الأخبار
الرئيسية / سياسة / روكز في عيد الاستقلال: نريد ائتلافا مع المجاورين لنا واستقلالا مبنيا على العدل بتوزيع المناصب والمنافع

روكز في عيد الاستقلال: نريد ائتلافا مع المجاورين لنا واستقلالا مبنيا على العدل بتوزيع المناصب والمنافع

مجلة وفاء wafaamagazine

وجه النائب العميد شامل روكز كلمة الى شباب لبنان، عشية عيد الاستقلال ال 77 جاء فيها: “يطل الاستقلال السابع والسبعون للبنان بطعم مختلف، فمن جهة، يحتفل لبنان الكبير كما نعرفه اليوم بمئويته الأولى، ومن جهة أخرى، ينزف جراح استقلال مزيف شكلا ومضمونا…الإستقلال ليس فولكلورا ولا عرضا عسكريا، وليس استقبالا رسميا ولا شعارات رنانة أو محاضرات. الإستقلال هو نهج حياة مدنية وسياسية وعسكرية نزيهة ضمن حدود الوطن الواحد، الحر، السيد، المستقل. الإستقلال هو أسلوب حياة شعب مقاوم، ذو عنفوان وعزة وكرامة وصلابة تهد الجبال. الإستقلال هو سلطة منبثقة من الشعب، بخدمة الشعب، من أجل الشعب. الإستقلال هو تحية إجلال لشجاعة الأبطال وأرواح الشهداء وأمانة الدم”.

وتابع: “تعرض استقلالنا لهزات عدة في تاريخنا المعاصر: بدءا من أحداث الخمسينيات والستينيات، الحرب الأهلية العام 1975، الإجتياح الاسرائيلي العام 1982، حرب التحرير العام 1990، الهزات والاضطرابات الأمنية والإغتيالات العام 2005، حرب تموز العام 2006، معركة نهر البارد العام 2007، معركة عبرا العام 2013، معركة عرسال 2014 وصولا الى معركة فجر الجرود العام 2017. كل هذه المعارك كانت معارك وجود، أثبتت للداخل والخارج أن كل الخطط الإلغائية تسقط أمام وحدة هذه الأرض وهذا الشعب، التي تشكل الضمانة الوحيدة للإستقرار والإستمرار. ورغم كل هذه الهزات، لم نتوقف ولو للحظة عن الحلم والسعي لتحقيق لبنان الحلم…أما اليوم، وقبل أن نخاف على أنفسنا من العدو ومن المؤامرات الخارجية على إستقلالنا وسيادتنا وحريتنا، يجب أن نخاف من أنفسنا، ومن نظامنا المكبل بمنظومة ظالمة، خاطئة، فاسدة، عاجزة عن إدارة الشأن العام، قادت البلاد نحو الإنهيار. فبات الاستقلال مهددا من قبل من يدعي أنه مؤتمن على هذا الوطن ومؤسساته وشعبه، وبات الوطن ضائعا والشعب تائها والمستقبل مبهما”.

أضاف: “لكن قدر لبنان أن ينتظر 77 سنة ليصنع استقلاله بأيدي أبنائه وبناته وليبني لبنان الحلم: لبنان التمسك والتعلق والتشبث بالأرض، لبنان دولة القانون، دولة المؤسسات الشفافة، دولة المساءلة والمحاسبة، دولة البيئة النظيفة، دولة الوظائف لخيرة الشباب، دولة الإقتصاد المنتج، دولة النائب والوزير الموظف بخدمة الشعب وليس العكس، دولة العدالة الاجتماعية والإنماء المتوازن…إن تحقيق الاستقلال أمر سهل، ولكن المهمة الأصعب هي الحفاظ عليه. فهو لا يقتصر على جلاء قوات احتلال غربية فقط، انما هو تخطيط وبناء مستقبل مشترك للوطن وأبنائه. إن الاستقلال هذا العام يفرض عليكم، أنتم جيل المستقبل، تحديا كبيرا، وهو تحدي تحقيق وصون استقلال لبنان الذي غاب على أيدي السلطة الخبيثة الحاكمة اليوم. أنتم روح الوطن ومستقبله، فتذكروا جيدا أن استقلالنا الفعلي يتحقق:عندما تكون العدالة الإجتماعية متاحة للجميع من خلال تكافؤ الفرص بين المواطنين، وعندما تزول الفوارق الإجتماعية بين الطوائف، ويترسخ الشعور بالمساواة بالحقوق والأخوة الوطنية، عندما لا تكون السياسة وسيلة للحرتقات أو النكايات السلطوية لجني المكاسب، بل تتحول الى سعي مخلص ومنظم ومثابر ومتجدد في سبيل الخير العام. وهذا الأمر يتطلب تثقيفا سياسيا واعيا ومتطورا، عندما يطبق مفهوم السلطة الحقيقي وتصبح السلطة بخدمة الشعب وليس استملاكا لهم، عندما نؤسس المشاريع السياسية والوطنية على مبادئ النزاهة الخلقية والفكرية. وإن فُقدت النزاهة فما نفع الحديث عن الأفكار والمشاريع؟ فبغياب النزاهة تصبح أفكارنا هدامة بدل أن تكون بناءة، عندما نحترم طبيعة لبنان التعددية ونحترم مبدأ الديموقراطية المبنية على الحق بالإختلاف والتنوع. فالتعددية ليست دعوة لكل مجموعة لتتقوقع على نفسها بقدر ما هي حافز قوي للتنافس المبدع في سبيل الوصول الى مجتمع أفضل، عندما يقوم مستقبلنا على الوفاء، وليس على الخيانة…قال نابوليون بونابرت: مثل الخائن لوطنه كمثل السارق من مال أبيه ليطعم اللصوص: فلا أبوه يسامحه، ولا اللصوص يشكرونه. الوفاء كلمة من أحرف قليلة ولكن تجمع في طياتها مفاهيم الكرامة والصدق، والعرفان والجميل والعنفوان والثبات. فإن خيانة الوطن جريمة لا تغتفر ولا تعطي مجدا… والخيانة لا تقتصر على الخيانة العسكرية والتعامل مع العدو، إنما لديها وجوه عديدة: خيانة الوطن تتحقق عندما ننسى تضحيات جدودنا وخيرة شبابنا بالمؤسسات العسكرية.
خيانة الوطن تتحقق عندما نساهم في الفساد. خيانة الوطن تتحقق عندما نغير قناعاتنا ومبادئنا الوطنية حسب رياح المصلحة الشخصية. أدعو كل الشباب والصبايا، الذين يحلمون بمستقبل واعد في هذه الوطن أن يبقوا نار البركان الذي في داخلهم مشتعلة، وأن لا يتأثروا بطفيليات هذا الزمن الرديء، الذي يحاول زعماؤه زرع الخضوع والإستسلام والتبعية في قلوبهم، ويدفعون العديد منهم الى الهجرة”.

وتابع: “إذا أردنا الحفاظ على الإستقلال، والاحتفال بهذا العيد بكرامة وعنفوان، وأن نعيش فعلا الشعور الوطني وحب الإنتماء، علينا أن نبقي شعلة الثورة في قلوبنا مضاءة، وشغف النضال والتمرد على الظلم ذخيرة على صدورنا، وعلينا استذكار الماضي والتخطيط للمستقبل…وأخيرا، أختم مقالي اليوم بمقطع من خطاب البطريرك الماروني أنطوان عريضة في المؤتمر الوطني العام في بكركي العام 1941: نريد استقلالا ناجزا يطابق رغبات الشعب اللبناني، نريد استقلالا مبنيا على العدل بتوزيع المناصب والمنافع، نريد استقلالا مبنيا على الحرية: في المعتقد، في القول وفي العمل، نريد استقلالا مبنيا على المساواة بالحقوق تأخذ كل طائفة فيه حقوقها بنسبة أهميتها، نريد استقلالا مبنيا على التآلف والتضامن والغيرة في سبيل المصلحة الوطنية، نريد ائتلافا مع المجاورين لنا في الشرق ومع كل الدول الذين لنا علاقة معهم. فعلا، نريد اليوم استقلالا كالذي تحدث عنه البطريرك عريضة…”.

وختم روكز: “أمامنا صعوبات كثيرة ومطبات عالية، واجبنا اليوم التكاتف والتعاون حتى يبقى أولادنا وأحفادنا يحتفلون بعيد الاستقلال… فإن الإستقلال حلم تنجزه التضحيات…”.