مجلة وفاء wafaamagazine
رأى الخبير المالي والاقتصادي د. ايلي يشوعي، ان باعتذار شركة الفاريز ومارسال alvarez & marsal عن متابعة مهمتها، انقطعت آخر الإمكانيات اللبنانية للكشف عن الفاسدين وناهبي المال العام، واصفا بالتالي انسحاب شركة التدقيق المالي الجنائي، أيا تكن الأسباب والدواعي، بالانتصار الكبير لحاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولغيره من المسؤولين اللبنانيين، الذين عاثوا بالخزينة ومال الشعب نهبا وفسادا، “انه انتصار الشر على الخير، وبتوصيف أدق، انتصار السبع أخوة على ثورة 17 تشرين الأول”.
ولفت يشوعي في تصريح لـ “الأنباء” الكويتية، الى أنه بالأساس، ما كان ليتقرر تسليم شركة الفاريز ومارسال التدقيق المالي الجنائي، لولا سعي الدولة لامتصاص النقمة الشعبية واحتواء الثورة، ثورة الناس المنهوبة أموالهم والمسلوبة لقمة عيشهم، وبالتالي فإن انسحاب الشركة اليوم، دليل قاطع لا لبس فيه، على ان هذا القرار كان يفتقد للجدية منذ اللحظة الأولى التي تم فيها التوقيع على الاتفاق مع الفاريز ومارسال، ولو كانت المسألة جدية لدى الدولة، لما كان اتى الاتفاق “ملغوما من الداخل”.
“نعم الاتفاق أبرم ملغوما” أكد يشوعي، فعندما لا يتضمن الاتفاق مع شركة تدقيق مالي جنائي، بندا واضحا وصريحا، يلزم مجلس النواب تشريع قانون خاص ومؤقت، يفرض على مصرف لبنان عدم التسلح بقانون النقد والتسليف الذي ينص على التكتم عن المعلومات والسرية المصرفية، خصوصا لجهة الحسابات المصرفية الدائنة، ما يعني من وجهة نظر يشوعي، انه من الأساس، ما كان لدى المعنيين النية الصادقة للكشف عن السرقات والسارقين، فتعمدوا تلغيم الاتفاق مع الفاريز ومارسال وتمويته وهو في المهد بهدف الوصول الى اعتذارها عن متابعة مهمتها.
أما وقد وقعت الواقعة، يؤكد يشوعي ان إمكانية استعادة المال المنهوب، والكشف عن الفساد والفاسدين بسواعد اللبنانيين، سقطت وسقوطها أتى مدويا، ويبقى الأمل الوحيد من وجهة نظره، بالدول النافذة والمؤثرة في السياسة الدولية، أي بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا والأمم المتحدة، التي تملك قوانين عقوبات دولية، لمعاقبة الجرائم الدولية المتصلة بالاتجار بالممنوعات، وتمويل الإرهاب، وتبييض الأموال، والاعتداء على حقوق الإنسان، وإنتاج السلاح النووي دون موافقة دولية، وجرائم التعدي على الخزائن والحقوق المالية للشعوب، فمع انكفاء شركة الفاريز ومارسال، أثبت لبنان انه يرفض بكل الطرق والوسائل محاسبة السارقين واسترجاع المال المنهوب، وما على الدول المذكورة أعلاه، سوى ان تتجند لإنقاذ اللبنانيين من جريمة الاعتداء على حقوقهم، والسطو على أموالهم وأموال الخزينة المركزية.
وختم يشوعي مطالبا بوقف مهزلة تشكيل الحكومة التي لا يمكن تشبيهها سوى بمسرحية أطفال الحضانة، مؤكدا ان مشوار اللبنانيين مع الفقر والجوع طويل، وخروجهم من هذا النفق الأسود، بحاجة لأمرين لا ثالث لهما، اما عقوبات دولية تساهم مباشرة في استعادة المال المنهوب وتكشف هوية اللصوص، واما معجزة سماوية تعيد خلط الأوراق وتخربط كل المقاييس الموضوعة من قبل السبع اخوة، «مصرف لبنان سبقنا الى جهنم ونحن اللاحقون”.