مجلة وفاء wafaamagazine
اعتبر الأمين العام ل “التنظيم الشعبي الناصري” النائب أسامة سعد في حديث لمنتدى نادي خريجي الجامعة الأميركية القاهرة – الأردن، أن “ما يجري في لبنان ليس معزولا عما يجري في بلدان إقليمية أخرى، والتداعيات لن تكون محصورة في لبنان وحده”.
وقال: “المشهد في لبنان هو مشهد الانهيارات الكبرى في الميادين السياسية، الاقتصادية، المالية والاجتماعية، فهذه الانهيارات لم تحصل فجأة أو بالصدفة أو نتيجة كارثة طبيعية بل هي نتيجة متوقعة لسياسات وممارسات المنظومة المسيطرة على السلطة منذ 30 عاما حتى اليوم. وفي ظل هذه الانهيارات ومع الانهيار المدوي لمؤسسات الدولة عن القيام بأي معالجات، تقوم المجموعات المذهبية والطائفية النافذة بإجراءات من نوع الأمن الذاتي في المجالات الصحية والغذائية والتربوية مما ينمي عملية تفكك الدولة لمصلحة هذه المجموعات وهي إجراءات محدودة لا تؤدي الى إطفاء الأزمات، إضافة الى تعريض الأمن الوطني للأهتزاز حيث تتزايد الجرائم والتوترات وتتعرض المنظومة الأمنية للانهيار”.
ولفت سعد الى أن “المنظومة الحاكمة على اختلاف تبعياتها وتوجهاتها قامت منذ سيطرتها على السلطة بمصادرة الحياة السياسية وحولتها الى خلافات أو تفاهمات مع توزيع الحصص في الحكومات وفي مؤسسات الدولة التي أصبحت أشبه بمزارع خاصة تابعة لأركانها حيث ساد فيها الفساد وتعرضت مقدرات الدولة للنهب والسرقة واستبيحت للقائمين عليها وعم الفساد في كافة أركان الدولة. كما عمدت هذه المنظومة الى وضع يدها على مؤسسات المجتمع النقابية بواسطة التهديد والترغيب وشراء الولاءات، ولجأت الى سياسات مالية تقوم على الاستدانة حتى وصل الدين العام الى حوالى 100 مليار دولار وهو ما يوازي أضعاف الناتج المحلي الحالي، كما عملت على تشجيع الاقتصاد الريعي من خلال رفع الفائدة المصرفية الى مستويات عالية في حين عمدت الى ممارسة سياسات الحصار والتهميش على قطاعات الانتاج كالصناعة والزراعة بحيث تراجع هذان القطاعان وارتفع العجز في الميزان التجاري الى 18 مليار دولار سنويا”.
وقال: “نبهنا الى هشاشة المنظومة السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية التي بنيت، وتوقع بعض رجال السياسة والاقتصاد قبل سنوات اقتراب انهيار هذا النموذج، لكن المنظومة الحالية وبدعم من الدول صاحبة النفوذ، أصرت على تنفيذ سياساتها وتوصياتها حتى وصل لبنان الى الانهيارات الكبرى على مختلف الصعد”.
وأشار الى أن “أطراف منظومة السلطة يتقاذفون المسؤولية على ما آلت اليه الأمور في لبنان بينما هي تتحمل جميعها المسؤولية وبشكل مشترك، وتحاول بعض الأطراف رمي المسؤولية على الصراع الأقليمي والدولي بهدف إعفاء نفسها من المسؤولية حول ما جرى ويجري على اللبنانيين”، مضيفا “القوى الأقليمية والدولية وظفت الأحداث التي تجري في لبنان والانهيار الحاصل لمصالحها كما تفعل في العديد من دول المنطقة، والشعوب هي من تدفع الثمن نتيجة ما تقترفه الطبقة السياسية من تواطؤ مع الخارج”.
وأضاف: “في انتفاضة تشرين الاول 2019 نزل اللبنانيون الى الشارع معلنين الرفض والادانة للمنظومة الحاكمة وسياساتها والى ما وصل اليه وطنهم مطالبين بالتغيير الشامل وبإقامة دولة مدنية حديثة وعادلة، ولكن الانتفاضة لم تنجح حتى اليوم في تحقيق أي من أهدافها وذلك بسبب عدم اكتمال ولادة المنظومة البديلة عن المنظومة الحاكمة”.
وقال: “كمعارضة نسعى الى ايجاد البديل الذي يحظى بثقة الشعب ونكون مدافعين عن حقوق الناس في مواجهة الممارسات السلطوية التي تعمل على تحميل نتائج الانهيار لكل المواطنين وإعفاء مافيات السلطة والمال من المسؤولية ومن تحمل الخسائر”، مردفا “هناك مواجهة لأطراف منظومة السلطة التي تعمل على تأجيج التحريض الطائفي والفوضى وصولا الى هز الأمن والاستقرار”.
وتابع: “تعمل المعارضة على تشكيل ميزان قوى سياسي، شعبي ونقابي وقطاعي جديد يكون قادرا على السير بمسارات التغيير والدعوة الى حل سياسي وطني وسلمي وآمن يسمح بالخروج من واقع الأزمات المستحكمة والانهيارات الكبرى الى واقع سياسي جديد عبر مرحلة انتقالية انقاذية تعبر بلبنان نحو الدولة العصرية المنيعة والعادلة”، مشيرا الى أن “أطراف المنظومة الحاكمة متنوعة الولاءات ذات المحاور الاقليمية والدولية التي تسعى الى استتباع لبنان الى مشاريعها ومخططاتها، فيقع ضحية الصراع بين تلك المحاور، اضافة الى امكانية وقوعه ضحية لتفاهمات المحاور حين يحين وقت التسويات، والمنظومة الحاكمة وعكس التيارات الوطنية كانت تراهن على الصراعات والتسويات والمعالجات الاقليمية لكي تعيد إنتاج نفسها على أسس ما تنتجه تلك الصراعات والتسويات والذي يكون على حساب الشعب اللبناني وأمنه واستقراره”.
وختم سعد بالدعوة الى “التوافق بين اللبنانيين حول الملفات الاستراتيجية الحساسة ومن بينها السياسة الدفاعية والخارجية، فضلا عن الالتزام بالقضايا العربية وخاصة قضية الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة”.