الخميس 26 أيلول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
مع ان معظم العناوين الرئيسية لكلمة لبنان أمام الجمعية العمومية للامم المتحدة في نيويورك والتي ألقاها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أمس، لم تخرج عن اطار المواقف المتوقعة، فإن أبرز ما ميزها هذه السنة تصليب نبرته حيال مسألة عودة النازحين السوريين الذين يستضيفهم لبنان الى بلادهم وتلويحه بالتفاوض المباشر مع النظام السوري وتجاوز المجتمع الدولي من أجل هذه العودة. وللسنة الثالثة توالياً، أي منذ انتخابه رئيسا للجمهورية، كان لعودة النازحين السوريين الى بلادهم الحيز الأهم في كلمة عون، علماً ان هذا الملف طرح في لقاء رئيس الجمهورية والامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريس، فضلاً عن الوضع القائم في جنوب لبنان وعلى الخط الازرق في ظل التوترات التي حصلت الشهر الماضي.
وقد أكد رئيس الجمهورية في كلمته مجدداً “أن لبنان ملتزم القرار 1701 لكن التزامنا هذا لا يلغي حقنا الطبيعي وغير القابل للتفرّغ، بالدفاع المشروع عن النفس، بكل الوسائل المتاحة”.
وتناول اعتداءات اسرائيل وخروقها للقرار 1701، واعتبر أن “العدوان على منطقة سكنية في بيروت هو الخرق الأخطر لهذا القرار والحرائق التي استمرت لأيام في مزارع شبعا المحتلة جراء القذائف الحارقة، تشكّل جرماً بيئياً دولياً يستوجب إدانة من تسبب به”. وسجل رفض لبنان القاطع لكل محاولة للمس بولاية “الأونروا” أو تعديلها.
وبعدما أشار إلى ان لبنان لن يوفّر فرصة لتثبيت وترسيم حدوده في إشراف الأمم المتحدة، مع ترحيبه بأيّ مساعدة من أيّ دولة في هذا المجال، أعلن عن “مباشرة لبنان عمليات التنقيب عن النفط والغاز في مياهه الإقليمية قبيل نهاية هذه السنة بموجب القوانين والأعراف الدولية”.
أما الموقف الأقوى، فكان تحذيره من عرقلة عودة النازحين السوريين ومن “تحويلهم رهائن في لعبة دولية للمقايضة بهم عند فرض التسويات والحلول”.
واسترعى موقفه الانتباه من حيث اعتباره “أن شروط العودة الآمنة للنازحين السوريين أصبحت متوافرة، فالوضع الأمني في معظم أراضي سوريا، ووفقاً للتقارير الدولية، أضحى مستقراً والمواجهات العسكرية انحصرت في منطقة إدلب. وقد أعلنت الدولة السورية، رسمياً وتكراراً، ترحيبها بعودة أبنائها النازحين، وقد غادر من لبنان حتى الآن قرابة 370 ألف نازح، عاد منهم الى سوريا ما يزيد عن 250 ألفاً، ولم ترد أي معلومات عن تعرضهم لأي اضطهاد أو سوء معاملة”. وأضاف: “في المقابل ترتسم لدينا علامات استفهام عديدة حول موقف بعض الدول الفاعلة والمنظمات الدولية المعنية الساعي إلى عرقلة هذه العودة والادعاءات بخطورة الحالة الأمنية في سوريا وإثارة المخاوف لدى النازحين، مما يؤشر بوضوح للمنطلقات السياسية التي يتم من خلالها التعامل مع أزمة النزوح، وكأني بالنازحين قد تحولوا رهائن في لعبة دولية للمقايضة بهم عند فرض التسويات والحلول، وهذا ما قد يدفع لبنان حكماً إلى تشجيع عملية العودة التي يجريها بالاتفاق مع الدولة السورية لحل هذه المعضلة التي تهدد الكيان والوجود”.
وكان غوتيريس أكد لرئيس الجمهولرية أن “الامم المتحدة حريصة على سيادة لبنان واستقلاله وسلامة أراضيه، وهي ستفعل كل ما من شأنه المساعدة في تحقيق هذه الاهداف”.
وبعدما القى كلمته وتوجه الى قاعة الانتظار، كان للرئيس عون لقاء سريع مع الرئيس الايراني حسن روحاني الذي كان ينتظر موعد كلمته،وتم اللقاء في حضور وزيري خارجية البلدين محمد جواد ظريف وجبران باسيل.
قانون الانتخاب!
أما في المشهد الداخلي، وفيما يواصل مجلس الوزراء عقد جلساته المتعاقبة لانجاز درس مشروع موازنة 2020 بوتيرة سريعة، شكلت جلسة أولى للجان النيابية المشتركة أمس لمناقشة اقتراح تعديل قانون الانتخاب الذي قدمته “كتلة التنمية والتحرير” والذي يلحظ اعتماد لبنان دائرة واحدة مع النسبية، حدثاً لافتاً في التوقيت والمضمون. ذلك انها المرة الأولى يطرح ملف قانون الانتخاب قبل ثلاث سنوات من موعد الانتخابات النيابية، كما ان مضمون الاقتراح يواجه اعتراضات وتحفظات مسيحية واسعة. ومع ذلك، قال نائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي رأس الجلسة “أن عدد النواب الذين حضروا الجلسة كان كبيراً، وتجاوز عدد الذين تتألف منهم اللجان المعنية بدراسة القانون، نظراً الى أهميته والى أهمية النقاش الذي يدور. تقريباً كل النواب أدلوا بدلوهم بحوار، ولا أغالي اذا قلت إنني أعتقد انه من أرقى الحوارات التي دارت بين السادة النواب في جلسة مسؤولة كهذه، وجميعهم استشرفوا المستقبل وناقشوا الموضوع، وطبعا هذه بداية الطريق”.
وقيل له: بعض الاحزاب المسيحية يرى ان لا داعي لتغيير قانون الانتخاب، فما رأيك؟ أجاب: “هذا حقهم، كل حزب له الحق في ان يقول وجهة نظره. لكن كتلة التنمية والتحرير تقدمت باقتراح قانون، والرئاسة لا تستطيع ان تقول لها انت لا تستطيعين ان تقدمي اقتراح قانون”.
الموازنة
في غضون ذلك، تابع مجلس الوزراء مناقشة بنود الموازنة، ودخل تفصيلاً في موازنات بعض الوزارات، وأُنجز البعض منها. وأوضح وزير الاعلام جمال الجراح أن المجلس سيعقد جلسة أخرى في الرابعة عصر اليوم، موضحاً ان أهم القرارات التي اتخذها أمس هي تكليف وزير المال، بالتنسيق مع وزيري الطاقة والمياه والاتصالات، إعداد تصور عام يهدف إلى توفير كلفة استخدام الطاقة الكهربائية والاتصالات في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة. أما القرار الثاني فيقضي بتكليف وزيرة الدولة للتنمية الإدارية، بالتنسيق مع وزير الدولة لشؤون التكنولوجيا والاستثمار، إعداد تصوّر عام يهدف إلى توحيد استعمال أنظمة المعلوماتية المستخدمة في الإدارات والمؤسسات العامة وصيانتها. ويقضي القرار الثالث بتكليف وزير المال إعداد تصوّر عام يهدف إلى خفض كلفة أعمال التنظيفات والمواد الاستهلاكية في الإدارات الرسمية والمؤسسات العامة.
وتقدم وزير العمل كميل أبو سليمان باقتراح زيادة بنود إلى مشروع الموازنة في عدد من المواضيع أبرزها: تسوية أوضاع العمال الأجانب غير الشرعيين الذين دخلوا أصلاً لبنان بطريقة شرعية، والسماح لوزارة العمل بإصدار إجازات عمل للعمال الأجانب المؤقتين، أي أولئك الذين يعملون بشكل موقتاً خصوصاً في المواسم الزراعية.
النهار