الرئيسية / كورونا / باسكال سلامة : مواجهة كورونا تكون بالاستباق وليس بردات الفعل

باسكال سلامة : مواجهة كورونا تكون بالاستباق وليس بردات الفعل

مجلة وفاء wafaamagazine

جويل رياشي- الأنباء الكويتية

إضافة الى معاناتهم من استشراس فيروس كورونا الذي استحالت آثاره مآسي في عائلات عديدة، يعاني اللبنانيون، كغيرهم من سكان المعمورة، من آثار مدمرة لسيل هائل من المعلومات الخاطئة والمضللة التي تنتشر عن الفيروس عبر الشبكة العنكبوتية. وفي الوقت الذي تسبب فيه فيروس كورونا في حصد أرواح أكثر من ٣٠٠٠ لبناني، تغذي الشائعات والأخبار الكاذبة الارتباك السائد وتعمق المأساة. في هذا الإطار، لابد ان تبقى الكلمة الفصل للعلم وأهله. «الأنباء» تحدثت إلى الباحثة في علم الوبائيات البروفيسورة باسكال سلامة التي تجري دراسات عدة حول كوفيد-١٩ وحيثياته اللبنانية.

ما الدراسة التي تقومين بها حاليا حول كوفيد-١٩ بالتعاون مع وزارة الصحة؟ وماذا عن الدارسات السابقة في هذا الإطار؟

٭ حاليا، نحن نقوم بدراسات عدة منها دراسة كبيرة على صعيد وطني بالتعاون مع وزارة الصحة والجامعة اللبنانية والمركز الوطني لجودة الغذاء والماء والدواء (مركزه في كلية الصيدلة في الجامعة اللبنانية). هذه الدراسة تقع في شقين:

 

الأول يتعلق بالمزايا والخصائص التي نراها عند الناس الذين أصابهم فيروس كورونا وأدخلوا من جراء ذلك الى المستشفى (والهدف هنا هو ان نعرف ما الذي جعل كورونا أقوى لدى هؤلاء)، والشق الثاني يتعلق بالناس الذين طالهم الفيروس ولكن من دون ان يحتاجوا مستشفى (والهدف معرفة السبب وراء أصابتهم الفيروس). وهناك جزء من الدراسة يتعلق بالوقاية: نريد ان نعرف ما إذا كانت الناس التي تتخذ إجراءات اكثر من غيرها محمية أكثر من غيرها.. كل هذا لمساعدة الوزارة وكل المعنيين بملف كورونا في اتخاذ القرارات الصائبة المبنية على دراسات أجريت على الشعب اللبناني.

هل من نتائج للدراسات السابقة؟

٭ نعم. لدينا أرقام أولية لدراسة تقول ان الذين لا يضعون كمامة ولا يحترمون التباعد الاجتماعي يصابون أكثر من غيرهم بالفيروس، وكذلك تبين لنا ان الناس الذين لديهم معلومات أكثر عن الموضوع يتخذون إجراءات وقائية أفضل مما يساعد على إصابتهم بنسبة أقل من غيرهم.

وعن آثار الجائحة النفسية على الشعب اللبناني، تبين لنا ازدياد المشاكل النفسية بعد كورونا وخصوصا الكآبة والقلق والـ PTSD ما أدى إلى انخفاض جودة الحياة. وأظهرت دراساتنا أيضا تغييرا بالعادات كممارسة الرياضة والانتباه إلى النظام الغذائي (قد تكون هذه النتيجة مرتبطة بنوعية الناس التي أجابت على استطلاع الرأي وهم بالإجمال إناث، ومواطنين أكثر ثقافة). الدراسات يجب ان تستمر لأنه كلما تقدمنا بالجائحة تعب الناس، والتعب يتجلى في تغيير السلوكيات وفي الحالة النفسية.

بناء على هذه الدراسات، كيف تقومين تعاطي وزارة الصحة مع الوباء منذ بدء انتشاره في لبنان؟

٭ كان بإمكانه ان يكون أفضل. الاستراتيجية بإمكانها ان تكون اكثر وضوحا وان تضم كل الأطراف وتلحظ كافة المشاكل التي ممكن مواجهتها. الاستراتيجية يجب ان تستبق الأمور. هذا ما لم يحصل، القرارات تتخذ دائما كردة فعل بينما يجب ان تكون استباقية احترازية، ناهيك عن القرارات المتسرعة التي أوصلتنا إلى ما نحن عليه اليوم.

كيف تقومين مستوى الوعي والمعرفة لدى اللبنانيين في تعاملهم مع هذه الجائحة؟

٭ درجة الوعي تختلف مع اختلاف ثقافة الناس: كلما كان الشخص مثقفا ويقرأ اكثر كان اكثر وعيا ويتخذ التدابير بشكل أفضل. ولكننا لاحظنا ايضا ان هناك لبنانيين مثقفين ولكن ليست لديهم ثقافة طبية فيتناقلون أخبارا مغلوطة على السوشيال ميديا، مما يزيد الأمر سوءا.

هل يعد التطعيم ببدء حل جذري للأزمة؟ أي بمعنى آخر: هل اقترب انتهاء الكابوس؟

٭ أنا متأملة ان يكون التطعيم حلا للأزمة. اللقاحات الموجودة أصبحت مجربة ونعرف انها على المدى القصير لا تتسبب بمشاكل. ولكن على المدى الطويل، لا نعرف الى اي مدى بإمكانها الحماية ولا نعرف اذا كانت تتسبب بعوارض جانبية. ولكن كلنا أمل ان اللقاحات هي التي ستساعدنا على الخروج من النفق. ونتمنى ان تستطيع الدولة تطعيم أكبر عدد ممكن من اللبنانيين للوصول الى مناعة القطيع. وهنا تبرز مشكلة المواطنين الذي يرفضون اللقاح لأسباب عديدة أبرزها الخوف، عدم الاقتناع، الانجرار خلف الشائعات.

ماذا سيتغير في العالم وسلوكيات الناس عموما بعد انتهاء الجائحة؟

٭ أتمنى ان تنتهي الجائحة قريبا. وأعتقد ان الناس ستستمر متأثرة بها وقد يلزمها وقتا للخروج منها حتى بعد انتهائها، ولكن مع الوقت، سيتلاشى كل هذا كأي trauma، الوقت كفيل بإعادة ترتيب الأمور.

إلى أي مدى دور الجامعات والباحثين أساسي اليوم؟ وهل يجب تعزيزه؟

٭ هذه مشكلة أساسية في لبنان، حيث هناك لجان تتشكل ولا تضم باحثين وحيث الجامعات غير ممثلة، من هنا تكون طريقة التعاطي مع الجائحة ناقصة. نحن نتمنى ان يأخذوا برأينا أكثر. مع الإشارة الى ان الاختصاصيين بعلوم الوبائيات والصحة العامة باستطاعتهم ان يروا المشكلة ليس فقط على صعيد المريض الواحد بل على صعيد المجتمع ككل. هؤلاء الاختصاصيون بإمكانهم المساعدة في تجنيب البلد الكوارث.