مجلة وفاء wafaamagazine
مفاجأة كبرى شهدتها الساحة السياسية الإيرانية مع إعلان لائحة المرشّحين المقبولين للانتخابات الرئاسية، والتي استُبعدت منها أسماء شخصيات بارزة، كعلي لاريجاني وإسحاق جهانغيري. بذلك، بات الطريق معبّداً أمام إبراهيم رئيسي لخلافة حسن روحاني، على رغم أن مراقبين يعتقدون أن تقلّص التنافس الانتخابي سيؤثّر سلباً على ثقله السياسي
طهران | بدأت الحملة الانتخابية للرئاسيات الإيرانية، في وقت أصاب فيه الرفض الواسع لأهلية مرشّحين معروفين، المناخ السياسي، بصدمة عنيفة. ومن أبرز الذين رُفض ترشيحهم، علي لاريجاني رئيس ثلاث دورات للبرلمان، وإسحاق جهانغيري النائب الأول للرئيس حسن روحاني، ومحمود أحمدي نجاد الرئيس الإيراني السابق. في المقابل، أيّد مجلس صيانة الدستور أهلية سبعة أشخاص فحسب، من أصل 592 تقدّموا بطلبات الترشيح، وكان من بينهم 40 من الشخصيات البارزة والشهيرة على الساحة السياسية. وأوّل من أمس، أعلنت وزارة الداخلية الإيرانية أسماء المرشّحين للدورة الثالثة عشرة للانتخابات الرئاسية ممّن صادق مجلس صيانة الدستور على أهليّتهم. والمرشّحون السبعة هم: إبراهيم رئيسي رئيس السلطة القضائية، وسعيد جليلي ممثّل المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية في المجلس الأعلى للأمن القومي، وأمير حسين قاضي زادة هاشمي نائب رئيس البرلمان، وعلي رضا زاكاني نائب في البرلمان، ومحسن رضائي أمين مجمع تشخيص مصلحة النظام، وعبد الناصر همتي رئيس البنك المركزي، ومحسن مهر علي زادة محافظ أصفهان السابق. ومن المقرّر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية في الثامن عشر من حزيران/ يونيو، على أن تبدأ الحملات الانتخابية والنشاطات الدعائية للمرشّحين رسمياً، ابتداءً من تاريخ إعلان وزارة الداخلية أسماءهم، وتستمرّ حتى 24 ساعة قبل بدء عملية الاقتراع.
وفضلاً عن لاريجاني وجهانغيري وأحمدي نجاد، فقد تمّ استبعاد شخصيات معروفة، من بينها محمد شريعتمداري وزير العمل، وعباس أخوندي وزير الطرق السابق، ومحسن هاشمي رفسنجاني رئيس المجلس البلدي لطهران، وسعيد محمد القائد السابق لـ”مقرّ خاتم الأنبياء”. ويقال إن حسين دهقان وزير الدفاع السابق ومستشار المرشد الأعلى للشؤون العسكرية، ورستم قاسمي مساعد “فيلق القدس” للشؤون الاقتصادية قد رُفضت أهليّتهما أيضاً من قِبَل مجلس صيانة الدستور، إلّا أنهما كانا قد أعلنا انسحابهما لمصلحة إبراهيم رئيسي، قبيل الإعلان عن القائمة النهائية للمرشّحين.
غموض يكتنف السباق الانتخابي
وإلى ما قبل هذه التطوّرات، كان يُتوقّع أن تدور المنافسة الانتخابية بين ثلاثة أقطاب، هم الأصوليّون (رئيسي)، والإصلاحيّون (جهانغيري)، والمعتدلون (لاريجاني)، لكن مع استبعاد جهانغيري ولاريجاني عن السباق الرئاسي، بقي قطب واحد يمثّل الأصوليين هو إبراهيم رئيسي. أمّا بقية المترشّحين، فهم إمّا يشتركون معه في التوجّه والانتماء، أو لا يملكون الثقل السياسي الذي يؤهّلهم للتنافس معه. في مقابل ذلك، أثار رفض أهلية لاريجاني، الذي يُعدّ من الشخصيات المقرّبة من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، استغراباً كبيراً، خصوصاً أن لاريجاني كان قد كُلّف من خامنئي، في السنوات الأخيرة، بإدارة المحادثات المتعلّقة بالاتفاق الاستراتيجي لمدة 25 عاماً بين إيران والصين.
في هذه الأثناء، أعلن حسن روحاني، أمس، توجيه رسالة إلى المرشد الأعلى في شأن ترشيحات الانتخابات الرئاسية المقبلة، طالباً مساعدته في توفير “منافسة” أكبر فيها، بعد استبعاد شخصيات بارزة من الترشّح. وقال روحاني، في كلمة متلفزة خلال الاجتماع الأسبوعي للحكومة: “جوهر الانتخابات هو المنافسة، إذا حذفتم ذلك، تصبح جثّة هامدة”. وإن لم يحصل تغيير في القائمة التي تضمّ سبعة أشخاص ونالوا التأييد، من دون إضافة شخصيات جديدة إليها بقرار من الخامنئي، فإنه يمكن القول إن إبراهيم رئيسي هو الأوفر حظاً للفوز في الانتخابات. ومع ذلك، هناك احتمالٌ كبيرٌ لأن يؤثّر تقلّص نطاق السباق الانتخابي سلباً على نسبة المشاركة الجماهيرية، حتى إن بعض الموالين لرئيسي يقولون إنه على الرغم من أن الظروف الحالية قد تسهّل فوزه، إلا أن غياب التنافس الانتخابي المحموم سيقلّص من اعتباره وثقله السياسيَّين. أمّا رئيسي نفسه، فقد قال في أوّل ردّ فعل له على الاستبعادات، من دون التطرّق إلى التفاصيل: “أجري الآن مشاورات لكي يتحوّل المشهد الانتخابي إلى عملية أكثر تنافسية ومشاركة”. ويأتي كلّ هذا فيما تبرز احتمالات انسحاب بعض المرشّحين الأكثر قرباً إلى رئيسي، لمصلحته، قبيل بدء الاقتراع.
يمكن القول إن إبراهيم رئيسي هو الأوفر حظاً للفوز إذا لم يحصل تغيير في قائمة المرشّحين
ووصفت صحيفة “ابتكار” الإصلاحية الاستبعادات الأخيرة بـ “المفاجأة الكبرى”، فيما أبرزت صحيفة “شهروند” العبارة التي أدلى بها المتحدث باسم الحكومة، علي ربيعي، وقال فيها: “لا فائز في المشاركة الدنيا”. وعلى الجانب الآخر، اعتبرت صحيفة “كيهان” الأصولية أن دراسة أهلية المرشّحين في مجلس صيانة الدستور تمّت تأسيساً على معايير وقواعد محدّدة، وبمعزل عن الانتماءات والتوجّهات السياسية. وقالت: “رغم أن المشاركة القصوى تُعدّ ضرورة حيوية وحاجة ملحّة، لكن مسؤوليّتها لا تقع على عاتق مجلس صيانة الدستور. إن هذا المجلس لا يمكنه إضافة هذا الشيء إلى الشروط اللازمة للمرشّحين”. وأضافت أن “التفكير بالمصلحة يقع خارج نطاق واجبات ومهامّ مجلس صيانة الدستور أصلاً”.
نبذة عن المرشّحين
* إبراهيم رئيسي: رئيس السلطة القضائية، وقد عُيّن قبل عامين في هذا المنصب من قِبَل المرشد الأعلى. ورئيسي (60 عاماً) هو أيضاً نائب رئيس مجلس خبراء القيادة، المجلس المعنيّ بشكل أساسي بتعيين المرشد. وفي الأوساط السياسية الإيرانية، يُعتبر أحد الخيارات الرئيسة لخلافة آية الله الخامنئي. وكان قد ترشّح للانتخابات الرئاسية السابقة، وعلى رغم حصوله على 16 مليون صوت، إلّا أنه هُزم أمام حسن روحاني. وشغل رئيسي سابقاً مناصب أخرى، بما فيها النائب الأول لرئيس السلطة القضائية والمدّعي العام للبلاد. وعلى رغم أنه قال إنه يخوض الانتخابات كشخصية مستقلّة، لكنّه يُعدّ الخيار الأساسي للأصوليين. وقد دخل المشهد الرئاسي بشعار “حكومة شعبية لإيران قوية”. رئيسي كان قد اعتبر السياسة الخارجية لحكومة روحاني “دبلوماسية التوسّل”، ورأى أن “الاتفاق النووي هو شيك على بياض كان يجب صرفه، بيد أن الحكومة لم تكن قادرة على فعل ذلك”.
* سعيد جليلي: عضو المجلس الاستراتيجي للعلاقات الخارجية، وعضو مجمّع تشخيص مصلحة النظام، وممثّل المرشد الأعلى في المجلس الأعلى للأمن القومي. وشغل جليلي منصب أمين المجلس الأعلى للأمن القومي لمدة ستّ سنوات، خلال ولايَتَي أحمدي نجاد الرئاسيتَين. وكان رئيس الفريق الإيراني النووي المفاوض مع الدول الغربية. وجليلي (55 عاماً) ينتمي إلى “جبهة الصمود”، وهي من المجموعات المنضوية تحت لواء التيار الأصولي والمعروفة بالتوجّهات الراديكالية، ولا سيما في مجال السياسة الخارجية. وأحرز المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية التي جرت عام 2013، من خلال حصوله على 11 في المئة من الأصوات.
*أمير حسين قاضي زادة هاشمي: الأكثر شباباً بين المرشّحين، إذ يبلغ من العمر 50 عاماً. وهو نائب رئيس البرلمان، وقد مثّل أهالي مدينة مشهد في أربع دورات للبرلمان. وقاضي زادة، مِثله مِثل جليلي، ينتمي إلى “جبهة الصمود”.
*علي رضا زاكاني: رئيس مركز الدراسات في البرلمان الإيراني ومُمثّل أهالي قم في البرلمان. وزاكاني، البالغ من العمر 55 عاماً، يُعدّ من السياسيين الأصوليين، وكان نائباً في البرلمان لثلاث دورات، وتولّى رئاسة اللجنة الخاصة لدراسة الاتفاق النووي. وزاكاني، الذي يُعدّ من الناقدين المتشدّدين لحكومة روحاني، قال في يوم تقديم طلبه للترشيح: “لقد جئت لأطرح شبكة الفساد والنفوذ أرضاً”.
*محسن رضائي: يتولّى منصب أمين مجمّع تشخيص مصلحة النظام لمدّة 24 عاماً، وكان قبل ذلك القائد العام للحرس الثوري لمدّة 16 عاماً. وقد ترشّح رضائي (66 عاماً)، لحدّ الآن، ثلاث مرّات لخوض الرئاسيات، لكنه فشل في كل مرة. وعلى رغم أنه يَعتبر نفسه شخصية مستقلة، لكنّ تصريحاته ومواقفه أقرب إلى الأصوليين. هو يحمل رتبة لواء، وقد قال في يوم تسجيل اسمه للترشّح: “لِمَ لا يجب إدارة الثقافة والاقتصاد كما هو الحال في المجال الدفاعي؟”.
*عبد الناصر همّتي: من الشخصيات التكنوقراط المقرّبة من الأصوليين، وقد شغل سابقاً مناصب اقتصادية. وهمّتي (64 عاماً) تولّى منذ ثلاث سنوات إلى الآن، منصب رئيس البنك المركزي الإيراني. كما شغل منصب المدير العام لمصرفَين في إيران، في وقت سابق. واستناداً إلى خبرته، قال في يوم تقديم طلب الترشيح، إن “الاقتصاد يُعدّ في إيران اليوم، أكثر القطاعات الرئيسة، لذا يجب إصلاحه”.
*محسن مهر علي زادة: كان في حكومة روحاني محافظاً لأصفهان (وسط إيران) لمدّة عام واحد، فيما كان في حكومة خاتمي الأولى محافِظاً لخراسان (شمالي شرق)، وفي حكومة الأخير الثانية مساعداً لرئيس الجمهورية، ورئيس مؤسّسة التربية البدنية. وترشّح مهر علي زادة (64 عاماً) لرئاسيات عام 2005، التي فاز فيها أحمدي نجاد، لكنه فاز بـ4 في المئة من الأصوات، وحلّ في المركز الأخير بين المرشّحين. وعلى الرغم من أنه يُعرف كسياسي إصلاحي، إلّا أنه لا ينتمي من الناحية التنظيمية إلى هذا التيّار، ولا يُعدّ من مرشحي “جبهة الإصلاحات” في هذه الدورة.
الاخبار