مجلة وفاء wafaamagazine
التواصل الامني السوري – السعودي لم ينقطع، حتى في ظل قطع العلاقة الديبلوماسية بين الدولتين، ومناصرة المملكة لاطراف مسلحة في ما سمي «معارضة سورية» فتبادل مسؤولون امنيون من الطرفين الزيارات البعض كان يعلن عنها وتسرب الى الاعلام، وبعضها كان يبقى سريا، اذ زار رئيس المكتب الوطني في سوريا اللواء علي المملوك الرياض مرات عدة، ومثله فعل نظيره السعودي الفريق خالد الحميدان، لتبادل المعلومات الامنية، وبقيت العلاقة تحت هذا السقف.
ولكن دمشق، لم تكن ترغب ان تبقى اللقاءات طي الكتمان، فكانت تريدها فوق الطاولة، وهذا ما طلبته من دول اخرى، ناصبتها العداء، او تدخلت في شؤونها كفرنسا، الولايات المتحدة وغيرها، وقد طلبت كلها معلومات امنية عن جماعات وافراد ارهابية، تقاتل في سوريا، وبعضها من مواطني هذه الدول او يحملون جنسيتها، حيث اقرت هذه الدول للسلطة السورية بدورها الاساسي في مكافحة الارهاب، وفق ما تشير معلومات امنية سورية، التي تؤكد بأن غالبية الدول وصلت الى ما كانت دمشق تؤكد عليه، بأن في سوريا حرب على الارهاب، ولا توجد «ثورة» ومطالب اصلاحية، حيث ثبت بعد سنوات من الحرب الكونية على سوريا وشعبها بأن التلطي وراء اصلاح النظام اهداف سياسية تتعلق بموقع سوريا الداعم للمقاومة ومحورها، وهذا ما كان يطلبه المسؤولن الاميركيون، وحلفاء لهم ان تخرج منه وتفك ارتباطها بإيران وتحالفها مع روسيا ولا تناصر فصائل المقاومة.
فمنذ زيارة وزير الخارجية الاميركية الاسبق كولن باول الى سوريا، بعد الاحتلال الاميركي للعراق في مطلع العام 2003، وطلبه من الرئيس بشار الاسد بأن لا تكون سوريا موطئ قدم للمقاومة، وعليه طرد، منظماتها منها كحركتي «حماس» و«الجهاد الاسلامي» وقطع طريق امداد «حزب الله» بالسلاح فإن المؤامرة بدأت منذ ذلك العام وما تبعها.
تكشف المصادر الامنية السورية لحلفاء لها في لبنان، وترى في زيارة الفريق الحميدان الى سوريا وبشكل علني، بأن كل من اخطأ معنا يعود الى صوابه، وباتت دمشق هي بوابة العروبة وان من اخرجها من جامعة الدول العربية عاد يدعوها اليها ومن سعى الى الاطاحة بالرئيس الاسد، بات يجتمع اليه ويحييه لتصديه للجماعات الارهابية ولعدم تمكن «الاخوان المسلمين» من الوصول السلطة عبر دعم تركي.
وزيارة المسؤول الامني السعودي الرفيع المستوي والذي هو في موقع القرار في المملكة لها دلالاتها في هذه المرحلة اذ ان توجه ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان هو نحو «صفر مشاكل» مع دول المنطقة لا سيما ايران، وفق معلومات لمصدر ديبلوماسي سعودي، الذي يؤكد بأن رؤية بن سلمان السياسية، بعد ما طرح رؤيته الاقتصادية 2030، فإنها تقوم على الانفتاح على كل الدول، وعدم رفع العداء معها، وفي مقدمها ايران، وهذا ما عبّر عنه في اطلالاته الاعلامية الاخيرة، ونفذه عبر فتح قناة حوار مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، من خلال العراق، الذي رعى حواراً سعودياً ـ ايرانياً على المستوى الامني، وتطرق الى الاوضاع في المنطقة، خصوصاً اليمن ولبنان، اذ يعول المصدر على تقدم سيحصل فيه، لان المنطقة تعبت من الحروب، ولا بدّ من التوجه نحو الاقتصاد والانماء.
ويتذكر اللبنانيون، مع زيارة الحميدان الى سوريا ولقائه بالرئيس بشار الاسد، وفق ما نقلت المعلومات، كما بنائب الرئيس للشؤون الامنية اللواء علي المملوك، المقولة التي اطلقها الرئيس نبيه بري حول السين ـ السين منذ اكثر من 13 سنة، وترجمت في زيارة الملك عبدالله الى دمشق، ولقائه الرئيس الاسد واصطحابه الى القصر الجمهوري، في بعبدا واللقاء بالرئيس ميشال سليمان، ومسؤولين آخرين، من بينهم الرئيس نبيه بري، ثم حصول المصالحة مع الرئيس سعد الحريري الذي زار دمشق ليومين وبات في قصر المهاجرين، وتبعه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي، بحيث تنقل مصادر سياسية لبنانية مطلعة، بان تطور العلاقات السورية ـ السعودية ايجاباً وافتتاح السفارة السعودية في دمشق، على غرار ما فعلت دولة الامارات العربية المتحدة وقبلهما مصر، فان هذه التطورات قد تنعكس ايجاباً على لبنان، وتفتح الباب امام تشكيل الحكومة، لان مفتاحه موجود في الرياض، والذي تبحث لمن تسلمه، هل للرئيس سعد الحريري ام لغيره؟
فاذا ما سارت المفاوضات السعودية ـ الايرانية، والعلاقات السعودية ـ السورية، بالطريق المستقيم، فان لبنان سيشهد انفراجات، وهي التي تحصل على خط العلاقات الاميركية ـ الايرانية، والحديث عن رفع العقوبات التي فرضتها الادارة الاميركية السابقة برئاسة ترامب، والعودة الى الاتفاق النووي الاساسي دون تعديل، حيث تقرأ الرياض، هذه التطورات وتعمل للتكيف معها، بعد ان انهكتها الحرب في اليمن، وهي بدأت اشارات ايجابية نحو قطر، وفكت الحصار عنها، ودعتها الى قمة المعلا، وازالت ازمة من طريقها، اذ ان دول الخليج، تعمل على امن اقليمي مستقر، وهي دعوة ترحب بها ايران.
فهل هذه التطورات ستظهر بايجابيات، يستفيد منها لبنان؟
الديار