الأخبار
الرئيسية / سياسة / مانشيت: «سلطة الأزمة» تلفظ أنفاسها الأخيرة.. وما بعد 17 تشرين ليس كما قبله

مانشيت: «سلطة الأزمة» تلفظ أنفاسها الأخيرة.. وما بعد 17 تشرين ليس كما قبله

السبت 19 تشرين الأول 2019

جريدة الجمهورية:

الحقيقة الساطعة التي أفرزها الحراك الشعبي في اليومين الأخيرين، أنّ ما بعد 17 تشرين الأول 2019، ليس كما قبله، و»سلطة الازمة» تلفظ انفاسها الأخيرة. فالطاولة التي هدّدوا بقلبها من على المنابر والشاشات، ها هي انقلبت على رأس سلطة متمسحة، اختبأت، منذ تربّعها على عرش التحكّم بمصير البلاد والعباد، خلف وجع الناس، ووضعت لنفسها هدف نهش خيرات البلد وإشباع بطون رموزها وأزلامها ومحاسيبها.

لقد حصل ما كان متوقعاً، وما جرى التحذير منه على مدى شهور طويلة، من الداخل والخارج، والسلطة تدفن رأسها في رمالها المتحرّكة التي ابتلعتها مع كل عناوينها الاصلاحية الفارغة وشعاراتها المخدّرة التي حقنت بها كل فئات الشعب اللبناني. وانفجر الشارع، ولفّ الغضب لبنان من ادناه الى اقصاه، وصرخ بصوت واحد: لا لسلطة التخريب التي ألقت بالبلد وأهله في قعر أزمة خانقة مقفلة، ليس معلوماً كيف سيخرج منها، وإن خرج فإلى اين؟
الناس، رفعت الغطاء عن السلطة الحاكمة، وعرّتها من ورقة التوت، التي سترت فيها كل عوراتها وموبقاتها التي ارتكبتها باسم الشعب وعلى حساب الشعب، ومن اجل الشعب، وبكل فجاجة ووقاحة، تُزايد وتكابر وتضع نفسها في مصاف الملائكة، وتتبارى في تلاوة محاضرات العفة والنزاهة على مرأى ومسمع ضحاياها من كل فئات الشعب اللبناني.

قال الناس كلمتهم بصوت عال: لا ثقة بهذه السلطة، ولا تمييز بين كل مستوياتها، كلها من دون استثناء في قفص الاتهام من اعلى الهرم الى اسفله، وفي مقدّمهم اولئك الذين كانوا شركاء دائمين في هذه السلطة، وتبرأوا منها في الساعات الماضية، في خطوة مريبة في سياق سياسة ركوب الموجة والتسلق على تحرّك الناس والاستثمار على وجعهم.

قال الناس كلمتهم بزنار من نار، لا تضاهي حرارته، الحريق الذي اشعلته السلطة في كل بيت مواطن لبناني، وأتى على كل آماله و»حلمه» في العيش بسلام واطمئنان، وتأمين لقمة عيش ابنائه التي ذهبت بها سلطة النهب المنظّم، او بالأحرى سلطة التدمير المتعمّد لحاضر هذا البلد ومستقبله.

مما لا شك فيه، انّ تحرّك الناس بدأ عفويًّا ليل الخميس – الجمعة، وبلا ضابط ايقاع، وبدا واضحاً أنّ قوى السلطة، قد فوجئت بهذا التحرّك فابتلعت السنتها، رغم انّها كلها كانت هدفاً للهجوم، اللافت فيه الجرأة غير المسبوقة من الناس التي كسرت جدار الخوف والحرج في مخاطبة السلطة ورموزها. لكن التدقيق في مشهد الأمس، يقع على وقائع أخرى، فالحراك بدا وقد تداخلت فيه العفوية والسياسة في آن معاً، وتبدّى ذلك في كل المناطق التي شهدت احتجاجات، وخصوصا تلك المعروفة بأنّ لها طابعاً حزبياً ولا تتحرّك إلا بمشيئته، وهو الأمر الذي يطرح علامات استفهام حول ما اذا كان وجود قطب مخفية حيال كل ما يجري، امراً واقعاً وموجوداً، ام انه مجرّد فرضية لا اساس لها، علماً انّ فرضية وجودها هو الاحتمال الذي يبدو انّه الاقرب والأقوى.

حتى الآن، ومع تسارع الاحداث، ليس في الإمكان اجراء تقييم سياسي دقيق لما يجري في الشارع، وتحديد المدى الذي سيبلغه، لأنّ الامور مفتوحة، ويبدو انّ المشهد لا يزال في بداياته، وهو أمر يحرّك مجموعة من الأسئلة:
– الى متى ستستمر هذه النار المندلعة في الشارع؟
– هل انّ ما جرى في اليومين الماضيين مجرّد «تحمية» استعداداً لاشتباك اكبر في الآتي من الايام وعلى وهج مشاعر الناس؟
– لقد اكّدت الناس في احتجاجات اليومين الماضيين أنّ أزمة البلد لا تنتهي بحلول ترقيعية، بل باتت تتطلب حلولاً جذرية، فأي حلول يمكن الوصول اليها؟ ومن سيطرحها؟
– هل الحل باستقالة الحكومة؟
– من هو صاحب المصلحة في الاستقالة؟ هل هو العهد؟ هل هو «حزب الله»؟
– هل ثمة ارادة خارجية، عربية او غربية تسعى الى تطيير الحكومة، وتشجع على ذلك؟ وإن صح ذلك فمن هي هذه الجهات؟ وإلامَ ترمي من وراء ذلك؟
– ما سرّ هذه الحماسة التي يبديها كل من النائب السابق وليد جنبلاط ورئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، لتغيير الحكومة ودعوة الحريري الى الإستقالة؟ علمًا انّ جنبلاط صرّح علنًا بأنّه لن يكمل بالحكومة.
– ماذا لو قرّر رئيس الحكومة سعد الحريري الاستقالة فعلاً؟ فهل ثمة خيار بديل غير الحريري لترؤس الحكومة المقبلة؟ وماذا لو تعذّر وجود هذا البديل؟
– هل الاستقالة ستؤدي الى احتواء الاحتقان وتروي غليل الناس الموجودة في الشارع؟ علماً انّ حجم الأزمة في البلد، وغليل الناس المحتقن بالشكل الذي ظهر عليه، لا تشكّل استقالة الحكومة معالجة حقيقية لهما؟
– هل هذه الاستقالة، ستشكّل العلاج المطلوب للأزمة ام أنّها ستفاقمها اكثر؟
– اذا استقالت الحكومة، هل ثمة امكانية لتشكيل حكومة جديدة، وكيف؟ وممن؟ وبرئاسة من؟
– اذا استقالت الحكومة، هل هناك امكانية لقيام المؤسسات والسلطات الاخرى بدور ما لمحاولة البحث عن صدمة ايجابية لتشكيل حكومة جديدة؟ وما نوع هذه الصدمة؟
– هل ثمة «كبش محرقة» مطلوب تقديمه لاحتواء الشارع؟ هل هي الحكومة ورئيسها حصراً؟ هل هو العهد ومن معه؟ علماً انّ بعض في الداخل يريد للعهد ان يكون ضحية هذا الحراك، وان بعضاً آخر يريد للحكومة ان تكون الضحية، وبعضاً ثالثاً يريدهما كليهما ضحية؟
– هل انّ المناخ الاقليمي لحصول تطورات دراماتيكية في لبنان تصل الى حد تطيير الحكومة؟
– هل انّ ما يجري في لبنان في هذه الفترة بريء من ان يكون مرتبطاً بما يجري في سوريا؟
– هل ثمة وجه شبه بين ما حصل في العراق خلال الاسابيع الاخيرة، وبين ما يجري في لبنان حالياً؟

الشارع
وكان يوم امس، قد شهد احتجاجات عنيفة من المواطنين ضد السلطة، شملت مختلف المناطق اللبنانية، وعمد خلالها المحتجون الى قطع الطرقات بالحمولات الترابية والاطارات المشتعلة، بحيث شُلت الحركة تماماً.
وقد شهدت هذه الاحتجاجات مناوشات عنيفة بين المحتجين والقوى الامنية، جراء لجوء البعض منهم الى محاولات تكسير لبعض الممتلكات العامة والخاصة، وتوجيه اهانات جارحة الى كل الرؤساء والقيادات السياسية، وتصاعدت بشكل عنيف في فترات المساء، وخصوصاً في وسط بيروت. علماً انّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون قد استقبل في القصر الجمهوري في بعبدا مساء امس، وفداً من المتظاهرين الذين كانوا يقطعون طريق القصر الجمهوري واستمع الى مطالبهم.
وابلغ رئيس الجمهورية الوفد قوله: «اشعر معكم، وجعكم هو وجعي، وسوف اعمل جهدي للتخفيف من معاناتكم، لقد بدأنا سلسلة اجراءات للحد ممّا تشكون منه، وسنواصل العمل في هذا الاتجاه».
اما الوفد، فقد اثار مع الرئيس عون «ملفات فساد واصلاحات»، معلناً انّه لا يقبل بأقل من استقالة الحكومة وتشكيل حكومة طوارئ خصوصاً ان الامن الاجتماعي لم يعد يحتمل».
وبعد اللقاء سارع المتظاهرون الى فتح طريق القصر، وفك الاعتصام ومغادرة المنطقة.

استقالة لم تحصل!
وكان المشهد الداخلي قد دخل في حال ترقب شديد، لما سيعلنه الرئيس الحريري، في موازاة التحرّكات التي تجري في الشارع، وسط انباء ترددت نهاراً عن توجّه لدى رئيس الحكومة لاعلان استقالته.
وعلمت «الجمهورية»، انّ اتصالات بدأت اعتباراً من ليل الخمبس الجمعة، وتكثفت نهار امس، ما بين الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري، وايضاً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة، الذي جرى اكثر من اتصال بينه وبين وزير المال علي حسن خليل في الساعات الماضية. وفي السياق نفسه، ترددت معلومات عن تواصل جرى على خط الحريري- «حزب الله».
وكشفت مصادر مطلعة على اجواء الاتصالات لـ»الجمهورية»، انّ الحريري بدا فيها في ضيق شديد مما بلغته الأمور، ملاحظاً انّ بعض التحركات الاحتجاجية التي جرت غير بريئة، طارحاً حولها الكثير من علامات الاستفهام.
وبحسب المصادر، فإنّ موضوع الاستقالة، هو خيار مطروح لدى الرئيس الحريري، انما هو آخر الدواء، اذ ما زالت هناك خيارات اخرى لديه، من دون ان تحدّد مصادر المعلومات ما هي هذه الخيارات.
واكّدت المصادر انّ خيار الاستقالة مرفوض بشكل قاطع لدى الرئيس بري، لانّ البلد لا يحتمل، وانّ خطوة كهذه لا تحلّ المشكل القائم، بل تزيد الامور تعقيداً.

الحريري
هذه الاتصالات، سبقت الكلمة التي وجّهها الرئيس الحريري الى اللبنانيين من السراي، وجاءت على شكل مطالعة القى فيها مسؤولية التعطيل على الشركاء في الحكومة، بدءاً بأطراف التسوية السياسية المعقودة بينه وبين فريق رئيس الجمهورية.
وكان لافتاً في رسالة الحريري تذكيره بـ»انّ الجميع يعلم أني ذهبت إلى التسوية السياسية لكي لا يذهب البلد إلى صراع أهلي جديد، وقرّرت أن أقلب الطاولة على نفسي لكي لا تنقلب على البلد. ومنذ أربع سنوات وأكثر أدوّر الزوايا، وأدور من بلد إلى آخر لكي أفتح للبنان فرص الدعم والمساعدة والاستثمار. لكن بعد ما حصل، بدأت أرى الأمور بعيون أخرى. ليست عيون الندم على التسوية، لأني لست نادماً للحظة أني قمت بواجبي في حماية البلد وإعادة الاعتبار للمؤسسات الدستورية. الناس وجّهوا لنا رسالة، وكانوا ينتظروننا من شهور أن نوجّه نحن لهم رسالة، وأن نقول لهم كيف يمكن للبلد أن يخرج من «جورة» الفوضى والهدر والفساد.
وقال الحريري: «نحن ننتظر منذ شهور شركاءنا بالوطن وبالحكومة، أن يسيروا بالحل الذي اتفقنا عليه. لكن لم يعد بمقدورنا أن ننتظر. فإذا كان هناك من يعتقد أن لديه حلاً غير هذا الحل، فليتفضل ويقل لنا، فنقول له: لا لزوم لوجع الناس، ولا لزوم لينفجر الشارع، ولا لزوم لأن يصطدم الناس بالجيش أو القوى الأمنية، فليتفضل، ولننظم انتقالاً هادئاً، وليتسلم هو زمام الأمور، ويطبّق الحل الذي يفكر به، ونحن نقول له: «الله يوفقك».
ولفت الى انه «مهما كان الحل، لم يعد لدينا وقت. وأنا شخصياً، سأعطي نفسي وقتاً قصيراً جداً، فإما أن يعطي شركاؤنا بالتسوية وبالحكومة جواباً واضحاً وحاسماً ونهائياً، يقنعني أنا، ويقنع اللبنانيين والمجتمع الدولي وكل من يعبّرون عن الغضب بالشارع اليوم، بأنّ هناك قراراً من الجميع بالإصلاح ووقف الهدر والفساد، أو يكون لي كلام آخر».
وختم: «أعود وأقول: مهلة قصيرة جداً ويجب أن يكون هذا الكلام واضحاً للجميع، وإذا تساءلتم ما هي هذه المهلة القصيرة جداً، فهي 72 ساعة».
وبعد كلمة الحريري جرى تواصل بينه وبين النائب السابق وليد جنبلاط، الذي اكّد له انه ماض في الخروج من الحكومة، وانه لن يتغيّر شيء خلال الـ72 ساعة. فيما تردّد انّ الوزير باسيل ارسل الى الحريري رسالة اكّد له فيها «أنّ لا حاجة للانتظار 72 ساعة فلنبدأ فوراً بالحلول».

بعبدا
وقالت مصادر القصر الجمهوري لـ»الجمهورية»، انّ رئيس الجمهورية استمع الى كلمة الرئيس سعد الحريري، وانه سيتابع اتصالاته ومشاوراته مع رئيس الحكومة من اجل معالجة الامور العالقة والتي استُجدت، ضمن اطار ورقة بعبدا الاصلاحية التي كان رئيس الجمهورية اول من تكلم حول الاصلاحات المطلوبة، لأنّ قسماً كبيراً من المطالب التي يرفعها المحتجون واردة في ورقة الاصلاحات الرئاسية.

اوساط السراي
وفيما تعدّدت التفسيرات والتساؤلات عمّن يقصدهم الحريري تحديدًا، هل العهد ام الوزير جبران باسيل، ام «حزب الله» ام جميع هؤلاء، أوضحت مصادر السراي الحكومي لـ»الجمهورية» انّ «ما قصده الحريري في رسالته الى اهل التسوية واطراف الحكومة كان يقصد جميع اهل الحكم والحكومة، وفي مقدّمهم رئيس الجمهورية وكل الأطراف الممثلين في الحكومة.
ولفتت المصادر الى انّ الحريري في اشارته الى المماطلة في اتخاذ القرار ببعض الإصلاحات التي يريدها المجتمع الدولي ويحتاجه الاقتصاد اللبناني، لم يوفر احداً، فهو يشير بالإضافة الى شروط باسيل في حديثه عن الإصلاحات ومحاولات فرض الآلية التي يريدها في ملف المناقصات في ملف الكهرباء يساوي الإزدواجية في مواقف باقي الوزراء مما هو مطروح منها في مجلس الوزراء.
ولفتت المصادر، الى انّ الرسالة الوحيدة التي يمكن ان يوجّهها الحريري الى المتظاهرين في الشوارع تقول بأنّ الحكومة عازمة على قيادة مرحلة الإصلاحات بجدّية تامة، وانّ هناك عملاً يجب البدء به قبل وقوع الهيكل على رؤوس الجميع. ولفتت الى أنّ المكابرة التي يعبّر عنها البعض – في اشارة غير مباشرة الى موقف باسيل – لا تنفع، وان اصرّ البعض على تجاوز حدود الصلاحيات لا يؤدي الى الحل المنشود.
وتستفيض هذه المصادر عند الحديث عن الإزدواجية في المواقف، بالإشارة الى التسريبات التي تُنشر في وسائل اعلام، والتي تتناقض مع مضمون ما يجري في جلسات الحكومة، وهو امر يمكن الحديث عنه لساعات طويلة وخصوصاً في الجلسات الأخيرة لمناقشة الموازنة، والتي اقتربت من مسلسل جلسات موازنة الـ 2018 المكسيكية.
وحول مهلة الـ 72 ساعة، وما اذا كان الحريري سيذهب الى اعلان الاستقالة في حال لم يلق تجاوباً مع طلبه، قالت الأوساط: «الأمور مرهونة بأوقاتها، ولا يمكن التكهن من اليوم بما يمكن ان تؤدي اليه».

باسيل
وفي اطلالة، بدت وكأنّها ردّ مسبق على ما طلبه رئيس الحكومة، استبق الوزير باسيل رسالة الحريري بكلمة من القصر الجمهوري، نبّه فيها الى انّ «البديل عن الحكومة الحالية ضبابي وأسوأ من الوضع الحالي».
وقدّم باسيل جدولاً بمجموعة بنود اعتبرها حلاً للازمة، وقال «التظاهرات ليست موجّهة ضدنا، وهناك سلّة إصلاحات نادى بها رئيس الجمهورية في بعبدا ويجب تنفيذها. وموقفنا حتى الأمس كان تقديم حل جذري واقرار موازنة تتضمن اصلاحات. وقد رفضنا فرض اي ضرائب جديدة».
واتهم باسيل من سمّاهم «بعض الداخل» بامتطاء «الموجة الشعبية الصادقة لتحقيق غاياته السياسية المعلنة من اسقاط العهد والحكومة والمجلس المنتخب بشكل تمثيلي صحيح».

حل مقترح
الى ذلك، قالت مصادر مواكبة لحركة الاتصالات التي استؤنفت مساء امس، بعد «رسالتي» باسيل والحريري: انّ فترة الـ72 ساعة التي حدّدها الحريري، لن تأتي بمعجزة، بل اقصى ما يمكن الوصول اليه هو بلوغ حل ترقيعي، يجري التداول به، ومفاده ان يعلن التيار الوطني الحر موافقته على ان يُحال مشروع موازنة العام 2020 الى المجلس النيابي بمضمون رقمي يحدّد الواردات والنفقات، ومن دون ان يقترن المشروع بالاصلاحات، على ان تأتي سلّة الاصلاحات عبر مشاريع قوانين على حدة، تحال الى المجلس النيابي في اوقات لاحقة.
وبحسب مصادر سياسية، فإنّ هذا الامر إن صحّ التحضير له، معناه التجاهل التام لما يحصل في الشارع، ومن شأن ذلك ان يزيده اشتعالاً، خصوصا ان مطالب المحتجين تجاوزت كل الحلول التي تضعها هذه السلطة، الى المطالبة بالتغيير الشامل، فضلاً عن أنّ اعتماد هذا الحل، سيوجّه رسالة شديدة السلبية الى المؤسسات الدولية، وفي مقدّمها البنك الدولي، و»سيدر» الذي تحوم اصلاً علامات استفهام عمّا اذا كان مؤتمره المقرّر في تشرين الثاني المقبل سيُعقد ام لا، وايضاً الى وكالات التصنيف، التي لا تكتفي في هذه الحالة بتخفيض تصنيف لبنان الى مرتبة ادنى، بل ليس مستبعداً ان تُسقط لبنان نهائياً وتخرجه من لوائح التصنيف نهائياً.

«القوات» و«الاشتراكي»
وعلمت «الجمهورية»، انّ اتصالات تنسيقية جرت في الساعات الماضية بين «القوات» و»التقدمي»، حول ما يمكن ان يُتخذ من خطوات سواء على الارض، او في ما خصّ الخروج المشترك من الحكومة.
وبحسب المعلومات، فإن جعجع اتصل بجنبلاط في الساعات الاخيرة، وانّ الموقف كان منسجماً لناحية الخروج من الحكومة.
واعلن مساء امس، ان «الحلّ يكون باستقالة الحكومة وتشكيل الحريري حكومة يختار فيها الوزراء على «الطبلية» وقال: «اننا شبه مستقيلين من الحكومة، وجلّ ما فيه أننا ننتظر وقتاً قليلاً للخروج سوياً مع «الحزب التقدمي الاشتراكي والرئيس الحريري».
واتهم جعجع باسيل بتشويش الوضع السياسي في البلد. وسأل: «باسيل لديه أكبر تكتل نيابي وتكتل وزاري، فمن الذي يمنعه من العمل وتحقيق الإصلاحات؟ هو مصرّ على الممارسات عينها التي أوصلت إلى هذه الحالة، فأكبر مزاريب الهدر والفساد يكمن في قطاع الكهرباء وبيد من كانت طوال 10 سنوات؟ ولا يزال الوزير باسيل يقول إنه لم يُسمح له بالعمل فمن لم يدعه يعمل؟»، مضيفاً: «ليس كل من يعارض فكرة أو موضوع هو ضد «العهد» وهل كل الناس الذين في الشارع هم كلهم ضدّ العهد أو أنهم طابور خامس؟».
وختم قائلًا: «ما يحدث في لبنان بلدي و»أهلي بمحلي» أتى نتيجة تراكمات سياسية واقتصادية ومالية. وهذا يجعل الناس تنزل إلى الشارع ولا حلّ لها اليوم غير الشارع».