مجلة وفاء wafaamagazine
في الفوضى التي يعانيها القطاع الصحي، مع انفلات التسعير في المستشفيات، فتّش عن… مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة. إلى ارتفاع الأكلاف التشغيلية للمستشفيات، تتسبّب المعايير غير المفهومة التي يضعها المصرف لتحديد المستلزمات الطبية التي ينبغي دعمها في بث الفوضى التي يتحمّل المريض وحده كلفتهالا دليل على نيّة المستشفيات القفز فوق اعتماد «الدولار الصحي» (3900 ليرة للدولار) و«تحرير» القطاع الصحي وفقاً لسعر دولار السوق السوداء، أوضح من الفروقات التي تفرضها هذه المستشفيات على فواتير الاستشفاء للمرضى المضمونين (على اختلاف الجهات الضامنة)، والتي تُقدّر بملايين الليرات. ولا دليل أوضح على الفوضى العارمة التي تسود هذا القطاع من تقاذف كرة الاتهامات بين الجهات العاملة فيه: المستشفيات تحمّل المسؤولية لشركات المستلزمات الطبية، وهذه الأخيرة ترمي كرة اللهب في ملعب مصرف لبنان. وحده المريض من يحترق أولاً وأخيراً.
مع التراجع الدراماتيكي لليرة مقابل الدولار، يؤكد أصحاب المستشفيات أن التسعير بغير سعر الدولار في السوق السوداء «لم يعد يوفّي»، وخصوصاً مع اشتراط غالبية موردي المُستلزمات والأدوات الطبية نيل مستحقاتهم نقداً، وبالدولار، بحجة تأخير مصرف لبنان لمعاملاتهم ورفعه الدعم عن كثير من المعدات والمستلزمات بطريقة استنسابية.
فقبل أكثر من سنة، وضع المصرف يده على ملف المُستلزمات والمعدّات الطبية وصار يُحدّد، من دون أن يكون صاحب اختصاص ووفق «اجتهادات خاصة» و«معايير» غير مفهومة، أياً من هذه المعدات يستوجب الدعم، من دون أن يضع لائحة واضحة بأنواع المعدّات والمُستلزمات المدعومة. هكذا، مثلاً، كاد غاز البنج أن يُفقد من المستشفيات، في حزيران الماضي، بعدما صنّفه «أطباء» المصرف المركزي غازاً صناعياً لا مستلزماً طبياً شديد الأهمية!
يحدّد مصرف لبنان المعدّات المدعومة وفق معايير غير مفهومة
وفق رئيسة نقابة مستوردي المُستلزمات والأدوات الطبية، سلمى عاصي، «لا نعرف حتى اليوم ما هي البضائع المدعومة بشكل ثابت، وكل يوم نُفاجأ بشطب معدات من لائحة الدعم أو بضمّ مواد جديدة إليها». ولفتت إلى أن كثيراً من الشركات باعت معدات يفترض أنها «مدعومة»، لكنها فوجئت بفواتير مرتجعة منذ أكثر من سبعة أشهر تفيد بأنها غير مدعومة، «وهذا ما جعل الكثير من الشركات تتوجّس وتطلب من المُستشفيات تسديد ثمن المستلزمات الطبية نقداً، بالدولار الطازج». وشدّدت عاصي على أن المصرف المركزي «ليس الجهة الطبية المعنية» بالإمساك بهذا الملف والبتّ فيه. مصادر طبية معنية حذّرت من أن هذا الواقع «سينعكس حكماً على بقية القطاعات الصحية، ومن ضمنها قطاع الأدوية»، لافتة الى أنه مع انهيار القوة الشرائية للجهات الضامنة «لم يعد ينفع إشهار سلاح التهديد بفسخ العقود مع المُستشفيات، ولا عدم الاعتراف بأننا دخلنا في قلب المأزق الصحي».
رئيس لجنة الصحة النيابية الدكتور عاصم عراجي نبّه، في اتصال مع «الأخبار»، من «فوضى صحية تُنبئ بانفلات زمام التسعير بشكل سيُضاعف حكماً الفواتير الاستشفائية على المرضى مع لجوء المُستشفيات إلى تكبيد المريض الفرق الناجم عن الأسعار، فيما لا يلتزم أصحاب المُستشفيات بالتسعيرة المحددة (لوزارة الصحة والجهات الضامنة) على أساس سعر الصرف الـ 1515، ولا وفق «الدولار الاستشفائي» الذي اعتُمد، أساساً، لتبرير الفارق بين تسعيرات الجهات الضامنة وأسعار الدولار المتغيرة.
الأخبار