مجلة وفاء wafaamagazine
أخيراً انتهى الانتظار وعاد قطار الدوري اللبناني لكرة القدم للانطلاق من جديد. أسابيع ثقيلة مرّت على الفرق الـ 12، وحسابات مختلفة ستدخل بها إلى الملاعب كونها ستبدأ تجربة جديدة هي الدورة السداسية التي ستكون مشتعلة من فوق ومن تحت
مرة جديدة يستأنف الدوري اللبناني نشاطه ليمدّ الحياة إلى شرايين الرياضة اللبنانية التي تلهّت اتحاداتها بتأجيل بطولاتها وبالصراعات الانتخابية التي لا تُسمن ولا تغني.
وحدهم أولئك الصابرون هم من يستحقون الثناء أي اللاعبون والمدربون الذين بقوا طوال فترة الإقفال العام يبحثون عن الطرق المُثلى للتدرّب والبقاء بجهوزية، والأهم أنهم حافظوا على روحهم المعنويّة، متمسّكين بأمل استكمال البطولة، وهي مسألة أكثر من ممتازة تترك انطباعاً بأن قسماً كبيراً من المنغمسين بالبطولة لديهم النيّة الحسنة تجاه اللعبة بعكس «أصوات النشاز القليلة» التي طالبت بعدم استكمال الموسم.
الموسم سيُستكمل لا محالة، إذ إن الاتحاد الدولي لم يرسل مبلغاً كبيراً لمساعدة الأندية عن عبث. هذا الموسم سيُستكمل فعلاً بالطريقة الحسنة والقانونية حيث سيُتوّج بطل ويُعلن عن فريقين هابطين إلى أندية الدرجة الثانية ولو أن هذا الأمر الأخير لن يرضي البعض.
ببساطة يستحقّ الدوري اللبناني أن ينهي موسمه بطريقةٍ طبيعية، إذ إن الأندية تخطّت الصعاب وخرجت من رحم المعاناة لتخوض موسماً استثنائياً في بلادٍ لم تعُد كما كانت، وتشهد يومياً انهياراتٍ في القطاعات المختلفة، ما يعني أن بقاء الفرق واقفة على أقدامها أمرٌ يُحسب لها وللاتّحاد اللبناني وللعبة التي لم تمُت بنظر محبّيها المتشوّقين لمتابعة مبارياتها مجدداً، وهو أمر كان بالإمكان لمسه من خلال تفاعل الجماهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي مع تحديد الاتحاد موعد انطلاق الدورتين السداسيتين.
ويمكن فعلاً الثناء على عمل الكل مع إطلاق أول صافرة استئناف للمباريات، إذ إن الدوري يعود في ظروفٍ صعبة جداً، وذلك بسبب الأجواء العامة التي تعيشها البلاد المتأرجحة بين الوضع الأمني المهزوز والممزوج بقطع الطرقات بشكلٍ شبه يومي، ما قد يعطّل فجأة إقامة أيّ مباراة، وما بين وضعٍ صحي أصعب من أيّ وقتٍ مضى، وبين ظروفٍ اقتصادية حوّلت رواتب اللاعبين بالليرة اللبنانية إلى مبالغ متواضعة بالكاد تكفي بعضهم للوصول إلى ملعب التمارين يومياً بعد ارتفاع أسعار المحروقات المرشّحة للتحليق أكثر.
لكن الأهم من كلّ هذا بالنسبة إلى أولئك الذين يرون في اللعبة أملاً ويعيشون فيها شغفاً، هو عدم انطفاء آخر الأشياء الجميلة التي تربطهم بالوطن عبر فرقهم المفضّلة. والأمل هذا ونتيجته التي أسفرت عن إبقاء اللعبة على قيد الحياة يجب أن يتغنّى بها الكرويون من دون أن ينظروا إلى المستوى الفني العام الذي يُرجّح أن يكون متذبذباً أكثر من قبل بسبب التوقّف والجمود وابتعاد الجميع عن أجواء المنافسات.
سداسية الأوائل «ولعانة»
لكن تبقى طبعاً مباريات عدة قادرة على رفع مستوى الحماسة إلى أعلى الدرجات، وعلى رأسها أقوى مباريات سداسيّة الأوائل التي تنطلق اليوم، وهي لقاء «العدوين» النجمة والعهد الذي يُقام الساعة 16:05 على ملعب مجمع الرئيس فؤاد شهاب الرياضي في جونية.
مواجهات الفريقَين السابقة تختلف طبعاً عنها في الوقت الحالي، أقلّه لناحية بطل لبنان الذي يبتعد بفارق 8 نقاط عن «النبيذي» وبفارق 10 نقاط عن الأنصار المتصدر، ما يعني عملياً أنه خارج دائرة المنافسة بالنظر إلى المستوى الذي قدّمه مقارنةً بالفريقين المذكورين. لكن العهد نفسه قد يفرض تحديّاً قوياً على النجمة مع عودة مدربه باسم مرمر لإعادته إلى السكة الصحيحة، ولو أن هذه المسألة قد تتعثر في الوقت الحالي بفعل رحيل المزيد من اللاعبين عن الفريق، وآخرهم الثنائي الهجومي محمد قدوح وأحمد زريق. هذا في وقتٍ تمسّك فيه النجمة بلاعبيه ولم يسمح لأحدٍ منهم بركوب موجة ما سُمّي بالاحتراف، الذي لا تليق عروضه بمستوى بعض من حاولت الأندية الخارجية جذبهم. وهذه النقطة تُحسب لفريق المدرب موسى حجيج الذي أبقى على آماله بخطف اللقب بفعل إصراره وطموحه الذي خالف توقعات البعض قبل انطلاق الموسم، أي أولئك الذين استبعدوا أبناء المنارة من قائمة المنافسين الرئيسيين.
لكن على النجماويين أن ينتبهوا جيداً لأن الأنصار لن يفرّط بسهولة بصدارته، وهو يبدأ الدورة السداسية باللقاء الأسهل فيها نظرياً عندما يواجه الصفاء اليوم الساعة 15:30 على ملعب صيدا البلدي. لقاءٌ يدغدغ مشاعر الأنصاريين الجائعين دائماً للأهداف، وهو أمر أظهروه في أولى مواجهاتهم مع الصفاء هذا الموسم عندما فازوا (6-1).
نتيجة لا يُستبعد أن يحقق الأنصاريون شيئاً شبيهاً بها ولو أن الصفاء تحسّن كثيراً مع مدربه الجديد محمد الدقة، وهو الذي دأب على تكثيف المباريات في آخر أيام منع التمارين من قِبل السلطات، وهي مسألة يجب أن يحذر منها «الأخضر» لأن جهوزية منافسه الأصفر قد تُحدث المفاجأة غير المتوقّعة.
بقاء الفرق واقفة على أقدامها أمرٌ يُحسب لها وللاتّحاد اللبناني وللعبة التي لم تمُت
أما ثالث مباريات سداسية الأوائل فهي إما تبقي شباب الساحل قريباً من الصدارة، وإما تُبعده عنها ليصبح وضعه أصعب في المراحل المقبلة. وهذه المسألة قد تترك توتّراً لدى الساحليين خلال لقائهم مع الأخاء الأهلي عاليه اليوم الساعة 15:30 على ملعب العهد.
لكن تبرز أفضلية لمصلحة الفريق الأزرق وهو أنه بدا أكثر ثباتاً في المستوى من نظيره الجبلي، الذي يدخل السداسية بثقلٍ كبير كونه التزم بالإقفال العام بشكلٍ تام ولم يذهب إلى إجراء أيّ تمارين سريّة، فكان أحد الفرق التي طالبت بتأجيل استئناف البطولة لكي يتسنّى لها الاستعداد جيّداً.
خطر على ثلاثة فرق
معركة الهبوط في سداسية الأواخر ترسم خطراً حول ثلاثة فرق، أحدها يبدو أن توديعه للدرجة الأولى أصبح محسوماً بشكلٍ كبير، وهو السلام زغرتا، الوحيد الذي لم يحقّق أي انتصار مكتفياً بنقطةٍ واحدة وضعته في المركز الأخير الذي لن يفارقه بحسب ما يتفق عليه المراقبون وبالنظر إلى مستوى الفرق الخمسة الأخرى.
اثنان من هذه الفرق يقفان في دائرة الخطر أكثر من غيرهم، وتحديداً الفرق الثلاثة التي «تتصدر» هذه السداسية، إذ إن التضامن صور يقف على بُعد نقطة من وصافة القاع، والغازية يقف خلفه بفارق نقطة أيضاً، وبفارق 6 نقاط عن المركز التاسع الآمن.
الخطر فعلاً يحوم حول الفريق الشمالي وممثّلي الجنوب أكثر من غيرهم لأنه منطقياً يبدو البرج قادراً على البقاء في مركزه السابق، ويبدو جاره شباب البرج قادراً أيضاً على تحسين مركزه والتقدّم على طرابلس الذي سجّل صحوات متفرّقة وأبعد نفسه جزئياً عن خطر الهبوط بفعل حصده نقاطاً مهمة.
من هنا، لا يمكن إغفال الأهمية المتساوية للمباريات الثلاث التي تُقام غداً الساعة 15:30، حيث يلتقي البرج مع السلام زغرتا في جونية، وطرابلس مع الغازية على ملعب العهد، وشباب البرج مع التضامن صور على ملعب صيدا.
الاخبار