مجلة وفاء wafaamagazine
لم يكتف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بترك المصارف تشتري «على راحتها» الدولارات من السوق، بل أتاح لها المجال أيضاً من أجل احتساب القيمة السوقية لسندات اليوروبوندز ضمن السيولة الخارجية المطلوبة منها. هذه الخطوة يدافع عنها المصرفيون باعتبار أن مصرف لبنان تعامل مع الفرق بين القيمة الاسمية لسعر سندات اليوروبوندز، وبين القيمة السوقية على أنه خسائر، وبالتالي فإن ما تبقى بعد الخسائر هي سيولة.
أولاً، إن سندات اليوروبوندز لا يمكن أن تقوّم في السوق من خلال قيمتها في التداول، وخصوصاً في حالة الإفلاس (التوقف عن الدفع). ربما يمكن إجراء تقويم سوقي لسعرها بالاستناد إلى قيمة رهنها في الخارج. هل هناك أي مصرف أجنبي (محترم) يوافق على رهن هذه السندات مقابل إقراض ما يوازي قيمتها السوقية للمصرف اللبناني؟
ثانياً، إن تعريفات السيولة متنوعة، لكن لا تدخل بينها قيمة سندات اليوروبوندز. لا تعدّ سندات اليوروبوندز المتداولة في البورصات الدولية سيولة إلا إذا تحققت عملية بيعها. هذا الأمر كان محور خلاف أساسي بين مصرف لبنان وصندوق النقد الدولي عندما أراد الأول اعتبار سندات اليوروبوندز سيولة جاهزة يمكن تضمينها في احتياطات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية. صندوق النقد لم يقبل بهذه الألاعيب.
ثالثاً، إن ما قام به سلامة دفع المصارف إلى التخلّي عن هذه السندات وبيعها في الخارج. عام 2020، باعت المصارف سندات يوروبوندز إلى جهات أجنبية بقيمة 4٫4 مليارات دولار، ولم يعد لديها أكثر من 9٫4 مليارات دولار محمولة في محافظها. ما يعني أن الدائنين الأجانب باتوا يحملون سندات دين لبنانية بأكثر من 22 مليار دولار، مقارنة مع 4 مليارات في نهاية 2011.
هذا الأمر يعزّز القوّة التفاوضية للدائنين الأجانب، فضلاً عن أن الأجانب الذين اشتروا السندات اللبنانية في فترة الأزمة هم «الصناديق الكاسرة» التي تبحث عن دولة مفلسة فتشتري سنداتها بثمن بخس وترفع دعاوى دولية بالاستعانة بمكاتب محاماة دولية مشهورة لتحصيل الأرباح.
الأخبار