مجلة وفاء wafaamagazine
يواجه نادي برشلونة أزمةً مالية خانقة بسبب تداعيات فيروس كورونا وسوء الإدارة خلال الفترة الماضية، وهو الأمر الذي يُلزم الإدارة الجديدة بتوفير مدخرات كبيرة لتلبية شروط لوائح الاتحاد الإسباني لكرة القدم. في سبيل تحقيق ذلك، سيترتّب على النادي القيام بسياسات صارمة للحؤول دون مخالفة لوائح اللعب المالي النظيف، غير أن الأمور لن تكون سهلة
يطبّق الدوري الإسباني في كل موسم حداً أقصى للإنفاق، حيث يتم تحديد المبلغ المسموح لكل نادٍ بإنفاقه على لاعبي الفريق الأول والاحتياطيات والمدربين والأكاديمية وطاقم العلاج الفيزيائي وما إلى ذلك. وعلى عكس قواعد اللعب المالي النظيف للاتحاد الأوروبي لكرة القدم التي تدقّق في مصاريف السنوات السابقة، يتم تطبيق لوائح الدوري الإسباني قبل الإنفاق، حيث يتم احتساب الحد الأقصى للراتب بشكل أساسي، وإيرادات النادي مع إنقاص التكاليف التشغيلية وسداد الديون للموسم التالي.
سبق وأن قدّم الاتحاد الإسباني مخصصات لفيروس كورونا على خلفية الأوضاع الاستثنائية المتردّية، بما في ذلك الإلغاء المؤقت للعقوبات الناتجة من تجاوز حدود إنفاق الفريق في 2020/2021، مما ساعد برشلونة وغيره من الفرق. ومع ذلك، أوضح رئيس رابطة الدوري خافيير تيباس أنه لن يُسمح للأندية بفعل الشيء نفسه هذا الموسم. الأمور أصبحت أكثر صرامة، وقد وصل التشدد من قبل الاتحاد بأن يحرم فريق برشلونة من تسجيل صفقاته الجديدة ما لم يحقق النادي مدّخرات تزيد على 200 مليون يورو. سبق وأن أبرم الفريق العديد من الصفقات هذا الصيف من بينها التوقيع مع سيرجيو أغويرو وممفيس ديباي وإريك غارسيا وإيمرسون رويال. ورغم أن هذه الأسماء جاءت بشكل مجاني، لا يزال برشلونة غير قادر على إكمال المعاملات. بعيداً من عقبات المستقدمين الجدد، يعكس سوء الوضع المالي للفريق تبعات سلبية على اللاعبين الحاليين أيضاً، حيث تهدد المشاكل المالية عقد ليونيل ميسي الجديد لمدة 5 سنوات. النادي يتطلع لتجاوز هذه العقبة عبر خفض ضخم لأجر اللاعب (يُقال أنه 50 في المئة) في العام الأول، على أن يتم تعويضه باتفاقية أطول و«عمل سفير» محتمل في المستقبل، لكن لا شيء أكيداً حتى اللحظة.
وأشار تيباس أنه «عندما يتجاوز النادي سقف رواتبه، يمكن أن يشمل فقط اللاعبين الذين يمثلون 25 في المئة من المدخرات. هذا يعني أنه يُسمح للفرق باستخدام 25 في المئة من أرباح التحويل لتغطية التكاليف الجديدة، ولكن يجب استخدام 75 في المئة لسداد الأموال المستحقة». ثم أوضح: «إذا باع فريق برشلونة لاعباً مقابل 100 مليون يورو، يمكنه إنفاق 25 مليون يورو فقط. إذا أرادت الإدارة إحضار لاعب مقابل 25 مليون يورو في الراتب الموسمي، يجب عليها كسب 100 مليون يورو إما عن طريق النقل أو تخفيض الراتب». وأردف أن «فريق برشلونة يتجاوز حالياً سقف رواتبه. تسير الجهود المبذولة لخفض فاتورة الأجور على المسار الصحيح، لكن لن تكون هناك قاعدة خاصة لميسي».
فاتورة أوروبية عالية
انخفضت أجور كرة القدم في برشلونة بمقدار 58 مليون يورو (12 في المئة) من 501 مليون يورو إلى 443 مليون يورو في 2019/20، لكنها لا تزال تنمو بنسبة 30 في المئة (103 ملايين يورو) في 3 سنوات. تم التخطيط لخفض 81 مليون يورو إضافية ليصل الرقم إلى 362 مليون يورو في 2020/21. لم تكن فاتورة أجور فريق برشلونة هي الأعلى فقط في إسبانيا، ولكنها كانت متقدّمة بفارق كبير عن الأندية الأخرى في أوروبا، بخاصة في عام 2019 عندما كانت 501 مليون يورو حيث ارتفعت الأجور في عهد الرئيس السابق جوزيب ماريا بارتوميو.
حتى بعد الانخفاض من 501 مليون يورو إلى 443 مليون يورو في عام 2020، ظلّ برشلونة يحظى بأعلى فاتورة للأجور في أوروبا، أكثر من مانشستر سيتي بـ42 مليون يورو. النادي الكتالوني يبحث الآن عن لاعبين لقبول تخفيضات الأجور، وستحاول الإدارة البدء بميسي ليكون بمثابة القدوة للجميع. بحسب الشائع في الوسط الرياضي الإسباني، تم الاتفاق بالفعل على التخفيضات من قبل جيرارد بيكيه، ومارك أندريه تير شتيغن، وفرينكي دي يونغ، وكليمان لينغليه، بينما يجري آخرون مفاوضات على ذلك.
سوء الوضع في برشلونة يأتي بالدرجة الأولى بسبب تراجع عائدات النادي بمقدار 126 مليون يورو (15 في المئة) في عام 2020، وهو ثاني أعلى انخفاض من حيث القيمة المطلقة لأندية «الدوري الأوروبي الممتاز». سبق وأن أبلغ النادي الكاتالوني عن خسارة بقيمة 203 ملايين يورو جرّاء كورونا في عام 2020 (ملعب 67 مليون يورو، تلفزيون 35 مليون يورو، تجاري 72 مليون يورو وتحويلات 29 مليون يورو) ويقدر انخفاضاً إضافياً قدره 267 مليون يورو في عام 2021، مما يعني خسارة 470 مليون يورو على مدار عامين.
رغم ذلك، أنفق برشلونة ما يقرب من مليار يورو على جلب اللاعبين للنادي في السنوات الثلاث الماضية كأعلى مبلغ في أوروبا، متقدماً على يوفنتوس 801 مليون يورو و تشيلسي 758 مليون يورو ومانشستر سيتي 678 مليون يورو. من حيث صافي الإنفاق، تفوق برشلونة أيضاً على نادي مانشستر، ومع ذلك، فإن الكثير من إنفاق برشلونة على الانتقالات تمّ عن طريق الائتمان، حيث ارتفعت ديون التحويل من 64 مليون يورو في عام 2017 إلى 323 مليون يورو في عام 2020، كأعلى مبلغ في أوروبا. وفي ظل زيادة الإنفاق مقابل تراجع العائدات، زاد إجمالي الدين المالي للنادي الكتالوني بمقدار 412 مليون يورو من 68 مليون يورو إلى 480 مليون يورو في عامين فقط، بما في ذلك 279 مليون يورو قروض بنكية و 201 مليون يورو سندات.
برشلونة يعاني الأمرّين. النادي مطالب بإرضاء الجماهير عن طريق الحفاظ على ميسي ومحاولة اعتلاء المنصّة الأوروبية من جديد بعد سنواتٍ مخيّبة في دوري الأبطال. ورغم سعي الإدارة الجديدة لتدارك الوضع، تبقى الأمور صعبة جداً بفعل سوء تنظيم الإدارة السابقة. النادي معرّض لعواقب صارمة قد لا تتوقف على فقدان ميسي. الأيام المقبلة ستعطي صورة أوضح عن مدى حنكة وفاعلية الإدارة الجديدة.
أعلن برشلونة الإسباني أنه توصل إلى اتفاق مع نجمه السابق البرازيلي نيمار لإنهاء النزاع القضائي بينهما بطريقة ودية خارج المحاكم، ليسدل الطرفان بذلك الستار على الاتهامات التي وجهها كل منهما للآخر منذ انتقال اللاعب إلى باريس سان جيرمان الفرنسي عام 2017. وقال برشلونة في بيان «يُعلن برشلونة أنه أنهى خارج المحكمة وبطريقة ودية مختلف قضايا التقاضي التي تم فتحها ضد اللاعب البرازيلي نيمار دا سيلفا سانتوس جونيور». وتابع «وفي هذا السياق، تم توقيع اتفاقية بين النادي واللاعب لإنهاء القضايا القانونية التي كانت معلقة بين الطرفين: ثلاث دعاوى تتعلق بالعمل وقضية مدنية».
وانتقل نيمار إلى سان جيرمان في صيف 2017 في صفقة قياسية بلغت 222 مليون يورو، وهي قيمة البند الجزائي الذي يسمح له بفسخ عقده مع النادي الكاتالوني الذي انتقل لصفوفه في صيف 2013. وفي 27 آب/ أغسطس من ذلك العام، رفع برشلونة دعوى قضائية ضد نيمار يطالبه فيها بإعادة مكافأة تجديد العقد التي حصل عليها بالإضافة إلى 8.5 مليون يورو كتعويض و10 في المئة إضافية عن المتأخرات. وزعم برشلونة أن نيمار مدين له بأموال حصل عليها كجزء من مكافأة التجديد عندما وقع عقداً جديداً في عام 2016. كما طلب النادي الكاتالوني من سان جيرمان تحمل مسؤولية دفع الرسوم إذا لم يتمكن اللاعب من القيام بذلك بنفسه.
وفي المقابل، تقدم النجم البرازيلي بدعوى قضائية ضد ناديه السابق ليطالبه بدفع كامل مبلغ الـ 64.4 مليون يورو الذي تم الاتفاق عليه في 2016 مقابل تمديد عقده حتى 2021. ودفع برشلونة القسط الأول من هذا المبلغ وقدره 20.75 مليون قبل رحيل اللاعب إلى سان جيرمان، لكنه لم يدفع له ما تبقى منه، بل لجأ بدوره إلى القضاء لاستعادة القسط الأول الذي دفعه للبرازيلي. وفي حزيران/ يونيو 2020، صدر حكم قضائي إسباني ضد نيمار يجبره على إعادة مبلغ 6.79 مليون يورو لناديه السابق.
وبحسب محكمة برشلونة التي حكمت في هذه القضية، لا يحق لنيمار الحصول على المبلغ الذي يطالب به بما أنه أنهى عقده قبل الوصول إلى نهايته. وكان اللاعب بدأ إجراءات قضائية أخرى للمطالبة بثلاثة ملايين يورو من برشلونة عن راتب الشهر الأخير له في النادي قبل رحيله إلى سان جيرمان.