الرئيسية / المرأة / اعتنِ بدماغك كي تُحَوِّر حياتك: التأقلم مع اضطراب ADHD

اعتنِ بدماغك كي تُحَوِّر حياتك: التأقلم مع اضطراب ADHD

مجلة وفاء wafaamagazine

اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة «ADHD» أو Attention Deficit Hyperactivity disorder، حالتان مزمنتان تصيبان ملايين الأطفال وتلازمهما حتى في مرحلة البلوغ.

 

من المشكلات التي يتم نَسْبُها إلى اضطراب الانتباه والتركيز: نقص الانتباه (Lack of attention)، فَرط النشاط / الحركة (Hyperactivity) والسلوك الاندفاعيّ (Impulsive behavior). اليوم، نجد نسبة عالية من الوعي في المدارس حول هذا الاضطراب، ولكن ماذا عن البالغين الذين لم يُشَخَّصوا في طفولتهم، وما زالوا يعانون حتى الآن؟

 

 

تبدأ في عمر صغير

في حديث لـ«الجمهورية»، قال د. نيزار حجيلي، طبيب نفسي للأطفال والمراهقين والراشدين، إنّ «عوارض الـADHD تبدأ بالظهور في عمر صغير، ما قبل الـ7 سنوات. وقد يلاحظها الأهل ابتداءً من الثلاث سنوات، فيما تبرز أكثر عندما يلتحق الطفل بالحضانة أو المدرسة، حيث انّ التركيز والانضباط مطلوبان». وأضاف: «في أيامنا هذه، يتمّ تشخيص الاضطراب لدى بعض البالغين، وذلك لا يعني إصابتهم به في عمر متقدّم، بل يعكس الأمر غياب وعي أهلهم والمؤسسات التعليمية والمعلمين خلال طفولتهم حول هذا الموضوع. وفي الواقع، حوالى 5% من البالغين مصابين باضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة لدى الكبار».

 

وبحسب حجيلي: «يرتبط اضطراب الـADHD بمناطق الدماغ المختصة بالتركيز والعفوية والحركة الزائدة. والعامل الجيني هو العامل الأساس للإصابة به، مع العلم أنّ بعض العوامل البيئية تلعب دوراً محدوداً، ولكن يُولَد الإنسان مع هذا الاضطراب». وذكر أنّ «عوارض اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة موجودة ضمن اضطرابات أخرى كالتوحّد مثلاً»، أي أنّ «ليس كل من عانى من عوارض الـADHD مصاب به. فالقصور في الانتباه وقلّة التركيز موجودان في اضطرابات ذهنية أخرى كثيرة مثل الاكتئاب والقلق. إذ في هذه الحالات يكون الدماغ في حالة وضع البقاء survival mode، ويظن أنّه لا يحتاج إلى التركيز، بل يشعر أنّه في خطر. وفي الخلاصةً، يجب استشارة أخصائي للحصول على تشخيص دقيق».

 

 

 

الأعراض

وتابع د. حجيلي قائلاً: «يمكن تقسيم أعراض اضطراب الـAHDH إلى ثلاثة أنواع: قصور الانتباه – فرط الحركة – الاثنان معاً.

 

كما تختلف أنواع الاضطراب بحسب العارض المهيمن أو أكثر من عارض. وتختلف التصنيفات بين دولة وأخرى. كما نلاحظ أنّ هيمنة قصور التركيز لدى الفتيات أكثر شيوعاً من فرط الحركة. وهناك ميلٌ إلى هيمنة فرط الحركة في عمر الطفولة، ثم يخفت هذا العارض مع التقدّم بالعمر، ويفسح في المجال أمام هيمنة قصور الانتباه والاندفاع الزائد».



وأشار د. حجيلي إلى عوارض غير خاصة بالاضطراب، ولكن شائعة لدى المصابين به، أبرزها:

 

– العصبية الشديدة – قلة الصبر – اضطرابات النوم – الانفعالية – مقاطعة حديث الآخر وعدم القدرة على انتظار الدور.

 

 

 

التشخيص

وفقاً للدكتور حجيلي: «يتمّ تشخيص اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة سريرياً من قِبل الطبيب النفسي، ولا يمكن لمسح الدماغ أن يؤكّد وجود الاضطراب. ولكن أظهرت الدراسات أنّ مناطق دماغ المصاب باضطراب الـADHD المختصة بالتركيز وانتقاء المعلومات، تعاني من تدفّق خفيف للدم إليها».

 

 

 

متى نستشير اختصاصياً؟

هل تعاني من مشكلة في التنظيم، والتركيز، والبقاء في المكان نفسه لفترة طويلة، وغيرها؟ وهل يؤثّر الأمر على علاقاتك، وعلى إنتاجيتك؟ إذاً، ينصحك الخبراء باستشارة أخصائي، فالمتابعة يمكن أن تغيّر حياتك. فثمة أدوية واستراتيجيات تساعدك في التأقلم وتحويل العوارض إلى نقاط قوة، وفي التخفيف من العوامل البيئية التي تشتّت انتباهك مثلاً. يقول حجيلي: «يتمتّع كثير من المصابين بذكاء عال، ولكن الاضطراب لا يسمح لهم باستثمار ذكائهم، أو بتحقيق بعض الأهداف التي تستلزم تركيزاً وانتباهاً وانضباطاً».

 

مستويات شدّة الاضطراب

– اضطراب خفيف: لا يؤثر على الحياة ويصعب تشخيصه.

 

– اضطراب متوسط: يمكن التأقلم بواسطة وسائل معينة، والعلاج يساعد.

 

– اضطراب شديد: يؤثر على أوجه الحياة سلبياً، وتشخيصه وعلاجه يساعدان في تحسين الحياة

 

 

 

دواء اضطراب الـADHD

ولفتَ حجيلي إلى أنّ «اضطراب قصور الانتباه وفرط الحركة لا يؤثران سلباً على المصاب به فحسب، بل على الأهل أيضاً، وعلى الشريك للمصابين الراشدين، كما على البيئة المحيطة بالإجمال. و50 إلى 60% من الأطفال ترافقهم العوارض إلى مرحلة البلوغ. لذا، من المهم معالجة الاضطراب ومتابعته. ويناسب الدواء الحالات الشديدة، ويمكن إعطاؤه بدءاً من عمر الـ6 سنوات».

 

وتابع: «يعدِّل الدواء مستويات مادة الدوبامين في الدماغ، وقد برهنت الدراسات أنّ الدواء يحسّن وصول الدم إلى مناطق الدماغ المختصة بالتركيز والعفوية. ومن أبرز الآثار الجانبية للدواء، أنّه يقضي على الشهية. لذا من المهم أن يعير الأهل انتباههم كي لا يؤثر ذلك على نمو الطفل، لا سيما إن كان أصلاً نحيفاً».



ومن سبل التأقلم مع الاضطراب إلى جانب الدواء، ثمة علاج خاص بهذا الاضطراب، يركّز على كيفية تغيير بيئة الدراسة أو العمل، بطريقة تخفّف من عناصر الإلهاء، وعلى التنظيم بشكل يسمح للفرد القيام بمهام يسهل التركيز عليها، مع فواصل متكرّرة للاستراحة».

 

في الختام، نصح د. حجيلي أهالي الأطفال «اعتماد الاعتدال إن كان طفلهم يعاني من هذا الاضطراب، أي الابتعاد عن الإهمال، كما عن تعظيم الأمر أكثر من اللازم».