينكر، الى جانب لقاءات مع اعضاء لجنتي الخارجية والدفاع في الكونغرس الأميركي.

وفي اول يوم لوصوله الى واشنطن، استقبل الحريري مساعد وزير الخزانة الاميركية لشؤون مكافحة تمويل الارهاب مارشال بيلينغسلي في حضور مستشاره الوزير السابق غطاس خوري. وبحسب معلومات “الجمهورية”، فإنّ المحادثات تناولت ما حققه لبنان من تقدّم في مكافحة تبييض الأموال والالتزام بالعقوبات الأميركية المفروضة على العديد من المنظمات والشخصيات والمؤسسات المحظورة. واستمع المسؤول الأميركي الى جردة بالإجراءات التي اتخذتها الحكومة وتلك التي تنوي القيام بها بعد اقرار موازنة 2019 وتلك الجاري تحضيرها في موازنة 2020.

معايدات .. ومجاملات
داخلياً، حلّ في الأضحى، الوئام السياسي وتقدّمت المعايدات، وتمّ تبادلها على امتداد الجبهات السياسية. وما تضمنّته من مجاملات بين “المتعايدين”، قدّم صورة مغايرة لكل الصور التي كانت مشتعلة ما قبل مصالحة بعبدا. وبرزت في هذا السياق مبادرة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى التواصل المباشر مع الطرفين الدرزيَّين لحادثة قبرشمون، مهنئاً بالعيد، مع التأكيد على البناء اكثر على المصالحة وترسيخها بما يخدم الاستقرار الداخلي على كل المستويات.

“الحزب” .. و”الاشتراكي”
على خط آخر للمصالحة، علمت “الجمهورية” انّ رئيس المجلس النيابي نبيه بري، سيتحرّك قريباً جداً في سياق مبادرته لعقد مصالحة بين “حزب الله” و”الحزب التقدمي الاشراكي”، ومن خلالهما بين الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله ورئيس الحزب الاشتراكي وليد جنبلاط.
وقالت مصادر “حزب الله” لـ”الجمهورية”: “انّ امر المصالحة مع الحزب الاشتراكي في عهدة الرئيس بري”.

وكشفت المصادر، انّ بري يعمل على ترتيب لقاء مصالحة بين الطرفين بما يعيد الامور الى وضعها الطبيعي.

وعندما يُقال للمصادر انّ اللقاء المرتقب بين الطرفين سيكون فاشلاً كاللقاء السابق، تؤكّد المصادر قائلة: “اللقاء الاول لم يكن فاشلاً بل كان بداية، والكل وضع هواجسه على الطاولة، اما اللقاء الذي يُعد له الرئيس بري فهو الذي يبنى عليه لعودة الامور الى طبيعتها”.

التصنيف
ووفق معلومات “الجمهورية”، انّ التهاني التي جرى تبادلها على الخطوط الرئاسية الثلاثة، صبّت في هذا الاتجاه، مع التشديد على إقران الاستقرار السياسي، الذي بدأ تثبيته مع مصالحة بعبدا، بالانتقال بالحكومة الى فترة عمل وانتاج في المرحلة المقبلة، تعوّض كل ما فات في فترة التعطيل، بالاضافة الى الشروع في الخطوات التي من شأنها ان ترسل إشارات ايجابية الى الخارج، ولاسيما الى المؤسسات المالية الدولية ووكالات التصنيف الدولية، خصوصا انّ لبنان مقبل على محطة اساسية في هذا المجال، مع اقتراب صدور تقرير “ستاندرد آند بورز” بين 17 و23 آب الجاري. 

على انّ اللافت للانتباه في هذا السياق، انّ الموقف الرسمي اللبناني سواء السياسي او المالي، يقارب بحذر شديد التصنيف المرتقب، علماً انّ المعطيات المتوافرة لدى المستويات اللبنانية الرسمية او المالية، تؤكّد أنّ هذا التصنيف ثابت في خانة السلبية، وليس في مقدور لبنان ان يفعل شيئاً حيال هذا الامر. 

وربطاً بذلك، وكما يؤكّد خبراء اقتصاديون لـ”الجمهورية”، فإن لبنان ينبغي ان يكون حاضراً وجاهزاً بفعالية في فترة ما بعد التصنيف، وتحويل السلبية، إن تضمنها تقرير “ستاندرد اند بورز”، الى فرصة لينتقل في المسار المعاكس لها، والبناء عليها صعوداً، وهذا يتطلب عملاً حثيثاً من السلطة السياسية في لبنان، والدخول في مرحلة من الانتاجية المقنعة للخارج، واسترداد ثقة المؤسسات الدولية ووكالات التصنيف بلبنان، وبمصداقية الحكومة اللبنانية وتوجّهها الى العمل الذي وعدت به يوم تشكيلها وفي بيانها الوزاري.

السلبيات
واذا كانت بعض المستويات الرسمية في لبنان تعتبر “انّ التصنيف، حتى ولو كان سلبياً، لا يجب اعتباره نهاية المطاف، وحكماً على لبنان بالسقوط، اذ انّ هذا التصنيف في جانب منه سياسي اكثر مما هو اقتصادي ومالي”. إلا أنّ الخبراء الاقتصاديين في المقابل يحذّرون من آثار التصنيف السلبي، ويجمعون على ان تبادر الحكومة الى اعلان الاستنفار الاقتصادي، حتى ولو تطلب ذلك اعلان حالة طوارئ اقتصادية لبناء التحصينات والدعائم الضرورية لمنع الاقتصاد من السقوط. اذ انّ نتائجه ستتبدى فوراً في انخفاض اسعار سندات “اليوروبوند” في الاسواق العالمية، وكذلك صعوبة بيع السندات اللبنانية هذه في الاسواق، وإلزام المصارف بزيادة رساميلها.

بالتوازي مع حدوث إرباك داخلي كامل، وإشاعة مناخ غير مطمئن للمستثمرين والمودعين، وتراجع التدفقات المالية الى لبنان وزيادة العجز في ميزان المدفوعات. ويضاف الى ذلك، ارتفاع معدلات الفوائد، بما يصعّب مهمة الاقتراض بأسعار معقولة، ويعرقل اكثر عملية إقراض القطاع الخاص، ما يجعل امكانات النمو الاقتصادي شبه معدومة، وتصبح بالتالي محاولات الانقاذ أشد تعقيداً وخطورة.

تفصيل هامشي
وفي رأي الخبراء، فإنّ دخول لبنان في مرحلة الاستقرار السياسي – وهذا ما يفترض ان تقود اليه مصالحة بعبدا – من شأنه ان يشكّل عامل اطمئنان ورسالة ايجابية ولو متأخّرة. ولكن لا يجب الرهان على انّ مصالحة بعبدا، بعد خلاف الاربعين يوماً والتوتر السياسي العنيف الذي رافقها، يمكن ان يكون لها الأثر على مسار التصنيف. ففي احسن الاحوال، يمكن ان يلحظ هذا التحسن في الوضع السياسي المستجد، لكنه قد يعدو تفصيلاً هامشياً امام الملاحظات الاخرى التي سيستند اليها التصنيف، ليس اقلّها الشلل والعجز الحكوميين، وانعدام التوجهات الجدّية نحو الاصلاحات الهيكلية المطلوبة في لبنان.

“سيدر” والنفط
الى ذلك، وبعدما طُوي ملف أزمة الشلل الحكومي، يُنتظر ان يستأنف مجلس الوزراء جلساته بعد عودة الرئيس الحريري من زيارته الاميركية في جلسة، تُعقد في المقرّ الرئاسي الصيفي في بيت الدين، الذي سينتقل اليه رئيس الجمهورية يوم الجمعة حيث يمضي فيه نحو اسبوعين.

اولوية عون
وبحسب التأكيدات الرسمية، فإنّ الملفات المالية والاقتصادية ستحظى بالأولوية المطلقة في الفترة المقبلة. ويتقاطع ذلك مع ما اكّدته مصادر مقرّبة من عون لـ”الجمهورية” بأنّه، وبعد ان سلكت قضية قبرشمون مسارها القضائي على وقع الهدوء الأمني في البلاد، انصرف رئيس الجمهورية الى اعطاء الأولوية للأوضاع الإقتصادية والمالية، من اجل الإسراع باتخاذ التدابير والإجراءات التي أُقرّت في لقاء بعبدا الإقتصادي، وهو سيلتقي في اليومين المقبلين المكلّفين بهذه المهمة.

ولعلّ الأهم في الملفات الحيوية للمرحلة المقبلة، كما كشفت مصادر وزارية لـ”الجمهورية”، هو حضور “سيدر” بقوة في هذه الفترة، مع زيارة مرتقبة للسفير المعني تنفيذ بنوده بيار دوكان الى بيروت ربما بداية ايلول المقبل، للبحث في الشروع في تطبيق الخطوات التنفيذية لمقررات “سيدر”، وذلك بالتوازي مع حدث يُعد غاية في الاهمية يتعلق بملف النفط البحري وترسيم الحدود بين لبنان واسرائيل، حيث تفيد المعطيات المتوافرة حوله انه ما زال في دائرة التقدّم، وهو امر سيتوضح مع الزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الوسيط الاميركي في هذا الملف دايفيد شينكر الى بيروت خلال الاسابيع الثلاثة المقبلة.

تعيينات
اما في الجانب الحكومي، فتؤكّد المصادر الوزارية انّ باكورة العمل الحكومي المنتج، إجراء تعيينات سريعة لمدّعي عام التمييز، وكذلك تعيين الاعضاء الخمسة في المجلس الدستوري اضافة الى نواب حاكم مصرف لبنان الاربعة. علماً انّ هذا الامر، ما زال يتطلب بعض المشاورات لتذليل الخلاف القائم حول نائب الحاكم الدرزي ومن يسمّيه وليد جنبلاط ام طلال ارسلان، وكذلك نائب الحاكم الارمني الذي لم يخرج بعد من دائرة الخلاف بين الوزير جبران باسيل وحزب الطاشناق.

الّا انّ المصادر لم تشر لـ”الجمهورية” الى كيفية تصدّي الحكومة لملف النفايات الذي بدأ يضغط بثقله على الواقع الداخلي، ويهدّد بنشوء تحركات تصعيدية حياله في اكثر من منطقة.

على نار حامية
وابلغت مصادر مسؤولة في وزارة المال “الجمهورية”، انّ موازنة العام 2020 موضوعة على نار حامية، والفريق المختص بإعدادها في وزارة المالية عاكف على اتمام مهمته، ويسير في خطى سريعة لانجاز مشروع الموازنة في فترة قريبة، على ان يرفع وزير المال علي حسن خليل مشروع الموازنة الى مجلس الوزراء في مهلة اقصاها نهاية آب الجاري، تمهيداً لاحالته من قبل مجلس الوزراء الى المجلس النيابي في مطلع تشرين الاول المقبل.

وفي المعلومات، انّ النهج الذي سيتم اعتماده في مشروع موازنة 2020، ووفق آلية العمل التي بدأها وزير المال، سيكون بمثابة استكمال للنهج الذي اعتُمد في موازنة 2019، مع استمرار العمل على خفض اضافي في العجز، بنسبة 1% أقل من 2019، انسجاماً مع وفاء لبنان بتعهداته خفض العجز بنسبة 1% سنوياً لمدة 5 سنوات.

طعن الكتائب
في سياق متصل، علمت “الجمهورية” أنّ حزب “الكتائب اللبنانية” قرّر وبعد الدراسات القانونية اللازمة، الإكتفاء بالطعن بالمواد المتعلقة بحقوق القضاة والعسكريين المتقاعدين في موازنة العام 2019.

وبحسب مصادر معنية بهذا الطعن، فإن تقديم طعن في قانون الموازنة بكامله لإبطاله، كان مستبعداً لدى “الكتائب”، إذ انّ المجلس الدستوري لن يقبل طعناً كهذا، كذلك لا يرغب الحزب في توتير البلد وتعريته من الموازنة في هذه الظروف.

ووقّع نواب “الكتائب” أمس على مراجعتي طعنين، واحدة مُعدّة من القضاة والثانية من العسكريين المتقاعدين. وتوجّه الحزب هو ان يتم تقديم المراجعتين اليوم، إلى المجلس الدستوري، اذا ما تمّ تأمين توقيع 10 نواب على المراجعتين.

جابر
الى ذلك، قال عضو “كتلة التنمية والتحرير” النائب ياسين جابر لـ” الجمهورية” : “المطلوب تفعيل عمل الحكومة. فالتعطيل الذي حصل أضرّ بصورة لبنان، وأظهر أنّ النظام الحاكم غائب عن الوعي وعن الواقع، فالبلاد بوضع حساس، والوضع يتطلّب تنفيذ لوائح الاصلاح والتعيينات بأسرع وقت ممكن”. 
ولفت الى أنّ “المصالحة بالظاهر لم تكن مقنعة ولن تكون، ما لم تنعكس عملاً واقعياً لمصلحة الوطن، فالصورة وحدها لا تكفي ونحن بحاجة لـ “أكشن” في أداء الحكومة”.

عون
وقال عضو تكتل “لبنان القوي” النائب ألان عون لـ”الجمهورية”: “الأولوية اليوم “إقتصادية ومالية”، وتطبيق خطة العمل وخارطة الطريق التي وضعها إجتماع بعبدا الإقتصادي والمالي”.

واكيم
واكّد عضو كتلة “الجمهورية القوية” النائب عماد واكيم لـ”الجمهورية”، ان “الاولوية للوضع المالي والإقتصادي، كما هي للاستقرار السياسي”. وقال إنّنا “في خطر، وعلى شفير الهاوية، والرهان على إنجاز مشروع موازنة 2020 ضمن المهل الدستورية والقانونية، ولنتمكّن من وضع المداميك الأساسية للإصلاح الاقتصادي الحقيقي”.

نجم
وقال عضو كتلة “تيار المستقبل” النائب نزيه نجم لـ”الجمهورية”: “الأولوية اليوم هي للإقتصاد فقط، والمطلوب ضرورة البدء بتنفيذ المشاريع المموّلة من البنك الدولي والتي تصل قيمتها الى حوالى الـ 4 مليارات دولار، لأنّ تنفيذ هذه المشاريع، المقرّة من قبل الحكومة اللبنانية، من شأنه أن ينقذ الوضع الإقتصادي”. 

المصدر: الجمهورية