الرئيسية / سياسة / حذر على الحدود .. واستنفار سياسي لاحتــواء التوتر ودعوة أممية لضبط النفس

حذر على الحدود .. واستنفار سياسي لاحتــواء التوتر ودعوة أممية لضبط النفس

الثلاثاء 27 آب 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

ترقبٌ عام حكم المشهد الداخلي على خطّين، الاول سياسي – امني، لرصد تداعيات الخرق الاسرائيلي للسيادة اللبنانية عبر الطائرتين المسيّرتين في اجواء الضاحية الجنوبية، والتطورات المحتملة لهذا الامر مع ارتفاع نبرة التهديدات، في وقت قرّر لبنان تقديم شكوى ضد اسرائيل الى مجلس الامن الدولي. بالتوازي مع انعقاد اجتماع طارئ لمجلس الدفاع الاعلى بعد ظهر اليوم في قصر بيت الدين، للبحث في تداعيات الاعتداءين الاسرائيليين على الضاحية ومنطقة قوسايا في البقاع. اما الخط الثاني فاقتصادي – مالي، لرصد حركة الأسواق العالميّة وانعكاس التصنيف السلبي للبنان على السندات اللبنانية فيها، حيث لوحظ، انّها كانت هادئة، من دون اي تطورات سلبية، خلافاً للتوقعات التي رافقت صدور تقريري وكالتي «فيتش» و«ستاندرد اند بورز».

ميدانياً، فغداة «غزوة» الطيران الاسرائيلي المسيّر لأجواء الضاحية، وما تلاها مع تهديد بالردّ من قبل الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله ، بقي الحذر سائداً في الداخل اللبناني وعلى امتداد الحدود الجنوبية، وسط تحليق مكثف لطيران الاستطلاع الاسرائيلي فوق القرى المحاذية لها، ولكن من دون ان تُسجّل اي تطورات امنية او خروقات على جانبي الحدود.

هذا في وقت زادت من مستوى الحذر تحرّكات جرت ليلاً في محيط مزارع شبعا، اطلقت خلالها القوات الاسرائيلية عشرات القنابل المضيئة في اجواء بركة النقار وجبل السداتنة عند بوابة المزارع مما تسبب بحريق كبير في منطقة الشحل. وسبقت ذلك الغارة الاسرائيلية، فجر الاحد – الاثنين التي استهدفت مواقع للجبهة الشعبية في منطقة قوسايا في البقاع.

كوبيش

تواكبت هذه الاجواء مع تحرّك لافت للمنسّق الخاص للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش في اتجاه الرؤساء الثلاثة ميشال عون ونبيه بري وسعد الحريري.

وابلغت مصادر اممية «الجمهورية» قولها انّ كوبيش اكّد موقف الامم المتحدة الداعي جميع الاطراف الى ضبط النفس والحفاظ على الامن والاستقرار وخصوصاً على جانبي الحدود الجنوبية، مع التشديد على التزام جميع الاطراف بالقرار 1701 ومندرجاته.

عون

واكّد رئيس الجمهورية لكوبيتش انّ ما حصل «بمثابة اعلان حرب، يتيح لنا اللجوء إلى حقنا بالدفاع عن سيادتنا واستقلالنا وسلامة أراضينا». وقال: « نحن شعب يسعى إلى السلام وليس إلى الحرب، ولا نقبل أن يهدّدنا أحد بأي طريقة، وانّ الإعتداءين على الضاحية ومنطقة قوسايا يخالفان القرار 1701 وما يسري على لبنان في مندرجاته يجب أن ينطبق على اسرائيل».

بري

والامر نفسه اكّد عليه الرئيس بري، الذي ابلغ بدوره للمسؤول الدولي، قوله انّ اسرائيل تضرب عرض الحائط كل القرارات الدولية، وفي مقدمها القرار 1701، ولبنان لا يستطيع ان يتخلّى عن واجبه في الدفاع عن نفسه ومنع الخروقات الاسرائيلية المتمادية لسيادته.

الحريري

وفي السياق نفسه، جاء النشاط المكثف لرئيس الحكومة ربطاً بالتطورات الامنية الاخيرة، فعقد اجتماعات مع المستويات الامنية واستمع الى تقييم للوضع من قائد الجيش العماد جوزاف عون ومدير المخابرات العميد طوني منصور، قبل ان يستدعي بعد الظهر سفراء وممثلي الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن الدولي، ويؤكّد لهم «قيام إسرائيل بخرق واضح للسيادة اللبنانية وللقرار 1701، واستهدافها منطقة مدنية مأهولة، دون أي اعتبار للقانون الدولي أو أرواح المدنيين».

واكّد الحريري للسفراء «أنّ الحكومة اللبنانية ترى أنّ من المصلحة تفادي أي انزلاق للوضع نحو تصعيد خطير، ولكن هذا يحتاج إلى إثبات المجتمع الدولي رفضه لهذا الخرق الفاضح لسيادتنا وللقرار 1701».

وتوجّه الى السفراء قائلاً: «من المهم جدا أن تحافظ دولكم على التوافق الموجود بينكم للحفاظ على الأمن والاستقرار في لبنان والمنطقة، لأنّ أي تصعيد قد يتطور إلى دورة عنف إقليمية لا يمكن لأحد التنبؤ بالمدى الذي ستبلغه، ويجب تحميل إسرائيل المسؤولية عن خروقاتها المتواصلة للقرار 1701 منذ العام 2006، وكذلك يجب أن تُحمّل مسؤولية الاعتداء الفاضح على ضاحية بيروت، مع علمها المسبق بأنّ من شأن ذلك تهديد التوازن القائم والذي حافظ على أمن الحدود الدولية منذ 13 عاما».

وفيما اعلن الحريري أنّ لبنان سيتقدّم بشكوى الى مجلس الامن، اعطى وزير الخارجية جبران باسيل توجيهاته الى مندوبة لبنان لدى الامم المتحدة أمل مدللي للتقدّم بشكوى فورية إلى مجلس الأمن لإدانة الخرق الاسرائيلي الخطير للسيادة اللبنانية الذي حصل في الضاحية الجنوبية.

خوري

وقال مستشار رئيس الحكومة الوزير السابق غطاس خوري لـ«الجمهورية»: «التطورات العسكرية والامنية تدعو الى قلق جدّي والوضع دقيق جداً جداً، وهذا ما دفع بالرئيس الحريري الى استدعاء سفراء الدول الخمس الكبرى في مجلس الامن لإبلاغهم عن خطورة الوضع ودعوتهم الضغط على اسرائيل لعودة الامور الى ما كانت عليه منذ 2006، والالتزام بوقف العمليات العسكرية، وهذا يتوقف على حجم الرد، إن من جهة الحزب او الرد الاسرائيلي عليه وهناك تخوف من انزلاق الوضع ومن الصعب معرفة المخطط الاسرائيلي حالياً تجاه لبنان والمنطقة».

وعُلم من مصادر عسكرية انّ الجيش اللبناني ابلغ الحريري انّ الضربة الجوية الاسرائيلية اتت في الجزء السوري من الاراضي (في قوسايا) وهذا ما سيتم عرضه في المجلس الاعلى للدفاع بعد تثبت المعلومات.

اسرائيل

وفي الجانب الاسرائيلي، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، لاجتماع للمجلس الوزاري المصغّر للشؤون الأمنية والسياسية «الكابينت» لمناقشة الوضع في الجبهة الشمالية.

واعلنت «القناة 13 الاسرائيلية»، انّ الجيش الإسرائيلي نشر حواجز طرق على طول طرق السفر بالقرب من الحدود اللبنانية المعرّضة لإطلاق النار ومنع المركبات العسكرية من السير عليها، لأنّ الجيش لا يريد ان يمنح «حزب الله» فرصة اصابة اهداف بشكل سهل.

وقال المعلق العسكري في «القناة» نفسها ألون بن دافيد: إن «حزب الله سيرد، هكذا علّمتنا التجربة، لكن دون ان يجرّ لبنان لمعركة مفتوحة».

وفيما اعلن مسؤول أمني اسرائيلي انّ اسرائيل رفعت حالة التأهّب القصوى في «النظام الأمني الإسرائيلي» بعد التوترات في الشمال والجنوب ذكرت صحيفة «هآرتس» أنّ «الجيش الاسرائيلي أخذ تهديدات نصرالله على محمل الجدّ، وأعلن الإستنفار على طول الحدود، كما نشّط بطاريات القبّة الحديدية على الحدود مع لبنان وسوريا».

وخلصت الى القول، «اسرائيل كسرت قواعد اللعب مع «حزب الله» والكرة الآن باتت في ملعب نصرالله»، مذكّرة بما حصل على الحدود حين استهدف «حزب الله» موكباً اسرائيلياً على الحدود رداً على اغتيال عماد مغنية.

استياء اسرائيلي!

الى ذلك، لم يخرج الاعتداء الاسرائيلي على الضاحية الجنوبية من دائرة التحليلات ومحاولة قراءة ابعاده وخلفياته. وفيما ركّزت آراء المحللين على الخلفية الانتخابية التي يسعى اليها رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتنياهو من وراء هذا الاعتداء، اضافة الى الهدف الاساس في تغيير قواعد الاشتباك التي تحكم الصراع بين اسرائيل و«حزب الله» في لبنان او في سوريا، تبرز قراءة قدّمها مرجع مسؤول لما جرى، حيث قال لـ«الجمهورية»: «انّ التصعيد الاسرائيلي الاخير بدءًا من العراق، ثم الى سوريا، ثم الى الضاحية، ثم الى قوسايا، قد يبدو في ظاهره له أبعاد وغايات انتخابية يسعى من خلالها نتنياهو لتحقيق فوز له في هذه الانتخابات الاسرائيلية، قد يكون في ذلك شيء من الصحة، الا انّ ما ينبغي التوقف لحظه، هو الاشارات البالغة الدلالة التي أُطلقت على هامش قمة مجموعة الدول السبع في بياريتس، بمشاركة الرئيس الاميركي دونالد ترامب، والتي كشفت عن خيوط جدّية، لم ينفها ترامب، بل اعترف بها ضمناً، لنسج اتفاق او تقارب اميركي – ايراني».

واضاف المرجع قائلاً: «إن صحّ التوجّه نحو الاتفاق الاميركي – الايراني، فهذا يقود الى الاعتقاد بأنّ هذا الامر، يبدو وكأنه ازعج الاسرائيليين، فبادروا الى هذا التصعيد في محاولة منهم لإعادة خلط الاوراق وقطع الطريق على اي اتفاق من هذا النوع. وبالتأكيد ما كان الاسرائيليون ليقوموا بذلك لو لم يكونوا قد حصلوا على بطاقة خضراء من داخل الادارة الاميركية، وهنا لا استطيع ان ابعد جون بولتون عن هذه البطاقة».

الأسواق هادئة

اقتصادياً، مرّ اليوم الاول في الاسواق المالية في الداخل والخارج، عقب صدور تقريري التصنيف الائتماني عن «ستاندرد اند بورز» و«فيتش»، بهدوء غير متوقّع. وقد عزا المراقبون ذلك الى عاملين:

اولاً، انّ الاضرار سبق ووقعت منذ اسابيع بسبب الضجة المسبقة التي رافقت اقتراب موعد صدور تقارير التصنيف، وترجيح كفة خفض التصنيف الائتماني للبنان الى درجة (C).

ثانياً، لأنّ تسليط الضوء تركّز على تقرير «ستاندرد اند بورز»، وقد جاء تقرير هذه الوكالة ايجابياً نسبياً لجهة الابقاء على تصنيف لبنان كما هو (B-) ومنحه فترة سماح مدتها 6 اشهر. وقد طغى هذا العامل النفسي على تقرير «فيتش» التي خفّضت تصنيف لبنان الى (CCC+).

وقد لاحظ المراقبون، انّ التطورات الأمنية المرتبطة بالاعتداء الاسرائيلي في الضاحية، والتوعّد بالرد، لم يؤثّرا بدورهما سلباً على حركة الاسواق التي ظلت هادئة وطبيعية.

الى ذلك، صدرت تطمينات من اكثر من جهة مصرفية الى قدرة المصارف على التعامل مع واقع التصنيف الجديد، لجهة الملاءة المؤمّنة، والتي لا تزال متوافقة مع المعايير المفروضة عالمياً، بما يعني انّ القطاع المصرفي اللبناني قادر على استيعاب العاصفة والتأقلم مع متطلبات خفض التصنيف.

عون

الى ذلك، اكّد الرئيس عون اننا بصدد معالجة الازمة الاقتصادية، مشيراً الى انه سيجمع الاثنين المقبل في قصر بعبدا كل رؤساء الأحزاب السياسية لوضعهم امام مسؤولياتهم». وقال: «لقد نجحت منذ وصولي الى سدّة الرئاسة في ضبط بعض الامور، الّا انني لم اتمكن من إعادة الثقة بين المواطنين والسلطة، وهو امر نعمل على تحقيقه بعد تصحيح مسار الحكم».

افيوني

ورحّب الوزير عادل افيوني باجتماع بعبدا وقال لـ«الجمهورية»: «امر مهم وإيجابي جداً ان نرى هذا التصميم من الرئيسين عون و الحريري على اطلاق خطة انقاذ مالية واقتصادية».

اضاف: «نواة خطة الانقاذ المالية والاقتصادية هي المبادئ والاسس التي تمّ الاتفاق عليها في البيان الوزاري، وهي برأيي يجب ان تكون من جزءين، الاول مالي آني سريع التأثير في المدى القصير ومن شأنه استعادة ثقة المستثمرين والمودعين واللبنانيين، وتخفيف الضغط عن الاسواق المالية وعن العرض والطلب حتى تنخفض الفوائد، وهذا امر أساسي.

وهذه الاجراءات الآنية يجب ان تتمحور حول نقاط اساسية وضرورية، الاولى تنفيذ موازنة العام 2019 بأرقامها التي التزمنا بها، واثبات مصداقيتنا للاسواق، والثانية، تطبيق خطة الكهرباء، والثالثة تخفيض اضافي للعجز عن العام 2019، على ان تتضمن موازنة 2020 اصلاحات جذرية. كما من الضروري ان تتضمن خطة مالية على 3 سنوات لإعطاء خارطة طريق شفافة وواضحة للاسواق للإصلاح المالي واتجاه الدين العام والعجز، ولإثبات اننا مصممون على الوصول الى نسب صحية من العجز ومن الدين تتوافق مع المعايير المطلوبة وتحوز ثقة المستثمرين».

حمادة

وقال النائب مروان حمادة لـ«الجمهورية»: «في رأيي انّ كل الاجتماعات التي تحصل، الاجتماع الاقتصادي من خلال قمة سياسية، او الاجتماعات ذات الطابع الامني أُصرّ على انّ فيها شيئاً من خروج على الدستور الذي يحصر القرارات بالسلطة الاجرائية والتي هي مجلس الوزراء، وما اتمناه هو ان تعود القرارات التنفيذية لهذه الاجتماعات الى مجلس الوزراء».

اضاف: «لكن ما اقلقني اليوم هو اطلاق (الرئيس عون) قرارات بإعلان حرب، في وقت انّ موضوع الحرب لا يستطيع ان يقرّرها اي طرف يتمتع بفائض قوة، ولا من يعتقد انه في نظام رئاسي، هذا قرار من صلاحية مجلس الوزراء».

ورداً على سؤال قال: «الوضع السياسي المتردّي داخلياً هو الذي يؤدي الى هذا التدهور الاقتصادي، دعونا اولاً نعالج طريقة ممارسة الحكم، فتصلح الامور الاقتصادية فوراً».

«الكتائب»

وقال مصدر كتائبي لـ«الجمهورية»، «انّ رئيس الحزب النائب سامي الجميل سيحضر اجتماع بعبدا، وسيطرح وجهة نظره المعروفة والمعلنة لانّ ليس لدى الكتائب سياستان علنية وخاصة بالاجتماعات المغلقة. بالاضافة الى الموقف من الصفقات والهدر والفساد، لا يمكن للحكومة ايجاد حلول اقتصادية في ظل تخلّيها عن قراراتها السيادية في السياسة الخارجية والدفاع».

المصدر: الجمهورية

عن WB