الرئيسية / سياسة / المشنوق: بيروت العصيّة على الاستسلام محاصرة منذ 1982 وستنتصر

المشنوق: بيروت العصيّة على الاستسلام محاصرة منذ 1982 وستنتصر

الأحد 06 تشرين الأول 2019

مجلة وفاء wafaamagazine

شدّد النّائب نهاد المشنوق على أنّ “بيروت مدينة عصية على الاستسلام، مدينة لا تتعب، مدينة لا تيأس، يصيبها الإحباط أحيانًا، لكنّها تخترع نفسها من جديد”. وقال: “هذا ليس كلامًا عاطفيًا، بل هذا هو سياق التاريخ. فهي مدينة صلبة، تشبه صخرة الروشة، جذورها ضاربة في التاريخ، ورأسها شامخ في الأعالي. مرت علينا أعاصير وحروب وأعلام وألوان لكن بيروت خيمة العرب وبيروت نجمة العرب أيضا”.

ولفت خلال لقاء تكريمي ل”قادة صمود بيروت”، بدعوة من “رابطة أبناء بيروت”، إلى أنّ “بيروت محاصرة من زمن وليس بجديد، ربما هو أطول حصار في التاريخ، منذ 37 عاما لا تزال بيروت محاصرة. خرج منها المحتل الإسرائيلي في 1982، لكن بقي السلاح وبقيت الحروب الصغيرة. خرج السلاح بعد اتفاق الطائف، وحاول رفيق الحريري أن يخرجها من الحصار إلى إعادة الإعمار، لكن جاء حصار الوصاية السورية. ظلت محاصرة حتى افتداها الرفيق الشهيد بدمه وعمره في 2005. وبعد خروج القوات السورية حوصرت بيروت بالاغتيالات. وبعدها حوصرت بالحرب الإسرائيلية مجددا في 2006. ثم اغتيالات وتفجيرات. ثم حاصر “حزب الله” السرايا الحكومية في 2007. ثم نفذ “حزب الله” 7 أيار في 2008. وبعدها كان حصار سعد الحريري وإسقاط حكومته في 2011، وإلى اليوم لا تزال بيروت محاصرة بالاعتداء على اتفاق الطائف، الذي دفعنا ثمنه الكثير من الدماء، خصوصا في بيروت”.

ونقلًا عن الشاعر محمود درويش ردد المشنوق: “بيروت من تعب ومن ذهب، وأندلس وشام. فضة، زبد، وصايا الأرض في ريش الحمام. أهل بيروت كريش الحمام، يحملون وصايا مدينتهم في داخلهم أينما ذهبوا. ويحملون وصايا حريتها وتحريرها. أهل بيروت مثل ريش الحمام يحملون وصايا مدينتهم بداخلها وأينما ذهبوا والأهم يحملون معهم حريتها”.

أضاف: “في صيف 1982، صمدت بيروت، وحاصرت محاصريها، وبعض الإخوان الموجودين معنا هنا كانوا مؤمنين بما قاموا به مقاومة على المتحف أو على الأوزاعي ورأس النبع وعلى جبهات مختلفة وكانوا مؤمنين وصادقين ولا يزالون بأنها ليست فقط مدينتهم وبأن بيروت عربية عربية عربية. ولاحقوا الإسرائيليين في شوارعها، وقتلوا الكثيرين منهم، حتى رفعوا مكبرات الصوت، وخرجوا طالبين وقف إطلاق النار: “يا أهالي بيروت، لا تطلقوا النار، نحن منسحبون”. خاطب الإسرائيلي “أهالي بيروت”. خاطب الناس، وليس العسكر. لأن كل بيروتي كان سلاحا. وكل لبناني فيها كان بيروتيا. وكل عربي فيها كان لبنانيا”.

وتابع: “بيروت التي حاصرها العالم كله، وتركها وحيدة إلا من أهلها وضيوفها، حمت الفلسطينيين كما يليق بشهامة أهلها، وإفتدتهم لأنه واجبها. لم تفاخر بذلك لم تفتح فمها لم تقل لأحد فعلت، قام أهلها بكل ما قاموا ولكن بصمت الذي يقوم بواجبه وليس بمفخرة أو اعتزاز أو تحميل منية، حتى كتب عنها الشعراء الفلسطينيون أجمل ما قيل عنها. لهذا يصاب الشعراء بغرام بيروت. تسكنهم. تحاصرهم بالحب، وتبهرهم، ولاحقا تملؤهم بالذكريات. ممدوح عدوان قال عنها: “إذا ضاق الحصار، بيروت تلك لحافنا، بيروت كانت فجرنا”. وخلال الحصار، كتب خالد الهبر وغنى على غيتاره: “بيروت شوية ناس، وزواريب وشوارع، وعيون ع شبابيك وحلم من جرحا والع، وبيروت بواريد، وأبطال وخنادق، وحرية سهراني ع حيطان البيوت”. هذه هي بيروت: حرية سهرانة ع حيطان البيوت. وهي خط الدفاع الأول والأخير عن لبنان. صمود بيروت، أكرر مرة أخرى مثله مثل صخرة الروشة. مرت أجيال وأعاصير وجيوش، لكن كانت تنتهي بصمود أهل بيروت، ويظلون صامدين صامدين صامدين مثل صخرتهم لا شيء يغيرهم”.

وعاد بالذاكرة إلى “صاحب السماحة المفتي الشهيد حسن خالد، الذي أبتسم كلما تذكرت اسمه، لأنه تيسر لي أن أعاشره لسنوات طويلة. كنت شابا يافعا، لكن الشباب اليافعين يكونون متحمسين أكثر من الكبار، ويغامرون أكثر منهم، ويقاتلون ولا يهدأون. المفتي الشهيد ليس باسم كل اللبنانيين، بل باسم بيروت أولا، استطاع بعمامته أن يقف وأن يقول لا للوصي للمحتل ولكل من يعتدي على إرادة اللبنانيين والسيادة اللبنانية والاستقلال اللبناني، ولم يكن سيد المنابر فقط، كان أكبر من ذلك بكثير، كان بشجاعته أقوى من كل السلاح والأصوات والمنابر، ومن كل الذين اعتدوا على بيروت حتى وصلت الشهادة إلى سماحته، رحمه الله، لكن كلنا نتعلم منه، ولا ننسى لحظة واحدة كيف استطاعت هذه العمامة، أن تراكم خلال سنوات، جهة سياسية مدنية جدية هي اللقاء الاسلامي، ربما تكون الوحيدة التي بقيت على موقفها، ولم يستطع أحد وقفه غير بالاغتيال الأول والثاني والنفي الأول والثاني. هذه واحدة من شهادات العز والفخر والقدرة لعمامة المفتي الشهيد. وكنا نقول إنه مع تقي الدين الصلح كانا واحدا، والأخير نفي إلى فرنسا وتوفي هناك، بعدما تم تهديده في بيته، بحضوري”.

واستذكر “أبو الوليد اللواء سعد صايل. فلأن الحديث عن فلسطين وأهل فلسطين وقيادات فلسطين وأبطالها. فكما صمدت بيروت ولا تزال، وستظل صامدة، وكل الأعلام ستختفي وستعود بيروت إلى مكانها، هكذا سينتصر الشعب الفلسطيني العظيم، الذي يقاتل منذ سبعين عاما، دون توقف. هذا الشعب لا يستطيع إلا أن ينتصر، أمامه خيار وحيد هو أن ينتصر وينتصر وينتصر على العدو الاسرائيلي”.

وسأل: “ما المانع من 20 و30 و40 عاما إلى الأمام؟ فكل جيل يولد أكثر قتالا وصدقا وتشبثا بأرضه وفلسطينيته. لا أعرف فلسطينيا لا يتباهى بفلسطينيتيه. يتحدثون عن صفقة القرن، ومن كتبها لا يعرف بالجغرافيا والتاريخ والشعب الفلسطيني. مر قياديون كثيرون، على رأسهم وتاجهم الرئيس الشهيد ياسر عرفات، الذي قرر أن يبقى في مقره شهيدا شهيدا وشهيدا، وتحقق له ما أراد. وترك الرئيس الصامد – القادر أبو مازن ليكمل الطريق. وهذا الشعب قادر على حماية قضيته وتحقيق دولة مستقلة عاصمتها القدس رغم كل الصفقات والمشاريع، منذ “مشروع ريغن” في 1982 إلى اليوم. والشعب كان دائما يقول لا”.

وقال: “من حسن حظي أنني تعرفت على أبو الوليد اللواء – سعد صايل – الكثير القدرة والأكثر علما عسكريا بين كل القيادات الفلسطينية. هو خريج أرقى الكليات العسكرية في بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية. وامتلك من الشجاعة أن يوجه نداء إلى الجيش الأردني، بعد انسحابه منه في العام 1970، للالتحاق بالثورة الفلسطينية، رغم امتلاكه رتبة عالية في ذلك الجيش. وهو من القلائل الذين لم تأخذهم الاجتماعيات اللبنانية. لم أره يوما يبتسم. في مفاوضات الخروج، وكنت حاضرا، رفض الخروج من لبنان، وذهب إلى البقاع لإعادة تنظيم القواعد والتنظيم العسكري، ثم الشمال. لذلك اغتيل”.

أضاف: “كان اغتياله هدفه منع إعادة التنظيم. وكان هدفه تحقيق إنجاز سياسي. فظل كثيرون يتابعونه، وهو وقف بوجه “لجان التحقيق في أسباب الانسحاب” واعتبره تآمرا في لحظة خاطئة وسط اختلال ميزان القوى مع الإسرائيليين، ووقف بوجه الانشقاقات، ما جعله دائما وأبدا في الصف الأول وجزءا أساسيا من القرار، وليس لأنه عضو لجنة مركزية في حركة “فتح”، بل صرامته وجديته وعلمه الغزير وعسكريته. “قليل البسمة، كثير الرصانة”.

وتابع: في مسرحية لشكسبير يقول أحدهم للفارس: “لماذا لا تتحدث عن مناقبي”، فأجابه: “لا أملك بوقا أضعه في حنجرتي، ولكنني أملك سيفا، وهو رهن يدي”. هذا هو القائد الشهيد وهذه مناقبيته وسيرته التي تجعلنا بعد 37 عاما نتحدث عنه كأنه اغتيل بالأمس”.

وحيا المشنوق وليد نجل اللواء الشهيد “الذي جاء من الخارج الى لبنان حاملا فلسطين في قلبه، ولبنان البلد الأحب الى عقله”.

وتحدث في اللقاء على التوالي ممثل مفتي الجمهورية الشيخ خلدون عريمط وسعدالدين حسن خالد والسفير الفلسطيني أشرف دبور ورئيس رابطة أبناء بيروت محمد الفيل ونجل الراحل شفيق الحوت.

وطنيّة