الرئيسية / محليات / المفتي قبلان حذر من رفع الدعم : مشهدية سياسية مخجلة ومخزية شرعت الأبواب أمام أصحاب المشاريع المشبوهة

المفتي قبلان حذر من رفع الدعم : مشهدية سياسية مخجلة ومخزية شرعت الأبواب أمام أصحاب المشاريع المشبوهة

مجلة وفاء wafaamagazine

ألقى المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان رسالة الجمعة لهذا الأسبوع مباشرة عبر أثير الإذاعة اللبنانية، تحدث فيها عن ذكرى وفاة رسول الله الأكرم محمد، فقال:” قال الله سبحانه وتعالى في محكم كتابه العزيز (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين). لا شك ولا ريب أن هذا النبي العظيم شكل قمة الرحمة الإلهية، ونهض بمشروعها، ونطق باسمها، ودعانا إلى الالتزام بقيمها وكمالاتها. فدلنا على الطريق القويم، والصراط المستقيم، وأرشدنا إلى عالم الهدى، ونهانا عن سلوك طريق الضلالة، مشددا على ضرورة مواجهة فكرة الأنا الآثمة، والوثنية الشخصية، والسلطة الفاسدة والإقطاعية المستبدة، ومشيرا إلى أن الإنسان أقدس مخلوق خلقه الله وكرمه، بل وسخر الكون لخدمته، فقال (ولقد كرمنا بني آدم)، ثم أعقبها بقوله (وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض) ليؤكد من خلال نبيه الأعظم على عظمة جوهر الإنسان، وأنه نفحة كريمة من الله، وأن وحدته النوعية وشراكته ضرورة لكماله في عالم الدنيا وعالم الآخرة، لافتا إلى أن الإنسان ضمانة الإنسان، وأخوه وعونه، مهما اختلف دينه، أو عرقه، أو لونه، أو جنسيته السياسية، على اعتبار أن الإنسان يجب حمايته من كل فساد وانحراف واضطهاد. ولهذا، قال الله سبحانه وتعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) كأساس عملي للإيمان، وشرط مسلكي للانتساب لله تعالى، وبخاصة في وقت الأزمات. ومعه يؤكد المولى سبحانه وتعالى أن القوي مطالب بعون الضعيف، والثري بمساعدة الفقير، وكل من له نفوذ وقدرة وإمكانيات، كل هؤلاء مطالبون بخدمة وعون ومساعدة الطبقات المحتاجة، وفق الآليات والأشكال والكيفيات المختلفة، سواء عن طريق مؤسسة أو شركة أو مصنع أو معمل أو مهندس أو قاض أو مكتب أو كيان متخصص أو ضابط أو تاجر أو رجل أعمال أو عامل وغيرهم. وبصراحة أكبر أخاطب أهل الأحياء والقرى والبلدات اليوم خاصة، وأينما كانوا، رغم الأوضاع المالية الصعبة، بضرورة التكاتف والتعاون والتضامن، لأن التعويل على الطبقة الثرية ورجال الأعمال تعويل سرابي، كما أن الرهان على إقطاع المصالح والمنافع هو رهان خاسر وليس في محله”.


وأشار المفتي قبلان إلى أنه “ووفق المبدأ الإلهي، يجب التعاون والإلفة والمساندة بين أهل الأحياء والقرى والبلدات والمدن ومختلف الشرائح، على مساعدة بعضهم بعضا، فيتقاسمون معيشتهم ما أمكنهم في الأيام الصعبة، فهذا واجبهم، واجبهم القانوني والإنساني والإيماني والأخلاقي، بالضمير بالدين بالوطن. بصراحة أكثر نحن أمام المعادلة التالية: التعاون الجماعي أو الجوع والجريمة وانتشار أسباب الفساد والكوارث، لأنه ليس من مصلحة أحد انهيار المجتمع وانتشار الجريمة وفلتان البلد. ولذلك حين ندعو إلى التعاون ندعو المجتمع بمعزل عن الدولة، لأن الدولة غير موجودة، وقد تم نهبها ونهش إمكانياتها وتقاسمها على طريقة الاستباحة والمزرعة، وعلى طريقة الصفقات وعلى طريقة الشركات الوهمية والعائلية وعلى طريقة الرشوة الرخيصة جدا”.

ولفت إلى أنه “ولأننا أمام معادلة موت أو حياة، نطالب الجميع العمل على طريقة حماية بقية السلطة من الوحوش والحيتان، أطالبهم جميعا أن نعمل على استرداد مشروع الدولة، على قاعدة دولة مواطن لا دولة طوائف، لأن الطائفية مرض خبيث نهش وينهش حقوق الوطن والمواطن”.

وناشد المفتي قبلان “شعبنا وكياناتنا المدنية وقوانا الوطنية أن نمنع حاكم المصرف المركزي من لعبة قتل البقية الباقية من شعب لبنان، المتمثلة برفع الدعم عن المواد الأساسية سواء بشكل صريح أو مقنع، وأطالب القوى الاجتماعية كافة التكتل لاقتلاع كل من يدفع باتجاه هذه اللعبة الخطيرة، فنحن لن نسكت وسنلقي بكل ثقلنا في مواجهة طغاة هذه اللعبة، التي نهبت البلد وهربت الأموال وما زالت تتعاطى مع الناس وأصحاب الودائع كالذئاب الكاسرة. وعلى الدولة أو ما تبقى منها المبادرة إلى استيراد المواد الأساسية، ومنع حيتان التجار والسرقة والنهب والاستئثار والاحتكار والتخزين والفساد من استكمال جريمتهم بالتضامن مع طبقة سياسية وإقطاعية عملت وتعمل مباشرة أو مداورة على نهب البلد دون أن يرف لها جفن”.

وأضاف :”حرصا منا على ما تبقى من أمل بقيامة لبنان الواحد الموحد، وبإعادة بناء دولته القوية والقادرة، أدعو اللبنانيين جميعا وعلى رأسهم هذه الطبقة السياسية، وكل من يدور في فلكها وبأفلاكها، إلى خلع الأقنعة، والخروج من لعبة المصالح والطوائف في هذا البلد، والتفكر مليا بهذا الواقع المأسوي الذي وصلنا إليه بلا مكابرة، ومن دون عنتريات. فاللبنانيون يئسوا وجاعوا وباتوا لا يثقون بأحد، ولا يصدقون أحدا، ولو كان على حق، فالكل فشل في إدارة البلد وإن بنسب مختلفة، والكل متهم بالفساد والإفساد، والكل مسؤول عما نحن فيه، وما قد نصل إليه من كوارث وانهيارات اقتصادية ومعيشية وأمنية، إذا لم تتشكل حكومة في أسرع وقت، وفي السياق الذي يمكنها من أن تكون قادرة على القيام بإصلاحات جذرية، والنصيحة لله، “اطبخوا باللبناني” لأن الطبخ المستورد مغشوش. والوقت ضاق جدا، ولعبة عض الأصابع “لمن يقول آخ أولا” ليست في صالح أحد، لأن من قال “آخ” وبصوت عال وبصرخات الجوع والفقر والبطالة والمرض هم اللبنانيون”.

وتابع سماحته:”اللبنانيون وحدهم يدفعون الثمن، اللبنانيون مسلمون ومسيحيون يصرخون ويئنون ويعيشون المعاناة، فيما السياسيون يتماحكون بالنكد والتحدي وتقاذف المسؤوليات، ليس من أجل مصلحة الناس، وتلبية المطالب المحقة وإنقاذ البلد، بل من أجل أنفسهم، من أجل مناصبهم، من أجل مكاسبهم التي سرقوها من أموال الناس، ولو احترق البلد. وما شهدناه ونشهده في كل استحقاق، وفي كل محطة مصيرية، بات يؤكد بما لا يحمل الشك أن هذا النظام ليس سليما، وما يمارس ليس وطنيا ولا أخلاقيا ولا علاقة له بمصلحة الناس، ولا بوجعهم، ولا بمصيرهم، بل هو عملية انتحار جماعية، وتدمير متعمد وممنهج لبلد لن ينجو من هذا الزلزال الذي هو فيه، ما لم نر كبيرا أو كبارا في هذا البلد يتنافسون على تقديم التنازلات، رحمة بالوطن والمواطن، ومن أجل التاريخ”.


وأشار المفتي قبلان إلى:”أنها مشهدية سياسية مخجلة ومخزية شرعت الأبواب أمام أصحاب المشاريع المشبوهة والمساعدات المشروطة، لأن يتظاهروا بالبكاء على أطلال بلد، فبدل أن توحده وتحصنه نعمة التنوع والمعتقدات، تكاد تلغيه كثرة الولاءات والانتماءات والارتهانات. لذا ندعو اللبنانيين للعودة إلى التمسك بهويتهم الوطنية، وبصيغتهم وبشراكتهم، والدفاع عن وطنهم، معتمدين على التوافق والوعي وحسن القراءة، على قاعدة “توب العياري ما بدفي” و”كراتين الشحادة لا يمكن أن تبني وطنا ولا تحمي من جوع”.

وتابع :”أما في شأن وفد ترسيم الحدود البحرية البرية، فحذر المفتي قبلان من “لعبة القفز فوق الحدود المتفجرة أمر خطير للغاية، والمطلوب نعر الإسرائيلي وليس الوطن، وبمطلق الأحوال زمن التطنيش والاستهبال انتهى، والبلد والمنطقة تغلي بالأزمات، وأي خطأ وازن ممكن أن يفجر المنطقة. وهنا نطالب الجيش اللبناني والقوى الأمنية بلعب دور متشدد جدا خاصة أن بعضا من تاريخه أسود لا يستبعد عنه اللعب بالنار خاصة إذا كان ببصمة صهيونية”.