مجلة وفاء wafaamagazine
يبدو أن تونس على موعد دائم مع التظاهرات في كانون الثاني/ يناير كل عام، وإن اختلفت العناوين. حتى أمس، واصل شبان تظاهراتهم التي بدأت غداة الذكرى العاشرة لسقوط نظام الرئيس زين العابدين بن علي في الرابع عشر من الشهر الجاري، للمطالبة بإطلاق سراح موقوفين إثر صدامات ليلية بين قوات الأمن ومحتجين ينتقدون السلطة والطبقة السياسية «العاجزة» أمام تدهور الوضع الاقتصادي. وتجمع نحو مئة في العاصمة ومثلهم في محافظة سوسة (شرق) متحدّين قرار حظر التجمع الذي أقرّته السلطات لمكافحة جائحة كورونا. وادّعى المتظاهرون أن الدولة استعملت «القوة المفرطة لمواجهة شعب جائع»، مطالبين المسؤولين «بالإصغاء إلى الشباب لوقف العنف». وتبلغ نسبة البطالة 16,2 في المئة في بلد يبلغ عدد سكانه 11,7 مليون نسمة يواجهون انكماشاً اقتصادياً بنسبة ستة في المئة، حسب أرقام «المعهد الوطني للإحصاء الحكومي».
بالتوازي، حدد البرلمان الثلاثاء المقبل تاريخاً لجلسة عامة للتصديق على التعديل الذي شمل 11 وزيراً في حكومة هشام المشيشي بعدما باشرت عملها منذ أقل من خمسة أشهر. تعقيباً على ذلك، أعلن نائب عن «الكتلة الديموقراطية»، التي لديها 38 مقعداً من أصل 217، أن كتلته لن تصوّت لمصلحة التعديلات الوزارية الجديدة، متهماً المشيشي بأنه «مجرّد مُنفّذ لخيارات حزامه السياسي (كتل «النهضة» و«قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة») وبعض اللوبيات الاقتصادية المتنفذة». وسبق لرئيس الحكومة أن قال في كلمة متلفزة، إن «الأزمة حقيقية والغضب مشروع والاحتجاج شرعي، لكن الفوضى مرفوضة وسنواجهها بقوة القانون»، وذلك مع تقلص وتيرة الاحتجاجات وحدّتها أمس في ولايتَي سيدي بوزيد وقفصة (غرب) وأيضاً في حيّ التضامن في العاصمة، فيما تم توقيف 41 شخصاً أول من أمس تتراوح أعمارهم بين 15 و17 عاماً ليصير عدد الموقوفين أكثر من 600. في المقابل، أُصيب 21 عنصراً أمنياً بحروق وكسور منذ أربعة أيام. كما لحقت بمؤسسات على غرار البريد وبنوك أضرار خاصة في القصرين (غرب) والمهدية (شرق) والكاف (غرب) وحي التضامن.
وبينما يطالب المتظاهرون الرئيس قيس سعيّد بحل البرلمان، نفت الرئاسة، في بيان، أمس، أن يكون سعيّد قد اتهم اليهود (في البلاد) بالوقوف وراء الاحتجاجات الأخيرة، مشيرة إلى أن الرئيس اتصل بكبير أحبار تونس، حاييم بيتان، لتوضيح موقفه. وسبق أن عبّر «مؤتمر الحاخامات الأوروبيين» عن «القلق إزاء تصريحات أدلى بها سعيّد واتهم فيها اليهود بالسرقة والوقوف وراء أعمال الشغب»، لكن بيان الرئاسة أكد أنه لم يجرِ التعرض لأي دين، فضلاً عن أن هذه القضية «غير مطروحة أصلاً في تونس». وذكّر سعيد خلال المكالمة مع بيتان بموقفه «الثابت من القضية الفلسطينية»، وبأنه «يفرّق بين حرية الأديان وحق الشعب الفلسطيني في أرضه».
في غضون ذلك، كشف وزير الدفاع، إبراهيم البرتاجي، عن معلومات تفيد بتحرك «عناصر إرهابية» لاستغلال الاحتجاجات. جاء ذلك في جلسة حوار برلمانية خُصصت لمناقشة الوضع العام والاحتجاجات، بحضور عدد من أعضاء الحكومة. وقال البرتاجي، إن «المؤسسة الأمنية لديها معلومات عن تحرك عناصر إرهابية لاستغلال التحركات الليلية للقيام بعمليات إرهابية» دون تفاصيل بشأن هويتهم، مشيراً إلى «ضبط بعض العناصر التكفيرية» ومصادرة أسلحة بيضاء وزجاجات مولوتوف بحوزتها. لكن الوزير نفى استخدام الأمن «القوة المفرطة»، بل اشتكى من أن «المؤسسة الأمنية تواجه المحتجين وحدها… مع غياب النواب والمجتمع المدني عن القيام بدورهم لتهدئة الاحتجاجات».