مجلة وفاء wafaamagazine
قبل موسمين، وصل نادي أياكس أمستردام الهولندي إلى الدور نصف النهائي من دوري الأبطال، وكان قاب قوسين أو أدنى من بلوغ النهائي لولا تلقيه هدفاً “قاتلاً” في الدقائق الأخيرة. اليوم، يشارك أياكس في المسابقة الأوروبية الثانية من حيث الشعبية (الدوري الأوروبي)، وهو ما يدل على تراجع نسبي للنادي الهولندي العريق، فما السبب وراء ذلك؟
يعدّ نادي أياكس أمستردام الهولندي أحد أفضل الأندية في أوروبا من حيث المسار التاريخي. خزائن النادي تضم أربعة ألقاب دوري أبطال أوروبا و34 لقب دوري محلي إضافةً إلى عددٍ كبير من الألقاب الأخرى. تألق الفريق المحلي لا يزال مستمراً حتى اليوم غير أن الوهج الأوروبي خفت في الموسمين الماضيين، وذلك على خلفية السياسة المتّبعة من إدارة النادي. عام 2018، عاد أياكس إلى الواجهة الأوروبية مقدماً أحد أفضل مستوياته على الإطلاق. تشكيلة لافتة ضمّت العديد من المواهب الشابة وصلت إلى نصف نهائي دوري الأبطال للمرة الأولى منذ تسعينيات القرن الماضي، وهو ما اعتبر إنجازاً بالنسبة إلى النادي وجمهوره.
في ذلك العام بدأ عرض الهولندي الكبير في دور المجموعات. أداءٌ عالٍ تأهّل إثره أياكس إلى دور الستة عشر كوصيفٍ لبايرن ميونخ من دون أيّ هزيمة، متفوّقاً على بنفيكا وآيك أثينا. مُني بعدها النادي الهولندي بخسارةٍ في ميدانه أمام ريال مدريد في ذهاب دور الـ16، غير أنه تمكّن من إقصاء حامل اللقب في آخر ثلاث سنوات حينها برباعية تاريخية على ملعب سانتياغو بيرنابيو. التقى بعدها أياكس بالعملاق الإيطالي يوفنتوس، وتمكّن من التأهل على حساب رجال المدرب ماسيميليانو أليغري، لينتهي مشوار الهولنديين بعدها في دور نصف النهائي أمام توتنهام الانكليزي في الدقائق الأخيرة. المشوار اللافت للهولنديين نال احترام جماهير الكرة كافة، كما جعله تحت أنظار الأندية الأوروبية الكبرى التي تهافتت على شراء أبرز لاعبيه الشباب. وبدل أن تقوم الإدارة الهولندية بالحفاظ على لاعبيها، خضعت للمال، فبدأ مسلسل الانهيار الأوروبي للنادي.
نجح أياكس في كسب أكثر من 275 مليون يورو من جرّاء بيع نجوم فريق 2018-2019. وحصد الفريق الهولندي 75 مليون يورو من بيع ماتياس دي ليخت ليوفنتوس، والمبلغ نفسه من رحيل فرينكي دي يونغ باتجاه برشلونة بإجمالي 150 مليوناً.
إضافة إلى ذلك، حصل النادي الهولندي على 40 مليون يورو من عائد بيع المغربي حكيم زياش لتشيلسي الإنكليزي، و45 مليون يورو من رحيل دوني فان دي بيك نحو مانشستر يونايتد، و20 مليون يورو من صفقة انتقال سيرجينو ديست لبرشلونة ايضاً، والمبلغ نفسه من جراء بيع كاسبر دولبيرغ لفريق نيس الفرنسي، إضافةً إلى صفقات توزعت على العديد من الأندية.
هكذا، لم يبقَ من التشكيلة الأساسية “للحصان الأسود” الذي وصل إلى نصف النهائي سوى خمسة لاعبين، هم دوشان تاديتش، دايلي بليند، أندري أونانا، نيكولاس تاليافيكو ونصير مزراوي.
لا يخفى على أحد أن سياسة البيع جلبت الاستقرار المالي لأياكس، خاصةً في ظل أزمة كورونا، ما مكّن الفريق الهولندي هذا الموسم من التعاقد مع المهاجم الإيفواري سيباستيان ألير قادماً من وست هام يونايتد الإنكليزي مقابل 22.5 مليون يورو كأغلى لاعب في تاريخ النادي، في وقت يعاني فيه العالم، وأندية كرة القدم بشكل خاص، من التداعيات الاقتصادية والمالية لجائحة فيروس كورونا.
رغم الاستقرار المالي، أسهم التخلي عن النجوم في تراجع الفريق على الصعيد الأوروبي، حيث خرج هذا الموسم من دور المجموعات لدوري الأبطال بعد أن حلّ في المركز الثالث. وكان أياكس يسعى لتحقيق الفوز في آخر مباريات المجموعة للحاق بالمتصدر ليفربول إلى ثمن النهائي، لكنه فشل في المهمة بعد الخسارة أمام أتالانتا الايطالي، ليذهب بالتالي للمشاركة في دور الـ32 من الدوري الأوروبي.
أياكس فاز في الدوري الأوروبي على نادي ليل الفرنسي يوم الخميس. المدرسة الهولندية التي خرّجت تاريخياً للعالم العديد من الأساطير، قادرة على العودة من جديد إلى التألق في دوري الأبطال. الأمر مشروط بانتهاج الإدارة سياسة ذكية في عملية البيع والحفاظ على لاعبيها.