مجلة وفاء wafaamagazine
ميسم رزق
لا يستقيم أيّ حديث عن المسار الذي ستسلكه المفاوضات غير المباشرة بين لبنان والعدو الإسرائيلي، قبل حسم مسألة نقطة انطلاق التفاوض لتحديد ماذا يملك لبنان. وبذلك فإن ملف الترسيم مهدّد برفض الوفد الإسرائيلي المفاوض، في الناقورة، ما حمله الجانب اللبناني في الجلستين الأخيرتين، وتسبّب بغضب دفع بالعدو الى التلويح بخيارات لا قانونية وغير قابلة للحياة. فبعدما فاجأ المفاوضون اللبنانيون وفد العدو بطرحهم خريطة جديدة طالبوا فيها بزيادة 1430 كيلومتراً إضافية عن الـ860 كيلومتراً، ما يعني أن نصف حقل «كاريش» ملك للبنان، كشف موقع «إسرائيل هايوم» قبل أيام في تقرير أعدّه المراسل السياسي «أريئيل كاهانا» معلومات تتحدث عن أن الردّ الإسرائيلي على الطرح اللبناني سيكون بتقديم خط جديد للترسيم (الخط 310)، ما يعني تجاوز كل الخطوط السابقة التي حددها لبنان أو حددها العدو الى الداخل اللبناني، وذلك بعدما كان النقاش محصوراً بين خَطّي النقطتين 1 و23 (860 كيلومتراً مربعاً). والخط الجديد الذي يلوّح به العدو يصل إلى ما بعد المنطقة المواجهة لمدينة صيدا شمالاً!
بلا أدنى شكّ، تعرف «إسرائيل» أن هذا الخط لا يُمكن اعتماده كقاعدة لانطلاق التفاوض، لكنها تعتبر أنه سيُشكّل نوعاً من الضغط على الجانب اللبناني للتراجع عن طرحه. غير أن العملية برمتها دخلت مرحلة من التعقيد التي من شأنها أن تأتي بنتائج تنهي المفاوضات. فلبنان أعلن عن تمسكّه بخط جديد يقع جنوب خط النقطة 23، الذي يمنح لبنان مساحة 1430 كيلومتراً، وهو الخط الذي أعطى رئيس الجمهورية، العماد ميشال عون، توجيهاته الى الوفد المفاوض للانطلاق منه كونه مبنياً على أساس قانوني ويحترم القانون الدولي، إضافة إلى أن هناك العديد من الحالات التي رُسمت في العالم واتبعت هذه الطريقة، أي خط الوسط من دون احتساب أي تأثير للجزر (والمقصود هنا صخرة تيخيليت). وجرى التداول بمعلومات عن أن الوفد اللبناني سيطرح خطوطاً جديدة في وجه الخطّ الإسرائيلي (310)، وذلك ركوناً إلى الطريقة التي سبق وأن اعتمدت في ترسيم الحدود البحرية بين أنغولا وناميبيا عام 2002، وبين الإكوادور والبيرو عام 2011، وهذه الطريقة تتيح للبنان المطالبة بمساحة 2900 كيلومتر مربع، أي ضم حقل «تنين» وجزء صغير من حقلَيْ «تمار» و«ليفيثيان». وبذلك، يصل الخط الذي يلوّح به لبنان إلى جنوب المنطقة المواجهة لمدينة حيفا.
تقول مصادر مطلعة على مسار التفاوض إن «فرص نجاح هذه المفاوضات من عدمها أصبحت متساوية»، لأنها خرجت عن الحسابات المتوقعة. ففيما ذهب الطرفان الى التفاوض على مساحة 860 كيلومتراً (المتنازع عليها)، بدأت تتوالد خطوط جديدة، بعدما قرر العدوّ أن مطلب لبناني هو «استفزاز»، ومنح نفسه في المقابل حق طرح خطوط جديدة غير مبنية على أي قواعد في القوانين الدولية، أو في أصول ترسيم الحدود. ورأت المصادر أن التعنّت الاسرائيلي سيعرقل المفاوضات ويمنع أي تقدم، كما سيدفع في اتجاه تأخير الوصول الى اتفاق.
الأخبار