مجلة وفاء wafaamagazine
إذا تقرّرت الانتخابات لن يقتصر ضرر ساعر على «الليكود» ورئيسه نتنياهو
يحيى دبوق
يبدو المشهد السياسي الإسرائيلي مقبلاً على تغيّرات دراماتيكية، إذا ما استطاع غدعون ساعر، القطب «الليكودي» المنشقّ، المضيّ في خطوته الانفصالية إلى آخرها، ولم تتكتّل الأحزاب ضدّه لمنع الانزلاق نحو انتخابات مبكرةفي خطوة قد تفتح الباب على تغيّرات في المشهد السياسي في إسرائيل، أعلن الوزير السابق وعضو «الكنيست» الحالي عن حزب «الليكود»، غدعون ساعر، انشقاقه عن حزبه وتوجّهه إلى تشكيل حزب جديد، ينافس على رئاسة الحكومة المقبلة. إعلانٌ يرسم علامات استفهام حول ما إذا كانت هناك خطوات انشقاق مماثلة ستشهدها الأحزاب الإسرائيلية قبيل الانتخابات المبكرة الرابعة، من شأنها إطاحة نتنياهو.
وفاجأ القطب «الليكودي» الحلبة السياسية بما أقدم عليه، وإن كان خلافه الشخصي مع رئيس حزبه السابق، رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، جزءاً لا يتجزّأ من حضوره وحراكه السياسي ومواقفه المتقادمة داخل «الليكود»، كشخصية معارضة لنتنياهو، خاضت غمار منافسته عام 2019 على رئاسة «الليكود»، إلا أنها تلقّت هزيمة كبيرة جدّاً في الانتخابات الداخلية للحزب، والتي كَرّست نتنياهو زعيماً له. تلافياً لذلك السيناريو، قَرّر ساعر هذه المرّة شقّ طريقه بنفسه عبر تشكيل حزب جديد، وهو ما تَسرّب أنه موضع اهتمام ودراسة لديه منذ أشهر. وأعطى أول استطلاع للرأي، الحزب الجديد الذي لم يُعلَن اسمه بعد، 12 مقعداً في الانتخابات المقبلة. وهي نتيجة مرشّحة لتتضاعف في حال انضمام عدد آخر من أقطاب «الليكود» إلى ساعر، أو تحقّق سيناريوات أخرى متداولة، من بينها انضمام رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي أيزنكوت، إلى الحزب الوليد.
في ما تضمّنه إعلان ساعر إشارة واضحة إلى وجهة حملته الانتخابية المقبلة، إذ قال إن «الليكود تَغيّر، وأصبح أداة لخدمة المصالح الشخصية لزعيمه (نتنياهو) بما في ذلك محاكمته الجنائية». وأضاف: «لم يعد بإمكاني دعم الحكومة بقيادة نتنياهو، ولم يعد بإمكاني أن أكون عضواً في الليكود تحت قيادته. أقول مع الأسف، بصفتي شخصاً رآه القائد المناسب لقيادة البلاد وشغل مناصب عليا في حكومته، فإن إسرائيل بحاجة إلى الوحدة والاستقرار الآن، ونتنياهو لا يستطيع توفير أيّ منهما». وسرعان ما جاء ردّ نتنياهو، الذي ركّز على ضرب صدقية ساعر وتظهير المصلحة الشخصية في قرار انسحابه من «الليكود»، معتبراً على لسان المتحدّث باسمه أن «ساعر يغادر الحزب بعدما تَبيّن له أنه سيخسر في الانتخابات التمهيدية والداخلية في الليكود، ولن يكون ضمن العشرة الأوائل في قائمة الحزب» للانتخابات المقبلة. وفي موازاة ذلك، أعاد مقرّبون من نتنياهو نشر تصريحات لساعر يؤكد فيها أن «الليكود» هو بيته السياسي، وأنه لن ينسحب منه مهما كانت الظروف.
وإن كان من المبكر استكشاف تداعيات خطوة ساعر، إلا أنه يمكن إيراد جملة ملاحظات في شأنها، كالآتي:
ــــ المتضرّر الأول من انسحاب ساعر من «الليكود» على أبواب انتخابات مرجّحة في حال حلّ «الكنيست» بالقراءات الثلاث بعد المصادقة على حلّه بالقراءة التمهيدية، هو نتنياهو، الذي لم يعد متيقّناً ممّا إذا كان سيفوز بمكانة الحزب الأول لجهة عدد المقاعد في «الكنيست» المقبل، مع سحب الحزب الجديد وكذلك حزب منافسه، «يمينا»، الذي يترأسه وزير الأمن السابق نفتالي بينت، شريحة ناخبة وازنة من اليمين، ومن «الليكود» نفسه. يعني ذلك أن نتنياهو لن يضمن تكليفه تأليف الحكومة المقبلة، بعدما كان شبه ضامن له، مع تعذّر استطاعة الوسط واليسار و»القائمة العربية» وحزب «إسرائيل بيتنا» بقيادة الوزير السابق أفيغدور ليبرمان تجميع عدد مقاعد كافٍ لتأليف الحكومة. هكذا، بات القلق لدى نتنياهو من اليمين نفسه، وبعدما كان متمحوراً حول بينت فقط، أصبح الآن من داخل البيت الحزبي «الليكودي».
ــــ على خلفية هذا المشهد المشبع بالتحدّي والخطورة لرئيس «الليكود»، يتقدّم السؤال حول ما إذا كانت الانتخابات ستجرى بالفعل، وما إذا كان نتنياهو سيعمد إلى فرملة المسار القانوني لحلّ «الكنيست»، والعمل على إيجاد تسوية ما مع رئيس حزب «أزرق أبيض» المؤتلف معه في الحكومة الحالية، وزير الأمن بني غانتس، سعياً للخلاص من كابوس سياسي مقبل.
ــــ إذا تقرّرت الانتخابات لن يقتصر ضرر ساعر على «الليكود» ورئيسه نتنياهو فقط، بل سينسحب أيضاً على حزب «يمينا» الأكثر تطرّفاً، إذ يُقدّر من الآن أن يجذب الحزب الجديد شرائح مختلفة من اليمين السياسي وناخبيه، إلى جانب كتلة ناخبة من الوسط، وربّما كذلك من يسار الوسط ومركزه، ما يعني، بقراءة أولى، أن ساعر سيتقدّم المشهد السياسي ويكون منافساً فعلياً على رئاسة الحكومة المقبلة، وليس عامل إزعاج لـ»الليكود» ورئيسه نتنياهو، أو منافساً اعتيادياً للأحزاب الأخرى، فقط.
كيفما اتّفق، خطوة ساعر لا تزال في بداياتها، وإن كانت تفتح المجال أمام تغييرات سياسية في الداخل الإسرائيلي، من شأنها قلب موازين القوى فيه. وعليه، يُطرح السؤال: هل يسمح المتضرّرون السياسيون، على كثرتهم، بأن تنجح خطوة ساعر؟ وهل سيعملون، والحال هذه، على فرملة حلّ «الكنيست» ومنع التوجّه إلى انتخابات مبكرة؟ تبدو الإجابة غير متيسّرة حالياً، وإن كان المؤكّد أن الخيارات والبدائل محدودة أمام المتضرّرين.
الأخبار