كما لو أنّ ثمّة من «كَبس الزر»، مُعلناً انطلاق حملة «رفع الدعم». الحديث مع أي من المسؤولين في مصرف لبنان أو المجلس المركزي يقود مُباشرةً إلى «نقّهم» حول عدم القدرة على الاستمرار في دعم المواد الأولية. إذا كان السؤال عن أي قضية نقدية أو مالية أو اقتصادية، يردّون بأنّه «لم نعد قادرين على الدعم والحكومة لا تتجاوب معنا». استفاقوا قبل أيام على أزمة تعود إلى أشهر مَضت، والأمر ليس «بريئاً» تماماً. فمصرف لبنان ــــ وجميع «حلفائه» ــــ قرّر الانتقال إلى «الخطّة ب» من قرار مواجهة الدعم للسلع الرئيسية: الدواء، القمح، السلّة الغذائية، المحروقات. يُعاونه في خطّة «خطورة استمرار الدعم»، كُتل سياسية، ورجال مال… وأعضاء المجلس المركزي. «التهويل» المُتجدّد، سببه رئيس الحكومة المُكلف سعد الحريري. فسلامة «فقد الأمل» من أن يتمكّن «درعه السياسي»، الحريري، من تأليف حكومة في المدى المنظور. كان يُراهن على التشكيلة الجديدة لتتحمّل هي وزر رفع الدعم شعبياً، فيُخفّف «المركزي» مواجهات مع الناس. ولكن، بما أنّ الحريري لن يعود إلى السرايا قريباً، لم يُترك لسلامة من خيار سوى التعامل مع حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسّان دياب، الذي ترتفع بينهما جبالٌ من الخلافات وقلّة التواصل. يتقاذفان كرة المسؤولية، لأن لا أحد في «الدولة» يجرؤ على اتخاذ قرار، ولا على وضع خطّة تُطبّق. أمام هذا الواقع، عاد الضغط عبر إطلاق «حملة تهويل». والحُجّة القديمة/ الجديدة أنّ «المركزي» لم يعد يملك ما يكفي من الدولارات في «حساب الاحتياط» لاستيراد المواد الرئيسية. ولكن، هل يملك أحدٌ جواباً ــــ باستثناء سلامة ــــ عن حجم «الاحتياطي القابل للاستخدام» من مُجمل «حساب الاحتياط»، حتّى يتبيّن للرأي العام إن كان «التهويل» مُبرّراً، أم أنّ الهدف منه ممارسة الضغوط السياسية؟ الجواب الوحيد الذي يملكه أعضاء المجلس المركزي، وعمّموه، أنّ المبلغ يراوح ما بين 2.6 مليار دولار و3 مليارات دولار أميركي. اللافت أن يكون الرقم شبه ثابت منذ أشهر. السبب بكلّ بساطة أنّ رياض سلامة «يخدع» كلّ المسؤولين، ولا يسمح لهم بالاطلاع على أي معلومات، حتى لو كان كشفُها حقّاً للعامة.