الأربعاء 09 تشرين الأول 2019
مجلة وفاء wafaamagazine
إنّ سرطان الثدي هو أكثر أنواع السرطان شيوعًا بين النساء، فمن بين كلّ ثماني نساء تكون امرأة واحدة معرضّة لخطر الإصابة به خلال حياتها، كما أنّه السببّ الرئيسي في وفاة النساء اللواتي يتراوح عمرهن ما بين الـ40 و60 عامًا.
إنّ اكتشاف الإصابة بسرطان الثدي في مرحلة مبكرة يزيد نسبة الشفاء منه لأكثر من 90%، وهذا دافع لضرورة إجراء الفحص الروتينيّ بشكل منتظم قبل ظهور أيّ أعراض. تُعتبر الصورة الشعاعية للثدي وسيلة الكشف اللازمة، ولا بدّ أن تقوم بها سنويًّا كلّ امرأة ابتداءً من سنّ الأربعين. كما يمكن طلب إجراء هذا الفحص في سنّ أصغر في حال كان لسرطان الثدي سابقة في تاريخ العائلة الطبّي.
تمّ تطبيق سياسة إجراء الصورة الشعاعية للثدي في لبنان من خلال إطلاق حملة وطنية شبه مجانيّة طوال شهر تشرين الأوّل منذ أكثر م ن 10 سنوات. وقد أثبتت هذه الحملات السنوية، وهي الأولى من نوعها في العالم العربيّ، فعاليّتها في الحدّ من نسبة الوفيات المرتبطة بسرطان الثدي.
لا يسمح التشخيص عن طريق الصورة الشعاعية للثدي بزيادة فرص الشفاء منه وحسب، بل يضمن نتائج إيجابيّة أيضًًا بفضل عملية جراحية بسيطة وعلاجات تكميلية أخرى غالبًا ما يتقبّلها المرضى بشكل جيّد.
ولا تتسبّب هذه الجراحة بأيّ تشوّه إذا أُجريت في مرحلة مبكرة من المرض، وغالبًا ما تقتصر على استئصال بسيط للورم مع المحافظة على شكل الثدي. حتّى عملية العقد اللمفاوية الإبطية أصبحت أسهل إذ تقتصر اليوم على استئصال عدد محدود من العقد وتسمح بتجنّب تورّم اليد. فتحترم هذه الجراحة الثديية والإبطية جسد المرأة وأنوثتها ولا تتطلّب سوى إقامة قصيرة في المستشفى تتراوح مدّتها بين 24 و48 ساعة.
غالبًا ما يتمّ وصف العلاج الإشعاعيّ للثدي الذي أُجريت له الجراحة، وذلك بهدف الوقاية فقط. وبفضل التقنيات الحديثة، أصبح هذا العلاج غير ضارًّا ولا يترك أيّ سُمّية أو تشوّه محلّي. في بعض الأحيان، يمكن أيضًا وصف العلاج الكيميائي كتدبير وقائيّ يتمّ إجراؤه في بضع جلسات بعد الجراحة. كما يمكن مؤخّرًا إجراء اختبار جينيّ على العيّنة الجراحية يسمح لعدد كبير من النساء بتجنّب هذا العلاج الكيميائي. ويتمّ عامّةً وصف حبّة واحدة من هرمون وقائي تُؤخذ يوميًّا لبضع سنوات بدون أيّ تأثيرات ملحوظة.
بالتالي، فإنّ المشاركة السنويّة في حملة الكشف عن سرطان الثدي من خلال إجراء الصورة الشعاعية للثدي تساعد في تهدئة قلق النساء وطمأنتهنّ وإنقاذ حياة بعضهنّ، وذلك على حساب علاج خفيف لا يؤثّر بأيّ شكل من الأشكال على تكوين المرأة الأنوثيّ ويسمح لها متابعة حياتها الطبيعية.
وفي إطار هذه الحملة السنوية، قام مستشفى أوتيل ديو دو فرانس – مركز جامعة القديس يوسف الطبّي، والمركز الطبّي في الجامعة الأميركية في بيروت، ومعهد كوري في باريس، بالتعاون مع مركز ليون بيرار في ليون وجمعيات طبّية لبنانية عديدة لا سيّما تلك المعنّية بالأمراض السرطانية والأمراض النسائية وصوَر الأشعّة، بتنظيم مؤتمر في 4 و5 تشرين الأوّل 2019 بعنوان “مؤتمر بيروت لتصوير الثدي والكشف المبكر” في أوتيل ديو دو فرانس. توجّه هذا المؤتمر إلى أخصائيّي الأشعّة والجرّاحين وأطبّاء الأورام وأخصائيّي الباثولوجيا وتقنيّي الأشعّة ومقدّمي خدمات الرعاية الصحية.
قدّم هذا المؤتمر محاضرات شاملة متعدّدة التخصّصات تنوّعت بين دورات عامّة تتناول موضوع الثدي وتتّبع منهجًا عمليًّا وتطبيقيًّا، ودورات أكثر تقدّمًا تناقش أحدث تقنيّات التصوير الطبّي والمبادئ التوجيهية المعتمدة فيها. وبهدف التركيز على الناحية التطبيقية، أُقيمت خلال المؤتمر ورشتَي عمل أتاحت الفرصة للحاضرين لاكتساب مهارات في الخزعة تحت التصوير الصوتي وفي تقنية التصوير المقطعيّ (Digital Breast Tomosynthesis) من خلال التدريب على آلات متخصّصة ومتقدّمة.
الجمهوريّة