السبت 31 آب 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
علي كرشت
على أبواب شهر محرم الحرام، تعالوا لنجسد الدروس التي أرساها أبو عبد الله الحسين “ع” في ثورته العاشورائية، فنغيّر طريقة حزننا ونرتقي بإحيائنا بما يليق بصاحب الذكرى وأهدافه ..
لنفترض أن الإمام الحسين “ع” حيٌّ بيننا قد أعاد الله بعثه من جديد، ونجيب على الأسئلة التالية:
ماذا سيتغير، وكيف سنتعامل مع حضوره الشريف؟ هل ننصره أم نخذله؟؟
لنلقِ نظرة في التاريخ ونعود؛
ثورة الإمام الحسين “ع” كانت لتحرير الإنسان من نفسه ليصلحها، ومن جهله ليطفئه، ومن العصبية ليتجنبها، ومن الظلم ليثور عليه .. وقد خذله قبل أربعة عشر قرنًا الذين كانوا أشدَّ إيمانًا منّا وأكثر ورعًا، بل قتلوه وجرّدوه وارتكبوا بعياله وحريمه أفظع الارتكابات، دون أن يتمكن “روحي فداه” من تغيير نفوسهم المشحونة بالعصبية والجاهلية ولا حتى ثنيهم عن قتله..
نجا الإمام الحسين “ع” بنفسه حين ارتقى شهيدًا وصار سيّدًا للشهداء ونبراسًا، ونجا معه الإسلام المحمديُّ الأصيل وما زال ذكره صدّاحًا .. فيما تعاقب الذين خذلوه، على مدى الأجيال التي عاصرته والتي تلته، في دفع الأثمان الباهظة والأكلاف الفادحة ..
واليوم، كثير منّا يتهيّأ لإحياء مراسم عاشوراء كما في كلِّ عام، ثم تمضي الأيام العشرة وتعود حالنا كما كانت عليه، وكأنّنا لا أحيينا ولا من يحيون. نبكي ونلطم ونرثي دون أن نتغير أو نأخذَ شكل إنائه عليه السلام.
منّا من يحضر المجالس وجاهةً ويتصدّر مقدمة البكّائين وهو أشد خطرًا علينا من يزيد والشمر .. ومنّا من يُغشى عليه من البكاء، وهو يعادي أقربَ النّاس إليه منذ سنوات على خلفية نزاعٍ حول متر أرضٍ لا يصلح له قبرًا !!
لو عاد الإمام الحسين”ع” من جديد ونحن على ذات الشاكلة، نتكئ على ذات الفكرة (بكاء وعويل واستغراق في التاريخ ليس إلّا) فإن النتيجة لن تتبدل وسيرفع أحدُنا رأس السبط الشريف على رأس رمح جبان!! نعم تكمن المشكلة فينا وليس بوجود شخص الإمام بيننا، نحتاج إلى تغيير أنفسنا أولًا وتغيير فهمنا لطريقة إحياء نهضته المباركة، حينها سنجد الإمام معنا ونراه رأي العين. لم يُقتل الإمام الحسين “ع” يوم عاشوراء إلّا ليحييَ الأرض ومن عليها ..
وقد صدق إمامُنا المغيب السيد موسى الصدر، ونحن في ذكرى غيابه، الذي كان يقول: إنّي لا أعترف بالحسينية التي لا تخرّج المجاهدين والشهداء ..