مجلة وفاء wafaamagazine
المُستفيد الأول من الرسم «الوهمي» شركات الطيران و«ميدل إيست» لا الدولة
هديل فرفور
رغم أتمتة تذاكر السفر في لبنان منذ أكثر من 13 عاماً، لا تزال شركات الطيران في لبنان، وعلى رأسها «ميدل إيست» التي تحتكر السوق، تجبي من المُسافرين رسماً بقيمة 3,3 دولارات لقاء «طباعة» تذاكر السفر يدفعها هؤلاء من دون وجه حق، وبمباركة «الشركة الوطنية» التي لا يبدو أن استثمارها و«أخواتها» في الأزمة سينتهي قريباً
تعود هذه «الرسوم» الى عام 1999، عندما أُضيف الى سعر التذكرة، بـ«جهود» مدير اتحاد الطيران الدولي آنذاك عماد عبد الملك، رسمٌ يُرمز إليه بـ«YL» وُضعَ كـ«ضريبة داخلية» بقيمة 3,3 دولارات لتحصيل ثمن طباعة التذاكر، بحسب ما يؤكد عدد من أصحاب مكاتب السفر القدامى لـ «الأخبار».
في 1/1/2007، بدأ اعتماد التذكرة الإلكترونية وتم الاستغناء حُكماً عن الطباعة، إلّا أن الرسم لا يزال سارياً.
وبحسب تقديرات نقابة مكاتب السفر في لبنان، يصل المعدّل السنوي لمبيعات تذاكر السفر إلى نحو مليون و400 ألف تذكرة، ما يعني أن نحو أربعة ملايين و620 ألف دولار سنوياً يدفعها المُسافرون، دون غيرهم في بقية البلدان، لقاء خدمة «وهمية»!
وفي وقت يؤكد مطلعون بأن مصير هذه الأموال «مجهول كونها لا تصبّ في مالية الدولة، تُفيد المعطيات بأنّ المُستفيد الأول من الرسم «الوهمي» هو شركات الطيران، ومن خلفها الـ «ميدل إيست».
أمين سرّ نقابة مكاتب السفر ريمون وهبة أوضح لـ «الأخبار»، أن النقابة تتلقّى كثيراً من الشكاوى من أصحاب المكاتب بسبب تداعيات الضرائب غير المنطقية التي تُضاف على أسعار التذاكر ومن ضمنها ضريبة الـYL، لافتاً إلى أنّ «ارتفاع أسعار التذاكر، خلافاً لما يُشاع، لا يصبّ في مصلحة أصحاب مكاتب السفر الذين ليسوا إلا جُباةً لأموال المُسافرين». وإذ أكد أن النقابة تسعى إلى تحريك هذا الملف للمطالبة بإلغاء الرسم، لفت إلى أن «المعنيّ الوحيد بإلغائه هو شركات الطيران التي لن تقوم بطبيعة الحال بالتخلي عن العائدات السنوية المترتّبة عنه».
ولعلّ ما يُعزّز «لا شرعية» هذا الرسم، إقرار المعنيين في الاتحاد الدولي للطيران لصاحب أحد مكاتب السفر الكبرى في لبنان (رفض ذكر اسمه) بحقه في استرداد الأموال التي دفعها لقاء «طباعة» التذاكر، وذلك بعدما قرّر الأخير مُقاضاة الاتحاد على خلفية جباية رسوم «لا أساس لها»، «ولا يزال القضاء اللبناني ينظر في الدعوى المقدّمة من قبلنا منذ نحو تسعة أشهر».
ثمّة «بديهية» في «سوق» الطيران تُفيد بأنّ لشركات الطيران الوطنية القدرة على إرساء «أعراف» في القطاع و«إجبار» بقية الشركات على اعتماد «توصياتها». وعليه، فإن إلغاء الرسم أو بقاءه رهن بـموقف الـ«ميدل ايست». «الأخبار» حاولت التواصل مع المعنيين في الشركة للاستفسار بشأن الرسم إلا أن أحداً لم يردّ على الاتصالات المُتكررة.
فرض رسوم وضرائب «وهمية» على مبيعات تذاكر السفر في لبنان ليس مُستغرباً ، إذ سبق أن تضمّن تسعير التذكرة ضريبة بنحو 4 دولارات أميركيّة كان يُرمز إليها بـ«VL»، كانت مخصّصة، بموجب مرسوم صدر بعد الحرب، لبناء المدينة الرياضيّة. وبقيت هذه الضريبة تُجبى لسنوات طويلة ما بعد الانتهاء من بناء المدينة قبل أن يتم إلغاؤها بجهود أصحاب مكاتب السفر، ما يعني أن خيار إلغاء هذا الرسم قابل للتحقيق إذا ما توفر الضغط اللازم.
قبل تسع سنوات، في 3 شباط 2011، عقد وزير السياحة آنذاك فادي عبّود مؤتمراً صحافياً تناول فيه تسعيرة بطاقات السفر وتفصيل الرسوم والضرائب من باب ضرورة وضع إستراتيجية لتحفيز العمل في القطاع السياحي. وقتها، استعرض عبود المكوّنات الضريبية لسعر تذكرة السفر في لبنان ما يجعلها أغلى ثمناً من غيرها ومن ضمنها كان رسم الـYL. والخلاصة الأوضح التي خرج بها مؤتمره الصحافي آنذاك قوله إن المُشكلة الأساسية تكمن في «كيفية تركيب سعر تذكرة السفر، حيث تستغلّ الشركات مظلّة الضرائب والرسوم وتدوير المبالغ لتحصيل أموال لمصلحتها من دون أي منطق» (راجع احتيال على تذاكر السفر). تسع سنوات ولا يزال الواقع نفسه فيما يفرض سوء حال قطاع السفر حالياً في لبنان حُكماً «عقلية جديدة وتعاملاً مختلفاً» على حدّ تعبير وهبة.
رسوم المغادرة باب ربح إضافيّ
من مكوّنات الضريبة على تسعير تذكرة السفر أيضاً ما يُعرف برسوم المغادرة، التي حدّدتها القوانين اللبنانية بنحو 50 ألف ليرة. وبموجب ضرورة «تحويل» هذه الرسوم إلى دولار، تم تحديدها سابقاً بنحو 33.3 دولاراً.
حالياً، تقوم شركات الطيران بتسديد هذه الرسوم إلى وزارة المالية بالليرة، في حين يسدّدها المُسافرون بالدولار. وعليه، فإنّ ارباحاً طائلة تجبيها هذه الشركات، ومن ضمنها «الميدل إيست»، جرّاء الفارق في تسعير الصرف.
وفق أرقام وزارة المالية الأخيرة، فإنّ إجمالي رسوم مغادرة الأراضي اللبنانية بلغ العام الماضي نحو 86 مليار ليرة فيما بلغ السنة الحالية نحو 43 مليار ليرة، ما يعني أنه انخفض بنسبة 50% وبفارق مقدر بنحو 43 مليار ليرة. وعليه، لو كانت الشركات تسدد الرسوم وفق سعر الصرف الجديد لكانت الأموال التي ستذهب إلى المالية مُضاعفة بالتأكيد.
الأخبار