مجلة وفاء wafaamagazine
رأى المفتي الشيخ محمد رشيد قباني، في بيان اليوم، أن “الرابع عشر من شباط يعود، وتعود معه ذكرى آلام وجراح بدأت باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري في 14 شباط 2005، ولا تزال تتراكم وتتعاظم في صميم الوطن، آلام ما استطاع شيء حتى الآن أن يمحيها أو أن يخفف من وطأتها”.
وقال: “رفيق الحريري كما عرفته الأخ الصادق والصديق، رئيس الحكومة ورجل الدولة المسلم المؤمن بالله، الذي اغتالته يد الإجرام في معترك كفاحه من أجل وطنه لبنان الذي أحب، والذي حمله معه في غربته لسنوات وعاد به مشروعا لدولة راقية لشعبه يوم عاد إليه. رفيق الحريري الذي أحب اللبنانيين جميعا على اختلافهم فأحبوه. لم يحمل في قلبه ذرة من حقد على أحد منهم مهما بلغ اختلافه معه. أحب أبناء بلده كما أحب أبناءه فلذات كبده، كان المحب لعائلته الصغيرة وما كان ليفرق في محبته بين مواطنيه اللبنانيين كما لم يفرق في محبته بين أولاده. رفيق الحريري كما عرفته كان قوي الانتماء إلى عروبته وعروبة وطنه لبنان، شديد الحرص على حسن علاقة لبنان بجميع الدول العربية بلا استثناء ولا تمييز لإيمانه الكبير بالعمق العربي لوطنه لبنان، وبأن لبنان هو جزء من هذه العائلة العربية التي تقوى بوحدة دولها وشعوبها. رفيق الحريري رحمه الله كما عرفته كان متعلقا بفلسطين وبأحقية قضيتها وقضية شعبها الفلسطيني الشقيق، يدين الاحتلال الصهيوني لفلسطين ويؤمن بحق عودة الفلسطينيين لوطنه وإقامة دولتهم الفلسطينية على أرضه”.
أضاف: “في ذكرى رفيق الحريري الشهيد، لا يمكننا إلا أن نقارن بين لبنان الأمس ولبنان اليوم، وأن ننظر إلى المفارقة بين آمال الرئيس رفيق الحريري لوطنه لبنان وشعبه ومستقبله ولواقع لبنان البائس اليوم، فنرى أن مشروع تمكين الدولة الذي حمله الرئيس الشهيد أصبح بعيد المنال، وأن الاقتصاد اللبناني الذي كان همه تدهور وانهار، والمجتمع اللبناني الأصيل عصفت به الأعاصير فبعثرته بين هذه الجهة وتلك، في محاولات السيطرة الطائفية والمذهبية عليه وعلى مواقع النفوذ فيه، بعيدا من ميثاقه الوطني المتجدد بميثاق الطائف، حتى باتت طائفتنا تعتصر نفسها أمام هذا المشهد اللبناني اليومي كما يعتصر الوطن اللبناني نفسه أيضا بين المتصارعين عليه. أما عن علاقة الدول العربية ببعضها وفي ما بينها فما عادت للأسف على أحسن حال، وكذلك علاقة لبنان بأشقائه العرب التي وصلت إلى أدنى قدر مما يجب أن تكون عليه، وأما فلسطين فإن نزيفها يكبر باشتداد الطعنات في جسدها الجريح المتهالك”.
وتابع: “في ذكرى الرئيس الشهيد نستذكر ما أراد وما أردنا معه، وأن السبيل إلى تحقيق الدولة يكمن في قلب اللبنانيين لا في غيرهم أو خارجهم، وأن خلاص لبنان لا يحتاج إلى مؤتمر دولي ولا إلى مبادرات خارجية بل الحل يكمن في بيروت، والحل يحتاج أن يعلن كل مكون طروحاته وأفكاره ورؤيته صراحة وأن يتفهم اللبنانيون الآخر منهم، وأن تجتمع المذاهب السياسية والطموحات الوطنية على نهائية وطننا لبنان، لننهض سويا بلبنان الوطن المعافى على كل الأصعدة وعلى أسس ثابتة، ونبني سويا دورا أساسيا له في منطقتنا العربية في ظل المتغيرات والمستجدات، متمسكين باتفاق الطائف الذي أنهى زمن التحارب الطائفي والمذهبي بين اللبنانيين وثبت الميثاق الوطني المشترك بينهم على قواعد الطائف، ذاك الاتفاق الذي ما كان لينقذ لبنان من الحروب الطائفية والمذهبية الطاحنة لولا عناية الله أولا وآخرا، ثم مساعي الرئيس الشهيد رفيق الحريري رحمه الله وجهود القيادات الوطنية اللبنانية في حينه، الأمر المفقود الذي يضيعه اللبنانيون اليوم بما كسبت أيديهم. وعندما أتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري لا أنسى رغبته الصادقة وشوقه الشديد لبناء جامع خاتم الأنبياء والمرسلين محمد الأمين صلى الله عليه وسلم في الوسط التجاري للعاصمة بيروت على ساحة الشهداء، الذي سيبقى رمزا وشاهدا على حضارة الإسلام ومعالم الإسلام في لبنان وفي عاصمته بيروت”.
وختم قباني: “رحم الله الرئيس الشهيد رفيق الحريري وأثابه الجنة وزاده من فضله والله عنده أجر عظيم، ونسأل الله لنا ولوطننا لبنان اللطف والرحمة والنجاة من الأيدي العابثة بوطننا إنه عزيز ورؤوف رحيم، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب وهو رب العرش العظيم”.