الخميس 12 أيلول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
على وقع جملة من التطورات الداخلية والخارجية غادر الوسيط الاميركي في ترسيم الحدود البحرية والبرية ديفيد شينكر لبنان ليعود اليه في 14 تشرين الاول المقبل، معترفاً بأنّ المفاوضات «صعبة ومعقّدة» فيما شرع «حزب الله» في وضع «قواعد اشتباك مالية» على ضوء تصاعد العقوبات الاميركية ضدّه وضدّ كل من يشتبه في انه يقدّم الدعم له، في وقت تردّد انّ واشنطن ادرجت خلال الساعات الماضية مسؤولين اضافيين أو قريبين منه أو داعمين له على «لائحتها السوداء». وفي هذه الاثناء سيقرّ مجلس الوزراء اليوم دفعة تعيينات إدارية جديدة قضائية وادارية، مشفوعة بإقرار استراتيجية لإدارة الحدود، على ان يبدأ درس موازنة 2020 الاسبوع المقبل بعدما وقّعها وزير المال علي حسن خليل ورفعها الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء.
قبيل مغادرته بيروت التي سيعود اليها في 14 تشرين الأول، قال شينكر، انّ المفاوضات في شأن ترسيم الحدود البحرية «تبدأ عندما توافق الحكومة اللبنانية عليها (…) ونتمنّى أن يتمكّن لبنان من التوصّل إلى إتفاق مشترك على الحدود مع جيرانه حتى يتمكّن من الاستفادة من المخزون الطبيعي في المنطقة البحرية».
واعتبر «أنّ التوصل إلى اتفاق حول تلك الحدود ينهي النزاع حول الحدود البحرية، ومن الطبيعي أن يخفّ التوتر على الحدود اللبنانية ـ الاسرائيلية».
وقال: «لن أدخل في تفاصيل محادثاتي مع القيادات اللبنانية، ولكن أعتقد أننا بتنا قريبين نسبياً، ويمكن أن يكون الموضوع متعلّقاً بقرار سياسي لا يستطيع القادة اللبنانيون إتخاذه». وأضاف، أنه «لا يمكنه التكهّن في أن «حزب الله» هو من يعرقل مثل هذا القرار».
ولم يستبعد شينكر ان تكون المفاوضات «صعبة ومعقّدة (…) ولا أحد ملزم على توقيع أي إتفاق ما لم يكونوا مقتنعين وراضين مئة في المئة من الترسيم البري والبحري».
وعن كلام الامين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله عن العقوبات الأميركية ضد الحزب والطائفة الشيعية، قال شينكر: «الحكومة الأميركية والمصرف المركزي الأميركي سيتخذان خطوات لتأمين أموال المودعين، فنحن لا نستهدف المجتمع الشيعي وإنما «حزب الله» و»جمال ترست بنك» كان أول مصرف يخضع للعقوبات الاميركية بعد «البنك اللبناني الكندي»، ونحن لا نريد فرض عقوبات على المصارف اللبنانية، ولكن يجب علينا أن نفعل ذلك. ولاحقاً سنفرض عقوبات على أفراد يوفّرون المساعدات لـ»حزب الله»، وبالطبع بغض النظر عن دينهم وطائفتهم».
ولاحظ شينكر «أنّ العقوبات الأميركية على إيران كان لها أثر كبير على «حزب الله»، من ناحية الرواتب والتمويل. ولا شكّ في أن العقوبات قاسية ومؤذية، ولا أعرف صراحة إذا كان الحزب سينتفض عليها ويردّ».
وقال: «في ظلّ القانون الأميركي، ستُفرض عقوبات على الأفراد الذين يدعمون «حزب الله» مهما كان دينهم وانتماؤهم». وإستبعد وجود «أي أمل أو ميل للتفاوض مع حزب الله».
وبعيد مغادرة شينكر وعشية الذكرى 18 لتفجيرات 11 أيلول في الولايات المتحدة، أعلنت وزارة الخزانة الأميركية، فرض عقوبات جديدة على «حزب الله»، شملت 4 لبنانيين، هم: علي كركي، محمد حيدر، فؤاد شكر وإبراهيم عقيل.
وبحسب البيان الاميركي، فإنّ كركي هو قيادي في «مجلس الجهاد» التابع لـ«حزب الله» والمسؤول عن العمليات العسكرية ضمن جنوب لبنان. اما عقيل فهو أحد أعضاء «مجلس الجهاد» الكبار والمسؤول عن عمليات الحزب العسكرية، فيما حيدر يدير شبكات الحزب خارج لبنان، وفؤاد شكر هو «المشرف على وحدات أسلحة حزب الله في سوريا، ووحدة الصواريخ، ويُعدّ المستشار العسكري المقرّب من السيد حسن نصرالله»، بحسب البيان الأميركي.
وكانت جولة شينكر للتعارف والاستطلاع شملت رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط ورئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، ووزير الخارجية جبران باسيل. وكان التقى رئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، ورافقه في محادثاته نائبه جويل رايبرن والسفيرة الأميركيّة في لبنان إليزابيث ريتشارد.
«القوات»
ووصفت مصادر «القوات اللّبنانية» زيارة شينكر لجعجع «بالجيّدة»، وقالت لـ«الجمهورية»، إنه «تمّ عرض الوضع في المنطقة والمخاطر والتحدّيات التي تواجه لبنان، وأبرزها الإقتصادية وضرورة خروج لبنان من الأزمة، كما تطرّق البحث الى التحدّيات والمخاطر الأمنية وتحديداً الوضع في الجنوب وعلى الحدود»، وذكّرت «بالرسالة التي وجهّها جعجع الى رئيس الجمهورية وفيها سؤال عن كلام نصرالله ودفاعه عن إيران، وتحديداً في حال تعرّضها لأيّ ضربة عسكرية فهو لن يكون على حياد، وتأكيد نصرالله أنه سيكون معنياً بالرّد مورّطا بذلك لبنان في حرب لا تعنيه، الأمر الذي يجب ضبطه سريعاً منعاً لأي تطوّر».
«النأي بالنفس»
وفي غضون ذلك، تفاعلت المواقف التي أعلنها السيد نصرالله في ذكرى عاشوراء، تزامناً مع وجود شينكر في بيروت، فأيّدها البعض فيما راح خصوم «حزب الله» يقولون أنّها «نسفت الحياد وسياسة النأي بالنفس المنصوص عليها في البيان الوزاري للحكومة من خلال جعله لبنان قاعدة عسكرية متقدّمة لايران ومنصة للدفاع عنها، وسط صمت رسمي وسياسي».
معوض
وفي هذا الاطار، قال رئيس «حركة الاستقلال» النائب ميشال معوض لـ«الجمهورية»: «القضية هي قضية مصلحة لبنان وأسس التفاهم بين اللبنانيين، ومن الواضح أن هناك نزاعاً قوياً في المنطقة، ولكن دخول لبنان فيه ومن أي جهة من الجهات يعرّضه للخطر. ولذلك كانت هناك أسس تفاهم وأساس دستوري، أنّ قراراً كهذا لا يمكن ان يُتّخذ الا عبر الدولة اللبنانية».
وذكّر معوض بأنّ «التفاهم عند تشكيل الحكومة الحالية كان على أنها ستعتمد سياسة النأي بالنفس، وهي اعلنت الامر في بيانها أيضاً»، مشيراً الى «أنّ حزب الله هو شريك فيها ولا يمكننا الكلام في الحكومة عن النأي بالنفس فيما هو يقرّر الحرب ويعتبر نفسه جزءاً من محورها. ففي ذلك مخالفة للدستور وللركائز التي تأسست عليها الحكومة الحالية، وكذلك مخالفة للتوجّه المبدئي الذي عدنا الى التراجع عنه وهو الاستراتيجية الدفاعية، بمعنى أنّ علينا الإستفادة من كل قوتنا لمواجهة اسرائيل وإعتداءاتها، ولكن تحت إدارة الدولة اللبنانية وبقرارها وليس بقرار نزاع اقليمي، بل بقرار يتعلق بالمصلحة اللبنانية العليا».
قواعد اشتباك مالية
وغداة خطاب نصرالله، الذي أكّد فيه ضرورة درس الخيارات الممكنة، للردّ على العقوبات الاميركية المتصاعدة، أفادت المعلومات انّ الحزب اتخذ قراراً بأن يتعامل بأقصى درجات الجدّية والحزم مع التهديد المتأتي من العقوبات، لكنه لم يحسم بعد أنماط الرد واشكاله.
وعُلم انّ الخيارات المحتملة ستخضع لنقاش داخل دوائر الحزب من جهة ومع الحلفاء من جهة أخرى، وصولاً الى حسم وجهة التعامل مع الحصار الإميركي، والاجراءات التي يمكن اتخاذها لاحتوائه ولجم تداعياته.
وأكّد المواكبون لمجريات الامور داخل الحزب، «أن مسؤوليه وكوادره لم ولن يتأثروا بالعقوبات الاميركية لأنهم خارج مدى الاصابة، لانعدام اي صلة لهم بالآليات المصرفية المتبعة وبالمنظومة المالية – الاقتصادية التي تتحكّم بها واشنطن».
لكن ما دفع نصرالله أخيراً الى رفع اللهجة والتلويح بفرض «قواعد اشتباك مالية»، وفق القريبين من الحزب، «هو التمادي الحاصل في استهداف مؤسسات وشخصيات تحمل الهوية الشيعية، انما من دون ان يكون لها اي ارتباط بحزب الله، لا تنظيمياً ولا معنوياً».
وإعتبرت شخصية نيابية حليفة للحزب «انّ الحصار الاميركي المالي قد يدفع البعض الى المطالبة بإعادة النظر في التزام لبنان بقوانين تتعلق بتبييض الاموال ومكافحة الارهاب، كان قد اقرّها تحت الضغط الاميركي والدولي، على قاعدة أنّها ضرورية لحمايته وتأمين شبكة امان لقطاعاته المالية والاقتصادية».
إستراتيجية إدارة الحدود
الى ذلك، سيناقش مجلس الوزراء في جلسته اليوم استراتيجية الإدارة المتكاملة للحدود، و29 بنداً ابرزها التعيينات القضائية، وفق الآتي: القاضي سهيل عبود لرئاسة مجلس القضاء الاعلى، القاضي غسان عويدات مدّعياً عاماً للتمييز، القاضي فادي الياس رئيس مجلس شورى الدولة، القاضي جمال الخوري رئيساً لهيئة التشريع والقضايا، القاضية رولا جدايل مديرة عامة لوزارة العدل. واشارت المعلومات الى انّ رئيس مجلس القضاء الحالي القاضي جان فهد سيُعيّن رئيساً لمحكمة التمييز العسكرية.
وأضافت الأمانة العامة لمجلس الوزراء أمس بندين على جدول الأعمال. الأول يتصل بكتاب عاجل من وزارة الخارجية والمغتربين يتعلّق بتفويض الوزير توقيع الاتفاقية الثنائية بين لبنان وبريطانيا وملحقاتها لفترة ما بعد «البريكست». وآخر لوزارة الداخلية والبلديات يتصل بالتدابير الواجب اتخاذها والاعتمادات المطلوبة لاجراء الانتخابات البلدية والاختيارية الفرعية قريباً في عدد من المدن والقرى والمحافظات.
بين الحريري وباسيل
وتوقفت مصادر وزارية وسياسية عند ما تسرّب من اللقاء ليل الثلثاء – الأربعاء بين الحريري وباسيل في «بيت الوسط» وخُصّص للبحث في عدد من التعيينات الإدارية التي يمكن البت بها ولو من خارج جدول الأعمال، بالإضافة الى التعيينات القضائية في جلسة الغد.
وفي معلومات «الجمهورية»، انّ البحث تناول مزيداً من التعيينات التي شملت عدداً من عمداء الجامعة اللبنانية وبعض المواقع الإدارية الأخرى. ولكن التوافق لم يكن شاملاً، بحيث إقتصر على دفعة إضافية شملت مبدئياً المدير العام لمؤسسة «ايدال» وهو سنّي، ورئاسة المجلس الأعلى للخصخصة من حصة الموارنة.
وفي هذا السياق، قالت مصادر «القوات اللبنانية» أنّ وزراءها «سيؤكّدون خلال جلسة مجلس الوزراء اليوم على مسألتين أساسيتين، الأولى مرتبطة بموقف لبنان لجهة أن يكون قرار الحرب والسلم بيد الحكومة اللبنانية وليس خارجها، وسياسة النأي بالنفس والالتزام بهذا النأي بشكل تام ومطلق. والثانية، لا خيار خارج إطار آلية التعيينات، لأن أي خيار آخر سيكون كارثياً على مستوى ثقة اللبنانيين التي إهتزّت كثيرا بالحكومة، لأنّ الناس يريدون آليات واضحة حيث يصل الأكفأ الى الموقع المناسب».
التهريب
وعشية جلسة مجلس الوزراء، ترأس الحريري اجتماعاً في السراي ضمّ وزراء الداخلية والدفاع والمال وقادة الاجهزة الامنية، ناقش موضوع التهريب على الحدود، والتدبير رقم 3 والهدف سدّ كل الثغرات في موضوع التهريب والمعابر.
واتفق المجتمعون على القيام بعملٍ مشترك لضبط المعابر، وناقشوا مسألة إنشاء غرفة لتجميع المعلومات حول المعابر والمواد التي يجري تهريبها وكمياتها وتحديد الجهة النهائية التي تصل اليها، مشيرين إلى أنّ عدد المعابر غير الشرعية التي يجب العمل عليها هو ما بين 8 و12 معبراً.
الموازنة
ووقّع وزير المال مشروع موازنة 2020 ورفعها للأمانة العامة لمجلس الوزراء، وستصبح حاضرة خلال أيّام لمناقشتها في مجلس الوزراء، ضمن جلسة علمت «الجمهورية» أنّها ستُعقد الأسبوع المقبل، الذي سيشهد جلستين للمجلس الوزراء، الاولى عادية والثانية للبدء في مناقشة موازنة 2020.
وأكّد الوزير حسن خليل لـ«الجمهورية»، أنّه إتفق مع رئيس الحكومة على مناقشة الموازنة وإقرارها سريعاً داخل مجلس الوزراء، بدءاً من جلسة أولى استثنائية تُعقد الأسبوع المقبل».
وكشف أنّ «نسبة العجز في موازنة 2020 هي أقلّ من موازنة 2019، رغم إزدياد كلفة الدين العام وإنخفاض النمو الى حدود الصفر، ولا إجراءات جديدة في موازنة 2020 لأنّ موازنة 2019 كانت بلغت الحد الأدنى من عصر النفقات، كما أنّها لا تحتوي على رسوم وضرائب، لكنها تتضمّن عدداً من المقررات التي تمّ الإتفاق عليها في لقاء بعبدا المالي الأخير».
وعن المعابر غير الشرعية والقول إنّها لا تتخطى الإثني عشر معبراً قال خليل: «ما يعنيني في النهاية هو وقف التهريب، معبرا كانوا أو مئة معبر، المهم هو إتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف التهريب الذي تزداد نسبته بوتيرة مرتفعة»، وأضاف: «قال لي أحدهم اليوم، أمّن لي معبراً لـ3 ساعات في اليوم وسأعطيك 100 ألف دولار، ما يعني أنّ العمل في التهريب ناشط جداً».
وفي ملف متعهدي تغذية الجيش اللبناني الذين توقّفوا عن تقديم المواد الغذائية المطلوبة من الجيش، بما فيها الخبز العربي والخضار واللحوم بسبب عدم دفع وزارة المال مستحقاتهم منذ تشرين الثاني 2018 قال خليل: «لا تأخير في وزارة المال، وسيتم إنجاز الصرف خلال اليومين المقبلين، نحن تسلّمنا هذه الجداول والمستحقات منذ أسبوع فقط، وأخذنا الوقت الطبيعي لصرفها».
المصدر: الجمهورية