مجلة وفاء wafaamagazine
أصدرت الهيئة الإتهامية في بيروت المؤلفة من القضاة الرئيس ماهر شعيتو والمستشارين جوزف بو سليمان وبلال عدنان بدر قراراً ردت بموجبه الإستئناف المقدم بتاريخ 3/11/2020 من المدعى عليه مدير عام الجمارك السابق بدري ضاهر، بواسطة وكيله المحامي جورج الخوري، بجرم هدر المال العام في ما اصطلح على تسميته بملف “أمير الكبتاغون”، وصادقت على القرار الصادر بالتاريخ عينه عن قاضي التحقيق الأول بالإنابة في بيروت شربل بو سمرا والذي انتهى الى إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه.
يُشار الى أن الهيئة اعتبرت أن المباشرة بالإستجواب وتمكين المدعى عليه من ممارسة حقوقه يسمحان بإصدار مذكرة توقيف بحقه وإن تقدم بدفوعٍ شكلية، لتحقق الغاية من المادة 107 أ.م.ج.
وقد ورد في نص قرار الهيئة الآتي:
“إن الهيئـة الاتهامية في بيروت المؤلفة من القضاة، الرئيس ماهر شعيتو والمستشارين جوزف بو سليمان وبلال عدنان بدر،
لدى التدقيق والمذاكرة،
وبعد الاطلاع على الاستئناف المقدم بتاريخ 3/11/2020، من المدعى عليه بدري ضاهر وكيله المحامي جورج الخوري، طعناً في القرار الصادر بالتاريخ عينه عن قاضي التحقيق في بيروت والذي انتهى إلى إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه، والذي يطلب بموجبه قبول استئنافه شكلاً وفي الأساس فسخ القرار المستأنف، وتركه لعدم جواز توقيفه قبل حصول الاستجواب،
بناء عليه
أولاً: في الشكل:
حيث أن المشرع أجاز بموجب المادة /107/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، للمدعى عليه أن يستأنف خلال مهلة /24/ ساعة القرار القاضي بإصدار مذكرة توقيف وجاهية بحقه،
وحيث إن المدعى عليه المسـتأنفة قدم استئنافه في نفس يوم صدور قرار قاضي التحقيق، فيكون استئنافه وارداً ضمن المهلة القانونية ومستوف لسائر شروطه الشكلية المفروضة قانوناً، الأمر الذي يفضي إلى قبوله شكلاً،
ثانياً: في الأساس:
حيث إن المدعى عليه يطالب بفسخ القرار المستأنف، لأنه لا يجوز لقاضي التحقيق اصدار مذكرة توقيف بحقه قبل استجوابه، وهو الإجراء الذي لم يحصل برأيه،
وحيث إنه يتبين من العودة الى الوقائع المثبتة في محضر التحقيق،
– أنه في الجلسة المنعقدة بتاريخ 3/11/2020 أحضر المدعى عليه من مكان توقيفه ومثل أمام قاضي التحقيق الأول بالإنابة،
– أن قاضي التحقيق الأول بالإنابة باشر بإجراءات استجواب المدعى عليه التي تنص عليها المادة /74/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية، فتحقق من شخصيته وأثبت اسمه ولقبه وعمره ومكان ولادته واسمي والديه ومحل إقامته ووضعه الاجتماعي والعائلي وسوابقه القضائية، في محضر الاستجواب،
– وأحاطه، كما تفرض المادة /76/ من القانون المذكور، علماً بالجريمة المسندة إليه لكي يتمكن من تفنيدها والدفاع عن نفسه، علما أن وكيل المدعى عليه القانوني المحامي جورج الخوري، مقدم الطعن الراهن، كان الى جانبه في الجلسة،
وحيث إن المادة /107/ من قانون أصول المحاكمات الجزائية قد نصت على ما يلي:
“يستجوب قاضي التحقيق في الحال المدعى عليه المطلوب بورقة دعوة. أما المدعى عليه الذي أحضر بمذكرة إحضار فيستجوبه خلال أربع وعشرين ساعة من وقت تنفيذ مذكرة الإحضار في حقه.
– عند انقضاء الأربع والعشرين ساعة يحضر رئيس النظارة، من تلقاء نفسه، المدعى عليه إلى النائب العام الذي يطلب من قاضي التحقيق استجوابه. إن أبى أو كان غائباً أو حال دون استجوابه مانع شرعي فيطلب النائب العام من قاضي التحقيق الأول أن يستجوبه أو يعهد إلى أحد قضاة التحقيق بذلك. إن تعذر استجوابه فيأمر النائب العام بإطلاق سراحه في الحال. إذا استمر احتجازه أكثر من أربع وعشرين ساعة دون أن يحضر إلى النائب العام فيعد هذا التوقيف عملاً تعسفياً ويلاحق الموظف المسؤول عنه بجريمة حرمان الحرية الشخصية.
– بعد أن يستجوب قاضي التحقيق المدعى عليه، ويستطلع رأي النيابة العامة، يمكنه أن يصدر قراراً بتوقيفه شرط أن يكون الجرم المسند إليه معاقباً عليه بالحبس أكثر من سنة أو أن يكون قد حكم عليه قبلاً بعقوبة جنائية أو بالحبس أكثر من ثلاثة أشهر دون وقف التنفيذ.
وحيث إن اسقاط أحكام المادة /107/، لا سيما ما اشترطته لناحية، إصدار مذكرة التوقيف بعد استجواب المدعى عليه، بشكل أولي وسريع على ما تم من إجراءات التحقيق في الدعوى الراهنة، قد تدفع الى القول بأن إجراءات الاستجواب لم تكتمل وبالتالي فإنه لا يجوز لقاضي التحقيق أن يصدر مذكرة توقيف وجاهية بحق المدعى عليه، إلا أن هذا الاستنتاج تنقضه القراءة المتأنية المتعمقة للمادة المذكورة، على النحو التالي،
حيث إن المشرع وبموجب المادة /107/ المذكورة سعى الى تكريس وضمان أمرين، الأول هو مثول المدعى عليه أمام قاضي التحقيق خلال مهلة قصيرة جدا، فورا في حالة مذكرة الدعوة و24ساعة في حالة مذكرة الإحضار، والثاني هو تمكينه من الدفاع عن نفسه قبل اتخاذ أي إجراء في حقه، على أن يعود لقاضي التحقيق بعد حصول الأمرين المذكورين إما إصدار مذكرة توقيف بحق المدعى عليه أو عدم إصدارها تبعا لمعطيات الملف، طالما أن إجراءات استجواب المدعى عليه بوشر بها بتلاوة الإسناد عليه، دون حاجة لاكتمال الاستجواب الذي حال خيار الأخير دونه من خلال تقديم مذكرة دفوع شكلية،
وحيث إن ما سلف يعني، أن المشرع شاء من خلال المادة /107/ تمكين المدعى عليه من ممارسة حقوق دفاعه، قبل مفاجأته بأي إجراء قد يتخذ في حقه، واعتبر أن الاستجواب كإجراء، يضمن ذلك، فخلاله يحيط قاضي التحقيق المدعى عليه علما بالجريمة المسندة إليه ويلخص له وقائعها ويطلعه على الأدلة المتوافرة لديه أو على الشبهات القائمة ضده فيكون بمقدوره، أي المدعى عليه، الدفاع عن نفسه بالطريقة التي يراها مناسبة وأكثر فائدة له،
وحيث إنه من لزوم ما لا يلزم الإشارة الى أن بإمكان المدعى عليه، وبعد مباشرة الاستجواب، الدفاع عن نفسه بإحدى هذه الوسائل، الأولى، التزام الصمت، الثانية، المناقشة في أساس الدعوى وتفنيد الأدلة المساقة بحقه من خلال الإجابة على أسئلة قاضي التحقيق، والثالثة اللجوء الى الدفوع الشكلية دون الغوص في الأساس،
وحيث إنه بمثول المدعى عليه ومباشرة إجراءات استجوابه، وإفهامه ما هو منسوب إليه، وتمكينه من الدفاع عن نفسه، تكون حقوقه قد روعيت، وتحقق هدف المشرع من نص المادة /107/ المذكور، ويكون بمقدور قاضي التحقيق بعد ذلك، بصرف النظر عن الطريقة التي اختارها المدعى عليه للدفاع عن نفسه، أي سواء قرر الإجابة عن الأسئلة أو التزم الصمت أو تقدم بدفوع شكلية، أن يصدر أو أن لا يصدر مذكرة توقيف بحق المدعى عليه تبعا لتقديره في ضوء ما توافر من أدلة في الملف،
وحيث إن الذهاب بعكس ذلك كما فعل المدعى عليه في استئنافه، واعتبار أن دفاع المدعى عليه، بعد مباشرة استجوابه، في اساس الدعوى من خلال الرد على أسئلة قاضي التحقيق هو فقط الذي يسمح للقاضي بإصدار مذكرة توقيف بحقه يوصل الى نتيجتين غير عادلتين، لوضعية قانونية واحدة، حيث يكون المدعى عليه الذي مثل أمام قاضي التحقيق وبوشرت اجراءات استجوابه وأحيط علما بما هو منسوب إليه، واختار الدفاع عن نفسه من الناحية الشكلية، في موقع أفضل من مدعى عليه في مثل ظرفه اختار الدفاع عن نفسه أساساً من خلال الإجابة عن الأسئلة وتفنيد الأدلة المساقة بحقه،
وحيث بالإضافة الى ما سلف، فإن تبني وجهة نظر المستأنف، والذهاب بعكس ما سلف، يعني تمكين المدعى عليه بجناية تصل عقوبتها الى الإعدام أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو سواها من العقوبات الجنائية، والذي يُباشر باستجوابه ويمَّكن من الدفاع عن نفسه ويكون توقيفه واجبا، أن يتجنب التوقيف من خلال تقديم دفوع شكلية، الأمر الذي لا ينسجم مع روحية النص ونية المشرع في الحفاظ على حقوق المدعى عليه والحق العام في آن معا،
وحيث بناء على كل ما سلف، وتبعا لمثول المدعى عليه أمام قاضي التحقيق ومباشرة إجراءات استجوابه وتمكينه من الدفاع عن نفسه من خلال إحاطته بما هو منسوب إليه، تكون شروط المادة /107/ من قانون اصول المحاكمات الجزائية، لناحية إمكانية إصدار مذكرة توقيف بحق المدعى عليه، متوافرة، الأمر الذي يفضي الى رد ما أثاره المدعى عليه المستأنف لهذه الناحية،
وحيث إن الهيئة وبما لها من سلطة في التقدير، وتبعا لمعطيات الملف والأدلة المتوافرة، ترى أن القرار المستأنف واقع في موقعه القانوني السليم ويقتضي تصديقه،
لـذلك
تقرر بالاتفاق:
1. قبول الاستئناف شكلاً ورده أساساً وتصديق القرار المستأنف المنتهي إلى إصدار مذكرة توقيف وجاهية بحق المدعى عليه بدري ضاهر،
2. تدريك المستأنف رسوم ونفقات استئنافه كافة،
3. إعادة الملف إلى مرجعه”.