مجلة وفاء wafaamagazine
ليس من السهل أن نجذب الطفل للعب بألعابه بعد أن مرّ على إستعمالها أسابيع عدة. فيملّ كثير من الأطفال من لعبتهم، وهذا أمر طبيعي لأنّ الطفل، وبعد إكتشاف اللعبة، سيتعلذم منها بعض المفاهيم المتعلقة بها، ثم سيطلب لعبة أخرى تاركاً لعبته. ويجب أن يفهم الأهل بأنّ الطفل، وبعدما «رَوَت» لعبته الجديدة غليله، يطلب لعبة أخرى.
لذا، اختيار اللعبة المناسبة، خصوصاً في هذه الأيام، أساسي للتخفيف من القلق والروتين اللذين يعيشهما الطفل. كما اختيار اللعبة المناسبة له (بحسب عمره وجنسه)، سيجعله متشوقاً للعب فيها كل مرة. كيف يمكن للأهل أن يختاروا اللعبة المناسبة لأطفالهم، خصوصاً في هذه الظروف الإقتصادية الصعبة؟ وما هي النشاطات التي يمكن أن تُبعد الطفل عن الألعاب الإلكترونية؟
الاختيار المناسب
من أهم الأدوار التي يقوم بها الأب والأم على حدٍ سواء هو إختيار ألعاب طفلهم. وكي يكون الإختيار مناسباً، تتداخل العديد من الأمور، منها القدرات العقلية والمهارات الحركية للطفل. لذا عملية إختيار اللعبة ليس بالمسألة البسيطة، بل هي مسالة دقيقة. وعادةً، يختار الطفل لعبته لأنّها تلبّي حاجياته. فكم من الأطفال، خصوصاً الذين بحاجة الى العاطفة، يحاورون ويعانقون ألعابهم. هذا النوع من الألعاب يزيد من إنفعال الطفل وتعلّقه بها. كما خلال اللعب، يستعمل الطفل خياله لمصادقة لعبته وتصبح جزءاً من يومياته، ومصدراً لفرحه.
العوامل الأساسية لإختيار اللعبة المناسبة
من العوامل المهمة التي يجب أخذها في الاعتبار عند اختيار ألعاب للأطفال هو سن الطفل. ونقطة أخرى مهمة، هي أن تثير اللعبة اهتمام الطفل. فمثلاً لعبة المكعبات البلاستيكية تثير فضول جميع الأطفال، لأنّهم يكتشفون شيئاً جديداً من خلال وضع المكعبات واحدة على الأخرى، ويحصلون في نهاية المطاف على شكل هندسي، ويحققون هدفهم، ما يرفع ثقتهم بنفسهم. ومن المعروف أنّ لعبة المكعبات جزء لا يتجزأ من مبادئ علوم الرياضيات التي يكتسبها الطفل من خلال ألعابه.
كما من المستحسن إتاحة الفرصة للطفل لإكتشاف لعبته. ويمكن للأهالي مساعدة أطفالهم بطريقة بسيطة جداً وغير مباشرة في تعلم مبادئ اللعبة بطريقة سلسة وفعّالة وصحيحة. كما نذكّر أنّ الاطفال وخلال لعبهم، لا يحبون أبداً تدخّل الأهل إلّا إذا طلبوا ذلك. إذ يفضّل الأطفال تولّي قيادة اللعبة بأنفسهم. ومن المستحسن ألا يتدخّل الأهل خلال ساعة اللعب لأطفالهم إلّا بغرض المساعدة أو التوجيه لفكرةٍ ما.
ألعاب للصبيان وألعاب للبنات
نقطة مهمة في الاختيار المناسب للعبة، الأخذ في الإعتبار جنس الطفل. فمن المؤكّد أنّ أغلبية الأطفال الذكور يحبون كثيراً الألعاب التي ترمز إلى القوة والشجاعة والإندفاع، وإلى الألعاب التي تتحرك والتي تُصدر أصواتاً قوية، وتلك التي يمكن للطفل أن يتحكّم بحركاتها وسرعتها، ومن هذه الألعاب: الطائرات والمسدسات والدبابات والقطارات الإلكترونية…إلخ.
أما بالنسبة للفتيات، فيفضل معظمهن الالعاب الهادئة والناعمة والتي يمكن من خلالها يمكن أن يقمن بنوع من التفاعل العاطفي، ومن هذه الألعاب: العرائس وأدوات المطبخ البلاستيكية … إلخ.
ولكن هذا لا يعني ألّا تلعب الفتاة بألعاب أخيها والعكس صحيح… في بعض الأحيان، حشرية الطفل تجاه ألعاب الجنس الآخر تدفعه للعب فيها، ولكنه لا يجد «حاجته» النفسية في هذه الالعاب، لذا يتركها ويرجع إلى ألعابه المناسبة لجنسه.
عمر الطفل واللعبة المناسبة
أما بالنسبة للعمر، فاختيار اللعبة المناسبة للطفل هي أيضاً عملية معقّدة وصعبة. فإن لم تكن اللعبة التي اختارها الأهل أو الطفل مناسبة لعمره، لن يعيرها الطفل أي اهتمام، والأسباب بسيطة:
- لم يفهمها ولم يفهم مبدأ اللعبة وبالتالي سيتركها
- لا تلبي إحتياجاته ومتطلباته النفسية. فحتى الألعاب لها دور بارز في تعزيز شخصية الطفل وإدراكه لمبدأ الإختيار، خصوصاً إذا كان الأهل يصطحبونه لإختيار اللعبة المناسبة.
لذا، في محل الألعاب، هناك ثلاث قواعد لا يجب أن ينساها الأهل:
أولاً، الإتفاق مع الطفل قبل الخروج من البيت، بأنّه سيختار لعبة واحدة وليس المحل كله. فطبعاً هذا صعب على الطفل أن يكون أمام كل الألعاب الملوّنة والجميلة وألّا يتمنى أن يأخذها كلها معه إلى البيت.
ثانياً، عندما يصل الأهل إلى المحل مع الطفل، يجب أن يتصرف بشكل جيد، خصوصاً خلال اختيار اللعبة، وإلّا لن يحصل على مبتغاه.
ثالثاًً، على الأهل أن ينتبهوا إلى العمر المناسب للعبة، الأمر الذي يُدَوَّن عادة على كرتونة كل لعبة.
أما إذا كان الطفل من ذوي الحاجات الخاصة، فعلى الأهل أن يختاروا اللعبة المناسبة لذكاء طفلهم وإدراكاته النفسية والعقلية والمعرفية بشكل تقريبي. فلا يمكن أن يختار لعبة لم يستوعب محتواها التعلمي، لذا للأهل دور أساسي في إختيار لعبة تكون مناسبة لتطلعات الطفل وليس لتطلعاتهم، كما يجب أن يقوموا بتجربتها، وإذا لم يكن هناك أي تقدّم لعملية فهم الطفل لطريقة استخدام اللعبة أو أنها أقل من مستواه الفكري، فيمكنهم تغييرها.