الأخبار
الرئيسية / سياسة / توترات أهل السلطة تعاكس الجهود لتطويق الأزمة

توترات أهل السلطة تعاكس الجهود لتطويق الأزمة

الخميس 03 تشرين الأول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

ما كادت مناخات التهدئة تنعكس تبريداً وانحساراً للحمى المالية بحيث بدأت العودة الى الوضع الطبيعي في السوق ‏المالية منذ مطلع الاسبوع، حتى تجددت التجاذبات والمعارك الضمنية بين اهل الحكم والحكومة والسلطة أنفسهم ‏لتتسبب بمزيد من المناخات السلبية وتردداتها السيئة على الجهود المبذولة لاحتواء الازمة. ولعل أغرب ما طبع المشهد ‏السياسي في الايام الاخيرة انه في حين ينصرف رئيس الوزراء سعد الحريري الى عقد جلسات ماراتونية لمجلس ‏الوزراء من جهة واللجان الوزارية المتعددة الاختصاص ولا سيما منها لجنة الاصلاحات الاقتصادية التي تتسم ‏اجتماعاتها باهمية كبيرة، تعرضت الحكومة لانتقادات لافتة من رئيس الجمهورية العماد ميشال عون رسمت علامات ‏استفهام غامضة حيال هذه الخطوة كما حيال المشهد الذي يفترض ان يظهر عبره مجلس الوزراء اليوم في جلسته ‏الأولى بعد الازمة الاخيرة برئاسة عون‎.‎
‎ ‎
والواقع ان الكلام الذي نقله بعض الصحف أمس عن الرئيس عون لم يسقط بردا وسلاما على معظم مكونات الحكومة ‏وان يكن الجميع لزموا الصمت وامتنعوا عن التعليق عليه. فما نقل في مكان عن رئيس الجمهورية من اعتباره ‏الحكومة أشبه ما تكون غائبة عن الوعي، بدا متناقضاً في مكان آخرمع اعتبار الرئيس عون الحكومة مستهدفة شأن ‏رئيسها. كما ان كلامه عن استهداف رئيس الجمهورية بشبه مؤامرة خلال وجوده في نيويورك، بدا في جانب منه ‏موجهاً الى قوى محلية مشاركة في الحكومة، الامر الذي ينذر بمزيد من الاهتزازات داخلها في المرحلة الطالعة‎.‎
‎ ‎
لذا توقفت أوساط سياسية معنية عند “التصويب” الذي وزعته أوساط القصر الجمهوري أمس للكلام المنقول عن ‏الرئيس عون في شأن الحكومة والذي أكد أن علاقة الاخير بالحريري جيدة ومؤسساتية وان بعبدا متمسكة بالحكومة ‏الحالية، والذي بدا كاستدراك للاجواء السلبية التي اشاعها ذلك الكلام، ورأت ان جلسة مجلس الوزراء اليوم في قصر ‏بعبدا ستشكل المقياس العملي لقدرة السلطة المتآكلة على توحيد كلمتها واستبعاد التباينات حيال استراتيجية انقاذية للبلد ‏علماً ان لا ملامح تفاؤل بامكان تحقيق هذا الانجاز، بينما تتضح تباعاً معالم التفسخات السياسية التي تصيب الحكومة ‏والسلطة، وستكون لرئيس الجمهورية كلمة في مستهل الجلسة يتناول فيها التطورات الاخيرة وموقفه منها‎.‎
‎ ‎
ورأى رئيس مجلس النواب نبيه بري في “لقاء الاربعاء” النيابي أن “الطريق معروفة ومفتوحة أمام المعالجة الحقيقية ‏لإنقاذ البلد”. وبعدما ذكّر بأن “هناك اجماعاً حصل في لقاء بعبدا الاقتصادي على 22 بنداً من أصل 49 بنداً”، تساءل ‏‏”على ماذا الاختلاف ولماذا البحث من جديد؟”، ودعا الى تشكيل هيئة طوارئ اقتصادية لمتابعة الموضوع. كما ‏تساءل بري “لماذا المماطلة والتأخير في تفعيل الهيئة الناظمة لقطاع النفط. وتطرق الى قضايا أخرى ذات علاقة ‏بالمواضيع الاجتماعية والحياتية التي تطاول جميع اللبنانيين، معلناً انه سوف يحدد جلسة تشريعية في 15 تشرين ‏الأول الجاري من اجل انتخاب أمناء السر واعضاء اللجان‎.‎
في غضون ذلك نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر مطلع أمس ان “لبنان اختار مصارف “بلوم” و”ستاندارد ‏تشارترد” و”سيتي بنك” و”إس.جي.بي.إل” لإدارة إصدار سندات دولية جديد في حدود ملياري دولار على رغم أن ‏التفويض ما زال قيد النقاش‎.‎
‎ ‎
نداء اهل الانتاج
‎ ‎
وسجل في اطار تداعيات الازمة الاخيرة اجتماع نادر في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان بين الهيئات الاقتصادية ‏اللبنانية برئاسة الوزير محمد شقير، وهيئة مكتب الاتحاد العمالي العام برئاسة رئيس الاتحاد بالإنابة حسن فقيه، في ‏حضور رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي شارل عربيد وانتهى الى اصدار بيان مشترك تلاه الأمين العام للهيئات ‏الاقتصادية نقولا شماس شدد على جملة نقاط ومطالب أبرزها اعتبار “اليد العاملة اللبنانية والمؤسسات الخاصة عمود ‏الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وأي تفريط بهما هو تفريط بالأمنين الاقتصادي والاجتماعي للبلاد ” وان “سلة ‏الاقتراحات لعلاج الأزمة يجب أن تتضمن إجراءات تعنى بشكل أساسي بتحسين ظروف المؤسسات التي تبقى صمام ‏الأمان للاقتصاد الوطني ومالية الدولة وديمومة عمل العمال “.

ولاحظ ان “زيادة الأعباء الضريبية بهدف زيادة ‏مداخيل الخزينة ليست الحل، إنما باتت في الوقت الراهن أحد أبرز مسبّبات تفاقم الأوضاع الاقتصادية والمالية،وعلى ‏السلطة أن تحزم أمرها وتباشر فوراً اتخاذ إجراءات إصلاحية جذرية، يأتي في طليعتها خفض حجم القطاع العام ‏وإعادة هيكلة نفقاته وإصلاح قطاع الكهرباء، والضرب بيد من حديد لوقف التهريب والتهرب الضريبي والاقتصاد ‏غير الشرعي والفساد، واتخاذ الإجراءات المطلوبة والكفيلة بالبدء بتنفيذ مشاريع مؤتمر “سيدر” فوراً‎”.‎
‎ ‎
وكرر البيان ان “الحفاظ على ديمومة العمل للعمال اللبنانيين، يجب أن تكون من أولى الأولويات التي ينبغي العمل ‏عليها في الفترة الراهنة ” ورفض “استبدال اليد العاملة اللبنانية بعمالة من جنسيات أخرى تحت أي حجة”. كما طالب ‏‏”بتحديد القطاعات التي لا تلبي اليد العاملة اللبنانية الطلب فيها، والسماح باستخدام جزئي لعمالة من جنسيات أخرى ‏للعمل فيها‎”.‎
‎ ‎
الاصلاحات
‎ ‎
في غضون ذلك، بدا أنَّ الضغط الذي مارسه وزراء “القوات اللبنانية” على الحكومة لبتّ الإصلاحات الاقتصادية ‏والمالية قبل استكمال نقاشات الموازنة، بدأ يؤتي ثماره، اذ اتسم اجتماع اللجنة المكلّفة درسها مساء أمس برئاسة ‏الرئيس الحريري، وفقاً لمصادر “القوات”، بالجدّية. وأشاد الوزير كميل أبو سليمان بالعرض الذي قُدِّم عن الجمارك، ‏وطالب بتوزيع قانون مكافحة التهرّب الجمركي الذي تمّ إعداده على الوزراء لدرسه. فردّ عليه وزير المال علي حسن ‏خليل بأنّه يحتاج الى ستة أشهر ليُصبح قيد التنفيذ، ممّا أثار اعتراض أبو سليمان مُطالباً بوجوب تقصير المهلة، فعاد ‏وأيّده وزير المال طالباً من أعضاء المجلس الأعلى أخذ هذا الطلب في الاعتبار‎.‎
‎ ‎
وكانت مداخلة للوزير وائل ابو فاعور انتقد فيها مزايدات البعض من دون مسؤولية، فأكّد أبو سليمان أنّها الجلسة ‏الأولى التي تُناقش فيها المسائل بكلّ جدّية وإيجابيّة، ورأى أنّ ما فعلته “القوات” بالضغط على الحكومة كان ضرورياً ‏لأنّ الأخيرة لا تملك “ترف الوقت”. فعاد أبو فاعور وأكّد أنّه لم يقصد الوزير القواتي بمداخلته. واوضح نائب رئيس ‏الوزراء غسان حاصباني خلال الجلسة أنّ اعتراض “القوات” على الموازنة هو لعدم تزامنها مع خطوات إصلاحيّة، ‏كما أنَّه يجب نقاش العديد من الأرقام التي تكمن في صميم الموازنة‎.‎
‎ ‎
ووصف الوزير علي حسن خليل الاجتماع المطول للجنة بانه كان “مفيداً جداً في جو إيجابي للغاية، وعرضنا فيه ‏كوزارة مال مشروع قانون الجمارك الجديد، والذي هو ثمرة نقاش لسنوات أنتج هذا المشروع. كان هناك تفصيل حول ‏معظم التوجهات والمواد الأساسية الموجودة فيه، التي تُحدث تغييراً جوهرياً وبنيوياً في الجمارك والإجراءات ‏الجمركية، وفي أثرها الكبير على واردات الدولة وتسهيل الأعمال التجارية وحياة الناس”.

وأضاف “تم توزيع ‏المشروع على اللجنة الوزارية، وسنأخذ وقتا غير طويل لدراسة هذا القانون ورفعه إلى مجلس الوزراء من أجل ‏إقراره، وفق الإجازة للحكومة بالتشريع الجمركي، وبالتالي لن نحتاج إلى مجلس النواب ليصدر قانونا، فالحكومة ‏تستطيع أن تجري هذا التعديل الكبير على قانون الجمارك، وبذلك نكون قد أنجزنا واحدة من أبرز النقاط التي تمت ‏المطالبة بها في مؤتمر “سيدر”، وهي أحد الإصلاحات الأساسية التي يُجمع عليها كل الأطراف السياسيين والأوراق ‏السياسية الأخرى”. وخلص الى انه “تم إحراز تقدم كبير في الموازنة، إلى حد أنها باتت شبه منتهية على مستوى ‏الأرقام. هناك مراجعة لبعض المواد، وأساساً المواد قليلة جداً فيها، وهي أقل من عشر مواد جديدة، مقابل 94 مادة في ‏موازنة العام 2019. والكتل التي تقول بضرورة أن تسير الإصلاحات بالتوازي مع الموازنة، فإن هذا أمر مشروع ‏وطبيعي‎”.‎

النهار