الجمعة 04 تشرين الأول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
مع ان معالم التهيب من تداعيات التطورات الاخيرة التي أثقلت على البلاد في مسألة السيولة المالية والاجراءات التي اتخذها مصرف لبنان لمعالجتها برزت بوضوح على مناخات مناقشات مجلس الوزراء الذي انعقد أمس للمرة الاولى في قصر بعبدا بعد هذه الازمة، فإن ذلك لم يحجب ارباكات أهل السلطة حيالها بدليل التشرذم الذي طبع النقاشات في بعض النواحي الجانبية التي أثيرت ومنها موضوع الاعلام الذي طرح بغرابة شديدة كأنه بات محور الازمة!
وبدا واضحاً ان الفرملة التي طرأت على بعض الاتجاهات السياسية الحادة من مجريات الاسبوع الماضي والتي تردد انها كانت ستحول الجلسة الى ساحة كباش سياسي، أخذت مداها وعكست التوقعات خصوصاً بعد قول رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أن “الحكومة كانت غائبة عن الوعي” خلال زيارته لنيويورك الاسبوع الماضي. وأشارت مصادر وزارية الى أن رئيس الوزراء سعد الحريري والوزراء لم يتناولوا هذا الأمر خلال الجلسة، وأن رئيس الجمهورية شدد على “حرية التعبير”، قائلاً: “حرية التعبير على راسنا، كما اننا نؤيد حرية التظاهر ولا مشكلة في ذلك، لكن غبنا كم يوم لقينا البلد مشربك ومشوش، صحيح أن الازمة الإقتصادية كبيرة و التظاهر مسموح لكن أعمال الشغب غير مسموحة”.
وتولى الرئيس الحريري شرح موقفه من الموضوع الاعلامي في وجه اقتراحات لعقوبة السجن، فقال اإن رفع قيمة الغرامات على وسائل الاعلام التي يدينها القضاء أفضل من أي توجه للعودة الى فرض عقوبة السجن على صحافيين بسبب كتاباتهم. وأوضح لاحقاً موقفه بقوله: “هناك الكثير من الذين يطلقون أخباراً كاذبة، البعض يتجه إلى أن يفرض على هؤلاء عقوبات بالسجن، فيما أنا أقول إنه إذا كنت تريد بالفعل أن تجعل الناس مسؤولين عن كل كلمة تصدر عنهم، فلا تهددهم بالسجن. دول كالاتحاد الأوروبي تفرض غرامات مالية. من هنا، أدعو لمقارنة القانون الموجود لدينا بما هو مطبق في الخارج، وحسب الإمكانات المالية لوسائل الإعلام لدينا، تُفرض غرامات على هذا الأساس”. ونفى نفياً قاطعاً أن تكون هناك أي مشكلة بينه وبين الرئيس ميشال عون، مؤكداً ألا أزمة ثقة بينهما، وقال: “أعرف علاقتي به جيداً وكم أننا نحترم بعضنا البعض”.
وقائع الجلسة
وكشفت مصادر وزارية مجريات الجلسة فقالت لـ”النهار” ان الجلسة طوت صفحة الانقسام إلا في التعامل مع الموازنة واطار اصدارها مع أو من دون الاصلاحات المتفق عليها في اجتماع بعبدا الاقتصادي – الاجتماعي. وكانت المفارقة بفي الموقف الواحد الذي التزمه حزب “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحر” بأن لا موازنة من دون اصلاحات، فيما يرى وزير المال علي حسن خليل وفريقه السياسي ان الموازنة شبه منتهية والافضل احالتها على مجلس النواب ضمن الفترة الدستورية أي قبل 15 تشرين الاول الجاري لاعطاء اشارة ايجابية للمجتمع الدولي الذي يطالب بأن يكون اقرار الموازنة في رأس لائحة الاصلاحات. وبعد النقاش رحل الملف برمته الى لجنة الاصلاحات التي تبحث في الاوراق التي قدّمها الاطراف السياسيون.
كيف سحب فتيل السجالات والاتهامات المتبادلة والشائعات في جلسة مجلس الوزراء؟
المصادر الوزارية نفسها أوضحت ان رئيس الجمهورية افتتح الحوار بإبراز “ضرورة الانتباه لعدم المساس بالعملة الوطنية والفصل بين النقد والشتيمة، فالجميع يرحب بالنقد ولكن الشتيمة مرفوضة”. وقال: “يجب اعداد قانون يميز بين الامرين، مع الاحترام الكامل للحريات. يجب ألّا يكون هناك أي تساهل بفي الموضوع”، وأعطى مثلاً على ذلك ما حصل مع بنك انترا. ثم سأل عن مآل تدقيق ديوان المحاسبة في قطوعات الحساب.
وقد أجابه الوزير علي حسن خليل، بأنه سمح في مشروع الموازنة لديوان المحاسبة بملء الشواغر والاستعانة بشركات تدقيق محلية ودولية عندالحاجة.
وطلب رئيس الجمهورية من وزيرة الداخلية والبلديات ريا الحسن تقريراً عما حصل يوم الاحد، لأنه كان على الاجهزة الأمنية ابلاغه ما حصل.
واعتبر الرئيس الحريري” ان وضع الاعلام في حاجة إلى معالجة وقانون المطبوعات في حاجة الى تطوير”.
وأشار وزير الاعلام جمال الجراح “الى وجود قانون في لجنة الادارة والعدل النيابية، وكلفت فريق عمل وضع صيغة وتحديد من هو اعلامي ومن هو غير اعلامي، مع التشديد على احترام أصول وآداب المهنة”.
فقال الرئيس عون: “الصحف والمجلات يطبق عليها قانون المطبوعات بينما وسائل الاعلام المرئي والمسموع ووسائل التواصل الاجتماعي لا يطبق عليها هذا القانون”.
وتدخلت الوزيرة مي شدياق مدافعة عن الاعلام وقالت: “ما في حبوس تساع كل الناس، كما قالت فيروز والرحابنة. أشدد على حماية الحريات الاعلامية ورفض تقييدها. نحن فخامة الرئيس نكن لك كل الاحترام لك ولموقعك ولكن هناك قوانين تحرم المس ببعض المقامات ولكن حتى أنت لا تريد ان يسجل انه في عهدك تم قمع الحريات. ولا يمكن القفز فوق القانون الذي وضع في الاساس لحماية الصحافيين”.
وقال الوزير ريشار قيومجيان: “لا نقبل المساس بهيبة الرئاسة ونحن ضد الشتم واعمال الشغب وتلفيق الاخبار والكذب، مع ضمان حق التظاهر ضمن القوانين”.
وقال الوزير سليم جريصاتي: “أشدد على أهمية التضامن الوزاري في هذه المرحلة، وعلى الاعلام ان يراعي الاصول والقواعد وعدم نشر أخبار كاذبة وترويج شائعات من شأنها ان تؤذي الاستقرار الامني والسياسي والنقدي، وليس وارداً في ذهن أحد المساس بالحريات أو قمعها”.
واعتبر الرئيس الحريري “أنه مع اهمية المحافظة على الاعلام يجب تعديل قانون المطبوعات ولا سيما لجهة التشدد في فرض الغرامات عند وقوع مخالفة”. وذكر انه في بريطانيا أقفلت جريدة غلوبال لانها غرمت بمبلغ لم تستطع تسديده جراء خبر مقاضاتها على خبر تجنٍ.
وشرح وزير المال الموقف من موضوع الاعلام، وقال “إنه يستأهل الدرس بهدوء وموضوعية ونرفض التعرض لشخص الرئيس أو الرئاسة، والتضامن الحكومي ضروري، ولكن لا يعني ذلك ان احدنا يختصر الآخر. أما الموازنة، فتدرس لاول مرة بشكل جيد ومفصل ونعقد جلسات متتابعة وتدرس كل الاقتراحات، ولايجوز ان نجلد بعضنا بعضاً ونتجاهل جدية العمل في موضوع الموازنة. اننا جميعامنخرطون في معركة واحدة عهداً وحكماً وحكومة لمواجهة التحديات”.
وكانت مداخلة لوزير الخارجية جبران باسيل الذي قال: “لا مساس بحرية الاعلام، وأدعو الى معالجة ما حصل بجدية، لان الشائعات اثّرت سلباً على الاستقرار النقدي. وأشدد على أهمية الاصلاحات في الموازنة، وادعو الى ان تتضمن اصلاحاً بنيوياً، ويجب مصارحة اللبنانيين بما يجري وتقديم موازنة يطمئن اليها المواطن.
وعبّر باسيل عن عدم الرضى عن مسار الإصلاحات التي تم الاتفاق عليها قبل أسبوعين خصوصاً ان “تكتل لبنان القوي” قدم ملاحظاته مع انطلاق دراسة الموازنة ومناقشتها داخل الحكومة”. وأضاف: “يجب الإسراع في درس الموازنة والتكتل مع إقرارها في موعدها، علماً اننا لن نوافق على أي موازنة من دون إقرار إصلاحات وبالتالي لا موازنة من دون تنفيذ خطة الكهرباء، ولا زيادة على تعرفة الكهرباء إذا لم يتأمن التيار ?24 على 24”. كما شدد على “عدم القبول بفرض أي ضرائب جديدة تثقل كاهل المواطنين، وان التزام تنفيذ الإصلاحات يستوجب اتخاذ قرار سياسي كبير من جانب كل القوى المعنية، فإذا لم يحصل ذلك فإن اعتراض الناس محقّ وسنكون إلى جانبهم لا بل سنكون في مقدمة المعترضين”.
وقال الوزير كميل ابو سليمان: “نحن مع اقرارالموازنة على ان تتضمن بنوداً اصلاحية. أما قانون المطبوعات فالافضل ان يبقى كما هو، واذا وجدت حاجة لتعديله يدرس الامر”.
وتحدّث الوزير أبو فاعور فدعا “الى نقاش رصين وهادئ في مقاربة موضوع الاعلام، بحيث لا يظهر وكأننا نسعى الى التضييق على الحريات. هناك اتفاق عام على هذه الطاولة على عدم المساس بالحريات وأي ضرر يلحق بالبلد لن يميز بين أحد، وكل القوى السياسية تصبح مستهدفة”.
وقالت الوزيرة ريا الحسن: “يجب وضع معايير لما هو نقد ومعارضة سياسية من جهة وما هو تجريح، مع الاشارة الى ان بعض المحللين الاقتصاديين يتحدثون في الموضوع ويطلقون توصيفات، ففي اي خانة يمكننا وضعها؟”.
ودعا الوزير محمد فنيش الى تطبيق القوانين، ولفت الى وجود ثغرات يجب معالجتها، وان الفلتان في وسائل التواصل الاجتماعي غير مقبول، وهناك حاجة الى ضوابط مع التمسك بحرية التعبير المصونة بالدستور.
وختم الرئيس الحريري بقوله: “بعض الوزراء والنواب يدلون بتصريحات تضر بالوضع الاقتصادي والمالي.
النهار