مجلة وفاء wafaamagazine
كتبت صحيفة “النهار” : لعلها من المفارقات الأشدّ دراماتيكية التي تظلل الواقع اللبناني المأزوم، ان تجثم تداعيات انفجار مرفأ بيروت بكل أثقالها على هذا الواقع من دون ان تتقدم التحقيقات القضائية الجارية فيها قيد انملة بل تتراجع كلما آذنت بتطور ما نحو رسم ملامح نهاياتها. ما جرى امس في كفّ يد قاضي التحقيق العدلي في هذه القضية القاضي فادي صوان، بدا كأنه شكل ضربة مطرقة ثقيلة على القضاء مجددا كما على هذه القضية التي تعني مئات الاف المتضررين من اللبنانيين بما جعل هذا التطور يتقدم بقوة الى واجهة الحدث الداخلي حاجباً كل الأولويات الأخرى من أزمة تعطيل تشكيل الحكومة الى التحرك الخارجي لرئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الى أصداء حديث البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الى “النهار” بمواقفه البارزة من مجريات الازمة.
وبعد ستة اشهر ونصف شهر من الانفجار المزلزل في مرفأ بيروت في الرابع من آب من العام الماضي باتت التسؤلات والشكوك تتزاحم بقوة حيال الوجهة التي ستسلكها تطورات التحقيق القضائي في هذا الملف الضخم والمصيري في ظل ما يبدو كأنه صراع خفي شرس بين استعجال انهاء التحقيق والتوصل الى نتائج وإجراءات واحكام حاسمة في الملف وعرقلة وتأخير هذا المسار كل مرة بدوافع وظواهر مختلفة. وقد قفزت قضية انفجار المرفأ الى واجهة الأولويات والتطورات امس مع التطور اللافت الذي شهدته كمؤشر سلبي للغاية الى المسار الذي ستسلكه التحقيقات. فقد اصدرت محكمة التمييز الناظرة في ملف نقل الدعوى المقدم من الوزيرين السابقين علي حسن خليل وغازي زعيتر للارتياب المشروع، قرارا قضى بقبول الدعوى شكلا، وفي الأساس قبول طلب نقلها من يد القاضي فادي صوان وإحالتها الى قاض آخر يعين وفقا لنص المادة 360 من أصول المحاكمات الجزائية. وقد جرى أبلاغ هذا القرار إلى النيابة العامة العدلية وفقا للأصول. كما جرى إبلاغه الى وزيرة العدل في حكومة تصريف الأعمال ماري كلود نجم التي يفترض بعد إنتهاء الاجراءات الروتينية المتعلقة بهذه التبليغات وإيداع ملف التحقيق في هذه القضية النيابة العامة أن تقترح إسم المحقق العدلي الجديد وإحالته على مجلس القضاء الأعلى للموافقة عليه أو رفضه. وبدأت تتردد أسماء قضاة لتولي هذا الملف فيما تصاعدت الاصداء السلبية حيال كف يد صوان لجهة الضغوط السياسية التي تتداخل في المجريات القضائية وتبدو بمثابة معركة مفتوحة مسرحها القضاء. وتردد اسما القاضيين كلود غانم ورندا نصار لتولي الملف مكان صوان .
وإعتبارا من تاريخ صدور هذا القرار تتوقف جلسات التحقيق في هذا الإنفجار في إنتظار تعيين المحقق العدلي الجديد في حال تم التوافق على إسمه. وهذه العملية ستأخذ مزيدا من الوقت ولاسيما ان القاضي الذي سيعين يحتاج الى الوقت اللازم للإطلاع على مضمونه، ولن تنتهي هذه العملية قبل آذار المقبل.
وخالف القاضي فادي العريضي قرار محكمة التمييز الجزائية برئاسة القاضي جمال الحجار نقل ملف الانفجار في المرفأ من قاضي التحقيق العدلي فادي صوان إلى قاضٍ آخر.
وكان صوان حدد جلسة لاستجواب وزير الأشغال السابق يوسف فنيانوس في 23 شباط الجاري، وذلك لتبليغه أصولا بعدما كان مقررا استجوابه كمدعى عليه اليوم. وأتى هذا التأجيل بناء على اعتراض فنيانوس على عدم قانونية تبليغه للمثول أمام صوان، علما أن قرار البت بقانونية طريقة التبليغ تعود للقاضي نفسه.
ولم يمر قرار كف يد القاضي صوان عن الملف مرورا هادئا اذ فجر احتجاجات أهالي الشهداء والمتضررين من انفجار مرفأ بيروت الذين رفضوا نقل الملف من صوان الى قاض آخر وتجمعوا امام قصر العدل في بيروت حيث قطعوا الطريق مطالبين بإبقاء الملف بيد القاضي صوان وتامين حماية له. واعتبر متحدث باسم المتظاهرين انه جرى كف يد صوان عندما بدأ يضع يده على الجرح قائلا “اليوم قتلتمونا من جديد والتحقيق انتهى وعدنا الى نقطة البداية …” وأضاف ” دم شهدائنا لا يزال على الأرض فلا تجعلوا منا قتلة فنحن مستعدون لأخذ حقنا بيدنا”. وهدد المتظاهرون بالتصعيد وعدم الخروج من الشارع. وتمددت الاحتجاجات نحو فرن الشباك حيث قطعوا الطريق بإحراق الإطارات.
الحريري وامير قطر
على الصعيد السياسي أعلنت وكالة الأنباء القطرية أن أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، استقبل صباح امس في الديوان الأميري في الدوحة، الرئيس المكلف سعد الحريري، في مناسبة زيارته للبلاد. وجرى خلال المقابلة عرض أبرز المستجدات في لبنان، وأطلع الرئيس الحريري الأمير تميم على تطورات الأوضاع والجهود المتعلقة بتشكيل الحكومة. وفي هذا الصدد، أكد أمير قطر “موقف بلاده الداعم للبنان وشعبه الشقيق، داعيا جميع الأطراف اللبنانية إلى تغليب المصلحة الوطنية للإسراع في تشكيل حكومة جديدة لمواجهة الأزمات والتحديات التي يتعرض لها لبنان” . كما تناولت المقابلة عددا من القضايا ذات الاهتمام المشترك. وبعد الظهر غادر الحريري الدوحة عائدا الى بيروت على ان يعرج على ابو ظبي.
جعجع وبكركي
وفي ترددات المواقف التي اعلنها البطريرك الراعي عبر “النهار” امس وغداة المواقف التي اعلنها الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله من موضوع المؤتمر الدولي وصف رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع التهديدات لبكركي بـ”العنتريات”، مشيراً إلى “أن بكركي لم تُهدّد يوماً، وفي عز عهد جمال باشا رفض البطريرك تغيير موقفه لذلك كل هذه العنتريات لا تؤدي إلى شيء، وكلها عنتريات ع الفاضي”. وعلى صعيد الازمة الحكومية قال جعجع أن “البعض وخصوصاً فريق رئيس الجمهورية، بعدما خسر كل شيء لم يبق أمامه إلا اللعب على الوتر الطائفي مجدداً، لذلك طُرح الملف الحكومي من زاوية صلاحيات رئيس الجمهورية وحقوق المسيحيين”، سائلاً “أي حقوق مسيحيين؟ حقوق المسيحيين أن تقوم دولة قوية. تم انتخاب العماد عون رئيساً للجمهورية على أساس أنه رئيس قوي لكن ما حصل بالفعل، أن الدولة أصبحت ضعيفة أكثر من أي وقت مضى منذ تاريخنا إلى حد الاضمحلال اليوم”. وأضاف “حقوق المسيحيين تتحقق بقيام دولة فعلية في لبنان، دولة تحفظ لهم سيادتهم وحريتهم وكرامتهم، أين هي هذه الدولة؟ هذا ما يريده المسيحيون… نقوم بمعركة طويلة عريضة من أجل التمهيد للرئاسة المقبلة للنائب جبران باسيل. وهذه ليست حقوق المسيحيين”.