مجلة وفاء wafaamagazine
بات من المؤكّد أن الجولة الحالية من المفاوضات النووية التي تشهدها فيينا، لن تكون الأخيرة ولا الحاسمة، وهو ما يعني ترحيل الخلافات إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، التي بدا أن ثمّة إجماعاً بين الأطراف على أن لا اتفاق يمكن أن يسبقها
طهران | في الوقت الذي يتحضّر فيه الإيرانيون لانتخاب رئيس جديد، غداً، خَلَفاً للرئيس حسن روحاني، تشهد فيينا الجولة السادسة من المحادثات الرامية إلى إعادة إحياء الاتفاق النووي. وبعدما قيل إن هذه الجولة ستكون الأخيرة والحاسمة، تنبئ المؤشّرات باستمرار الخلافات بين طهران وواشنطن في شأن القضايا المهمّة، ما يعني عدم التوصّل إلى اتفاق قبل الانتخابات الرئاسية الإيرانية. الجولة التي بدأت السبت الماضي، شهدت تغيّراً ملموساً في أدبيات المفاوضين. ففيما كان الدبلوماسيون المشاركون في الجولتين الرابعة والخامسة قد بدأوا المحادثات بنبرة متفائلة تشي بأن «هذه الجولة يمكن أن تكون الجولة النهائية»، بدا أن كلّ شيء قد تغيّر، وأن رؤساء الوفود المفاوِضة يشاركون في جولة لن تفضي إلى حصيلة نهائية.
وكان المساعد السياسي لوزير الخارجية الإيرانية، كبير المفاوضين عباس عراقجي، قال، في ختام الجولة السابقة من المحادثات، إن الجولة المقبلة (السادسة) «لا يمكن أن تكون النهائية من حيث المنطق»، ثمّ عاد واستبعد، يوم السبت، التوصّل إلى اتفاق قريب. وبالتوازي، أعلن الممثّل الدائم للاتحاد الروسي لدى المنظّمات الدولية، رئيس الوفد المفاوض ميخائيل أوليانوف، أن «التوصّل إلى تفاهم بحاجة إلى عدّة أسابيع أخرى على أقلّ تقدير». ويبدو أن المحادثات قد تباطأت وتيرتها في الجولتين الأخيرتين، وتحوّلت إلى نوع من الاستنزاف، ما أدّى، على رغم بعض التقدّم الحاصل، إلى بقاء الخلافات من دون حلّ.
وأجاب المتحدّث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، سعيد خطيب زادة، يوم الإثنين، عن سؤال عن طول أمد المحادثات بأنه «يتعيّن على أميركا إعطاء الضمانات والتطمينات اللازمة لعدم تكرار ما حصل في عهد (الرئيس السابق دونالد) ترامب»، متوقّعاً ألّا تكون هذه الجولة الأخيرة، وأن يستمرّ أمدها. وعلى الجانب الآخر، وضف المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، نيد برايس، محادثات فيينا بـ»المثمرة»، لكنه أشار إلى أن «ثمّة قضايا مهمّة ما زالت باقية، يجب معالجتها في المستقبل». من جهته، رأى منسّق الاتحاد الأوروبي في محادثات فيينا، إنريكي مورا، أن «محادثات فيينا سيُكتب لها النجاح في نهاية المطاف، بيد أنها بحاجة إلى مزيد من الوقت». وجاء ذلك في وقت أكّد فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، في بيان مشترك، أنه «بمحاذاة عودة إيران إلى التزاماتها النووية، فإنّ رفع العقوبات يمثّل جزءاً ضرورياً من خطّة العمل المشترك الشاملة». وكان وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن، حذّر، أخيراً، خلال حوار مع قناة «سي بي أس» الأميركية، من التقدّم «الذي لا عودة عنه»، والذي حقّقته إيران في مجال الحصول على التكنولوجيا النووية، وتخصيب اليورانيوم. وقال: «كلّما مضى الزمن، ستكون إعادة إيران إلى الاتفاق أصعب».
غروسي: مساعي إحياء الاتفاق النووي يجب أن تنتظر تشكيل حكومة إيرانية جديدة
وتعقيباً على ما تقدّم، أشارت مصادر مطّلعة، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أن «الانتخابات الرئاسية الإيرانية تمثّل أهمّ سبب ساهم في إبطاء وتيرة التقدّم في المحادثات منذ جولتها السابقة». وربّما من هذا المنطلق، تُفضّل الدول الغربية التريّث حتى إجراء الانتخابات، وظهور نتائجها، وذلك لكي تواصل المحادثات في ضوء فهم أحدث وأوضح للمستقبل، وبما يتلاءم مع الظروف الجديدة. وعليه، قال أوليانوف إنه «قد لا يكون ممكناً التوصّل إلى اتفاق لإحياء الاتفاق النووي قبل الانتخابات الرئاسية»، مضيفاً أن «المفاوضات ستستمرّ بعد الانتخابات». وهو ما أكّده أيضاً المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، أمس، عندما قال إن «مساعي إحياء الاتفاق النووي يجب أن تنتظر تشكيل حكومة إيرانية جديدة»، لافتاً إلى أن «الاتفاق يحتاج إلى إرادة سياسية من جميع الأطراف».
ومن المنتظر أن يشكّل الرئيس الإيراني الجديد حكومته بحلول منتصف آب/ أغسطس، على أن تنتهي ولاية الرئيس حسن روحاني في الثالث منه. وفي هذا السياق، تشير استطلاعات الرأي إلى احتمال فوز إبراهيم رئيسي، رئيس السلطة القضائية وأحد الوجوه القريبة من المرشد الأعلى، آية الله علي الخامنئي. وعلى الرغم من أن رئيسي يُعدّ من الشخصيات الناقدة لروحاني، إلّا أنّه لم يعارض الاتفاق النووي، من حيث المبدأ. فقد قال، خلال آخر مناظرة انتخابية، متوجّهاً إلى عبد الناصر همّتي، المرشح الآخر للرئاسيات، والمقرّب من حكومة روحاني: «إنّنا ملتزمون بالاتفاق النووي الذي أيّده القائد ببنوده التسعة، بيد أنكم لا تستطيعون تنفيذه، لأن ذلك بحاجة إلى حكومة قوية».
الاخبار