الرئيسية / آخر الأخبار / كابول مقابل «إس-400»: المقايضة التركية – الأميركية تكتمل؟

كابول مقابل «إس-400»: المقايضة التركية – الأميركية تكتمل؟

مجلة وفاء wafaamagazine

في موازاة تعثُّر مفاوضات السلام الأفغانية وبلوغها حائطاً مسدوداً، وإصرار الطرفين المتقابلَين – حكومة كابول وحركة «طالبان» – على أحقيّة كلّ منهما في حُكم أفغانستان ما بعد الانسحاب الأميركي، يوسّع مقاتلو الحركة مناطق نفوذهم إثر سيطرتهم على أكثر من 30 منطقة منذ إعلان الولايات المتحدة عزمها على الانسحابَ النهائي من أفغانستان بحلول أيلول المقبل. لكن تطوّراً لافتاً برز على هامش التعقيدات الكثيرة، يتمحور حول «تعهُّد» تركيا بالإبقاء على قواتها المنضوية تحت لواء «حلف شمال الأطلسي» في هذا البلد، بحجّة «ضمان أمن» مطار كابول، في مقابل تحصيلها تنازلات من جانب واشنطن، تتلخّص باتفاق يسمح لأنقرة بالاحتفاظ بمنظومة الدفاع الجوي الروسية «إس-400»


فيما تراوح محادثات السلام الأفغانية مربّع الجمود، يستعر القتال بين القوات الحكومية ومقاتلي حركة «طالبان» الذين تمكّنوا، أخيراً، من إحكام السيطرة على أربع مقاطعات في ولايتَي بلخ وباغلان شمال البلاد، موسّعين بذلك دائرة سيطرتهم لتشمل أكثر من 30 منطقة، في غضون الشهرين الأخيرين. ووسط تصاعد القتال وتمدُّده، توازياً مع تسارع وتيرة انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان وتزايد مخاوف حكومة كابول إزاء مستقبل وجودها في السلطة، يحلّ الرئيس الأفغاني أشرف غني، ورئيس «المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية» عبد الله عبد الله، الجمعة، ضيفين في البيت الأبيض، حيث سيلتقيان الرئيس الأميركي جو بايدن، لبحث الانسحاب ومآلاته. وفي اللقاء الأوّل المباشر، سيسعى بايدن، وفق بيان البيت الأبيض، إلى طمأنة الزعيمَين إزاء الدعم الأميركي للشعب الأفغاني، بما يشمل المساعدات الدبلوماسية والاقتصادية والإنسانية، وسيكرّر أمام ضيفيه التعهّد بضمان ألّا تصبح البلاد «ملاذاً آمناً للجماعات الإرهابية». في ضوء هذه المحاولات، ترى الحركة، وفق الناطق باسمها ذبيح الله مجاهد، أن الزيارة لن تكون مجدية، ولا سيما أن غني سيسعى، بحسب مسؤول أفغاني رفيع المستوى، إلى الحصول على ضمانات من الولايات المتحدة تتعلّق باستمرار دعمها لقوات الأمن الأفغانية بعد الانسحاب. ويُتوقّع أن تتطرّق المحادثات إلى مصير نحو 18 ألف أفغاني ممَّن عملوا لدى قوات الاحتلال، والذين يأمل بعضهم الحصول على تأشيرة هجرة إلى الولايات المتحدة، خشية التعرُّض لأعمال انتقامية من جانب «طالبان».

تتزامن زيارة غني لواشنطن مع بطء التقدُّم في المحادثات بين «طالبان» والحكومة

وتتزامن زيارة غني لواشنطن مع بطء التقدُّم في المحادثات بين «طالبان» وممثّلي الحكومة الأفغانية، التي تخشى، بدورها، انفراط المفاوضات، نظراً إلى أن رفض الحركة، حتى الآن، تقديم اقتراح مكتوب للسلام يمكن الانطلاق منه لدفع المحادثات المتعثّرة قُدُماً. وحاول نائب زعيم الحركة، الملا عبد الغني برادر، أوّل من أمس، تطمين مَن يعنيهم الأمر في شأن «النظام الإسلامي الأصيل» الذي تعتزم «طالبان» إقامته في البلاد، مؤكداً أن حركته «ستصون حقوق كلّ مواطني هذا البلد، من رجال ونساء على ضوء تعاليم الإسلام وتقاليد المجتمع الأفغاني». ويأتي على رأس جدول أعمال المحادثات ملفّ «ضمان أمن» مطار كابول، بعد تعهُّد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان، أثناء القمّة التي جمعته إلى بايدن منتصف الشهر الجاري، بتأدية «دور رائد» في هذا المجال، بمشاركة كلّ من باكستان والمجر في المهمّة التي ستنطلق بمجرّد مغادرة قوات الحلف والولايات المتحدة البلاد. وفيما رحّبت الحكومة الأفغانية بالمقترح، حذّرت حركة «طالبان» من بقاء قوات تابعة لأيّ دولة في أفغانستان لتأمين مطار كابول، مؤكدةً أن وجود أيّ قوّة أجنبية بعد الموعد المتّفق عليه للانسحاب «ليس مقبولاً». وقالت الحركة، في بيان، إن «كلّ شبر من الأراضي الأفغانية ومطاراتها وأمن السفارات الأجنبية والموظفين الدبلوماسيين تقع على عاتق الأفغان».
وأصبحت مسألة تولّي القوات التركية (وعددها 500 ضمن مهمّة «الأطلسي») أمنَ مطار كابول وتشغيله، أحد أهم الموضوعات التي يجري نقاشها على هامش الانسحاب الأميركي من أفغانستان. وتدور، في هذا الإطار، تساؤلات حول المخاطر التي ستواجهها القوات التركية، في ظلّ مطالبة «طالبان» لها بالانسحاب، شأنها في ذلك شأن القوات الأجنبية الأخرى. وفي هذا الإطار، لمّح وزير الدفاع التركي، خلوصي أقار، إلى أن بقاء قوات بلاده في هذا البلد لن يكون من دون ثمن، بقوله: «نعتزم البقاء في أفغانستان بحسب الشروط، ما شروطنا؟ الدعم السياسي والمالي واللوجستي. إذا تمّ الوفاء بذلك، يمكننا البقاء في مطار حامد قرضاي الدولي»، ومضيفاً أن «عرض أنقرة مشروط بدعم هؤلاء الحلفاء». ويتّسق تصريح الوزير التركي مع ما قاله إردوغان على هامش لقائه بايدن، حين شدّد على أن بلاده ستحتاج إلى «مساعدة دبلوماسية ولوجستية ومالية» من الولايات المتحدة إذا أرادت الإبقاء على قواتها في أفغانستان لحماية مطار كابول. ومن بين التنازلات التي تبتغي أنقرة تحصيلها، اتفاق مع واشنطن يسمح لها بالاحتفاظ بنظام الدفاع الجوي الروسي «إس-400» وتشغيله، وفق ما أوردته صحيفة «وول ستريت جورنال» نقلاً عن مصادر مطّلعة. ولفتت الصحيفة إلى أن اللقاء الذي جمع بايدن وإردوغان على هامش قمة «الناتو» ركّز على الدور الطويل الأمد لتركيا في تأمين مطار كابول. وترى مصادر الصحيفة أنه لا يمكن لأيّ دولة أو شركة أخرى أن تنفّذ الخدمة الأمنية بالسرعة أو السهولة المطلوبتين، وأن رحيل تركيا قد يجبر السفارات والمنظمات الدولية على الإغلاق، ما يهدّد مليارات الدولارات من المساعدات التي تحافظ على استمرار عمل الحكومة الأفغانية وقوات الأمن.
ومنذ إعلان الرئيس الأميركي، في نيسان الماضي، عزمه على الانسحاب من أفغانستان، وإنهاء أطول حرب تخوضها الولايات المتحدة، بحلول أيلول المقبل، يحقّق مقاتلو «طالبان» تقدُّماً ميدانياً في مواجهة القوات الأفغانية التي تنكفئ، منذ أيار، بوتيرة متسارعة، وهو ما دفع الرئيس الأفغاني إلى استبدال وزيرَي الداخلية والدفاع في نهاية الأسبوع الفائت. وباتت الحركة متمركزة تقريباً في كل ولايات البلاد، وتطوّق مدناً كبيرة واستراتيجية سبق لها أن سيطرت عليها في تسعينيات القرن الماضي، حين استطاعت إحكام قبضتها على البلاد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الاخبار

عن Z H