الرئيسية / محليات / التأليف يتأرجح بين الخلافات.. واتجاه اميركي ـ اوروبي لمعاقبة سلامة؟

التأليف يتأرجح بين الخلافات.. واتجاه اميركي ـ اوروبي لمعاقبة سلامة؟

مجلة وفاء wafaamagazine

ما ان يلوح في الأفق احتمال تأليف الحكومة تحت ضغط الشارع وتفاقم الانهيار الاقتصادي والمالي، حتى يتجدّد التراشق السياسي بين المعنيين بالاستحقاق الحكومي، مترجماً بإتهامات متبادلة بالتعطيل، من دون وازع من ضمير او احساس بالمسؤولية إزاء جوع اللبنانيين الذين تتبخّر مداخيلهم وقدراتهم الشرائية على مذبح الدولار الذي يتصاعد على حساب قيمة العملة الوطنية، وبات الحراك الشعبي الذي يقطع اوصال البلاد يومياً، وخصوصاً في فترات بعد الظهر والمساء، سيرة اللبنانيين كل يوم.

إستعاد عنوان تأليف الحكومة صدارته على العناوين الأخرى التي لم تتراجع بدورها، ولكن تطورات عدة فرضت التقدُّم الحكومي:

ـ التطور الأوّل تمثّل في موافقة رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط على توسيع الحكومة، وتأكيده أنّه غير متمسّك بحكومة الـ18، ودعوته الى تجاوز كل التفاصيل أمام انهيار البلد وضرورة تشكيل الحكومة، وهذا التطور يعني قبول جنبلاط بمبادرة الأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله بتوسيع الحكومة.

ـ التطور الثاني يتعلق بالكلام الذي نُقل عن رئيس الجمهورية ميشال عون بأنّه سيكتفي بتسمية خمسة وزراء إضافة إلى وزير لحزب الطاشناق، ما يعني تراجعه عن «الثلث المعطل»، وذلك انسجاماً أيضاً مع مبادرة نصرالله التي تقوم على قاعدة ثنائية: التوسيع والتراجع عن «الثلث»، وهذا ما عاد وشدّد عليه أمس الاول نائب الأمين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم بقوله، انّ «المخرج أن يحرّك رئيس الحكومة مسألة عدد الوزراء ويقبل رئيس الجمهورية عدم وجود الثلث المعطّل».

ـ التطور الثالث تمثل في اشتعال جبهة الردود بين الرئيس المكلّف سعد الحريري، وبين رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، فالأول شعر انّ ثمة محاولة لوضع الكرة في ملعبه بعد موقفي عون وجنبلاط، والثاني يحاول تسجيل النقاط على الأول الرافض ان يلتقي به، لكن هل إشكالية العلاقة بين الحريري وباسيل التي شكّلت إحدى أبرز عقد التأليف ستؤدي هذه المرة أيضاً إلى ضرب التطور المستجد في هذا الملف والمتمثل في موقفي عون وجنبلاط؟

وقد حصل تقدُّم المسار الحكومي على وقع حركة الشارع من جهة، هذه الحركة التي استعرت مع تجاوز الدولار عتبة الـ10 آلاف ليرة، وفي ظل المخاوف من عدم القدرة على ضبط غضب الناس، كما حصل على وقع مبادرة البطريرك الماروني بشارة الراعي بالدعوة الى عقد مؤتمر دولي برعاية الأمم المتحدة، هذه الدعوة التي تجد أرضاً خصبة في حال لم تتألف الحكومة، لأنّه لن يبقى من مخرج أو مسار آخر تلافياً لانتقال الوضع اللبناني من الانهيار إلى الانفجار.

فهل التطورات الثلاثة الأخيرة: الدولار، والشارع، والتدويل، والمعطوفة على موقفي عون وجنبلاط، ستقود هذه المرة وخلافاً لكل المرات السابقة إلى ولادة الحكومة؟ السجال الذي تجدّد بعنف بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون و»التيار الوطني الحر» من جهة والرئيس المكلّف سعد الحريري من جهة ثانية، يكاد يطيح التفاؤل النسبي بالتأليف الذي يشيّعه البعض، ويعطي انطباعاً وكأنّ الازمة عادت الى مربعها الاول.

عون

وقالت مصادر الرئيس عون لـ»الجمهورية»، إنّه «لم يتوقف عن ضخ المقترحات للإسراع في تشكيل الحكومة، وإنّ الحريري يعلم ذلك».

وأبدت هذه المصادر أسفها «للمواقف الصادرة من الخارج عن رئيس حكومة مكلّف، كان يفترض فيه أن يبقى مستنفراً لتشكيل الحكومة وعلى اتصال دائم مع رئيس الجمهورية حتى ظهور التشكيلة الحكومية». واضافت المصادر «أنّ ظروفًا أخرى تتحكّم بقراره لجهة تأجيل عملية التشكيل». وأسفت اوساط القصر الجمهوري «لتقييد الحق الدستوري للرئيس بتسمية الوزراء بحصول الحكومة على ثقة كتلة «التيار الوطني الحر» الموالية للرئيس، فهذا اعتداء على رئيس الجمهورية ودوره غير المشروط في الشراكة الميثاقية والدستورية».

الحريري

وتزامناً، مع تسرّب الحديث عن جديد مبادرة المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم، التي كشفت عن رفض الحريري اقتراحاً بحكومة من 18 وزيراً لا تحظى بثقة تكتل «لبنان القوي»، وهي خالية من الثلث المعطل لرئيس الجمهورية، شرط ان يرشح مجموعة اسماء في لائحة خماسية ليختار الرئيس المكلّف من بينها وزيراً للداخلية، لم تتفق المراجع الرسمية على صدقية هذه الرواية.

وفي الوقت الذي نفت مصادر اعلامية قريبة من قصر بعبدا عبر «الجمهورية» علمها بهذه الصيغة، رغم اشارتها الى انّ اللواء ابراهيم يقوم بجهد إضافي بحثاً عن حل، وهو من اعلن ذلك من على منصّة بكركي الخميس الماضي بعد لقائه البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، نفى المكتب الاعلامي للحريري أن يكون قد تبلّغ بمبادرة من هذا النوع، وما سمّاه «اي كلام رسمي من الرئيس عون في هذا الصدد»، متهماً «من يقف خلف تسريب مثل هذه المعلومات انما يهدف فقط الى نقل مسؤولية التعطيل من الرئيس عون والنائب باسيل الى الرئيس الحريري».

ورداً على اتهامه بانتظار رضى سعودي للتأليف قال البيان، «إنّ الرئيس الحريري، وعلى عكس «حزب الله» المنتظر دائماً قراره من ايران، لا ينتظر رضى اي طرف خارجي لتشكيل الحكومة، لا السعودية ولا غيرها، إنما ينتظر موافقة الرئيس عون على تشكيلة حكومة الاختصاصيين، مع التعديلات التي اقترحها الرئيس الحريري علناً، في خطابه المنقول مباشرة على الهواء في 14 شباط الفائت، وليس عبر تسريبات صحافية ملغومة كما يبدو الحال اليوم».

وكشف البيان، انّ ما جاءت به الرواية وتزامنها مع اطلالة نائب الامين العام لـ»حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، يوحي انّ الحزب «من بين الاطراف المشاركة في محاولة رمي كرة المسؤولية على الرئيس الحريري، لا بل يناور لإطالة مدة الفراغ الحكومي في انتظار أن تبدأ ايران تفاوضها مع الادارة الاميركية الجديدة، ممسكة باستقرار لبنان كورقة من اوراق هذا التفاوض».

ولكن ما تضمنه بيان الحريري ربما اوحى بمبادرة خاصة باللواء ابراهيم عندما قال: «مع التأكيد انّ اي طرف، لا اللواء ابراهيم ولا غيره، لم يبلّغ الى الرئيس الحريري أنّه مكلّف من رئيس الجمهورية رسمياً نقل عرض له، يبقى السؤال: اذا كانت كتلة «التيار الوطني الحر» ستحجب الثقة عن الحكومة وتقوم بمعارضتها، فما هو مبرر حصول رئيس الجمهورية على ثلث اعضاء الحكومة (خمسة زائداً واحداً من اصل 18)، كما يزعم من يقف وراء التسريب، في وقت كان الرئيس عون نفسه هو من يرفض في عهد الرئيس السابق ميشال سليمان ان يكون لرئيس الجمهورية اي وزير في الحكومة، إذا لم يكن لديه كتلة نيابية تساهم في منحها الثقة ودعمها؟

ردّ باسيل

وردّ المكتب الاعلامي لرئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل على بيان الحريري، مؤكّداً انّ الرئيس المكلّف «غير جاهز لتشكيل الحكومة لأسباب خارجية معلومة، كنا قد امتنعنا عن ذكرها سابقاً، إعطاء لفرص إضافية. أما أن يقول الآن اننا عرقلنا الحكومة 5 اشهر، قبل ان نعلن موقفنا اليوم بعدم المشاركة فيها وعدم اعطائها الثقة، فإننا نذكر اننا اعلنا هذا الموقف منذ الاستشارات النيابية بعشرات البيانات والمواقف».

واضاف: «أما القول اننا والرئيس عون كنا نرفض أن يحظى رئيس الجمهورية ميشال سليمان بأي وزارة من دون كتلة نيابية، فهو غير صحيح اطلاقاً، والبرهان هو الحكومات التي تشكّلت وحصّة الرئيس سليمان فيها كانت بالحدّ الأدنى 3 وزراء، بينهم واحد للدفاع وآخر للداخلية «. واتهم البيان الحريري «بحجز التكليف ووضعه في جيبه والتجوال فيه على عواصم العالم لإستثماره، من دون اي اعتبار منه لقيمة الوقت الضائع والمكلف، الى ان يجهز ما هو بانتظاره». وتوجّه الى اللبنانيين قائلاً: «حكومتكم الموعودة مخطوفة ولن يكون ممكناً استعادتها سوى برضى الخارج او بثورة الداخل».

لقمة الذل

على الصعيد الاقتصادي والمالي والمعيشي، بدأت تداعيات الفقر والتجويع الممنهج الذي تمارسه المنظومة السياسية، تتظهّر في مشهد الذل والتوتر لدى المواطنين اللاهثين وراء اللقمة خوفاً من ان يرتفع سعرها بالتضامن والتكافل مع الدولار، ويصبح الحصول عليه متعذراً.

هذه المشهدية تجلّت من خلال ما يتعرّض له الناس وهم يتسابقون لشراء سلع مدعومة لا تزال اسعارها في المتناول، في حين اصبحت اسعار السلع غير المدعومة شبيهة بالعملة النادرة، التي لا يحصل عليها سوى القلة المحظية.

وعندما تضطر القوى الأمنية الى التدخّل لمنع التقاتل بين الناس في السباق للحصول على سلع مدعومة، وبصرف النظر عن الظروف والمعطيات المحيطة بأحداث مشابهة، فهذا يعني انّ البلد دخل مرحلة خطيرة وخطيرة جداً، وأصبح المواطن مقهوراً، يدفع من كرامته قبل جيبه، ثمن لقمة مغمّسة بالذل والمهانة. في غضون ذلك، واصلت اسعار السلع الغذائية ارتفاعها الجنوني، والتهمت ما تبقّى من قدرة شرائية للمواطن، الى حدّ انّ نقيب اصحاب السوبرماركت قال لـ»الجمهورية»، انّ الناس، ورغم حاجتهم الى التهافت لشراء السلع قبل ان ترتفع أسعارها اكثر، إلّا أنّهم لا يفعلون، لأنّهم عاجزون عن توفير المال للشراء. انّه الفقر الذي يُتوقع ان يُعمّم وينتشر اكثر فأكثر عامودياً وأفقياً، فيما المنظومة تتلهى بتسريب معلومة من هنا ونفي معلومة من هناك!

عقوبات على سلامة

الى ذلك، نشرت وكالة «بلومبرغ» امس، تقريراً جاء فيه، انّ الولايات المتحدة تدرس فرض عقوبات على حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي خدم لفترة طويلة مع تسارع تحقيق أوسع في الاختلاس المزعوم للأموال العامة في البلاد، وفقًا لأربعة أشخاص مطلعين على الأمر.

وذكرت الوكالة، انّ المسؤولين داخل إدارة بايدن ناقشوا إمكانية اتخاذ إجراءات منسّقة مع نظرائهم الأوروبيين تستهدف سلامة، الذي قاد السلطة النقدية للبنان لمدة 28 عامًا، حسبما قال الأشخاص الذين طلبوا عدم الكشف عن هويتهم، لأنّ المحادثات خاصة. مشيرين الى «انّ المناقشة ركّزت حتى الآن على إمكانية تجميد أصول سلامة في الخارج، وسن إجراءات من شأنها أن تحدّ من قدرته على القيام بأعمال تجارية في الخارج». وقالوا «إنّ المداولات جارية وقد لا يكون القرار النهائي في شأن اتخاذ إجراء وشيكًا».

وكتب سلامة في ردّ عبر البريد الإلكتروني أمس على أسئلة «بلومبرغ نيوز»: «من غير الصحيح تمامًا أنني استفدت بأي شكل، بنحو مباشر أو غير مباشر من أي أموال أو أصول مملوكة لمصرف لبنان أو أي أموال عامة أخرى».

وقال سلامة، إنّ صافي ثروته كان 23 مليون دولار عندما تولّى منصب الحاكم عام 1993، وهي ثروة جُمعت خلال حياته المهنية السابقة كمصرفي خاص. وذكر أنّ راتبه في شركة «ميريل لينش» كان 165 ألف دولار في الشهر».

الاحتجاجات

وكانت الاحتجاجات الشعبية على جنون سعر الدولار وتدهور قيمة العملة الوطنية تواصلت امس لليوم الثالث على التوالي في كل المناطق اللبنانية، فأقفل عدد من المحتجين الطرق بالإطارات المشتعلة في ساحة الشهداء وسط بيروت، ومنعوا المارة من العبور بسياراتهم، ما أدّى الى حصول تلاسن بين الجهتين. واحضر المحتجون اطارات مطاطية وافترشوا الارض، فيما حول رجال الامن السير الى مسارب أخرى تسهيلاً لمرور المواطنين. الّا انّ القوى الامنية فتحت الطرق لاحقاً من دون أي اشكالات مع المحتجين.

واقفل المحتّجون شارع بشارة الخوري بالإطارات المشتعلة ومستوعبات النفايات. ثم اقفلوا ليلا الطريق بالاتجاهين في منطقة الصيفي – قرب بيت الكتائب المركزي، فيما اقفل آخرون طريق فرن الشباك. كذلك، اقفلوا الأوتوستراد في جلّ الديب والزلقا والضبية والزوق وجبيل بالإطارات المشتعلة، فيما شهدت الطريق البحرية زحمة خانقة بعد تحويل السير الى الطرق الداخلية. وشمل الاقفال ايضاً طريق ‎الغبيري في اتجاه ‎السفارة الكويتية في الضاحية الجنوبية.
وجنوباً، اقفل المحتجون اوتوستراد الناعمة في الاتجاهين، قبل ان تعاود عناصر من الجيش والمخابرات فتحه في المحلة، وكذلك أُعيد فتحه في الجية عند مفترق برجا بالاتجاهين.

كذلك اقفل محتجون الاوتوستراد الشرقي لمدينة صيدا بالإطارات المشتعلة، احتجاجا ًعلى ارتفاع الدولار. وشهد دوار كفررمان ومدخل مدينة النبطية الشمالي مساء، تحركات احتجاجية لمجموعات شبابية، رفضاً للاوضاع الاقتصادية المعيشية الصعبة والتلاعب بسعر صرف الدولار.

وفي صور، اقفل محتجون الطريق العام المؤدي الى صور وغيرها من المناطق الجنوبية عند مفترق بلدة العباسية بالإطارات المشتعلة، مما أعاق حركة مرور السيارات. وفي البقاع، أُقفل طريق عام رياق ـ بعلبك الدولية عند تقاطع حوش سنيد – السفري، وكذلك عند مستديرة ابلح وطريق حوش الحريمةـ كفريا. وشمالاً، اقفل محتجون السير على اوتوستراد الميناء طرابلس في اتجاه بيروت. كذلك اقفلوا مسلكي الاوتوستراد أمام سراي طرابلس لجهة ساحة النور.

كورونا

على الصعيد الصحي، أعلنت وزارة الصحة العامّة في تقريرها اليومي أمس حول مستجدات فيروس كورونا تسجيل 3369 إصابة جديدة (3346 محلية و23 وافدة) ليصبح العدد الإجمالي للإصابات 386851 اصابة، وكذلك تسجيل 53 حالة وفاة جديدة، ليصبح العدد الإجمالي للوفيات 4919 حالة منذ تفشي الوباء في شباط 2020.

ونشرت وزارة الصحة أمس التقرير المفصّل للاسبوعين الأولين من حملة التلقيح (13 شباط 2021- 27 شباط 2021) والذي يظهر كيفية تلقيح مواطنين وعددهم (12087 شخصاً)، كانوا مسجّلين على المنصة، ولكنهم استحصلوا على مواعيد مباشرة من مراكز التلقيح، ما يدحض الادعاءات المساقة ضدّ الوزارة بتهريب اللقاح. وأكّدت الوزارة «أنّ هذا الأمر يُعالج وفقاً ًلالتزام مديري المراكز بالمواعيد المحدّدة مسبقاً من خلال المنصة ووفقاً للتطور التقني للمنصة بالتنسيق مع التفتيش المركزي».

 

 

 

 

 

 

 

 

الجمهورية

 

عن Z H