السبت 17 آب 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
اذا كان رئيس الوزراء سعد الحريري تعمد لغة الصراحة التامة في ايضاح نقاط الاتفاق ونقاط التباين مع الجانب الاميركي وتحديداً في موضوع العقوبات الاميركية على “حزب الله”، فان هذه الصراحة بدت انعكاساً لنجاح المحادثات التي أجراها مع وزير الخارجية الاميركي مايك بومبيو والمسؤولين في الخارجية ووزارة الخزانة الاميركية في “تحييد” أو “عزل” ملف العقوبات عن الدعم الاميركي للاستقرار الاقتصادي من جهة وللانخراط أكثر في وساطة ترسيم الحدود البرية والبحرية بين لبنان واسرائيل من جهة أخرى.
وبيّنت المعطيات المتوافرة عن محادثات الحريري في واشنطن ان الاخيرة ترغب فعلا في الحفاظ على الاستقرار الداخلي بدليل تجديد الالتزامات الاميركية للمضي في برامج الدعم العسكري والتسليحي للجيش اللبناني والاستعدادات الثابتة للانخراط في بعض المشاريع الاستثمارية المتصلة بمقررات مؤتمر “سيدر” كما في تفعيل قريب جداً للوساطة الاميركية في ملف ترسيم الحدود الذي بدا الرئيس الحريري متفائلاً بامكان ان يبلغ نتائج ملموسة في ايلول المقبل. وفي المقابل أكدت المعطيات ما لمح اليه الحريري نفسه بصراحة من ان الموقف الاميركي من العقوبات غيرقابل لاي تعديل.
وصرح الحريري بأنه سمع من الإدارة الأميركية كل الدعم للجيش اللبناني، مشيراً إلى أن وزير الخارجية الأميركي جدد خلال اللقاء الذي جمعه واياه الخميس دعم بلاده للبنان سياسياً واقتصادياً، من خلال مؤتمر “سيدر” والمؤسسات الدولية، وتطبيق الإصلاحات التي تعهدتها الحكومة، كما أعرب عن حرص الولايات المتحدة على مواصلة العمل على حل مسألة تحديد الحدود البرية والبحرية. وشدد على “أن المساعدات الأميركية للجيش اللبناني مستمرة، وهذا أمر محسوم، ونحن اليوم في إطار التفاوض في شأن مساعدات مالية واقتصادية”. وعن العقوبات الأميركية على “حزب الله” قال: “نحن لا يمكننا أن نغير وجهة نظر الإرادة الأميركية في ما خص هذه العقوبات، لكن ما نحاول القيام به هو تجنيب لبنان أي تبعات في هذا الخصوص”.
وأضاف: “في ما يخص هذه العقوبات، فإنها في رأيي لا تفيد بشيء، لكنهم بالتأكيد سيتشددون في كل ما يتعلق بإيران ومن يساعدها ويتواصل معها، وقد شرحنا لهم وجهة نظرنا بضرورة تجنيب لبنان تبعات هذه العقوبات، وأعتقد أن رسالتنا وصلت بشكل جيد”. اما الجانب الاشد اثارة للاهتمام في إمكان أن تطاول العقوبات حلفاء لـ”حزب الله”، والمعني بهم “التيار الوطني الحر”، فقال عنه الرئيس الحريري: “هذا الحديث يتم في الكونغرس في أكثر الأحيان، وكانت هناك محاولة في العام الماضي لوضع نص من هذا القبيل في الكونغرس، ولا شك أن هذا الكلام يتم تداوله أكثر مما هو حقيقة، لكني لا أرى أننا يمكن أن نصل إلى ذلك”.
ومعلوم ان بومبيو كان أكد استمرار بلاده في “دعم المؤسسات اللبنانية التي تتمتع بصدقية داخل لبنان، وهي ضرورية للمحافظة على استقرار وأمن وسيادة لبنان، ولتوفير كل حاجات الشعب اللبناني، وهي ضرورية أيضا لرد فعّال على التحديات السياسية والإنسانية والاقتصادية الموجودة في لبنان”. وقال: “هذه المنطقة مهددة من إيران، وهذا الشعب مهدد بما يقوم به نيابة عنها حزب الله. ونحن نقدر الالتزام الشجاع لرئيس الحكومة لتحمل كامل المسؤولية في الدفاع عن لبنان وفي القيام بالإصلاحات الضرورية التي ستفتح المجال لتعزيز الاقتصاد اللبناني… أننا ممتنون أيضا لتصريح رئيس الوزراء في ما يتعلق بالالتزام لمتابعة النقاط المتبقية والمتعلقة بالخط الأزرق والحدود البحرية اللبنانية – الإسرائيلية، ونحن مستعدون للمشاركة كمسهلين ووسطاء أيضا، ونأمل أن نرى أيضا نتائج حسية لهذه المناقشات، وهو ما سيكون ذا فائدة كبيرة للبنان وللمنطقة ككل”.
عون في بيت الدين
في غضون ذلك، بدا لافتاً ان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون استهل “اقامته” في المقر الرئاسي الصيفي في قصر بيت الدين بابراز أهمية تنفيذ الورقة الاقتصادية التي تم التوصل اليها الاسبوع الماضي في الاجتماع المالي الموسع الذي عقد في قصر بعبدا في حضور رؤساء الجمهورية ومجلس النواب والحكومة. ووصف ما تحقق في الورقة الاقتصادية المالية بأنه “أمر مهم جداً”، معرباً عن “تصميمه على متابعة تنفيذ هذه الورقة”. وقال: “انا مصمم على متابعة هذه الورقة وتنفيذها وجوباً والتزاماً كما ورد فيها، وآمل في تعاون الجميع لوضعها قيد التنفيذ، خصوصاً انها أقرت في حضور رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء. واذا لم يكن في قدرة هؤلاء تنفيذها، فهذا يعني عدم وجود حكم”.
وترسيخا لاجواء المصالحة والانفراج التي بدأت الاسبوع الماضي سيقوم وفد ضخم من “اللقاء الديموقراطي ” والحزب التقدمي الاشتراكي يضم نحو 350 شخصاً بزيارة الرئيس عون اليوم للترحيب بحضوره الى بيت الدين وتأكيد ما يمثله من رمز للوحدة الوطنية. وسيتقدم الوفد وزيرا الحزب التقدمي الاشتراكي أكرم شهيب ووائل أبو فاعور ونواب “اللقاء الديموقراطي” ومعهم اصلان وداليا وليد جنبلاط ورؤساء بلديات وممثلون للعائلات الدرزية. وعلم ان رئيس الحزب وليد جنبلاط وابنه النائب تيمور سيقومان بزيارة الرئيس عون الاسبوع المقبل بعد عودتهما من الخارج وان جنبلاط قد يوجه دعوة الى الرئيس عون لزيارة المختارة.
نصرالله
وسط هذه الاجواء، تناول الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله الوضع الداخلي في خطابه أمس في ذكرى “النصر” على اسرائيل عام 2006 فقال: “نحن لا نتصرف من موقع المنتصر أو فائض القوة، نحن في الداخل نريد ان يتعاون الجميع، لذلك كنا نصر على حكومة الوحدة الوطنية ولم نكن نوافق على الغاء أحد في تشكيل الحكومة والبعض يقول انتم تريدون الغاء الآخرين وهذا غير صحيح”. ولاحظ أنه “من الممكن ان نختلف وان نتجادل، لكن في الوقت الذي أؤكد انه لا نريد الغاء أحد ونقول إنه على اللبنانيين ان يتعاونوا ويفعلوا حكومتهم والمجلس النيابي لمعالجة القضايا العالقة، مشكلتنا أن هناك من يريد الغاء آخرين في ساحاتهم وطوائفهم”. ودعا الى “عدم الغاء من في طوائفهم وأن لا يتكبروا لأن الصدام في البلد ليس من مصلحة أحد”، مشيراً إلى “إننا نتمنى العمل على ما تم التوصل إليه (المصالحة الاخيرة) والعمل بهذه الروحية وليس فقط المطلوب ان لا يلغي “حزب الله” أحداً كما يقولون بل المطلوب ان لا يلغي أحد أحداً وأن يتكاتف الجميع”.
وفي هذا السياق لاحظ النائب السابق فارس سعيد عبر “النهار” ان شاشة محطة “المنار” أبرزت وراء صورة السيد نصرالله شعارات “حزب الله” وحركة “أمل” و”التيار الوطني الحر” و”تيار المردة” فقط. وقال “إن ذلك يعني أمرين أولهما أن الحزب يقول ان الصديق وقت الضيق ويبرز بذلك هذه الاحزاب الداعمة له في وجه العرب والغربيين، كما انه يكرس بذلك ثنائية شيعية – مارونية بدليل انه ابعد شعارات حلفاء اخرين له مثل الحزب السوري القومي الاجتماعي وعبد الرحيم مراد”.
المصدر: النهار